الثورة المهمشة (الثائر زيد بن علي بن الحسين )اوجه الشبه بين ثورتين (الحلقة الثامنة والاخيرة )

احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 5015 - 2015 / 12 / 16 - 19:26
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

لا شك إن أوجه الشبه بين ثورة الإمام زيد وثورة جده الإمام الحسين عليهما السلام كانت أوجه متعددة وعلى درجة عالية من التقارب والتطابق في أغلب الجوانب والوجوه حيث إن كلا الثورتين كانتا تلتقيان حول أكثر من موطن وتشتركان على أكثر من صعيد .بل إنهما قد انطلقتا من ذات المقدمات وخلصتا إلى ذات النتائج .بل إن الأمر يتعدى ذلك المقدار عندما يصل حد التشابه بين الثورتين إلى أدق التفاصيل وأهونها شأنا.وسوف نقتصر هنا على ذكر بعض أوجه الشبه للتذكير والتأكيد ،منها علي سبيل المثال إن الإمام الحسين عزم من قبل على ملاقاة جبابرة عصره وكان الحسين على علم ودراية بما ستنتهي إليه الأمور إلا إن ما يرومه الإمام آنذاك كان هو تحفيز أبناء الأمة على ضرورة النهوض والتحرك الفاعل بوجه الظالمين وهذا عين ما قصده زيد بن علي وسعى إليه جاهدا متجشما ركوب الأهوال والمخاطر في سبيل تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية ، كذلك فقد كان الحسين عالما بكل ما سيترتب على نهضته المباركة من آثار ونتائج لكنه قد حزم أمره ووطن نفسه على ملاقاة طغاة عصره وفراعنة دهره بنفس مطمئنة لأنه قد تيقن كل اليقين إن بني أمية سوف لن يتركونه وشأنه لما يشكله من خطر يهدد توجهاتهم وتطلعاتهم غير الإنسانية ،حتى إنه كان يقول (لو كنت في جحر ضب لأستخرجوني )ويقول في موضع أخر (لو ترك القطا لنام ).لقد أراد المغرضون من وعاظ سلاطين بني أمية ومرتزقتهم تحريف آثار ونتائج نهضة الحسين حتى قيل انه كان يسعى للتفاوض مع الجانب الأموي في ساعاته الأخيرة إلى أخر تلك الأكاذيب الرخيصة حتى إذا قامت ثورة زيد بن علي عادت تلك الأقلام المأجورة لممارسة ذات الدور الخبيث في التشكيك في مصداقية الثورة والإساءة إليها بشكل وأخر ، عندما لفقت حوله بعض الروايات غير الدقيقة والموضوعية مثل رواية (مؤمن الطاق )تلك الرواية التي تظهر زيد بن علي بمظهر غير الجدير بالإطلاع على علم أبيه في الوقت الذي كان زيد يردد وعلى الملأ قوله (ولقد علمت علم أبي وأخي )هذا وقد تعاضدت الدلائل والقرائن على رد هذه الرواية ودحضها وعدم الالتفات إليها أو تأويلها بشكل يتلائم ومنزلة الإمام زيد كما يذهب إلى ذلك الشيخ (حاتم نوري الساعدي )في كتابه (ثورة زيد بن علي )(ص196 )لا شك إن مثل هكذا روايات إنما كانت تستهدف زيد لتصوره بما لا يتلائم ومواقفه العامة والتي كانت تصب في خدمة الكتاب والسنة والرضا من آل البيت .
ليس من المبالغة في شيء القول إن ثورة الإمام زيد بن علي كانت بمثابة تلك الانتباهة المطلوبة لأبناء الأمة الإسلامية بعد ما ركنت قطاعات واسعة منه إلى الخضوع والاستكانة أمام بطش وإرهاب بني أمية ،ومن هنا فأن تلك الثورة استطاعت أن تعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي بشكل وآخر يقول الشيخ (حاتم نوري الساعدي) في كتابه (ثورة زيد بن علي )(والواقع إن ثورة زيد بن علي ودورها في إذكاء روح الرفض جاءت في موقعها المناسب وذلك لأن لهيب الثورة والرفض المقدس الذي أوقده سسيد الشهداء الحسين بن علي في عام (61 هجرية )كاد الحكام الأمويون أن يطوقوا امتداده
ويوقفوا تأثيره ومع مرور الأعوام الطويلة من عام (61 هجرية ) إلى عام (120 هجرية )مال الناس إلى الدعة والقبول بالأمر الواقع ،فجاءت ثورة زيد للتذكير بالقيم التي أستشهد من أجلها الإمام الحسين بن علي )(الشيخ الساعدي ص 157 ) إن مثل ذلك الكلام يبدو طبيعيا لما لتلك الثورة من أثر مهم في حياة أبناء الأمة والرجوع بها إلى موقع الصدارة بعد أن أثرت الركون والاستكانة والخضوع أمام ضربات أنظمة متسيدة ودكتاتورية .لقد بات متوقعا أن تحقق الثورة ما حققته من منجز إسلامي متميز ومتكامل لا سيما وإن الإمام زيد كان له وضعه المتميز بين أئمة أهل البيت ّإذ إن الأحاديث الواردة بحقه لا تعادلها أحاديث أخرى باستثناء تلك الأحاديث الواردة في حق جده الحسين عليهما السلام من حيث ما تم تقديمه من تضحيات عظام جسام .
أخيرا فأن تحرك الإمام زيد بن علي أما أن يكون تحركا معارضا مخالفا لخطوط الإمامة الشيعية وإذا كان هو كذلك فما علينا إلا أن نبرهن على عدم صحة تلك الأحاديث التي جاءت بعلمه وفضله وشرعيه تحركه وهذا مما لا سبيل لحصوله وذلك لثبوت مثل تلك الأحاديث وتظافرها واعتمادها من قبل الأمة بكافة مللها ونحلها.
والأمر الأخر هو أن تكون في نهضة الإمام ضرورة ملحة تصب في خدمة الإمامة ذاتها فكرا وسلوكا.وبما ان هذا الأمر بات متحققا ومعلوما فينبغي ان نعمل على إحياء ثورة الإمام زيد من جديد ورد الاعتبار لقائدها المفدى ولا يمكن بعد هذا أن نسمح بهذا التهاون والتعتيم المتعمد لمعطيات ثورة الإمام المباركة كما ويجب أن تكون الثورة بين أيدينا مرة أخرى وبما يناسب ثقلها وحجمها المتميز . عسى أن نكون قد وفينا الإمام زيد بن علي بعض حقوقه علينا
فسلام على زيد يوم ولد وسلام عليه يوم استشهد وسلام عليه يوم يبعث حيا .

#احمد_عبدول (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات