أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - إرث قديم - قصة قصيرة














المزيد.....

إرث قديم - قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4788 - 2015 / 4 / 26 - 23:37
المحور: الادب والفن
    



اجتمعَ الناسُ وقد أخذَهمُ الذهولُ حولَ حمار ٍفي ساحةٍ يرتادها الناسُ عادةً، الناسُ المحترمون، ظلّ الحمارُ ينهقُ منذ صياحِ الديكِ صباحا وقد أخرسَهُ نهيقُ الحمارِ وهو يقطع عليه صَلاتَهُ الصباحية ، سكتَ الديكُ وبقيَ الحمارُ ينهق، وكذلك انهتِ الكلابُ نباحَها وهي تُنصِتُ إلى نهيقٍ متصلٍ على غيرِ العادةِ ، وحدَها الأحصِنةُ كانت صامتةً فهي لا تصهلُ أبداً عندما تنهقُ الحمير استيقظ َالناسُ وامتلأتِ الشوارعُ والطرقاتُ ولازالَ الحِمارُ ينهقُ دونَ أن يكلّ أو يتعبَ ، انهالَ عليهِ رجالُ الشَرَط بالعصيّ و لازال ينهقُ ولكنْ هذه المرة بطريقةٍ خيّلَ للناس أنها تشبه الضحكَ من عصيهم مكشرا عن أسنانه البيض وهم يحاولون سحبَه من أذنيه الطويلتين وجره بالحبال بيد أنه أحرنَ ولم يطاوعهم وهو يصم آذان المارة بنهيقه ، فكر الناسُ أنّ هذه هي المرة الأولى التي يرون فيها حماراً يواصلُ نهيقَهُ دونَ انقطاعٍ كلّ هذه المدةِ ولم يكن احتمالُه لكل هذه العصي تلسعُ ظهرَهُ ومؤخرتَه عجيباً فهم يعرفون صبرَه الطويلَ ولكنهُ أعلن لآول مرةٍ عن أنه يملكُ قواطعا طويلةً جعلت رجال الشرط يحسبون حسابها ، تجمّع الناسُ مثل بعوضِ البرديّ في الصيف يستجلون الأمرَ بطنين لا يُسفرَ عن شيءٍ ، يتسائلون عن نهاية هذا النهيق وما الذي سيفضي إليه وبينما هم في هرجٍ ومرجٍ وحينَ تنحى عنهُ رجال الشرَط سمعوا جميعاً الحمارَ وهو يتكلم شاكياً بصوتٍ جهور وبلغة العرب الفصيحة قائلاً:
- طوال حياتي أشعر بالتعب وإنني أُكَلّفُ بما لا أطيق وإن جهدي وكدّي لايعود علي إلا بمزيدٍ من العصيّ ويشتد الضرب على ظهري كلما ساهمتُ بما يشد عضدَ وعضلَ صاحب العربة ، قبلها وعندما كنت مجرد حمار صغير كان الجميعُ يتعب ويشقى ويتحمل عسف العصا وما كان أمام أي واحدٍ من أسلافي إلا أن يُعد ظهره لأحمال لايطيقها البشر وظنوا بأننا معشر الحمير قد خُلقنا لذلك لكنني بما أنني حمارٌ صغيرُ أرافق القطيع أسمع دائما همهمات ألمٍ حيالَ العصا الغليظة والأحمال التي تنقض الظهورفيأخذني العجب لسكوت الحمير وصبرهم واستمر الأمر كما هو لأن الشكوى كانت تبدأ بآه وتنتهي بآه حتى نسينا أننا نملك فكوكا قوية وأسنان قاطعة، ،لم أظن يوما أن العصا ستلسع مؤخرتي ويوما بعد يوم بدأ ظهري يُعد العدة ليعاني ما عانتهُ ظهور الآخرين وأنا أحفظ عن ظهر قلب أهات أسلافي الطويلة.
بعد النقطة التي أنهتْ ما قاله الحمار ساد صمتٌ مطبق على أنحاء المدينة ، ينظر الناس بعيونٍ مستفهمةٍ إلى بعضهم ومن ثم إلى الحمار الذي بدا مهطعا برقبته الطويلة إلى الأرض منسلاً من بين عصي رجال الشرَط وهم مشدوهون وقد أخذتهم الرهبة أيّ مأخذ، ولما اختفى الحمار كان الجمعُ يسألَ بعضَه :
-أحقاً ما سَمِعتُ... أم أنا أتوهم يرد عليه الآخر:
- أسمعتَ أنت أيضا أم هو خيالي الذي اشتط وذهب بعيدا
وانفضّ الجمعُ وهو يتسائل أحقا ما سمعنا، ورجع الناس إلى بيوتهم وكان الحديث بعد الغداء عن وهمٍ أصاب الجميع في لحظةٍ واحدة، نام الناس واستيقظوا و ظنّ الكلُّ أنه رأى وسمع حماراً يتكلم وكان الجميع يقول عجبا لقد مرّ علينا الحلم ذاته الليلة البارحة ، فأنا وجاري وجارُ جاري قد رأينا الحلمَ ذاته، أليس ذالك عجيباً ثم بعد ذلك صمت الجميع وزاولوا أعمالهم كما كانوا يفعلون بعد كل حلمٍ يرونه في المنام.



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هُتاف -قصيدة
- المستنقع
- مواجع
- غنِّ يا نايّ -قصيدة
- نسر- قصة قصيرة
- دارنا أيها الناس
- تراتيل الناي -قصيدة
- تدجين -قصة قصيرة
- أمريكا.....الدم...قراطية
- آخر الأحلام-قصة قصيرة
- سبايكر
- طواف حول أسوار الكتابة
- يا أنت- قصيدة
- الخرس - قصة قصيرة
- الحكاية كما وردت
- إيزابيلا أنت السبب
- نزيف
- الحياة - شعر
- هموم السعدان -قصةٌ قصيرة
- إنطباعات حول الخيال والرمز في السرد


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - إرث قديم - قصة قصيرة