أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - الإنفعال مقتلةٌ للعقل ..














المزيد.....

الإنفعال مقتلةٌ للعقل ..


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 5002 - 2015 / 12 / 1 - 08:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أعتقد أن الخطاب المُحمّل بشحنة انفعالية قوية، أو اشارات عاطفية صحيحة .. يمكن أن يحملَ بالفعل قوة إقناعية كبيرة، لكن تكمن خطورة مثل هذا الخطاب ، في أنه قد يجعل المتلقي يشعر فقط ، أو يُعطي ردَّات الأفعال المطلوبة منه ، أو المُعتاد على سلوكها في مثل هكذا مواقف ، بدلاً من أن يتفكر فيما ذهب إليه ذاك الخطاب من أفكار أو حقائق .. أو يُنصت لما تحمله العبارات من معانٍ وأفكار جديدة.
لذلك كثيراً ما نجد - وخاصة عندنا في الشرق -، أن الوعي المُقاد بإيمان مطلق أو المُكبل بتصديق عميق وهوى، أو المستمع المؤمن لأية عظة دينية أو خطبة ثقافية أو سياسية حماسية، نجده عند نهايتها، قلّما يتذكر ما قد قيل فيها ، بل و نادرا ما يكون ذاك الطائع أو الصبُ أو المُريد قادراً على مناقشتها بشكل جاد ..
وأذكر أني قد أجريت تجارب بنفسي ، وفي أكثر من مناسبة، على أناس ٍ كانوا يحضرون معي أو يقفون بقربي في موقف المستمعين لخطاب أو عظة ، وجاءت النتائج كلها تؤكد أن الإنسان يعيش حين إنفعاله حالة القطيع، دون أدنى انتباه لما يقوم به أو يتصرفه..
ففي المسجد مثلاً ، وأثناء انفعال الإمام بتلاوة آية أو حديث ، جربت بأن أقول عبارة مألوفة لاعلاقة لها بما يقال بتاتاً (كالصلاة على النبي مثلاً ) وإذ بكل المستمعين يتبعون القول والترديد في كل مرة دون أن أكمل ، بل و أحياناً دون أن اقول كلمة حقيقية في ذلك .. بل وحدث في مرة، أن قلت مقطعاً شعرياً لا علاقة له بموضوع الظرف أو المكان ، لكن قلته بنفس الصوت والنغم لعبارة الصلاة على النبي ، فإذ بالجميع من الحضور يُصلي ويُسلم ، دون أن ينتبهوا إلاما قلتُ أو نطقتُ، وكأن عقولهم مغيبة بالكامل أو عليها وقرْ.. كما أذكر أنه بعد الخروج من المسجد، لم أجد واحداً ممن سألتهم ، بقادرٍ على أن يُجيب عن ماذا فهم أو استوعب من الخطبة هذا اليوم .. بل ولاحظت ، أن كثيرٌ منهم لم يتذكر، سوى ما أرادت له قطيعيته وإنفعاله تذكره .. وهو عموماً ، شيئ لايتجاوز بضع كلمات ممّا اعتاد على فعله في مثل هكذا موقف بالطبع ..
ونفس الشيء حدث معي في مرة أخرى، وأثناء خطاب لرجل سياسي، وهذه التجربة كررتها أكثر من مرة ، ويمكن لأي أحد أن يجربها، ليكتشف عدوى القطيعية الواضحة في الجماهير ، وليراها وهي تقاطع الخطيب بتصفيق حادٍ ، إثر كل إنفعال . ويكفي أن تبدأ أنت بالتصفيق، حتى يردُ عليك الجميع بالمشاركة بالتصفيق وبحرارة ، بل وحتى قبل أن ينطق أو يكمل الخطيب عبارة واحدة ذات معنى .. وأذكر أنه في مرة، حين سألت من كان واقفاً بقربي : لماذا تصفق والخطيب لم يقل شيئاً بعد ؟ إرتبك وتلعثم ، وردَّ عليَّ بأن الكلام الذي يُقال جيد ورائع ، عندها باغتته بسؤال سريع وماذا قال .؟ فلم يُجب بالطبع، لأن الخطيب لم يقل شيئاً مهماً أو مفهوماً بالمرة ..
من هنا نستنتج بعضاً من الحق، أودُّ أن أقوله : أن الهوى والإنفعال مقتلة العقل والتفكير السوي ، وأن الروية والتمعن والتأمل، هو الأمر الأكيد، الذي يفتح أبواب العقل على أية أفكار إبداعية ،أو أية حلول جديدة للمشكلات المطروحة، و أعتقد أن كثيرا ما ضاعت بيننا أفكار قيلت انفعالا، وكل الأسف لأنها سُحقت بين أكف التصفيق قبل أن يكون لها أي حظ في أن يُدوّرها العقل أو يتفكر بها..لذا أقول توقفوا عن التصفيق وتفكروا جيداً فيما يحدث أو يقال لعلكم ترحمون ..





#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة الإعتدال في الإسلام..
- داعش منا ونحن منها ..
- انتظروا القيامة ..
- من هو عدو المرأة ..؟ّ
- الإنهيار المدوّي للعقد الإجتماعي السوري
- فيينا (1) بداية النهاية
- أفكار في الحب
- أسافل القوم..
- أفواه مريضة .. تكشف عن أن للجهل أكثر من عنوان
- رسالة من رجل شرقي ..
- رجم الجهل أولى .. أفلا تفكرون..!
- البراغماتية فلسفة العصر (الفلسفة المنتصرة)
- (الفوقية) ومأزق النقد الحديث
- فن القصة عند العرب
- المسلمون والنداء الحداثي الأخير ..
- في العنف كتاب (حنّه آرندت) - فهم ومراجعة
- قناصو الوهم ..!
- التملق مركب الحقيقة الأفضل
- يعيشون بين ظهرانينا..!
- المسلمون يواجهون ...أزمة نص لا أزمة شخص..


المزيد.....




- مهرجان الصورة عمّان..حكايا عن اللجوء والحروب والبحث عن الذكر ...
- المجلس الرئاسي الليبي يتسلم دعوة رسمية لحضور القمة العربية ف ...
- الخارجية الروسية تحذر من شبح النازية وتقدم تقييما لوضع العال ...
- إصابة 29 شخصا بزلزال شمال شرقي إيران
- وزير الداخلية الإسرائيلي: المشاهد القادمة من سوريا تشير إلى ...
- والتز يؤكد استمرار المباحثات بين موسكو وواشنطن
- -حماس- تعلق على قرار سويسرا حظر الحركة
- مادورو: رفع -راية النصر- على مبنى الرايخستاغ عام 1945 تحول إ ...
- بريطانيا تبحث استخدام أموال ليبيا المجمدة لتعويض ضحايا -إرها ...
- بريطانيا ترحب بتوقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - الإنفعال مقتلةٌ للعقل ..