أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التوازن في مجموعة -الخروج من الكابوس- فاروق مرعشي















المزيد.....

التوازن في مجموعة -الخروج من الكابوس- فاروق مرعشي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5018 - 2015 / 12 / 19 - 22:34
المحور: الادب والفن
    


التوازن في مجموعة
"الخروج من الكابوس"
فاروق مرعشي
في هذه المجوعة القصصية يصور لنا الكاتب ضيق الطريق المؤدي إلى مكان، ومن ثم تأثير ذلك على الإنسان، وبعدها يبدأ بوصف حالة المكان المقصود، المنزل الذي يقطنه، ومثل هذا الترتيب يوضح حجم المعاناة عند الراوي، ويكشف المقدرة الادبية التي يتمتع بها الكاتب، وقدرته على الدخول إلى التفاصيل الدقيقة التي تعطي الفكرة بعدا جماليا بالإضافة إلى تعميقها عند المتلقي للنص.
فنجد العديد من القصص كانت حالة الضيق والمعاناة هي السائدة فيها، فالعديد من الأحداث والأعمال تشير إلى إحباط الراوي وعدم تمكنه من القيام بأبسط عمل يمكن أن يحقق له الرفاهية أو السعادة، أو حتى الشعور بعادية الحياة، بسيرها بشكل طبيعي، وليس بتوقفها، وكأنها غصة في حياة، فهو من خلال طرحه يجعلنا نتقبل سخطه على هذا الواقع، ونقف إلى جانبه فيما يطرحه من ضرورة أن تسير الحياة بشكل طبيعي ودون منغصات.
سنحاول إضاءة بعض الجوانب الإبداعية في مجموعة "الخروج من الكابوس" والتي تمثل حالة مميزة في القصة السورية، في قصة العنوان يبدأ القاص حديثه بهذا الترتيب الفني، "ضيقة هذه المسالك،.. والهواء المدمدم فيها رائحة ثقيلة كرائحة غرف التحنيط، ... ويعاف الدخول إلى البيوت الواطئة المتلاصقة بعضها ببعض.
كم تنفست زمنا في هذا البيت الهرم، ... استحممت في برودة الأشياء وغطرسة الأشياء وبلادة الأشياء.
.. هو ذا غليوني العتيق يهجع ساكنا في وعاء الخزف الأصفر، يرمقني بتشف، وهي ذي طاولتي الخشبية تشكو من اهتراء وتسوس، تصيء حين أسند إليها بذراعي كعقرب أليف، هي ذي الكتب الجوفاء وقد امتطاها الغبار فشوش معالمها" ص5، نجد في هذه الفقرات وصف عام للمكان من خلال تناوله للمسالك والطريق المؤدي له، ثم يدخلنا إليه لنتأكد تماثل الوصف الخارجي مع الوصف الداخلي، فنجد أثاث البيت لا يلبي حاجة الإنسان، وبعدها يبدأ بالحديث عن تأثير كل هذا على نفسية الراوي، فهو يجعلنا نشعر بما يعانيه وما يمر به من ضيق وحصار، ونجد هذا الوصف قد تم بتصوير أدبي رائع، يجعل المتلقي يدخل إلى النص بصدر رحب، وتشوق لمعرفة المزيد من التفاصيل التالية، رغم قسوة المكان وضغط الحدث على الراوي، بهذه اللغة والقدرة الفنية على التصوير يقنعنا الكاتب بأننا أمام نص أدبي رائع، رغم ما فيه من ضغط وسواد وقسوة على الراوي والمتلقي معا.
