أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - حرب صغيرة - قصة قصيرة














المزيد.....

حرب صغيرة - قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4856 - 2015 / 7 / 4 - 20:39
المحور: الادب والفن
    


حربٌ صغيرةٌ
قصة قصيرة
عبد الفتاح المطلبي

مساءً تُراودُ الهزائمُ مقاومَتي فأُسَلّمَ نفسَيَ لقيادِها بعدَ عنادٍ، يسبقُ الأمرَ تلك التفاصيل التي تجري عادةً بينَ منتصرٍ مبينٍ ومهزومٍ يحني رأسَهُ مُقراً بالهزيمة ،كان الجرذُ القارضُ يقفُ ليسَ بعيداً وقد فَعَلَها لأول مرةٍ على قائمتيهِ الخلفيتين معلنا أنه بالإمكان هدم الحواجزالتي كنت تضعها وقد انطلقت كلمة حواجز من فم الجرذ مباشرةً نحو أذني مثل إطلاقةٍ لا تلوي على شيء وكنتُ متأكداً أنه يعنيني ولمن لا يعرف هذا الجرذ أقول له أنه يشاطرني حديقةَ المنزل منذ أن اكتشفت موت شجيرة الفلفل التي كنت أراقب سعيها في الحياة لتكون جديرةً باسمها لكن هذا الدخيل مَحَقَ فرصتَها في نيل المآرب، في الأيام التي مضت ما ادخرتُ جهدا ولا تغافلتُ عن نصيحة صديق لكي أدحرَ هذا الجرذ وأستعيد منه النصف الذي استحوذ عليه من حديقتي لكن الأمر لم يفلح فقررتُ أن أعلن هزيمتي وانتصاره وقد كان كائنا ليليا مجيدا يحسن قضاء حاجاته تحت ستار الليل ، هذا الليل يشهد انتصارات الجرذ المتوالية دون ضجة فهو مخلوقٌ يعمل بروية وهدوء وقد جرى الأمرُ على إن النهار لي أردمُ أنفاقه وله الليل يحفرُ عشرةً بدلا منها حتى رفعتُ الراية البيضاء معلنا هزيمتي وانتصاره لكن الأمور لم ترسُ على هذه النتيجة لولا وجود رديفٍ وداعمٍ لهذا الجرذ وأعني ذلك الآسر اللاهي الذي وضعني بحسبانه منذ تغريدتي الأولى وحتى هذه اللحظة ، ما أن يأتي الليل حتى يجدّ بأثري جاعلا مني طريدته في لعبته،جرذهُ الذي يُطارد فأنسى جرذ حديقتي حافرَ الأنفاق قارضَ جذور الشجيرات المسالمة وكلّ يومٍ بعد أن يأسرَني والليلُ ساجٍ يُطلقُ سراحَي صباحاً وعلى سحنته ابتسامة المنتصرقائلاً لنبدأ اللعبةَ ،يتغافلَ عني فأعيد الكرّةَ مرةً أخرى فأجد بأثر جرذي العتيد أطمرُ أنفاقه مستغلاً غيبة آسري الليلي فهو نادرا ما يجيء نهاراً وعندما يأتي في وقتٍ ما من مساءٍ آخر أكون قد أتممتُ استعداداتي في خندقي ظانّاً أنني يمكن أن أتغلب عليه هذه المرة كما تغلب علي جرذ الحديقة تماما كما يسبقني جرذ الحديقة بنفقٍ أو نفقين ، أطمرُ واحدا يحفر ثلاثة وهكذا ، قبلَ ذلكَ أضع خطتي وتكتيكي لعلي أستطيع بما استجد أن أكون بوضعٍ أفضل ، يتقدم كل مساء في الوقت ذاته لكنني، أراه على رقعة اللعبة يسبقني بمربعٍ أواثنين ومهما اعتنيتُ بالتفاصيل الصغيرة لحيثيات صمودي وتفقدتُ التحصينات ِحولي ورفدتُ حيّزَ يقظتي بوسائلَ تعينني أطول مدة ممكنة على الصمود لكنه يمد خيوطه الرفيعة والطويلة مخترقا كل الموانع والعراقيل التي حرصتُ على أن أضعها في طريقه مستعملا كل ما يتوفر من سلاحٍ لبتر تلك الخيوط لكنني ما أن أضرب خيطا بعدتي وسلاحي حتى يتشظى الخيط الواحد من تلافيف خيوطه إلى آلاف الخيوط تزحف ببطئٍ وإصرارِ نافذةً من ثقوبٍ صغيرة لا أراها وحين يتسورني يبدو عملاقا صارمَ الوجهِ وأبدو حياله قزماً قميئاً لا حول ولا قوة لي وحين ذاك أنسى الجرذ وحربي الصغيرة معه وأخلي له الساحة وحين يُسقَطُ في يدي وأشعر بعدمِ الجدوى، ترتخي عضلاتي ويبهتُ وجيب قلبي وينهارعزمي فأنتهيَ مستسلما لجبروته ، وما أن تصل تلك الخيوط اللزجة إلى محجري عيني حتى تعمل كإبرة الخِياط أحس وخزها في جفني وفي غمرة القنوط واليأس تقفل عينيَّ تلك الخيوط التي التفت قبل ذلك على سائر جسدي وجعلتني كفريسةٍ عنكبوت ملفوفا بخيطها اللزج فأغيب عن الوعي تحت انهمارٍ لظلّه الأسود الواسع .
صباحاً أجد نفسي في مكاني ممددا وآثار الخيوط المقطوعة تتدلى من أجفاني وأشعر بلفائف الخيوط تلك قبل غياب وعيي متناثرةً حولي ، أحاول تحريك أعضاء جسدي ، فيتحرك دمي في عروقي ثم أنفض ما علي من بقايا تلك الخيوط وأنتفضُ واقفا شاعرا بهسيس تساقط بقايا تلك الخيوط من حولي ، أحدق أمامي مباشرةً ، يخيل لي أنني أراه وشبحَ ابتسامةٍ ترتسم على ملامحهِ مثل مويجات سراب تتراقص أمام عيني ، يصلني همسُهُ ساخراً من يقظتي :
أنا الذي فككت وثاقك... بمزاجي قطّعت تلك الخيوط أنت عبدي حين أحظر ، سيظل عُنُقِكَ مربوطاً إلى نيري، ثِقْ أنكَ لن تمضيَ بعيدا ، والآن خذ ما تشاء من الحيطة ، إبنِ ما تريد من حصون، تجهزْ بما تظن أنه ينفعك ، وسنعيد اللعبة من جديد، أنت تريد الجرذ وأنا أريدك سآتيك من بين يديك أمُدُّ خيوطي إليك وستقاوم ما استطعت وستندحر مرة أخرى وتستسلم ناسيا جرذ حديقتك يواصل مآربه تحت شجيراتك الأثيرة ، وسأطلقك من جديد في نهارٍ آخر ، أنت حيواني الأليف ، يوما ما وعندما أمل اللعبة سأجعل خيوطي تخنقك لننتهي من لعبتنا ثم تكون رفيقي إلى الأبد.



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صحوة القلب
- خطأ فوق العادة - قصة قصيرة
- رفرفة - قصيدة
- فِخاخ
- إرث قديم - قصة قصيرة
- هُتاف -قصيدة
- المستنقع
- مواجع
- غنِّ يا نايّ -قصيدة
- نسر- قصة قصيرة
- دارنا أيها الناس
- تراتيل الناي -قصيدة
- تدجين -قصة قصيرة
- أمريكا.....الدم...قراطية
- آخر الأحلام-قصة قصيرة
- سبايكر
- طواف حول أسوار الكتابة
- يا أنت- قصيدة
- الخرس - قصة قصيرة
- الحكاية كما وردت


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - حرب صغيرة - قصة قصيرة