أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فريد حداد - حول علاقة الصحفي السوري برجل الأمن















المزيد.....

حول علاقة الصحفي السوري برجل الأمن


فريد حداد

الحوار المتمدن-العدد: 392 - 2003 / 2 / 9 - 06:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


 

نشرت صحيفة النهار اللبنانية في قضايا النهار بتاريخ 28 كانون الثاني 2003 , استطلاع آراء أجراه الصحافي السوري شعبان عبود تحت عنوان (" صحافيون سوريون عن العلاقة برجل الأمن : ... انه مصدر" المعلومة "...... ولكن )" .

بادئ ذي بدء , ما يلفت النظر ان القائم بهذا الأستطلاع  هو صحفي سوري , ويستعرض فيها آراء صحافيون سوريون ,  يعملون داخل سورية , ولكلٍ منهم صحيفته التي يراسلها , والمستطلع آرائهم يتحدثون عن همّ سوري ,  والأستطلاع  منشور في صحيفة لبنانية ( اعتقد انها لا تدخل سورية )

يستعرض  السيد عبود في استطلاعه  هذا  آراء مجموعة من الصحفيين السوريين , الذين يعملون لصالح صحافة عربية او سورية حول علاقة الصحفي السوري مع رجل الأمن السوري  . وفي تقديمه لآراء زملائه يؤكد على التالي:

1 – استحالة حصول الصحفي العامل في سورية على المعلومة الصحفية ,  بدون العلاقة مع رجل الأمن . اي ان رجل الأمن حسب رأيه هو مصدر المعلومة شبه الوحيد في سورية .

2 – ويوضح نقطة أخرى بقوله "هنا لا بد من توضيح نقطة في غاية الاهمية ,  وهي ان من يعمل في الصحافة السورية غير الرسمية، ليس مضطرا لأخذ مسافة "المعارضين" من مراكز القرار الامنية والرسمية، كما انه ليس مضطرا لتبني موقف المعارضة السورية، لأننا وبكل بساطة مجرد صحافيين ولسنا من احزاب المعارضة، وفي الوقت نفسه خارج معادلة السلطة والمواقف الرسمية" اي ان الصحافي ليس معارضاً للسلطة ,  كما انه ليس من أهل البيت( كما يقولون) , حسب رأي السيد عبود .

3 – يريد السيد عبود ان يشبه  علاقته او علاقة الصحفي السوري بشكل عام  برجال الأمن , بعلاقة صحافيين كبار في العالم مع مراكز صنع القرار في بلدانهم . كأن نقول علاقة السيد محمد حسنين هيكل مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مثلاً .

 

*********

 

برأيي ان رجل الصحافة في اي بقعة من العالم ,  هو انسان امتهن العمل في المجال العام , وبالتالي فان الصحفي هو توأم السياسي , بمعنى ,  ان الناس  , والمجتمع ,  والسياسة ,  والأقتصاد , وكل ما يهم العموم ,  هي ساحات عمله ,  واذا كانت الصحافة في البلدان الديمقراطية تشكل السلطة الرابعة , بين السلطات الحاكمة ,   بما يعني هذا من مهام ملقاة على عاتق الصحافي من مراقبة لمن يعمل في المجال العام الى الأنتقاد وكشف الحقائق وغيرها , فان مهام الصحافي في بلدان العالم الثالث ومنها سورية , --  تلك البلدان التي تتصف بغياب القانون عن الحياة العامة , وسيادة الأستبداد , وتخلف البنى الأجتماعية ,  والسياسية , والأقتصادية  وغيرها , وانتشار الفساد المتعدد الأشكال --, تصبح أعقد وأعمق وأهم , وبالتالي يصبح هناك استحالة للصحافي ان يعمل في حقله ان لم يكن لديه بوصلته الخاصة ومعايره المهنية والذاتية  التي يقيس الأمور بالأعتماد عليها دائماً , وبهذا المعنى فان توضيح السيد عبود لنقطة ان الصحافي ليس معارضاً كما انه " خارج معادلة السلطة والمواقف الرسمية "  , هو توضيح لأمكانية ان يكون هناك صحفي ليس صحافياً .  فلا صحفي بدون موقف من الواقع , ولا صحفي بدون فهم للماضي , ولا صحفي بدون نظرة للمستقبل , هؤلاء مجتمعين يشكلون الموقع الذي يقف عليه الصحفي , ولا يحق لأحد بأن يفرض على الصحفي أو غيره ماهية هذا الموقع , ولكن لابد للصحفي من أن يكون له هذا الموقع , الذي يحدده بنفسه . لأنه ( أي موقعه )  هو الذي  يحدد حركة قلمه في صياغة خبره , والزاوية التي تتخذها كاميرته في تصوير الحدث .

