خالد عيسى طه
الحوار المتمدن-العدد: 1374 - 2005 / 11 / 10 - 08:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أدخل صدام خلال نظامه الشمولي الرعب في قلوب العراقيين، ملأ السجون بالابرياء وملأ الأرض بدفن الاحياء في مقابر جماعية انتشرت على جغرافية العراق الواسعة منهم من رقد في الشمال ومنهم في الجنوب وتوسط الآخرون بين المنطقتين ، وكما تهرب النقود الجيدة من دخول النقود الرديئة على نظرية الاقتصادي الاوربي العالمي كريشن فإن الديمقراطية تهرب من أول ممر عندما تدخل الفاشية وتدخل المخابرات في مفردات حياتهم .
حكم صدام الفاشي بالكرباج الشعب الحضاري الأبيّ مدة خمسة وثلاثين عاماً ، جاءهم بغفلة من الزمن وبقطار أمريكي ولم يترك وسيلة واحدة في صب ارهابه في مغتربات نهر الظلم الكبير لأجل استمرار نظامه الظالم .
رفع الشعب العراقي أيديه الى الله وأهل البيت وهم مخدرين بشعارات أمريكية لها رنين الديمقراطية والحرية والمساواة وانتظروا هذه الشعارات وأملوا في تطبيقها بعد تلك الظلالة والظلامة التي لحقت بهم جراء حكم نظام صدام. بدأ القصف والناس صابرون محتسبون وبدأت طلائع الجيش الامريكي تدخل الى مطار بغداد والناس والعراقيون يأملون شبه مخدرين أن يكون هذا اليوم هو يوم فرحتهم بالخلاص من الرهيب الظالم وتوالت الايام وتوالت انياب الظلم في النمو ، في القتل العشوائي ، وفي هدم البيوت وادخال الناس في سجن ابوغريب على الهوية والشبهة وعدم التردد في الاعتداء على حياتهم وأعراضهم.
وتوسعت دائرة الارهاب حتى شملت تطويق النجف الاشرف (مرقد الامام علي) بل ودخول الجيش المحتل الى أزقته وحاراته والبدء بتدمير البنية التحتية لهذه المدينة المقدسة، ثم تحولوا الى مدينة الفلوجة (مدينة المآذن) ثم تابعوا مسيرتهم في القمع ودكّ البيوت وتحويلها الى ركام في القائم وتلعفر والرمادي وغيرها، ولازال المسلسل مستمر الى أن يقتنع الفاتح الغازي الظالم أن العراق وشعبه أُدخل في اللعبة السياسية الأمريكية ليكون نقطة الابتداء في تغيير خارطة الشرف الاوسط حسب المصالح العليا الاستراتيجية الامريكية بالتعاون مع اسرائيل.
هنا يقف الشعب العراقي بكل صلابة ليدافع عن حريته ويبدأ بالمقاومة الوطنية المنظمة وهي ليست ذلك الارهاب المتسلل من الحدود دون اذن من سلفيين وتكفيريين وغيرهم الذين لا يستطيعون أن يفرقوا بين المواطن العراقي البريء والجندي الامريكي الغازي، فدافعنا ولازلنا ندافع نحن الشعب العراقي أضعاف الشهداء ممن راح ووذهب من أشخاص الجنود المحتلين. أهذه هي معادلة المقاومة؟ فوالله بئساً لها ولعنة الله على من يقف وراءها أو يغفر لها أو يطالب بممواصلة ارهابها.
الآن..
بعد أن انتهى الاستفتاء زاد عدد المصوتين بنعم للدستور عن الذين صوتوا بلا حسبما يدعيه المسؤوليين.
بعد أن وجد تياراً قوياً يحتوي فئات الشعب العراقي بما فيهم تيار المغيبين بأن لا بدّ من دخول الانتخابات .
أخيراً بعد أن وجدت الاكثرية الصامتة والمعلنة أن الارادة التي تسيّر العراق تريد فرض الدستور المعترض عليه كثيراً وتريد حكومة تنبثق من نصوص هذا الدستور، وتريد ممن يصل الى المجلس الوطني أن يكون صاحب رأيٍ يمثل فيه فئةً معينةً كردًا وعرباً وتركماناً، شيعة أو سنة ، وأعطت للأقليات الحق في اجراء انتخابات ضمن قائمة موحدة، وهذه خطوة منصفة في حق الأقليات .
