أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسر اسكيف - سوريا .. ميليس ... الأبهق* تحت شمس الظهيرة















المزيد.....

سوريا .. ميليس ... الأبهق* تحت شمس الظهيرة


ياسر اسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 1368 - 2005 / 11 / 4 - 12:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


.* - البهاق : مرض وراثي ينتج عن خلل في المورثة التي تعطي لون الشعر. ومن خصائص الأبهق أنه لا يستطيع فتح عينيه جيّدا ً في النور القوي . ومن النوادر أن أخويين أبهقين كانا يسيران في الشارع , أحدهما في الظل فوق الرصيف والآخر وسط الشارع تحت الشمس . قام بعض الصبية بالاعتداء على الأبهق السائر وسط الشارع , فراح يدافع عن نفسه بكيل ضربات عشوائية ذات اليمين وذات الشمال دون أن يصيب أحدا ً من المعتدين , فيما أخاه الواقف في الظل , يشاهد كيف تنهال الضربات على أخيه , يصرخ وينادي : اسحبهم إلى الظلّ يا أخي . اسحبهم إلى الظلّ .


كثرة الأخطاء واحدة من مزايا الذي يدرك أنّه غير مقبول . وخاصّة حينما يسعى إلى استدرار القبول واستجدائه . لا أعلم كيف تصنّف هذه الحالة في علم النفس , ولكنني أعاين تظاهراتها يوميا ً على المستوى الفردي لدى الأشخاص , وعلى المستوى الجمعي لدى الحكومات والسلطات , وتحديدا ً في الوطن السعيد سوريا .
والموقف السوري ضد احتلال العراق وما تلاه من تداعيات أودت بالوطن إلى تهلكة ِ أن يكون ملفّا ً على مكتب القاضي الألماني ( ديتليف ميليس ) يمثّل حالة نموذجيّة للدراسة فيما يخصّ ما أسميه (عقدة المرفوض ) .
لم يكن الموقف السوري الرافض لاحتلال العراق مستنداً إلى أو نابعا ً من حسّ قومي يبقي على الترابط بين الأيديولوجي والسياسي . إنما كانت مغامرة هدفت إلى استجداء الموقف الشعبي , ذو الحسّ الديني وليس القومي . ( لو كانت المسيحية دين الغالبية العراقية لكان الموقف السوري مختلف تماما ً ولتمت التضحية بالأخوة التي لا تعزّز الموقع السلطوي ) . وهنا أجد أن الصواب قد كان بعيدا ً عن الآراء التي رأت في الموقف السوري تجسّدا ًلمصالح أشخاص في الحكم كانوا مستفيدين من حالة ما قبل الاحتلال , لأن أولئك الأشخاص , ومهما بلغت درجة غبائهم , كانوا يعرفون بأن الأمريكيين سينتصرون عسكريا ً في أيّة حرب يخوضونها . وبالتالي , ما دام الكلام عن المصلحة الشخصية , فموالاة الأمريكيين كانت الأجدى .
والموقف السوري هذا , المناقض لموقف سوري سابق , مع إدخال عنصر الإجماع الدولي وما يقدّمه من مبررات تدعم ذلك الموقف , يشكّل منعطفا ً في حسابات السلطة السورية بالنسبة لداخلها السوري , حيث تتم التضحية بسلامة العلاقات الخارجية وبالتالي بالدعم الخارجي , لأول مرّة منذ تولي الراحل حافظ أسد زمام السلطة , لصالح العلاقة مع الداخل , وهذه لا تعكس غباء ً في الموقف السياسي كما ذهب الكثيرون , بقدر ما هي بيان للفرق بين قوّة السلطتين السابقة واللاحقة . فالسلطة الحالية تعي جيّدا ً بأنها على كف عفريت , وأنها بحاجة ماسّة إلى الدعم الداخلي , لأن الدعم الخارجي عصا تلوح مهدّدة على الدوام .
غير أن الرياح جرت بم لا تشتهي سفن النظام السوري , فلا هو استطاع الاستحواذ على ولاء الداخل , وبالنسبة للخارج بات نظاما ً مرفوضا ً ومطلوب محاسبته ومعاقبته . وفي محاولته للتوازن بين خسارتين فتح على نفسه طريقا ً إلى خسارة جديدة تمثّلت في فرض التجديد للرئيس اللبناني أميل لحود , في محاولة منه للبقاء لاعبا ً رئيسيا انطلاقا ً من الملعب اللبناني , الأمر الذي أفقده الكثير من عناصر دعمه على الساحة اللبنانية . كما أفقده بالمحصّلة دعما ً خارجيا ً ( فرنسا ) .
وأمام تتالي الخسارات بات الطيش وعدم التوازن واضحا ً على الممارسة السياسية للنظام الذي ارتدّ إلى مواقع دفاعية كان قد خرج منها بخطوات محسوسة وملموسة تمثّلت فيما دعي ب ( ربيع دمشق ) .

وفي ظلّ هذا التخبّط جاءت ( القشّة التي قصمت ظهر البعير) والتي تمثّلت باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق ( رفيق الحريري ) وتمّ الخروج غير المشرّف للقوات السورية من لبنان .

وبديلا ً عن العودة للالتحام بالداخل تعويضا ً عن خسارة خارجية , وإعادة ضخ الحياة فيما أنبت ربيع دمشق , مارست السلطة إجراءات انتقامية تذكّر بانتقال الصفعة من السيّد إلى الأب إلى الأم فالأولاد , وكأنما هذا الداخل المسكين هو السبب في الخسارات والمزيد من العزلة . وقد بلغت تلك الخسارات ذروتها في إغلاق ( منتدى الأتاسي ) بعد أن تمّ توقيف القائمين عليه . والسبب المعلن لهذا الإجراء هو تلاوة بيان للإخوان المسلمين في إحدى أنشطة المنتدى المذكور .


