أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد حداد - الفصول الأخيرة من عمر الطغيان















المزيد.....

الفصول الأخيرة من عمر الطغيان


فريد حداد

الحوار المتمدن-العدد: 1376 - 2005 / 11 / 12 - 11:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لسوء حظ النظام في سورية , وحظ أركانه المشاركين في اغتيال الشهيد رفيق الحريري , أن تقرير لجنة التحقيق الدولية برئاسة ديتليف ميليس جاء تقريراً جنائياً مهنياً غير مسيس بنسبة مائة في المائة .
وباعتقادي ان التقرير المُعلن والذي تم توزيعه على الصحفيين , لم يكن يتضمن كل الحقائق التي توصل اليها ميليس , بل ان هناك حقائق تدين النظام الأمني السوري – اللبناني المشترك وقياداته , بقيت محصورة داخل أروقة مجلس الأمن , كما حكومات دوله . حقائق كان واضحاً أن خطوط كثيرة ومنحنيات متقاطعة مُتضمنة في التقرير, تقود كلها الى ادانة الكثيرين من رجال الأمن السوريين واللبنانيين كما بعض السياسيين , فيما لو تتبعناها الى نهاياتها خارج صفحات التقرير , وذلك ما سيكشف النقاب عنه ميليس في مهمته المتجددة التي اكتسبت زخماً جديداً من قرار مجلس الأمن 1636 .

بتعبير آخر, فان القوى الدولية الفاعلة في مجلس الأمن وعلى الساحة الأقليمية , مازالت تُصر على ابعاد الشعبين السوري واللبناني عن معرفة الحقيقة كاملة , وبالتالي الأحتراز من ان يتحرك هذان الشعبان في اتجاهات غير محمودة النتائج بالنسبة لتلك الدول , كما انها مازالت تظلل على النظام السوري بحمايتها , أملاً في انضاج بديل للنظام المهترئ , بديل يسير في الركب الأمني الأمريكي من دون تردد . بعد ان يتمكن من الألتفاف على مطالب الشعب السوري القاضية باجراء تحولات ديمقراطية حقيقية في البنية السياسية للنظام الذي سيحكم سورية كما في بنية الدولة والمجتمع .

لقد جاء تقرير ميليس , بالشكل الذي أتى به , تقريراً مهنياً بدرجة ممتازة , ويستحق أن تعتمده السلطات الأمنية السورية كمادة تدريس في معاهدها التي تُخرج منها أولئك المحققون الفاشيون بعلاقتهم مع ابناء شعبهم , خلال الأيام المتبقية لها في الحكم , لا ان تتهجم عليه وتصفه باوصاف ليست موجودة الا في ايديولوجيتها الميتة والمتعفنة .

فلم يرفع ميليس اي من المُحقق معهم ( فلقة ) , ولم يضع أحداً في الدولاب , ولا على الكرسي الألماني( على الرغم من جنسيته الألمانية ), كما لم يشبح أحد , ولم يعتقل أحد كرهينة عن شقيقه أو أباه أو أو . بل توصل بالبحث والتمحيص وتقاطع الأدلة , بأن الشهيد كان مُراقباً لفترة زمنية طويلة قبل اغتياله , من قِبل أشخاص يحملون أجهزة هاتف تم شراؤها من قِبل شخص قريب من شخصية سياسية لبنانية , وان هذه الأجهزة لم تُستعمل الا للأتصال فيما بينها, وكانت دائماً مُتواجدة في المنطقة التي يكون فيها الشهيد , على الرغم من كثرة تنقلاته . وهذه الأجهزة اُلغيت كلها دفعة واحدة بعد أغتيال الشهيد ولم تُستعمل بعدها .

كما لاحظ اعادة فتح منطقة الجريمة وازالة معالم الجريمة بعد وقت قصير من الأغتيال وذلك بأوامر من قيادات نافذة لاتجهل اهمية الحفاظ على موقع الجريمة كما هو ريثما ينتهي التحقيق .
كما تتبع اخبار ابو عدس , المراد للآخرين ان يقتنعوا بانه منفذ الجريمة , عن طريق شهود واتصالات تلفونية ليصل الى الأشتباه بان ابو عدس كان قد خُطف , واُرسل الى دمشق , واُجبر على تصوير فيلمه , كما ان أحدهم أراد نشر خبراً من خلال أهله باعلامهم تلفونياً بان ابو عدس قد ذهب الى العراق ( اي انه لن يعود )
كما لاحظ ان التلفون المُستخدم للأتصال باهل ابو عدس هو نفسه الذي استُخدم للأتصال بمكتب الجزيرة طالباً عرض فيلم ابو عدس بعد ارتكاب المجزرة .