 

ان الأزمة التي يتناولها الصحفيون في التعليق , هي بالحقيقة أزمة المجتمع العربي بشكل عام ومجتمعنا السوري بشكل خاص , وليست ازمة الصحافيون وحدهم . انها أزمة الوزير , واستاذ الجامعة , والموظف الحكومي , وسائق التاكسي , وبائع السجائر في اكشاك الرصيف , والتاجر , والصناعي , والداخل الى البلاد والخارج منها , كله معرض للأبتزاز والتهديد والأذى  . فمن لا يتعاون معهم  ُيقطع رزقه , ان لم يُقطع عنقه ,  والتعاون ايضاً له درجاته حيث يبدأ من ايصال الخبر حول الجار والصديق والأخ الى التعاون الأكبر حيث يفرض الفاسدون انفسهم على كل قطاعات الأقتصاد كشركاء ربح فقط وبنسبة عالية والا فالتراخيص لا تعطى والقطع الأجنبي لايُهّرب ,  ودوريات التموين والجمارك وغيرها تقف بالمرصاد .

 

ان تبرير العلاقة بين الصحافي ورجل الأمن بغياب مصادر المعلومات او خوفها وترددها ليس صحيحاً .   فالبشر وحياتهم , معاناتهم وآلامهم , أحلامهم ورغباتهم , وسعيهم في سبيلها , تشكل مصدراً غزيراً لا ينضب للمعلومة والخبر الصحفي . وهذا ما يهم المواطنين أكثر بكثير من أخبار استقبل وودع وتلقى , أو ما يُنشر تحت يافطة صرحت مصادر مطلعة ثم يلي  ذلك خبراً مصطنعاً يراد له ان يكون فتنة  تفرق بين جهتين من ابناء الوطن الواحد . هذه التقارير التي كانت ترد بكثرة على لسان السيد ابراهيم حميدي ( الذي نتمنى له الفرج القريب ) . اللهم لا شماتة في الموت والمرض والغياب القسري .

 

لقد اصاب السيد عبود جزءاً من الحقيقة عندما عزا الأتهامات الموجهة للصحافي السوري المتعامل مع الأجهزة الأمنية ,  بالمواقف المسبقة من الأجهزة الأمنية السورية  .  وذلك ليس افتراءً من الناس على الأجهزة او الصحافي المتعامل , بل مواقف لها ما يبررها من تجارب الناس مع هذه الأجهزة .

لا يمكن أن يكون هناك خطأ في بناء علاقة اجتماعية او علاقة عمل او اي نوع من العلاقات بين البشر , فالنجاح العملي غالباً ما يكون مرهوناً باتساع العلاقات مع الآخرين وعمقها . ولكن الخطأ يأتي من نوعية الآخرين في هذه العلاقة . فلا يمكن ان تكون علاقة شاعر مع تاجر مخدرات علاقة صحيحة , كما لا يمكن ان تكون صداقة قاضي مع سفاح علاقة صحيحة .

فاجهزة الأمن السورية ( والعربية ) لم ُتبن لتكون مؤسسة لجمع المعلومات اللازمة لأتخاذ السياسيين لقراراتهم , أو لأستكشاف مخططات الأعداء قبل وقوعها بهدف حماية الوطن منها ,  بل انها أجهزة مبنية لتكون أجهزة تجسس داخلي على المواطن . أجهزة لم تُبن لتكون حافظة لأمن المواطن , بل لتكون حافظة لأمن سلطة مغتصِبة  للسلطة والوطن والناس  , ويتم ذلك عن طريق  القهر والتخويف والأزلال , لأبعاد المواطن عن (  الشر وغني له ), كما قال الصحفي نبيل صالح  .  أجهزة ما زالت تعمل تحت جنح الظلام , وخلف النظارات السوداء السميكة , هذه الأجهزة بطريقة بنائها والمهام الموكولة لها , تعمل على مدار الساعة في تدوين محضر تحقيق مفتوح للمجتمع . والصحفي هو واحد من هؤلاء الخاضعين للتحقيق المفتوح  , تحت اسم علاقة مع مصدر مطلع , بهدف الحصول على المعلومة , في أحسن الأحوال , وفي أسوأها , يتحول الصحفي ليكون أحد الجواسيس على شعبه .

