أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فريد حداد - ما بين اعادة الأراضي ...والأصلاح ! مسيرة أستبداد وضياع للأوطان















المزيد.....

ما بين اعادة الأراضي ...والأصلاح ! مسيرة أستبداد وضياع للأوطان


فريد حداد

الحوار المتمدن-العدد: 630 - 2003 / 10 / 23 - 05:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



الحديث الرسمي المتداول عن الأصلاح  اليوم , يندرج في نفس منحى  الحديث عن تحرير الأراضي المحتلة  الذي كان متداولاً  بالأمس .  فكلاهما استُعمل ,  ويُستعمل ,  ليعطي  مبرر وجود السلطة السياسية , وبالتالي المهام المترتب عليها انجازه  فيما هو قادم من الأيام ,  أو الشهور ,  أو حتى السنوات القادمة  .  وهذا بدوره  يحتم وجود برنامج سياسي لدى السلطة ,  تحدد فيه بالأضافة الى الهدف المنشود ,   طريقة وصولها اليه , وأدواتها التي ستستعملها لذلك .


خلف يافطة السرية العسكرية في الأعداد لمعركة التحرير ,  أختفت البرامج , وأختفت معها امكانية حساب المسئوليين عن أخفاقهم في الوصول الى الهدف خلال أمدٍ منظور يُفترض ان يكون محدداً ومعروفاً . كما اسٌتعملت تلك السرية من قبل السلطات الحاكمة , لفعل ما لا يُفعل . فقد  تم الأستيلاء رويداً رويداً على مصادر الدخل القومي ,  وعلى الرغم من عمومية الأهداف المعلنة للموازنات المتتابعة منذ عام 1963 فقد تم أخفاء الجزء الأعظم من ميزانية البلاد تحت يافطة "  ميزانية الدفاع "وتصرف بها أفراد قليلون ,  دون أن يكون للشعب الحق حتى في الأطلاع على جهة صرف تلك الأموال .  ونّصب أولئك القليلون أنفسهم كبديل  عن الشعب ,  أو أوصياء عليه ,  واحتكروا حتى الوطنية , وخونّوا كل من لم يسير بركبهم , وكان كل نقد لفرديتهم وأخطاءهم ,  يوصف بأنه أرتباط بالمخططات الأستعمارية , كما أعتبروا أنفسهم الوحيدين المؤهلين للأئتمان على الأموال العامة , ومصالح البلاد .

وعلى الصعيد البشري فقد  سُرح , أو أعُتقل ,  أو شُرد ,  أكفأ ضباط الجيش العربي السوري , بسبب ان ولائهم الأول كان للوطن , ورفضوا الدخول في محاور سياسية داخل الجيش الواحد ,  مما سيقوده الى التفكك والضعف . وتم الحفاظ على , وجلب المزيد من , َمن قدم فروض الولاء والطاعة للرأس الحاكم .

وهكذا فقد تم تغيير البنية  الأساسية للجيش , فتحّول من مؤسسة وطنية ,  مهمتها  حماية الوطن وتحرير الأجزاء المحتلة منه , الى مؤسسة خاصة تعمل بأشراف الأجهزة الأمنية , ومهمتها ,  حماية النظام الحاكم أولاً ,  وتطويع أفراده   المجندين الذين سيعودون الى الحياة المدنية قريباً وتدجينهم ثانياً ,  والمساعدة في ضبط حركة المجتمع وقمعه ثالثاً . ذلك ما أثبتته أحداث المدن السورية في أوائل الثمانينات من القرن  المنصرم , وأحداث الحرب الأهلية اللبنانية والأداة التي شارك " الأشقاء " العرب فيها .

 وفي خضم التحول ذاك ومن شروطه وضروراته ,  اتُخمت جيوب المتنفذين المتربعين على رأس الهرم العسكري  , بعمولات  صفقات شراء  خردة الأسلحة من اي مكان من العالم , كلما كان ذلك متوفراً  . كما نُهبت مخصصات الطعام للجنود , من قِبل الفاسدين في مختلف الرتب العسكرية , ان عن طريق رفع قيمة العمولة على مشتريات المواد الغذائية على حساب جودة الطعام وكميته , واما عن طريق نهب الطعام بحد ذاته وتحويله الى البيوت التي أُتخمت على حساب حرمان الجنود الشرفاء . ولم يكتفِ الفساد بالأعتداء على حقوق الجنود التي أقرتها اللوائح العسكرية ,  من مأكل ,  وملبس ,  وخدمة , بل تم تحويل الجندي من مقاتل , الى مصدر ارتزاق " للمعلم " . وكما يقال . فبمقدار ما يكون عظم الجندي مليء , يُعفى من الخدمة المطلوبة منه , وُترمى على صاحب العظم الهش . ومع الأمعان في الأبتزاز , اصبح الأزلال والتعذيب لازمة لكل من لا يدفع المعلوم . هكذا تم استبدال الجيش الوطني بالجيش العقائدي .