دخل الدكتور أياد علاوي بقائمة موحدة ضمت الشيوعيين برئاسة الدكتور مجيد حميد، والدكتور المخضرم عدنان الباججي ممثلاً عن التكتل الديمقراطي كان متواجداً على الساحة السياسية العراقية في أيام معارضة نظام صدام معتقدين أن المظلة العلمانية للدكتور أياد علاوي تكفي لخلاصهم من طغيان المدّ الطائفي الذي استغل عباءة آية الله السيستاني ودعمه للنجاح في الانتخابات السابقة، فهل هؤلاء لديهم وضوح للرؤيا فيما يعملون؟ ولعلّي أُوفق في أن أشرح دوافع هذا الائتلاف ومدى نجاحه والمسببات والرابطة التي تجمعهم .
إن الحركة الديمقراطية في العراق أصابها انتكاسة سياسية مروعة سحقت ومحقت كل ماضيها الواسع بقيادة الحزب الشيوعي الذي بدأ من الثلاثينيات بزعامة فهد ( يوسف سلمان) والتي كان لها القدرة أن تُنزل المظاهرات المليونية قي أيام الزعيم عبد الكريم قاسم. لماذا ذهبت هذه اللمعة الوضاءة التي كانت في عقول الطبقة المثقفة والتي منها من ينتمي الى البرجوازية؟ وكيف أنها بخطأها التأريخي أيام مسيرة النضال وكيف أنها لم تستطع أن تواكب تلك المسيرة بشكلها النضالي فهي تحالفت مع صدام في جبهة وطنية قبل 14 تموز ثم اختلفت معه واصطدمت معه لحد التصفيات الجسدية ثم أقنعها صدام حسين أن تدخل في حكومة البعث ثم اختلفت معه وهي بين مدٍّ وجزر قي دبدبة سياسية لا مبرر لها حتى أوصلها الى قرار يندر أن نجد مثله في العالم وهو تجميد نشاط الحزب الديمقراطي.
إن أكثرية الديمقراطيين كانوا ضد الاحتلال وأنا منهم وكنّا نجادل بكل عنف الدكتور الباججي ولا نقبل بتبريراته بأن يأساً أصاب المعارضة يدفعه الى قبول الاحتلال كمخرج من النظام الفاشي. ثم ان هذه الاكثرية التي لم ترضى بالاحتلال وجدت نفسها أمام دافع جديد وهو وقوع الاحتلال وقبوله دولياً. وكان بعضهم قد وافق على السفر الى واشنطن لصياغة قوانين المجتمع المدني وآزر بعضهم الاحتلال في تطبيق القوانين التي أصدرها بول بريمر.
حتى وجد هؤلاء الديمقراطيون أنهم لن يستطيعوا ايصال عدنان الباججي الى المجلس الوطني حسب النسبة المقررة. فليس لهم خيار الآن بعد الهجمة الطائفية وتسلط ذوي الطائفية والمحاصصة والعنصرية على القرار السياسي وتهميشهم مع من هُمّشوا وجدوا أن لا بديل لهم الا باستظلال المظلة العلمانية الشيعية المتمثلة بشخصية أياد علاوي.
أما الشيوعيين فقد ساروا تحت قيادة أخطأت القرار والموقع، إن كانوا هم حزب ثوري ماركسي يناضلون ضد الاستقلال والرأسمالية فكيف دخلوا تحت مظلة الاحتلال الامريكي وكيف جندوا كوادرهم للترويج لبقاء الاحتلال وادارته، واذا كانوا ثوريين بحق كيف لم يقفوا موقفاً صلباً أمام المدّ الطائفي والعنصري وقبولهم لنظرية المحاصصة الطائفية وهؤلاء وأولئك الديمقراطيين والشيوعيين باعتقادي بأن قرارهم بالدخول بإتلاف مع علاوي هو تدارك لمواقفهم السياسية السابقة الخاصة ابلتوقيت والاستراتيجية.
أما تحليلنا بالنسبة الى رئيس الوزراء السابق الدكتور أياد علاوي فاننا نعتقد أن هذه الشخصية وقد كتبت عنها سابقاً يملك من الجرأة ومن الخبرة ومن عطف الأمريكان وتأييدهم ما يمكّنه أن يقف حائلاً دون طغيان مياه سدّ مأرب، السدّ الذي إن إنهار تنهار معه القيم الوطنية للعراق بعوامل الطائفية والعنصرية والمحاصصة.
إن الدكتور علاوي هو الحصان الرابح في هذه المسيرة السياسية وهو الحصان الوحيد يأمل أن يسرجه الغيارى وذوي الهاجس الوطني ليكونوا زورقاً للديمقراطية الصحيحة التي تعكّز بها الاحتلال في إحتلاله ومنطاداً يحمل رايات الحرية والأمن والاستقرار لعراق الغد .
#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