أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - دلالات الطباطبائي الفلسفية ؛ الحلقة(20)














المزيد.....

دلالات الطباطبائي الفلسفية ؛ الحلقة(20)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 5071 - 2016 / 2 / 10 - 12:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


دلالات الطباطبائي الفلسفية في تفسيره(الميزان)الحلقة(20)
المبحث السابع عشر:
في حكمته تعالى؛ و معنى كون فعله مقارناً للمصلحة
في هذا الكلام مباحث طويلة ومتعددة للفلاسفة فيه ، خصوصا لفلاسفة المسلمين، امثال الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد وسواهم.
ويقو لالطباطبائي: الحركات المتنوّعة المختلفة الّتي تصدر منّا إنّما تعدّ فعلاً لنا إذا تعلّقت نوعاً من التعلّق بإرادتنا فلا تعدّ الصحّة و المرض و الحركة الاضطراريّة بالحركة اليوميّة أو السنويّة مثلاً أفعالاً لنا، و من الضروريّ أنّ إرادة الفعل تتبع العلم برجحانه و الإذعان بكونه كمالاً لنا، بمعنى كون فعله خيراً من تركه و نفعه غالباً على ضرره فما في الفعل من جهة الخير المترتّب عليه هو المرجّح له أي هو الّذي يبعثنا نحو الفعل أي هو السبب في فاعليّة الفاعل منّا و هذا هو الّذي نسمّيه غاية الفاعل في فعله و غرضه من فعله و قد قطعت الأبحاث الفلسفيّة أنّ الفعل بمعنى الأثر الصادر عن الفاعل إراديّاً كان أو غير إراديّ لا يخلو من غاية.
وكون الفعل مشتملاً على جهة الخيريّة المترتّبة على تحقّقه هو المسمّى بمصلحة الفعل فالمصلحة الّتي يعدّها العقلاء و هم أهل الاجتماع الإنسانيّ مصلحة هي الباعثة للفاعل على فعله، و هي سبب إتقان الفعل الموجب لعدّ الفاعل حكيماً في فعله، و لولاها لكان الفعل لغواً لا أثر له.
ومن الضروريّ أنّ المصلحة المترتّبة على الفعل لا وجود لها قبل وجود الفعل، فكونها باعثة للفاعل نحو الفعل داعية له إليه إنّما هو بوجودها علماً لا بوجودها خارجاً بمعنى أنّ الواحد منّا عنده صورة علميّة مأخوذة من النظام الخارجيّ بما فيه من القوانين الكلّيّة الجارية و الاُصول المنتظمة الحاكمة بانسياق الحركات إلى غاياتها و الأفعال إلى أغراضها و ما تحصّل عنده بالتجربة من روابط الأشياء بعضها مع بعض، و لا ريب أنّ هذا النظام العلميّ تابع للنظام الخارجيّ مترتّب عليه.
وشأن الفاعل الإراديّ منّا أن يطبّق حركاته الخاصّة المسمّاة فعلاً على ما عنده من النظام العلميّ و يراعي المصالح المتقرّرة فيه في فعله ببناء إرادته عليها فإن أصاب في تطبيقه الفعل على العلم كان حكيماً في فعله متقناً في عمله و إن أخطأ في انطباق العلم على المعلوم الخارجيّ و إن لم يصب لقصور أو تقصير لم يسمّ حكيماً بل لاغياً و جاهلاً و نحوهما.
فالحكمة صفة الفاعل من جهة انطباق فعله على النظام العلميّ المنطبق على النظام الخارجيّ و اشتمال فعله على المصلحة هو ترتّبه على الصورة العلميّة المترتّبة على الخارج، فالحكمة بالحقيقة صفة ذاتيّة للخارج و إنّما يتّصف الفاعل أو فعله بها من جهة انطباق الفعل عليه بوساطة العلم، و كذا الفعل مشتمل على المصلحة بمعنى تفرّعه على صورتها العلميّة المحاكية للخارج.
و هذا إنّما يتمّ في الفعل الّذي اُريد به مطابقة الخارج كأفعالنا الإراديّة و أمّا الفعل الّذي هو نفس الخارج و هو فعل الله سبحانه فهو نفس الحكمة لا لمحاكاته أمراً آخر هو الحكمة و فعله مشتمل على المصلحة بمعنى أنّه متبوع المصلحة لا تابع للمصلحة بحيث تدعوه إليه و تبعثه نحوه كما عرفت.
و كلّ فاعل غيره تعالى يسأل عن فعله بقول ( لم فعلت كذا )؟ و المطلوب به أن يطبّق فعله على النظام الخارجيّ بما عنده من النظام العلميّ و يشير إلى وجه المصلحة الباعثة له نحو الفعل، و أمّا هو سبحانه فلا مورد للسؤال عن فعله إذ فعله نفس النظام الخارجيّ الّذي يطلب بالسؤال تطبيق الفعل عليه و لا نظام خارجيّ آخر حتّى يطبّق هو عليه، و فعله هو الّذي تكون صورته العلميّة مصلحة داعية باعثة نحو الفعل و لا نظام آخر فوقه - كما سمعت - حتّى تكون الصورة العلميّة المأخوذة منه مصلحة باعثة نحو هذا النظام فافهم.