وفي داخل الجيش الجديد , تم العمل على تدمير وتدجين  شخصية الشاب السوري , المدنية ,  والحضارية . فقد حُظّر التساؤل , وساد التسليم مكانه , بحسب نصف المبدأ القائل " نفذ ثم اعترض " بعد أقفال أبواب الأعتراض . ومُنع التفكير والنقاش , لأنه دليل اثبات على الأنتماء الى معسكر " الأعداء "  الداخليين .  وساد التسطيح ,  والتلقي , والأحاديث المبتذلة المثيرة للغرائز . وحُظّر التضامن , لأنه تعبير عن نضوج " المؤامرة "  على "  الثورة "  وقيادتها , ودُعّم الشعور الفردي الأناني , وشُجّع على انتهاك القوانين تحت مقولة " عسكري دبر راسك " . وعُمم هدر الكرامة , وكأن تحرير الأرض لا يتم الا بفقر الدم الناجم عن سوء التغذية , وقضاء الحاجة في العراء ,  وحكة الجلد الناجمة عن اتساخ كل ما يُستعمل ,  وعدم توفر شروط النظافة اللائقة بالأنسان .

ومن ضمن ثقافة الجيش العقائدي , تلك النزعة الجامحة لأحتقار الأنسان المدني , ومن ضمن عبارات الشتم والأستخفاف بمظاهر الضعف الأنساني كأن يقال للفرد " أنت مدني سخيف ولست عسكري , العسكري لايخاف أو لا يبكي أو....كن عسكرياً رجلاً وكف عن هذا " بالأضافة الى تحقير كل مظاهر الحياة المدنية والحضارية فالقاء تحية الصباح أو المساء هو سبب كافي لأثارة السخرية , كما ان اظهار المشاعر الأنسانية الأيجابية من ود وأحترام وحب تُعتبر من مظاهر" التخنث "  المرفوضة المثيرة " للغثيان " . وهذا كله في النهاية , لخلق الحالة النفسية عند المواطن ان العسكري هو الأكفأ ,  وهو من يستحق ان يمسك بزمام الأمور .

ان النظام السياسي , الُمنبعث من سلطة مُغتَصَبة بالقوة العسكرية , ومستمرة  باستفتاءات  من فئة ال 99.99% , لايمكن له ان يبني أداة " تحرير الأرض " الا على هذه الشاكلة من العلاقات الداخلية المتخلفة و القاهرة للأنسان , ولا بد له ايضاً من ان ينحدر بطموحه من مستوى تحرير الأرض الى مستوى ضبط النفس وكبح فرامل عدم الأنجرار الى معركة تحدد اسرائيل زمانها ومكانها . ؟

 أليس هذا بكافياً لمعرفة سبب حقد هذا النظام على صندوق الأقتراع ؟ ولماذا لاتناسب الديمقراطية " الغربية " مجتمعاتنا ؟ . ألا يكفي هذا لنعرف لماذا أحاط " قائد الأصلاح " واقع جيشنا هذا  وواقع الأجهزة الأمنية المبنية بنفس الطريقة  , بالخطوط الحمراء ؟ بالتأكيد فان تجاوز تلك الخطوط سيساهم في ذوبان ثلوج القهر,  والأستعباد ,  والتخريب ,  والتضليل .   واظهار الحقيقة . ذاك الظهور الذي سيحطم هالات القداسة الزائفة ,  التي وُضع البعض ضمنها , وستحين عندها ساعة الحق .

فريد حداد
17102003

 



#فريد_حداد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خياران للأنظمة العربية.. لا ثالث لهما
- فاقد الشيء ...يدّعيه
- حول مفهوم الديمقراطية والتغيير الوطني الديمقراطي
- الأستبداد مرض نقص المناعة المجتمعي المكتسب
- حول علاقة الصحفي السوري برجل الأمن
- كي لا نقول بعد سنوات فلسطين والعراق وسورية والسعودية و
- كلمة حول - الأستحقاق التشريعي
- انه محضر أجتماع – تحقيق... وليست مقالة
- مظاهر أستقالة الدولة من مهامها وتغيير وظائفها
- تصريحات تؤذي أصحابها
- مضى عامان من عمر العهد الجديد وضاع عام آخر من عمر الأفاضل
- للسفارة السورية في كندا نشاط اعلامي لايحتذى
- الحكم الشمولي في سورية وأزمة الحياة السياسية
- من يخرق الدستور ومن يعتدي على هيبة الوطن والمواطن في سورية
- عدو فسلطين والعرب
- مسيرة إلغاء الآخر
- الكساح والجم: قراءة لعناصر الفساد في سورية
- محاكمات العشرة الأفاضل إلى أين؟!
- مانديلا العرب امام القضاء ...متهما !


المزيد.....




- حرب غزة: لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنساني ...
- -ما قمنا به في إيران كان رائعًا-.. ترامب: إذا نجحت سوريا في ...
- الاتحاد الدولي للسلة: إعلان هزيمة منتخب الأردن تحت 19 سنة أم ...
- ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا
- طهران تبدي -شكوكا جدية- بشأن احترام إسرائيل لوقف إطلاق النار ...
- الحكومة الفرنسية أمام اختبار سحب الثقة
- الموفد الأمريكي إلى سوريا: اتفاقات سلام مع إسرائيل أصبحت ضرو ...
- خبير عسكري: فقدان جيش الاحتلال قوات اختصاصية خسارة لا تعوض
- 40 عاما من الحكم.. الرئيس الأوغندي يترشح مجدّدا للرئاسة
- 47 شهيدا بغزة وعمليات نزوح كبيرة شمال القطاع


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فريد حداد - ما بين اعادة الأراضي ...والأصلاح ! مسيرة أستبداد وضياع للأوطان