كتاب فترة السبعينيات من القرن الماضي تعرضوا لحملة قمع رهيبة، فكان أي حديث يمس النظام الرسمي العربي يعرض الكاتب للملاحقة في كل ما يتعلق بحياته، من خلال منه من العمل، فيمسي بلا مورد رزق يستطيع من خلاله أن يعيش كأي مواطن، أو من خلال الاعتقال، أو المنع من السفر، كل هذا جعل العديد من الكتاب يبتعدون عن المباشرة أو التوقف عند أحداث مصيرية، رغم أهميتها وتأثريها المباشر على المواطن والوطن معا، من هنا نجد "فاروق مرعشي" ينتهج هذا الأسلوب عندما تناول حرب 1967، فيقول عنها: " كنت سعيدا حتى التقيته، كان خارجا من حرب سريعة خاطفة، وكانت الحرب قد دمرت روحه وأصابته بالعصاب، اعتزل الناس" ص6 و7، بهذا الطريقة المختزلة استطاع الكاتب أن يوصل لنا المأساة التي يمر بها صديقه، فجعلنا وكأننا نحن من يتحدث عن الحرب وأثرها علينا، وكأننا نحن من يشاهد الرقيب، من هنا جعل الكلام مختزل ومكثف، لكنه يوفي الفكرة حقها، ويجعلها أكثر فهما وعمقا عند القارئ، فهو يدعو بطريقة غير مباشرة إلى البحث عن هذه الحرب التي كانت خاطفة وسريعة وتركت كل هذا التأثير بصديقة، "ـ من عانى مثلي، وروعه الدمار الإنساني، والتقى موت الأطفال، فسينتهي إلى مثل هذا القفص، ليمارس حياته على طريقته الخاصة" ص7، "الحرب اللعينة استلبت مني أشد الأشياء توهجا وقيمة" ص9، هذا الصديق بكلامه هذا يجعلنا نشعر بأننا أصدقاءه أيضا، هو يتجنب الخوض في تفاصيلها ـ لأسباب القمع والملاحقة التي نعرفها ـ ويحدثنا عن تأثيرها عليه، وكأنه الطوفان الذي قلب الأرض رأسا على عقب، فنجد هذا الصديق يفتح لنا صدره ويبدأ بسرد العديد من التأثيرات التي أصابته بعد تلك الحرب: "الحرب باتت لصيقة بي، صارت أحدى حواسي، هل بإمكان أحدنا أن يبتر عن جسده احدى حواسه.. الحرب هاجسي المزمن" ص13، بعد هذا الحديث لرجل عاني من الحرب التي هزمت فيها أمة بكاملها، ودول كبيرة ومؤثرة وكان يعول عليها أن تحرر ما فقدناه وليس فقدان المزيد من الأرض.
لا شك أن المرأة عنصر مهدئ للرجل، يمنحه الراحة والسكينة، وتجعله يشعر بالأمل عندما يشاهدها، فهي أهم عنصر يمنحه الأمل والفرح، تجعله يشعر بكيانه ووجدوه، إن كان من خلال الجمال المشع منها، أو من خلال تفريغ بؤسه ومأساته فيها وعليها، وكأنها الأرض التي تتحمل كل ما عليها من فساد وفجور، فهي تتسع لكل البشر، خيرهم وشرهم، والمرأة كذلك تتسع لكل الرجل، الصالح والفاسق.

