أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فريد حداد - الأستبداد مرض نقص المناعة المجتمعي المكتسب















المزيد.....

الأستبداد مرض نقص المناعة المجتمعي المكتسب


فريد حداد

الحوار المتمدن-العدد: 415 - 2003 / 3 / 4 - 03:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


 

الأستبداد : هو السيطرة على مقدرات الآخرين المادية , وتدمير لقيمهم المعنوية والأنسانية , والغاء لشخصياتهم المستقلة والمتميزة , وتقزيمهم ومسخهم , ليتم تحويلهم الى عبيد لدى المستبد ,  من دون وجه حق . وذلك بفعل القوة المادية القاهرة , والمعنوية المضَّلِلة . التي تلغي القوانين وتجعل من ارادة المتسلطين قانوناً يُعمل به .

يسود الأستبداد في حال توفر احد العاملين التاليين او كلاهما معاً :

1 – العامل الداخلي . الذي يمتاز بتخلف البنى السياسية و الأجتماعية والثقافية والحقوقية , الذي يتجلى بسيادة علاقات (  ما قبل الدولة الوطنية ) بين الناس – عشائرية وطائفية و... - , وقابلية  الناس للخضوع  لارادة ولي الأمر ,  بسبب استمرار سيادة ثقافة طاعة أولي الأمر , وغياب مفهوم الحق المرتبط بالواجب , والحرية المرتبطة بالأختيار ,وسيادة مفاهيم خطأ ,  تقتضي اللجوء الى القوى الخارج الطبيعة لدعوتها الى رفع المظالم عن الناس عندما تشتد مظالم أ ولي الأمر  , بدلاً من الفهم الصحيح لما قيل " أعقل وتوكل " أو الفهم الصحيح لمدلول الآية الكريمة ( لا يغير الله ما بقومٍ حتى يغيروا ما بانفسهم )   , أي ,  الأعتماد على الله تعالى ,  من خلال القيام بالعمل ,   والعمل هنا هو ,  فعل مقاومة الأستبداد  .

تشكل  تلك البنى  بمجموعها ,  اساس استعداد الناس لتقبل واقع الأستبداد , واتخاذ موقف سلبي من مقاومته . وبمقابل ذلك , هناك المستبد , الذي هو غالباً فرداً او مجموعة ,  تعاني من أزمات نفسية واجتماعية , تولد عندها شعور بالتفاهة والنبذ الأجتماعي .  هذا الشعور الذي يلهث صاحبه لالغاءه عن طريق التحكم بحياة الآخرين ,  وتقرير مصائرهم ,  واخضاعهم لارادته , ذلك الأخضاع الضروري للمستبد لاعادة التوازن الى نفسيته المحطمة ,  المليئة بمشاعر التفاهة , والنبذ الأجتماعي .

يشبه احد رجال القانون ,  المدافعين عن حقوق الأنسان ,  نشأة الديكتاتور المستبد , بنشأة ذلك الجدي الصغير  الذي تُذ بح   امه في مرحلة الرضاعة , فبسبب خوفه الشديد من ان يجوع  , يلجأ الى الرضاعة بشراهة من كل عنزات القطيع , فيأخذ أكثر من حاجته الى الطعام , ويكبر أكثر من اقرانه بكثير ,  ويستمر على هذا المنوال , الى ان يمتلك جسماً كبيراً أكبر من أي فرد في القطيع  و يصبح تيساً زعيماً على الجميع ,  ويبقى في حالة الخوف من الجوع  .  يملك كل شيء , ويحرم الآخرين من كل شيء ,  ولا يشبع .

2 – العامل الخارجي . عندما يفرض مستبد خارجي نفسه على أمة ,  كنتيجة لأنتصار عسكري , ويعين حكامها ,  ويربط نموها ونظامها به ,  قاطعاً بذلك سلم التطور الطبيعي عليها , فارضاً  عليها حركة معينة باتجاه محدد ,  غالباً هي انعكاس لحركته .  كما حصل لأوروبا الشرقية بعد احتلالها من قبل الأتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية , وكما حصل قبل ذلك للجمهوريات التي عُرفت فيما بعد بجمهوريات الأتحاد السوفييتي بعد احتلالها من قبل روسيا .

 

للحفاظ على الأستبداد واستمراريته , لابد من الحفاظ على الظروف التي انجبته وتعميقها .--  وهنا تتضح الاساءة الكبرى التي ارتكبتها الأنظمة  العربية بحق بلدانها وشعوبها , حيث عملت بكل طاقاتها , للحفاظ على كل البنى المتخلفة التي تدعم سيطرتها , لا بل عملت بجد للحيلولة دون نمو اي برعم جديد سيساعد على العبور من تلك المستنقعات التي نحيا بها . --  وقد تم ذلك عن طريق:

-                     1 - العمل على تفتيت ما تبقى من علاقات اجتماعية ايجابية قائمة بين الناس , كالعلاقات الأسريّة , وعلاقات التآلف والتعاضد والتعاون التي تميز بها الريف العربي .  وتضييق ,  قاد الى انهيار أغلب مؤسسات المجتمع المدني , كالنقابات المستقلة , والجمعيات الأهلية او الحرفية , والنوادي الثقافية والأجتماعية والرياضية المستقلة عن منظمات السلطات . واحلال بدل تلك العلاقات , العلاقات المصلحية الأنتهازية المؤدية الى تعميق النوازع الفردية على حساب الجماعة .  ولا يوجد  أبلغ من ذلك التعبير المتداول الذي يقول ( عسكري دبر راسك ) هذه المؤسسة العسكرية  تحديدا , التي من الصعب لها ان تستقيم امورها وتعمل بنجاح ,  ان لم يسود شعور عند افرادها ", رفيقي اولاً ",  كما لا دلالة على حرص الأنظمة على تعميق المشاعر الفردية عند الناس  أوضح من دلالة  حقد الأجهزة حامية العروش , على كل من يساهم  في عمل جماعي مناهض للأستبداد ,  حيث امتلأت زنازين وقبور العالم العربي بأصحاب المواقف الشجاعة والرؤية الواضحة والرافضة للظلم .

