أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - مع مقولة: «الدولة المدنية دولة كافرة»















المزيد.....

مع مقولة: «الدولة المدنية دولة كافرة»


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4999 - 2015 / 11 / 28 - 14:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مع مقولة: «الدولة المدنية دولة كافرة»
ضياء الشكرجي
[email protected]
www.nasmaa.org
يشيع الإسلاميون المتشددون – في حال وجود غير متشددين – إن الدولة المدنية، أو لنسم الأشياء بأسمائها بلا تقية أو تورية، فنقول الدولة العلمانية، هو دولة الكفار، أو هي دولة كافرة.
اقول إنهم محقون، لا أقول هي دولة كافرة، إنما هي دولة الكفار، نعم، لكن العبارة ناقصة، تماما مثل «لا تقربوا الصلاة»، و«ويل للمصلين»، و«لا إله»، فالصحيح إن الدولة العلمانية الديمقراطية هي (دولة الكفار والمؤمنين).
دولة الكفار والمؤمنين، لأنها دولة المواطنة، أي دولة كل المواطنين، بقطع النظر عن الدين والمذهب والعقيدة والعرق والمنحدر، وهي الدولة الحريصة على حماية حقوق وحريات المؤمنين والمتدينين أكثر من الدولة الدينية. ولا مشكلة للإسلاميين لحد هنا، لكن المشكلة عندهم إن هذه الدولة، كونها دولة المواطنة والمساواة، فهي تساوي بين مواطنيها في حقوقهم، ولذا فهي حريصة أيضا على حماية حقوق وحريات غير المؤمنين، أو المؤمنين إيمانا مغايرا (الكفار حسب أدبيات الدين)، وغير المتدينين (الفاسقين حسب نفس الأدبيات)، أو المتدينين تدينا مغايرا. بالتالي فغير المسلم (المسيحي، الإيزيدي، الصابئي، اليهودي)، والمسلم المرتدّ عن الإسلام، والإلهي اللاديني، واللاإلهي، واللاأدري، والبهائي، هم مواطنون متساوون في درجة المواطنة، مع المواطن المنتمي لدين الأكثرية، ومذهب الأكثرية، وقومية الأكثرية، من هنا فالدولة العلمانية هي دولة الكفار كما هي دولة المؤمنين.
والمتدينون عموما، والإسلاميون منهم على وجه التحديد، الذي عاشوا في الغرب في دول ديمقراطية علمانية حديثة، يعلمون جيدا، أنهم استمتعوا بحرياتهم وحقوقهم أكثر بكثير مما كان عليه حالهم في بلدانهم (الإسلامية).
الدولة العلمانية-الديمقراطية في الواقع ليست دولة كافرة، كما إنها ليست دولة مؤمنة، بل كما مر، كونها دولة المواطنة، وبالتالي دولة كل مواطنيها، فهي دولة المواطنين المؤمنين، ودولة المواطنين الكافرين. مع إني هنا أستخدم لفظة الكفر بالمعنى المجازي والنسبي، وإلا فأتمنى أن يجري اجتثاث مفردات «الكفر»، و«الكفار»، و«الكافرون»، «كَفَرَ، يَكفُرُ»، و«كفروا، يكفرون»، وكل اشتقاقات الجذر (كاف، فاء، راء)، من قواميسنا، ومن لغتنا. لأننا إذا تحدثنا عن الكفر، لا بمعنى طمر وإنكار حقيقة ما، بل بمعنى الاعتقاد بعقيدة خطأ، وبما أن كل عقيدة هي خطأ عند غير المعتقدين بها، يكون كل الناس كافرين، كل بالنسبة للآخر المغاير في العقيدة. فالمسيحيون واليهود والإيزيديون والصابئة والزرادشتيون كلهم بالنسبة للإسلام كافرون، لأنهم لا يؤمنون بنبوة محمد وبإلهية القرآن، والمسلمون كافرون بالنسبة للمسيحية، لأنهم لا يؤمنون بصلب المسيح، ولا ببنوته لله، والسنة كافرون بالنسبة للشيعة، لأنهم لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين علي، ولا بالنصب الإلهي لأئمة أهل البيت، ولا بعصمتهم، ولا بأن سنتهم هي امتداد لسنة النبي، والشيعة كافرون بالنسبة للسنة، لأنهم لا يؤمنون بعدالة كل الصحابة، وكل زوجات النبي (أمهات المؤمنين)، وأكثرهم لا يقولون بشرعية خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وهم وغيرهم من أتباع المذاهب الأربعة كافرون بالنسبة للوهابية، لأنهم يزورون القبور، وهذه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار حسب المذهب الوهابي التكفيري الإرهابي.