ومعلومات كثيرة أخرى وردت في التقرير لتؤكد على مهنية التقرير العالية وابتعاده المطلق عن تسييس التحقيق وهذا من سوء حظ المجرمين , لأنه بذلك قطع عليهم طريق عقد الصفقات وما شابه .

اتت ردود فعل النظام السوري على هذا التقرير شبيهة لردود فعل ثور هائج جريح تمكن مصارعه من تسديد ضربة قاتلة له , وأخذت سيول من التهم والكلام الفارغ من اي مدلول يتدفق عبر حناجر( اللامسئولين ) السوريين وأجهزة ( اعلانهم ) , فمنهم من طعن بتاريخ ميليس وبمصداقيته , ( مُعتزاً بتاريخ قضاة محكمة امن الدولة من امثال فايز النوري ) وبمصداقيته ونزاهته . ومنهم من اتهم التقرير بانه مسيس , وهي التهمة التي كانوا يتمنون ان تكون حقيقة ليعودوا الى زمن الصفقات والمقايضات . ومنهم من اعتبر ان التقرير مُعد مسبقاً للنيل من مواقف النظام ( المُشرفة) مُتجاهلاً رجاء شارون للولايات المتحدة في الفترة ذاتها للكف عن فكرة تغيير النظام في دمشق , حيث انه نظام ضعيف ومعزول وخائف وبالتالي قابل لفعل المُراد منه . ومنهم من يتهم امريكا بانها وراء التقرير لخدمة اهداف اسرائيل , معتقداً بان امريكا ستموت رُعباً وتتراجع عن سياساتها عندما تجد ان هذا الجُهبز قد اكتشف مخططاتها . وهو بذلك كمن يطلب من الجزارين ان يعفّوا بسكاكينهم عندما تقع الفريسة , ومتناسياً دوره ودور اسياده منذ 35 عاماً في ايقاع الوطن ضعيفاً مفككاً امام الأعداء كنتيجة لسياسة القمع والأرهاب والفساد والأفساد التي مارسوها عبر تلك السنين الطويلة .

ان امتناع الأجهزة الأمنية السورية – اللبنانية عن القيام باي تحقيق فوري بعد الحادث المشئوم , ومن ثم مقارعة قرائن ميليس وحججه بقرائن وحجج أقوى منها تدحض توجيه ميليس الأتهام الى شخصيات امنية سورية . بالأضافة الى التمنع الفعلي عن التعاون مع لجنة ميليس , واجواء الصخب والضجيج والأتهامات الفارغة لميليس وتقريره وبعض دول مجلس الأمن التي تملك حق النقد ( الفيتو ) . لايمكن ان يكون له الا معنى واحد وهو : ان مسئولين سوريين على درجة " رفيعة " متورطين بهذه الجريمة وان تقرير ميليس قد اصاب في مقتل . كما ان هذه السلوكيات للنظام السوري لا يمكن ان يكون له الا رد فعل واحد وهو تحويل المسألة الى مجلس الأمن واتخاذ القرار 1636

