أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - توجس - قصة قصيرة














المزيد.....

توجس - قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 5017 - 2015 / 12 / 18 - 22:08
المحور: الادب والفن
    


توجس
قصة قصيرة
عبد الفتاح المطلبي
في ما مضى من الزمن لم يكن يفكربالعتمةِ و مخلوقاتها لكنّ هذه الأيام صارَ الليلُ طويلاً بما يكفي أن تمرع فيه تلك المخلوفات ربما بسبب شُح الضوء ، ما أن يرى النجوم لاصفةً في كبد السماء حتى يتيقن أن الظلمة باذخةٌ، دغلٌ كثيفٌ من العتمةِ لكنه عندما يذكر ذلك لن ينسى تلك الأزمان الجميلة ، نورٌ يتهادى بين الناس، لا لبس في محيط ماتراه العين، هذا خيرٌ وهذا شرٌّ ، كانت فترة وجيزة تلك الحقبة المضيئة ثم ارتد الظلام يعسعس في الطرقات ومعهُ تسلل الخوف حتى استقر في الرؤوس ، لم يعد هناك من يحفل بالضوء وكأن المخلوقات ألفت الظلمةَ وساغت لها حياةٌ بلا عيون كعقاربَ عميٌ تلدغُ بعضها البعض بل هناك من يلقي بحبره الداكن على النهارات لتلتحق بليلٍ طويل فيزيده طولا و سوادا على إن ذلك نوعٌ من أنواع الحرب التي كانت نائمةً واستيقظتِ الآن، الأفكار تتداعى برأسه وهو يسير في الطريق إلى المنزل الذي اندس بين قرينين من منازلَ واطئةٍ أحاطتْ بالمدينة، يقضم خطوهُ قضمةً من ضوء المدينة كلما تقدم متجها إلى أطرافها حتى يختنق الضوء رويدا رويدا ثم يخفت خفوت أنفاس رجلٍ مُحتَضَر وفي خطوةٍ أخرى يلفظُ نفسَه الأخير مُسلما مواقعه إلى كتائب الظلام ، الكل يتحدث هذه الأيام على عودة أشباحٍ قاتلة تنشق عنها الظلمة بلحظةٍ خاطفةٍ ولا تتورع عن قتلك من أجل شيءٍ ما ، في نقطة محددة تصلح لطواف تلك الأشباح في حقول العتمة التقى بشبحٍ قد اختلطت معالمهُ بالظلام وغوّلَهُ ذلك الخوف الكامن في الرؤوس ورويدا رويدا تبينَ أنه يلفّ بدنه بعباءة سوداء كان الشبح متجها نحوه عندما سقط آخر شعاع من الضوء على عينيه الظاهرتين من وسط ما يتلفع به من سواد فتوقدتا بلمع مريب في تلك اللحظة تداعت إلى دماغه الذي تحركت فيه دودة التوجس كل الأخبار التي سمعها للتو في المدينة عن أحداث هذه الأيام ،لم يعد مسيطرا على رأسه الذي راح بين الفينة والفينة يتلفت يمينا وشمالا وإلى جهة الشبح الذي تجاوزه، فكرَ أنه يجب أن يحسب أسوأ الإحتمالات فهو إن تقدم نحو أعماق العتمة حيث تلك الفجوةُ الفارغة بين صفين من البيوت التي تدثرت بسكونها و التي تصلح أن تكون منطقة أحداث مبهمة سيسبق السيف العذل ، كان الشبح ربما يفكر بطريقة ما حول الموضوع الذي يشغله ذلك أنه بدا منشغلا به أيضا فها هو يتلفت بحذر يضارع حذره ، ربما يريد أن يمهله حتى يصل إلى تلك الفجوة حيث تتناسل العتمةُ والسكون فلا يسمعه أحدعند الإستغاثة في هذه اللحظة قرر العودة من حيث أتى ويبدو أن الشبح قررأن ينفذ ما ركز بباله وهكذا راحا يسرعان باتجاه بعضهما كلٌ يريد أن يتراجع إلى المكان الذي أتى منه ،إقتربا من بعضهما حتى كادا يتلامسان ويبدو أنه كان متوترا وقد بدرت منه حركة مفاجئة، صرخ الشبح بوجهه مشتبكا معه ولمح في قبضته سكينا عتيقة مثل سكاكين المطابخ المصنوعة محليا ، قبض على يده المسلحة بالسكين وراح يصرخ طالبا النجدة وكان الشبح أيضا يستغيث وقد وقعت عنه العباءة السوداء، اختلطَ صراخهما فكان خليطا من عواء وهمهمات ، تجمع الناس حولهما وشاهدوا بأم أعينهم كيف كانت المرأة البدينة تقبض على سلاحها وتوجهه إلى صدره ورأوا أيضا كيف كان يذودها .
فك الناس الإشتباك وحملتهما سيارة الشرطة إلى مركز الشرطة القريب ، كانت المرأة البدينة تبكي وهي توضح مبرراتها التي اختصرتها بخوفها منه وتوجسها وشرحت للمأمور كل ما اعتمل بنفسه هو لكن المأمور قال إن الناس شهدوا أن المرأة كانت تقبض على السكين وتوجهها إلى صدرك أيها السيد ثم أنها اعترفت أن السكين سكينها وبهذا فالأمر واضح وبادره:
-أتريد أن تتقدم بشكوى ضدها ؟
كانت المرأة البدينة تبكي قال:
-لا أيها المأمور لقد حصل لبس والظلام كان السبب .. كيف لنا أن نتبين الحقيقة عندما يبتلع الغرب شمس النهارمُتَجشئاً كل هذه العتمة، الظلامُ ياسيدي هو السبب ثم التفت إلى المرأة وقال:
-اعذريني يا سيدتي فقد كنت خائفا كما أنت وأنا أتنازل عن كل ما يتعلق بي وإذا سمحت لي سأوصلك إلى وجهتك ، تهلل وجه المرأة البدينة ثم خرجا من غرفة المأمور إلى الشارع الذي بدا مظلما لكن ثمة بصيص ضوء يشتعل في قلبيهما لما آلت إليه الأمور.



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمنيات - قصيدة
- صليل السلسلة -قصيدة
- ظنون- قصة قصيرة
- الحلمُ شرقاً -قصة قصيرة
- ستأتي يوما وأرحب بك
- العثور على بنجامين بقلم: عبد الفتاح المطلبي |
- خيط الأحلام الرفيع -قصة قصيرة
- يقظة - قصيدة
- حرب صغيرة - قصة قصيرة
- صحوة القلب
- خطأ فوق العادة - قصة قصيرة
- رفرفة - قصيدة
- فِخاخ
- إرث قديم - قصة قصيرة
- هُتاف -قصيدة
- المستنقع
- مواجع
- غنِّ يا نايّ -قصيدة
- نسر- قصة قصيرة
- دارنا أيها الناس


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - توجس - قصة قصيرة