أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فريد حداد - حول مفهوم الديمقراطية والتغيير الوطني الديمقراطي















المزيد.....

حول مفهوم الديمقراطية والتغيير الوطني الديمقراطي


فريد حداد

الحوار المتمدن-العدد: 423 - 2003 / 3 / 13 - 02:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


 

كثير هو الحديث عن الديمقراطية . فهو للمطالبة بها من قِبل المقهورين , ولوصفها وتعداد محاسنها من قِبل النظريين , ولمديحها  والأطناب في وصف عظمة ممارستها وحُسن ادائها ( أعراس ديمقراطية )  من قِبل المستبدين , وللوعد بها على انها رسالة الخلاص القادمة عبر المحيط  من قِبل  أكلة لحوم البشر الجديدين  .

تعددت تعاريف هذا المصطلح  , فمنهم من قال بأنها ( حكم الشعب للشعب ) ومنهم من قال بأنها ( حكم الأغلبية ) ومنهم من قال بأنها ( حكم ممثلي الشعب المُنتخَبين ) .... وغيرها . كما تعددت صفاتها بحسب واصفها ومصلحته ,  من ( الديمقراطية الشعبية ) الى ( الديمقراطية البورجوازية ) الى ( الديمقراطية البرلمانية ) الى ( الديمقراطية الثورية ) .

وبغض النظر عن التعريف الأكاديمي للديمقراطية , فاني أراها بأنها , العلاقة السياسية أو الأجتماعية أو الأقتصادية القائمة بين طرفين أو أكثر , والتي تتصف باحترام كل طرف فيها وأخذه بعين الأعتبار  لمصالح الأطراف الأخرى   , ذلك الأحترام والمراعاة لمصالح الآخر , المفروض  بفضل   توازن القوى القائم بين أطراف تلك العلاقة . وهذا يصح على أصغر التجمعات البشرية , كما يصح على المجتمع الدولي ككل . من علاقة زوج وزوجة  وحتى الأمم المتحدة .

هذا الأحترام المتبادل للمصالح , ينجم عنه تلقائياً حق للجميع بالتعبير عن الرأي , والتنظيم , والمعارضة , والأنتقاد , والكتابة , والنشر , والتظاهر , وغيره . لأنهم بشر اسياد , والسيد لا يمكن ان تُحجب عنه الحقوق , بعكس العبد " القاصر الفهم والأدراك " . وهذا ما يُطلق عليه تسمية المجتمع الديمقراطي .

وهكذا , فليس للديمقراطية مقاس ولا حجم ولا شكل لتناسب هذا البلد ولا تناسب ذاك .

وليس لها طعم ولا لون ولا رائحة لتناسب ذوق  هذا الشعب ولا تناسب ذاك .

لا ترتبط بنظام اجتماعي معين ولا تنبثق عنه , فهي قائمة ما دام هناك قوى اجتماعية لها مصالح متنافرة او متناحرة او متباينة وتتعامل مع بعضها بندية . أي انها ليست ثمرة من ثمار نضال البورجوازية الغربية وبالتالي فان شعوب العالم الثالث او الطبقة العاملة الغربية ليسوا بحاجتها , كما كان يحلو لأتباع المدرسة السوفيتية بالتفكير ان يقولوا ,  بل انها ثمرة نضال البشرية جمعاء ولا يمكن لأحد ان ينمو ويتطور من دون ان يحياها . ومن حاول ان يتجاوزها , تجاوزه التاريخ .

عمرها يمتد من لحظة تمكن المقهورين من اثبات ذاتهم  امام خصومهم وقاهريهم ,  ونجاحهم بالدفاع عن مصالحهم , وينتهي باختلال ميزان القوى الأجتماعي – السياسي لصالح فئة محددة وسيادة الأستبداد ,  كما حصل في المانيا النازية , وكما لا يتمنى احد ان يحصل اليوم في الولايات المتحدة .