وأمّا ما ذكره بعضهم أنّ له تعالى علما تفصيليّاً بالأشياء قبل إيجادها و العلم تابع للمعلوم فللأشياء ثبوت مّا في نفسها قبل الإيجاد يتعلّق بها العلم بحسب ذلك الثبوت و لها مصالح مترتّبة و استعدادات أزليّة على الوجود و الخير و الشرّ يعلم تعالى بها بحسب ذلك الثبوت ثمّ يفيض عليها الوجود ههنا على ما علم.
فغير سديد أمّا أوّلاً: فلابتنائه على كون علمه تعالى التفصيليّ بالأشياء قبل الإيجاد حصوليّاً و قد بيّن بطلانه في محلّه، بل هو علم حضوريّ و ليس هو بتابع للمعلوم بل الأمر بالعكس.
و أمّا ثانياً: فلعدم تعقّل الثبوت قبل الوجود إذ الوجود مساوق للشيئيّة فما لا وجود له لا شيئيّة له و ما لا شيئيّة له لا ثبوت له.
و أمّا ثالثاً: فلأنّ إثبات الاستعداد هناك لا يتمّ إلّا مع فرض فعليّة بإزائه و كذا فرض المصلحة لا يتمّ إلّا مع فرض كمال و نقص، و هذه آثار خارجيّة تختصّ بالوجودات الخارجيّة فيعود ما فرض ثبوتاً قبل الإيجاد وجوداً عينيّاً بعده و هذا خلف. هذا ما يعطيه البحث العقليّ و يؤيّده البحث القرآنيّ و كفى في ذلك قوله تعالى: ( وَ يَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ ) الأنعام: 73، فقد عدّ كلمة ( كُنْ ) الّتي هي ما به يوجد الأشياء أي وجودها المنسوب إليه قولاً لنفسه و ذكر أنّه الحقّ أي العين الثابت الخارجيّ فقوله هو وجود الأشياء الخارجيّ و هو فعله أيضاً فقوله فعله و قوله و فعله وجود الأشياء خارجاً، و قال: ( الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) آل عمران: 60، و الحقّ هو القول أو الاعتقاد من جهة أنّ الخارج يطابقه فالخارج حقّ بالأصالة و القول أو الاعتقاد حقّ يتبع مطابقته، و إذا كان الخارج هو فعله تعالى و الخارج هو مبدء القول و الاعتقاد فالحقّ منه تعالى يبتدئ و إليه يعود، و لذا قال: ( الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ) و لم يقل: الحقّ مع ربّك كما نقول في المخاصمات الّتي فيها بيننا: الحقّ مع فلان.
ويختم الطباطبائي بالقول: ومن هنا يظهر أنّ كلّ فعل ففيه سؤال إلّا فعله سبحانه لأن المطلوب بالسؤال بيان كون الفعل مطابقاً - بصيغة اسم المفعول - للحقّ و هذا إنّما يجري في غير نفس الحقّ و أمّا الحقّ نفسه فهو حقّ بذاته من غير حاجة إلى مطابقة.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(19)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(18)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(17)
- ستون يوما هوشيار في لندن
- دلالات الطباطبائي الفلسفية ، الحلقة(16)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(15)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(14)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(13)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(12)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(11)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(10)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(9)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(8)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية؛ الحلقة(7)
- الجلبي ما قتلوا وما صلبوه ولكن شبه لهم
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية الحلقة(6)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(5)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(4)
- صخم وجهك وكول آني حداد
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية في تفسيره (الميزان)الحلقة(3)


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - دلالات الطباطبائي الفلسفية ؛ الحلقة(20)