في الأجواء القاسية التي حدثنا عنها الراوي وصديقة كان حضور المرأة بهذه الطلة البهية: "جاءت (ليديا) فرحة كعصفور ربيعي أسكرته دفقة شمس دافئة، ... وللمرة الأولى، منذ أن تعارفنا أنا وصديقي، تضج في جو الحجرة مثل هذه الضحكة الأنثوية، كل الأشياء أخذت تضحك، الجدران، الطاولة المقعدة، غليون الأبنوس، بقايا الغبار" ص 11، هذا الوصف يلغي الحديث السابق عن ضيق المكان ومأ تركه من أثر على الإنسان، فالمرأة هنا هي عنصر مؤثر أقوى من كل العناصر الأخرى، من هنا وجدنا حضورها ترك هذا الفرح على المكان أولا ثم على الراوي وصديقه ثانيا.
وكما بدأ الراوي حديثه عن المكان ثم أثره عليه، يبدأ هنا بالحدث عن تأثير المرأة بالمكان ثم عليه، فيصف لنا مشاعره بهذا الشكل: "وقد تفتحت هذه الوردة بغته في صحاري ذاتي، ومست رمال الجسد الخامدة فأشعلت تلك الجذوة النادرة، لقد استيقظت فجأة من نوم أهل الكهف فوجدتها بالقرب من وسادتي رمزا لكل ما هو جميل ورائع في الحياة" ص14، تناسق رائع ما بين وصف الحالتين، القبيحة والجميلة، السواد والبياض، التعاسة والفرح.
لم يقتصر تأثير المرأة على التأثير النفسي عند الراوي، بل تعداه إلى التأثير في السوك، من هنا نجد الراوي يحدثنا عن هذا التأثير بقوله: "سنترك القفص نهائيا.. اتفقت مع ليديا أن نذهب وننضم إلى العمل الفدائي" ص19، بهذا الشكل يكون تأثير المرأة في الرجل، فهي من سيقلب الأسود إلى أبيض، ويحول الجحيم إلى جنة، وبهذا يكون الراوي قد طرح قضية المرأة ودورها الحيوي في حياة المجتمع، فهي أكثر وأكبر مما تبدو لنا، هي من تمنحنا الحياة والأمل معا، وتمنحنا العمل الإيجابي والمؤثر.
الكاتب يستحضر مجموعة كبير من الأسماء لكتب والكتاب، فهو يدعونا إلى النهل والتعرف عليها، "ونحن نستمع سيمفونية (الباتيتيك) لتشايكوفسكي" ص12، "تعود إلى فوضى عامة كما قال (فرانز كافكا" ... أنت إذن سيمون دو بفوار" ص15، "التفرد الإنساني في قصص د. ه. لورنس" ص17 وهنا العديد من مثل هذه الدعوات لتي يستخدمها القاص.
ونجد بعض الحكم التي يمكننا الاستفادة منه مثل: "الحقيقة هي زاد الروح في تجلها المدهش الجميل" ص8، كناية عن ضرورة التمسك بالحقيقة، بالخير وبالأمل رغم قسوة وشدة الحال
الرجال المليئون بالذكريات لا يهجرون وجودهم أبدا.. هو ذا النقاء" ص10، تأكيد عن أن الذكريات، حتى المؤلمة منها، تجعلنا نتمسك أكثر بها لكي نعمل على تصويبها وجعلها تسير في الطريق السليم.
وماذا يصنع طبيب ببقايا كائن فقد كل رغبة له بالفرح" ص12، كناية عن العجز الذي بلغ الذروة، ولم يعد يجدي فيه أي علاج.
المجموعة من منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1979.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوتان إلى الوراء
- واقع الهلال الخصيب
- زمن الكتابة على ألنت في مجموعة -فلسفة بيضاء- ناريمان إسماعيل
- الواقع الاجتماعي في رواية -عش الزنابير- فيصل سليم التلاوي
- الامبراطورية التركية والدولة الإيرانية وضياع المشرق العربي
- الفكر والسياسة
- الفكرة المجنونة في رواية -إعدام ظل- أيمن عبوشي
- الفانتازيا في رواية -الهؤلاء- مجيد طوبيا
- الهم السياسي والفساد الاجتماعي في مجموعة -نهار النرجس- جاسم ...
- هموم المرأء العربية في مجموعة -رفرفة- بشرى خلفان
- عودة غودو- في رواية -حازم العائد هذا المساء- نبيل عودة
- الرواية الفلسطينية
- استحضار الملاحم الهلالية في -أسطورة ليلو وحتن- محمود عيسى مو ...
- الشذوذ الجنسي قرين الشذوذ الفكري في رواية -فندق بارون- عبدو ...
- الطرح الطبقي في رواية -ثم وحدك تموت- مؤيد عتيلي
- المرأة والسياسي في رواية -الوشم- عبد الرحمن مجيد الربيعي
- الأم في رواية -سجن السجان- عصمت منصور
- انطون سعادة في كتاب -الصراع الفكري في الأدب السوري-
- المرأة في رواية -ثمنا للشمس- عائشة عودة
- الفلسطيني والاحتلال في رواية -أحلام بالحرية- عائشة عودة


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التوازن في مجموعة -الخروج من الكابوس- فاروق مرعشي