وعندما نقول توازن القوى , فاننا لانقصد فيها تساوي عدد الدبابات عند الطرفين او الأطراف المتباينة  , بل ان القوة تبدأ من تعلم قراءة الأحرف الأبجدية وأتقانها  , ولا تنتهي بغزو الفضاء , مروراً بامكانية العمل والتعلم وتطويرهما ,  وبملكية الخيرات المادية ,  وبالثقافة ,  وسيادة القانون ,  والعدالة ,  والحرية ,  والصناعة المتطورة , والزراعة المزدهرة ,  ودخول  اسواق التوزيع الدولية ,  وكل ما من شأنه ان يكون مفيداً للآخرين وللذات ,  ويدفع الحياة الى الأمام , الى الأفضل  والأحسن .  كل عناصر القوة آنفة الذكر وغيرها ,  التي تتداخل وتتفاعل لتعطي بالنهاية محصلة هي قوة الجماعة ,  او الدولة , تلك المحصلة ,  التي توضع في ساحة الفعل امام قوة الخصم او المنافس  .

فالديمقراطية اذاً , لا يمكن ان تكون قطعة من النقود  تلهث احزاب المعارضة لاستجدائها من المستبد , وليست قطعة حلوى يمن بها القادر على الضعيف , كما لا يمكن ان تكون هدية تُجلب من الخارج ,  ولا وصفة طبية يكتبها " الدكتور " كولن باول للشرق الأوسط الذي يعيش خارج التاريخ  , وليست عطاء يتكرم بها " القائد الفذ " على شعبه . بل انها علاقة تجمع بين انداد ,  ويفرضها الآخر فرضاً على المستبد ,  عندما يعود هذا  الآخر الى ساحة الفعل السياسي . ساحة  اعادة الحقوق المهدورة .

الديمقراطية ليست صفة أخلاقية  ايجابية نطلقها على صديق ونحجبها عن العدو , بل هي ممارسة في الدفاع عن الحقوق واثبات الذات في ظل توازن القوى . ان اشكاليات الأنتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة , ولجوء الطرفين المتنافسين الى المحكمة العليا لتحكيم النزاع فيما بينهم , والقبول المسبق لكلا الطرفين بنتائج التحكيم , كان بالتأكيد ممارسة ديمقراطية وحضارية , ناجمة عن ذلك التوازن للقوى السياسية الفاعلة على الساحة الأمريكية . ويجب ان لا يخفينا ان فقدان ذلك التوازن على الساحة الدولية , قد خلق من احد اطراف تلك المعادلة الأمريكية , او من كلاهما معاً , ديكتاتور طاغية دولي , يضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية , وكل القيم الحضارية التي قام على اساسها المجتمع الأمريكي نفسه  وكل مصالح الدول , حتى تلك التي مازالو يسمونها حتى الآن دول حليفة . ان هذا الطغيان الأمريكي هو الذي يؤدي الى بداية تشكل حلف دولي ما زال في شكله الجنيني ليكون نداً له وليعيد العلاقات الدولية الى حظيرة العلاقات الديمقراطية من جديد , والتي بالتأكيد لا تراعي الا مصالح الأقوياء المشاركين في صياغتها , والتي من الواضح ان العرب ما زالو حتى بعيدين على ان يدركوا ما يجري حولهم , فيعلن الرئيس المصري ان الأمور خرجت من اليد , ويطالب السفير السعودي في واشنطن العرب للأسراع في حجز اماكنهم على متن القطار الأمريكي القادم لألتهامنا , ويقف المسئولين السوريين منددين بمن لا يبادر الى حماية العراق دون ان يبادروا حتى الى حماية كرامة مواطنهم  .

 

ان الخلل الكبير في ميزان القوى داخل البلدان العربية , بين الأنظمة السائدة من جهة والقوى السياسية المعارضة من جهة أخرى , والخلل الكبير ايضاً لهذا الميزان بين العرب من جهة واعدائهم من جهة أخرى , جعل من حكام العالم العربي طغاة لاتعرف الرحمة طريقاً الى قلوبهم , بتعاملهم مع شعوبهم , وجعل منهم ايضاً حملان وديعة بتعاملهم مع طغاة العالم , مما ادى الى ضياع الحقوق العربية على مر العقود الماضية , فحقوق الشعب العربي وممتلكاته بالكاد كانت تكفي جشع الفاسدين والمُفسِدين الداخليين والخارجيين .