-                     

-                     

-                     2- ألغاء الثقافة من المجتمع عن طريق المنع ,  والمراقبة ,  وتصعيب ظروف الأنتاج الثقافي المحلي , والقضاء على امكانية النقل والترجمة , ووضع كل منتج لثقافة مخالفة لهيمنة الأستبداد في خانة " اعداء الوطن والثورة " مع ما تحمل تلك التهمة من معنى هدر لدم المنتج .

-                     

-                     3  - ألغاء القوانين , بقانون واحد وهو قانون الطوارئ , وافساد الجهاز القضائي العادي  , وبناء القضاء السلطوي الأستثنائي ,  وتسييس نقابة المحامين لصالح النظام الحاكم , ونشر ثقافة "  خذ حقك بقوة ذراعك " حيث تستمد الذراع قوتها من حجم الفيه الذي تطعمه .

 

4 – بناء مؤسسات السلطة  السياسية المفرغة من مضمونها , والتي تعمل بكل شيء الا بالسياسة .

 

ان استمرار سيادة الأستبداد لوقت طويل نسبياً ,  في اي مجتمع من المجتمعات , يؤدي بفيروسته  الى التمكن من القضاء على كل الجهاز المناعي للمجتمع , ويهيئه لموت محتم لأتفه الأسباب . هذا الجهاز المناعي ,  الذي يتألف من وحدة وطنية , او بالأحرى انصهار الجميع في بوتقة الوطن الواحد ,  محصنين  بعلاقات اجتماعية سليمة تجمع المواطنين فيما بينهم , والمواطنين مع حكامهم الذين لا يجب ان يكونوا الا مكلفين من قبل المجتمع لادارة الأمور العامة  .  ومن بنيان ثقافي شامخ ,  يحدد هوية الأمة , وقانون عادل وعصري يسود على الجميع وعلى الحاكم قبل المحكوم .

ومؤسسات دولة وسلطة تعمل بالسياسة  بمفهوم عصري وليس بالسمسرة السياسية والأقتصادية .

 

ان النتائج المدمرة لمناعة المجتمعات العربية التي انتجتها فيروسات الأستبداد  , لم يعد ممكناً الوقوف بوجهها على الطريقة التي يمارسها النظام المستبد في العراقي ,  بالتبجح الأعلامي الفارغ من جهة , وارسال الرسائل السرية الى قطاع الطرق الدوليين , التي تدعوهم للمجيء واستلام النفط مقابل الحفاظ على كرسي الحكم ,  من جهة أخرى  . كما لا تتم على طريقة الصحوة الخطابية للنظام السوري في مؤتمر دول عدم الأنحياز , والتي تقر بان ممارسة  القوة والعنف والغاء الآخر لاتجلب السلام حتى لصانعهم , وان ممارسة القوة والعنف لا يمكن ان ُتنشئ الا العنف والتطرف حتى من الطرف المغلوب , كما كلمة سورية بمؤتمر القمة العربية التي ترفض المسعى الأمريكي لتغيير الأنظمة في المنطقة , وتربط التغيير بارادة الجماهير العربية , وهذا رفض محق وسليم .  بينما واقع تلك الشعوب المعترف بحقها في تغيير انظمتها , واقع عجز الأستعمار القديم والحديث  عن ايصالها الى ما وصلت اليه . بل تكون  باطلاق الطاقات الهائلة المقموعة والكامنة للشعب العربي , عن طريق رفع سيف الأستبداد و مشاركة الشعب بتقرير مستقبله وتحديد مساره المستقبلي , وبغير ذلك السبيل فالطوفان قادم , ولم يعد للأموال العربية المهّربة الى الخارج اي دور في حماية اصحابها لأنها تحت يد اللصوص الدوليون المعاصرون .

 

فريد حداد            332003




#فريد_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول علاقة الصحفي السوري برجل الأمن
- كي لا نقول بعد سنوات فلسطين والعراق وسورية والسعودية و
- كلمة حول - الأستحقاق التشريعي
- انه محضر أجتماع – تحقيق... وليست مقالة
- مظاهر أستقالة الدولة من مهامها وتغيير وظائفها
- تصريحات تؤذي أصحابها
- مضى عامان من عمر العهد الجديد وضاع عام آخر من عمر الأفاضل
- للسفارة السورية في كندا نشاط اعلامي لايحتذى
- الحكم الشمولي في سورية وأزمة الحياة السياسية
- من يخرق الدستور ومن يعتدي على هيبة الوطن والمواطن في سورية
- عدو فسلطين والعرب
- مسيرة إلغاء الآخر
- الكساح والجم: قراءة لعناصر الفساد في سورية
- محاكمات العشرة الأفاضل إلى أين؟!
- مانديلا العرب امام القضاء ...متهما !


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فريد حداد - الأستبداد مرض نقص المناعة المجتمعي المكتسب