القرار 1636
وكنتيجة لما سبق ذكره من سوء ادارة ملفات كثيرة من قِبل السلطة السورية ومنها اعادة التجديد للحود وتحدي ارادة الكبار في هذا الخصوص , كما نكوص النظام في وعود كان قد قدمها لكلٍ من امريكا وفرنسا والسعودية بحماية الرئيس الحريري وعدم التعرض له , ولأسبقيات النظام في اغتيال خصومه السياسيين ومعرفة دول العالم بأخلاقيات النظام تلك , كما وجود أدلة وبراهين لدى لجنة التحقيق الدولية تدين رؤوس كبيرة في النظام السوري , ولم يبق لتلك الأدلة الا اعترافات المجرم نفسه , وليقين العالم بعزلة النظام الداخلية كنتيجة لسياسة القهر والفساد والتدمير الذي اتبعها ضد مجتمعه , ولأسباب كثيرة أخرى , فقد كان سهلاً على مجلس الأمن اصدار قراره رقم 1636 الذي يطلب من الحكومة السورية الأنصياع الكامل للجنة ميليس مع عدم وجود اي حق لها بالأعتراض او الرفض لأي شيء يمليه ميليس . اي ان السيد ميليس اصبح وبتكليف من مجلس الأمن الحاكم الفعلي لسورية وحتى انتهاء مهمته , ولابد من تسجيل هذا الأنجاز الهائل الجديد " للحركة التصحيحية " وورثتها حيث قادوا سورية الى المرحلة الأولى لفرض الوصاية عليها , حتى هذه اللحظة , والقادم أعظم
في ظل هذه الظروف الحساسة والخطيرة , ترتفع عقيرة نوعين من البشر . النوع الأول منهم وهم المرتزقة المستفيدون من فتات طاولة السلطة , والذين يضربون دائماً بسيفها , للدفاع عنها والمشبوهين فيها , مستخدمين اسلوب السلطة نفسها في توجيه الأتهامات وعبارات تعظيم الذات الفارغة . والنوع الآخر وهم الذين مازالوا يعيشون في كهوف الأيديولوجية السوفيتية – الطالبانية . واذا كانت تنظيرات النوع الأول مفهومة بدواعي المنفعة التي يجنوها من لحوم ابناء شعبهم , فعلى النوع الثاني الذي يدعوا الى تناسي سلوك النظام وبطشه بشعبه لأن الخطر الآن قادم من أمريكا , أن يدركوا بان الخطر الأمريكي لم يكن له ان يصل الى هذا الحد , لولا هؤلاء الحكام الذين انهكوا شعوبهم بظلمهم , والذين دأبوا منذ عقود على تنفيذ املاءات امريكا بخصوص اخضاع شعوبهم . ولم يكن آخر برهان على ذلك كلام رئيس الجمهورية بشار الأسد للصحافة الأمريكية من استعداده للتعاون الأمني ( وليس السياسي ) مع الولايات المتحدة بمقابل شيء واحد فقط وهو ان يحصل على ثناء الأمريكيين على تعاونه . ولعلمنا فان عدم حصول التعاون مرده الى الدلال الأمريكي , وليست الكرامة الأسدية .
لقد شكل الأستبداد العربي ومنه السوري على مر العقود الأربعة الماضية , بالنسبة للمجتمع , ما يشكله فيروس الأيدز بالنسبة للأجساد الحاملة له . فالجسد الحامل لهذا الفيروس , لايستطيع مقاومة تأثير جراثيم قليلة الفعالية ناهيك عن شديدتها , وبالتالي فلا سبيل لمقاومة الغزوات الجرثومية الأمريكية الخارجية , بدون القضاء على فيروس الأيدز الأستبدادي الداخلي .

انه لضرورة ملحة , من أجل قطع الطريق على القوى الخارجية المتربصة بالوطن , ومن اجل العمل على خروج سورية من مآزقها ووضعها على طريق التطور الطبيعي , ان يتم اقالة هذا النظام المستبد الفاسد .

لقد أتى ( أعلان دمشق للتغيير الديمقراطي ) , ليؤكد اجتماع القوى والشخصيات السياسية السورية على اسس التغيير المنشود واتجاهه , كما جاءت مبادرة المناضل الوطني الكبير رياض الترك , لترسم الخطوات العملية لهذا التغيير بمشاركة حتى حزب النظام وبعض مؤسساته بعد ابعاد الملوثي الأيدي بالدم والمال الحرام منها . وحتى الآن لم تبد اي اطراف من السلطة الحاكمة استعدادها للتعاون من اجل اجراء التغيير , اي انه لم يبق امام المعارضة والشعب الا تصعيد النضال السلمي وتطويره وصولاً الى العصيان المدني الشامل , فهل نحن مهيئون لذلك ؟ .



#فريد_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعلان دمشق .. خطوة بالأتجاه الصحيح
- من خلال مقابلته مع ( دير شبيغل ) الألمانية قراءة في فكر بشار ...
- مدينتي يبرود و - نِعم الحركة التصحيحية -
- حول عودة المنفيين الى ارض الوطن
- مورفين جديد يُحقن في الجسد السوري المنهك, بحقنة المؤتمر القط ...
- زمن الأستحقاقات
- زراعة الياسمين في سورية , مشمولة برعاية قانون الطوارئ
- هل سورية مستعدة للسلام مع اسرائيل ؟
- بناء نظام وطني ديمقراطي شرط لازم لانهاء التعذيب في السجون ال ...
- اينعت ثمار الأستبداد
- هل السياسة الخارجية السورية وطنية ؟وهل كانت تقدمية ؟
- لقاء وحوار مع المناضل رياض الترك في مونتريال - كندا
- ما بين اعادة الأراضي ...والأصلاح ! مسيرة أستبداد وضياع للأوط ...
- خياران للأنظمة العربية.. لا ثالث لهما
- فاقد الشيء ...يدّعيه
- حول مفهوم الديمقراطية والتغيير الوطني الديمقراطي
- الأستبداد مرض نقص المناعة المجتمعي المكتسب
- حول علاقة الصحفي السوري برجل الأمن
- كي لا نقول بعد سنوات فلسطين والعراق وسورية والسعودية و
- كلمة حول - الأستحقاق التشريعي


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد حداد - الفصول الأخيرة من عمر الطغيان