ان انتخابات الدورة الثامنة لمجلس الشعب السوري التي جرت مؤخراً في البلاد , والتي قدرت جهات متفائلة حجم المشاركة الشعبية فيها بحدود 10% . وحيث ذهبت اوساط حكومية رسمية لتقديرها في جلسات مغلقة بحدود 6.5% من مجموع السكان الذي يحق لهم الأنتخاب . كانت استفتاء حقيقي على شعبية النظام وقوته ,  من ناحية انها اوضحت ان الأستبداد القائم لم يعد يملك من عناصر القوة الا القوة البدائية , قوة زنازين العزل ,  وسياط الجلد .

كما انه لايجوز لنا ان نجير هذه المقاطعة الشعبية الواسعة لصالح المعارضة , فالمعارضة ما زالت اضعف بكثير من ان تكون قادرة على التأثير بهذه الكتلة البشرية الضخمة . ولكن النقطة الهامة التي تُسجل لصالح المعارضة السورية في هذه الأنتخابات , هي انها تمكنت من اتخاذ موقف ينسجم مع ضمير الناس ويلتقي معه , وامكانياتها على اتخاذ مواقف سياسية تسطيع ان تعبر من خلالها  عن مصالح الناس وتطلعاتهم .

ان الأستبداد السائد اليوم في العالم العربي بشكل عام وسورية بشكل خاص أصبح من العالم الماضي , ولم يعد يحمل اي من مقومات القوة العصرية المطلوبة لكي يتجدد ويستمر على الرغم من كل هذا الكم الهائل من عبارات التطوير والتحديث وما شابه التي تُضخ يومياً في وسائل الأعلام . وان المقاومة الشعبية السلبية لهذا الأستبداد كان واضحاً وجلياً في الأنتخابات الأخيرة من خلال المقاطعة . وعلى تحول هذه المقاومة الى فعل ايجابي سلمي يتوقف مستقبل سورية القريب والمنطقة العربية . والسؤال الذي على المعارضة الديمقراطية تقع مهمة الأجابة عنه هو : ماالعمل لتشجيع هذه الكتلة البشرية الضخمة على العودة الى ساحة العمل السياسي السلمي لأجراء التغيير الوطني الديمقراطي .

 

 

فريد حداد          كندا

11



#فريد_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأستبداد مرض نقص المناعة المجتمعي المكتسب
- حول علاقة الصحفي السوري برجل الأمن
- كي لا نقول بعد سنوات فلسطين والعراق وسورية والسعودية و
- كلمة حول - الأستحقاق التشريعي
- انه محضر أجتماع – تحقيق... وليست مقالة
- مظاهر أستقالة الدولة من مهامها وتغيير وظائفها
- تصريحات تؤذي أصحابها
- مضى عامان من عمر العهد الجديد وضاع عام آخر من عمر الأفاضل
- للسفارة السورية في كندا نشاط اعلامي لايحتذى
- الحكم الشمولي في سورية وأزمة الحياة السياسية
- من يخرق الدستور ومن يعتدي على هيبة الوطن والمواطن في سورية
- عدو فسلطين والعرب
- مسيرة إلغاء الآخر
- الكساح والجم: قراءة لعناصر الفساد في سورية
- محاكمات العشرة الأفاضل إلى أين؟!
- مانديلا العرب امام القضاء ...متهما !


المزيد.....




- إيلون ماسك ونجيب ساويرس يُعلقان على حديث وزير خارجية الإمارا ...
- قرقاش يمتدح -رؤية السعودية 2030- ويوجه -تحية للمملكة قيادة و ...
- السعودية.. انحراف طائرة عن مسارها أثناء الهبوط في الرياض وال ...
- 200 مليون مسلم في الهند، -أقلية غير مرئية- في عهد بهاراتيا ج ...
- شاهد: طقوس أحد الشعانين للروم الأرثودكس في القدس
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي مستمر وبلينكن يصل السعودية ضمن ج ...
- باكستان.. مسلحون يختطفون قاضيا بارزا ومسؤول أمني يكشف التفاص ...
- كلاب المستوطنين تهاجم جنودا إسرائيليين في الخليل
- بلينكن يصل إلى السعودية للاجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس ال ...
- ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل الأردن بالطائرة الماليزية ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فريد حداد - حول مفهوم الديمقراطية والتغيير الوطني الديمقراطي