هذه الأجهزة لا تعمل الا بطريقة ( سكر عدم الرجوع . في عالم التمديدات الصحية ) الذي لا يسمح للسائل بالحركة الا باتجاه واحد , كذلك هي لاتسمح للمعلومات بالعبور الا باتجاه  واحد ,  وهو من الصحافي الى سجلاتهم وليس العكس , وهذا ما كانت السيدة الصحفية بارعة ياغي صادقة فيه عندما قالت " والاهم من ذلك ان تلك الاجهزة لها اسلوب في التعامل اعتقد انه مختلف تماما عن اسلوب العمل الصحافي ولا اقتنع بأنها تؤمن بمبدأ ازدواجية العلاقة لذا تكون المعادلة في الغالب وحيدة الاتجاه وغير قابلة للعكس.

وفي اعتقادي ان العلاقة تكون في البداية متبادلة النفع ولكنها تعود وتنحرف لمصلحة الجهة الاقوى في المعادلة".

ان الدور السيء الذي تدفع الأجهزة  الصحفي لكي يلعبه , هو ان يكون بوقها المخفي , ومساهمته في نشر أكاذيبها واشاعاتها , عندما تتصرف تلك الأجهزة كطرف في صراع  مازالت تعتبر نفسها طرفاً فيه , مقابل الطرف الآخر الذي هو الناس والقوى السياسية والأجتماعية , بهدف خلق الفتن وتأليب كل طرف على الطرف  الآخر .

 

ان العلاقة بين الصحافي وصاحب القرار , هي علاقة هامة وضرورية للطرفين , فلكل رئيس دولة في العالم مكتب صحفي يتعامل من خلاله مع الصحافة , وكل صحفي في العالم يجهد نفسه ليقرأ ما يدور في عقل اصحاب القرار , ولكن هذا شيء , والعلاقة بين الصحفي السوري ورجل الأمن السوري  شيء آخر مختلف تماماً . فالعلاقة دائماً صحيحة عندما يتحقق لها في  ان يكون طرفاها اصحاء , ومتعادلين , ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات . وهي صحيحة عندما تكون الأجهزة الأمنية صاحبة قرار ( ولا يحق لها ان تكون ) مبني على خدمة مصالح الناس وتحقيق لطموحاتها  .

 

ان تصحيح الخطأ القائم في العلاقة بين الصحفي السوري ورجل الأمن , لايمكن ان تأتي منفردة عن اصلاح العلاقة بين المجتمع السوري ورجل الأمن , او بأدق تعبير , لايمكن لهذه العلاقة ان تُصلح قبل ان يعود رجل الأمن الى ممارسة عمله الطبيعي في حفظ الأمن من اعداء الوطن أولاً والمجرمين المارقين الفاسدين ثانياً . وهذا لا يتحقق الا ببناء نظام وطني ديمقراطي , تعلو فيه كلمة الحق والحقيقة فوق كلمة التزلف والخداع والتستير على الفساد تحت ذريعة تربص الأعداء على الحدود .

 

فريد حداد   كندا 822003

 




#فريد_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كي لا نقول بعد سنوات فلسطين والعراق وسورية والسعودية و
- كلمة حول - الأستحقاق التشريعي
- انه محضر أجتماع – تحقيق... وليست مقالة
- مظاهر أستقالة الدولة من مهامها وتغيير وظائفها
- تصريحات تؤذي أصحابها
- مضى عامان من عمر العهد الجديد وضاع عام آخر من عمر الأفاضل
- للسفارة السورية في كندا نشاط اعلامي لايحتذى
- الحكم الشمولي في سورية وأزمة الحياة السياسية
- من يخرق الدستور ومن يعتدي على هيبة الوطن والمواطن في سورية
- عدو فسلطين والعرب
- مسيرة إلغاء الآخر
- الكساح والجم: قراءة لعناصر الفساد في سورية
- محاكمات العشرة الأفاضل إلى أين؟!
- مانديلا العرب امام القضاء ...متهما !


المزيد.....




- -صور الحرب تثير هتافاتهم-.. مؤيدون للفلسطينيين يخيمون خارج ح ...
- فرنسا.. شرطة باريس تفض احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة ا ...
- مصر تسابق الزمن لمنع اجتياح رفح وتستضيف حماس وإسرائيل للتفاو ...
- استقالة رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف من منصبه
- قتلى وجرحى في هجوم مسلح على نقطة تفتيش في شمال القوقاز بروسي ...
- مصر.. هل تراجع حلم المركز الإقليمي للطاقة؟
- ما هي ردود الفعل في الداخل الإسرائيلي بشأن مقترح الهدنة المق ...
- بعد عام من تحقيق الجزيرة.. دعوى في النمسا ضد شات جي بي تي -ا ...
- وجبة إفطار طفلك تحدد مستواه الدراسي.. وأنواع الطعام ليست سوا ...
- صحيح أم خطأ: هل الإفراط في غسل شعرك يؤدي إلى تساقطه؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فريد حداد - حول علاقة الصحفي السوري برجل الأمن