وجاء تقرير المحقّق الألماني ( ديتليف ميليس ) ليشير بإحدى أصابع الاتهام إلى بعض المسؤولين السوريين , أمنيين وغيرهم .
فكيف كان ردود السلطات السورية على هذا التقرير . !
لقد جاء بعضها استباقيا ً , وقد تمثّل أولا ً بما قاله الرئيس بشار الأسد في مقابلته مع محطّة ( سي . إن. إن) الأمريكية بأنه لن يتوانى عن معاقبة أي سوري يثبت تورطه في جريمة اغتيال الحريري وسوف يعتبر خائنا ً . وتمثّل ثانيا ً برحيل وزير الداخلية غازي كنعان عن الحياة الدنيا . وبرأيي هما الردّان العمليان والواقعيان حتى الآن بغض النظر عن أية أحكام قيمة .
وما جاء بعد نشر التقرير من ردود سورية لم يكن مفاجئا ً لأحد وتمثّل , كما درجت العادة , بدفع التهمة بالتهمة . والذي قيل قبل التقرير هو ما قيل بعده . ولم يستطع أحد التفريق بين ميليس وأي معارض سوري .
واستمرّ النظام يمارس الارتجال في كلّ ما يصدر عنه من ردود أفعال وكأنه يعيش خارج الكون فيمنع مثلا ً صحيفة ( السفير اللبنانية ) من الدخول إلى سوريا , كما يمنع دخول صحيفة ( الحياة اللندنية ) حسب ما يرى الرقيب . وكأنما قارىء هاتين الصحيفتين ليس هو ذاته من يدخل يوميا ً على شبكة الإنترنيت ! أو يتنقّل بين الفضائيات التي لا تستر عورة . وفي الوقت ذاته يناقش مجلس الشعب السوري مشروع قانون للأحزاب ! وهنا لابدّ من التساؤل : أي قانون أحزاب ستقرّه سلطة تخيفها جريدة كانت حتى وقت قريب جريدة صديقة ؟

والآن , بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم1636الذي يضع النظام السوري ومعه الشعب السوري بأكمله أمام خيارين واضحين , التعاون التام مع لجنة التحقيق الدولية , أو المقاطعة الاقتصادية , هل سينقذ النظام شعب سوريا , والأصح هل يستطيع الرئيس ذلك , ويكون أمينا ً ووفيا ً لما قاله يوما ً . أي هل يمكنه فعلا ً أن يفدي الوطن بمجموعة من الأشخاص في حال ثبوت تورطهم . ؟ أم أن الأمر يتعدى مجموعة أشخاص ويطال نظام بأكمله , وهنا طامّة الوطن الكبرى ؟
أسئلة ليست الإجابة عليها بالسهولة التي استساغها البعض وملأوا الصفحات في تدوينها . أسئلة لن تجيب عليها غير السلطة السورية . وأرجو , كسوري , أن تكون هذه الإجابة بمعيار الوطن السوري ولا شيء غيره . فمظلة الوطن هي الوحيدة التي تجعل الأبهق الواقف تحتها يرى جيدا ً ..... جيّدا ً .

جبلة - 3 -11- 2005



#ياسر_اسكيف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أظنّكَ تفهمني
- سنن العابر
- هبوط الحواسّ
- الديموقراطية : بين هشاشة المفهوم والواقع المتخلّف
- .....كأنما أصابعك ِ
- قصائد أندروميدا - اعادة انتاج البدء تأسيسا ً على عناصر الوعي
- - الحياة اذ تتعرف على نفسها في كتاب - شكرا ً للموت
- أحوال’ ميزان الذهب
- في غيابها
- املاء الغائب
- ليس لأنها روبي
- الديموقراطية بين الحاجة والضرورة
- إعادة إنتاج التخلّف - نزار قباني نموذجاً / 4 - 4
- إعادة إنتاج التخلّف - نزار قباني نموذجاً / 3-4
- إعادةإنتاج التخلّف - نزار قباني نموذجاً / 2-4
- (إعادة إنتاج التخلّف-نزار قباني نموذجاً(1-4
- الممارسة المدنية / حكاية مدينة ومشغل ثقافي
- حكاياالجدات التي أطاحت برأس التوثيق / حسن علي يوّثق لتجربة ل ...
- درج الليل.. درج النهار - جديد الروائي السوري نبيل سليمان
- لتعزيزثقافة الخطأ


المزيد.....




- مصر وقطر تؤكدان استمرار الوساطة بأزمة غزة بتنسيق أمريكي
- الجيش الأردني يحبط محاولة تسلل وتهريب مخدرات من سوريا (صور) ...
- السيسي يتوجه إلى موسكو بدعوة من بوتين
- فرنسا تؤكد استمرار جهودها للإفراج عن رهينتين فرنسيتين في إير ...
- في مساهمة رئيسية.. روسيا تُنجز عملية تزويد المفاعل النووي ال ...
- مصر.. حبس رجل أعمال في قضية هزت الأوساط الرياضية
- نائب روسي: يجب استدعاء بايدن للاستجواب في قضية تفجير -نورد س ...
- وكالة: مودي يرجئ زيارته المقررة إلى أوروبا
- مقربون من برنياع يشيدون بوساطة قطر رغم الهجوم الإسرائيلي الع ...
- مراسلنا: عشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على قطاع غزة


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسر اسكيف - سوريا .. ميليس ... الأبهق* تحت شمس الظهيرة