ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 5045 - 2016 / 1 / 15 - 19:15
المحور:
الادب والفن
امرأة من زمن الأحلام
كنا نلتقي على ضفاف الشوق .. أنت تبكي لهفة ، وأنا من الحنين أعتصر .. كنتَ تلقي برأسك المضطرب بين أنامل وردتي الجورية ؛ فتمسح برمشين من جفنيها دمعتك ، ترتشف آهاتك حتى آخر قطرة ، تذيب نبضك الشارد في فنجان من الشهد ، ثم في ساعات المساء تقدمه قرباناً إلى إلهة السهر .
كنتَ تظهر كل ليلة عند ناصية الحلم ، تمد إليَّ يدك فألتقطها بخفة المشتاق ، أتدثر بها ، التحفها ، أقرأ طالعها وملامحها وتفاصيل النهار .. ثم نجوب معاً رياض الأحلام نقطف حلماً ونلقي بآخر إلى إن يؤذن الديك وينبلج الفجر من خيوط الظلام .
كنتُ أظنُ أن هذا العالم المتسع دائرة صغيرة تنغلق علينا أنا وأنت والحلم .. وأننا داخل إطار هذا الحلم .. ومن هو خارج هذا الإطار هو خارج الحياة .. وأن هذه الحياة أيضاً خُلقت لي ولك ولهذا الحلم .
وكنتُ أظنُ أن أصابع الزمن لن تمتد فتمزق الشرنقة ، وتفتت الإطار ، وتبعثر الحلم ، وتبعثرك أنت في أرجاء المعمورة .
تُهتُ خلفك .. كنتُ أحاول لملمة صورك عن الجدران وجمع أناتك المشتتة من كل زاوية أصل إليها ، من كل أرض ، من كل سماء ، من كل رقعة حتى لو كانت رقعة شطرنج .. وفي النهاية كل ما كنتُ أجنيه من مشوارالتيه هذا هو صورة لك .. صورة ممزقة ، باهتة ، متآكلة .. حتى لو أقدت لها كل شموع الحلم لن يظهر لها أية ملامح .
أصبحت أطير وحدي في سماء الحلم .. أرفرف بجناحين من ورق .. أجوب خلفك كل مكان يصلني منه شذاك .. تضخمت حاسة الشم لديَّ وأصبحت دليلي إليك .. وعندما يسعفني الحظ وأعثر عليك .. كأني عثرت على تمثال من الحجر .. كل شيء فيك غدا كأنه منبعثٌ من العصور الحجرية !
كل شيء فيك تحجر .. وأنا لا أجيد تذويب الحجر !
في أحلامي الأحجار لا تصنع حلماً ، لا تطير ، لا تحلق ، لا ترفرف ، أمضي الليل بطوله أصنع إليك أجنحة الحب ، وأنت أمضيت العمر كله تسقط في أي زاوية ! فكيف سنلتقي امرأة من زمن الأحلام برجلٌ من أزمنة الحجر ؟
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