المدنيون، أو العلمانيون-الديمقراطيون، يتطلعون إلى مجتمع، يكون الإيمان بما يؤمن به كل من يؤمن، وعدم الإيمان - دون استخدام مفردة الكفر - بما لا يؤمن به كل من لا يؤمن؛ يكون كل ذلك شأنا شخصيا، دون تكفير، ولا تعصب، ولا كراهة، بل في إطار التعايش بمحبة وسلام. الدولة تكفل حرية ممارسة الطقوس والشعائر الدينية، ويختار الإنسان عقيدته بحرية عند بلوغه سن الرشد، ومن حقه أن يجعل دينه وعقيدته مذكورا في هويته للأحوال الشخصية، أو يترك حقل الدين شاغرا، بل يفضل أن يرفع ذكر الدين نهائيا، كما من حق المواطن أن يغير دينه، أو يكون على غير دين أبويه.
وبالمناسبة لا بد من ذكر مساوئ القانون رقم 26، الذي يجعل تحول أحد الأبوين من دين آخر إلى الإسلام، لأي سبب كان، كأن يكون بسبب الزواج بمسلمة أو بمسلم؛ أن يكون ذلك سببا لاعتبار أولاده أو أولادها القاصرين قبل تحوله أو تحولها للإسلام مسلمين. وراح أحد النواب من حزب الفضيلة، الحزب الداعي لتشريع قانون الأحوال المدنية الجعفرية؛ يعلن رفضهم لأي مطلب للتعديل، أو الإلغاء، لأن هذا يتعارض مع المادة الثانية من الدستور سيئة الصيت وسيئة النتائج، والتي نصت على الآتي:
المادة (2):
أولا: الإسلام دين الدولة الرسمي، وهـو مصدر أساس للتشريع:
أ ـ لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام.
ب ـ لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
ج - لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور.
ثانيا: يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والإيزيديين والصابئة المندائيين.
لا أريد أن أتناول التناقض الموجود في هذه المادة، ولكن أكتفي بتناول أسوأ فقرة في هذه المادة، وهي (أ) من (أولا): «لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام»، وهنا أعيد ذكر ما ذكرته في أكثر من مناسبة، بما في ذلك ما جاء في الجزء الثاني من كتابي «ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي»، حيث كنت معارضا بشدة لأمرين في هذه المادة، الأول رفضت رفع «المجمع عليها»، التي كانت واردة في قانون إدارة الدولة، والثاني رفضت إضافة كلمة أحكام، لتبقى المادة كما كانت في قانون إدارة الدولة «لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام المجمع عليها». لأني كنت أتوقع أن تستغل يوما هذه المادة من قبل المتشددين والمتطرفين، لرفض أي قانون، بحجة تعارضه مع أحكام الإسلام. بينما لو كنا قد أبقينا على عبارة «المجمع عليها»، خاصة لو بقيت بدون إضافة «أحكام»، والتي تعني فقه الفقهاء واجتهاد المجتهدين، سواء استحق اجتهادهم حسنتين أو حسنة واحدة، أي حسنة الاجتهاد، حتى لو أخطأوا، وحتى لو كان خطأهم وبالا على شعب بكامله، أو على شعوب. فمع عبارة «المجمع عليها» كان ستكون فرصة أن نستند إلى اجتهاد مجتهدين آخرين، أو فتوى فقيه ما، لا يقول بالتعارض، مما يجعل الإجماع غير متحقق.
أين ما يريده الإسلاميون من (ثانيا) من المادة (37): «تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني»؟
وبالمناسبة كان أكثر المتشددين في صياغة هذه المادة الدستورية، هم رئيس الائتلاف العراقي الموحد عبد العزيز الحكيم، ورئيس لجنة كتابة الدستور همام حمودي، ورئيس لجنة الباب الأول من الدستور (لجنة المبادئ الأساسية) التي كنت مقررها وأكثر المشاكسين فيها، أحمد الصافي، وعضوا هذه اللجنة المتشدد عبد الهادي الحكيم وعلي الصافي، وكنت المعارض الوحيد للطروحات الإسلامية والشيعية من أعضاء لجنة كتابة الدستور من الائتلاف العراقي الموحد، الذي كم أشعر بالحرج لانتسابي إليه آنذاك، وسبق أن اعتذرت للشعب العراقي عن ذلك، عندما قلت من على إحدى الفضائيات بدون سابق تحضير للعبارة: «أعتذر للشعب العراقي عن جلوسي لسنة كاملة على مقعد إسلامي وشيعي».
عندما بدأت فكرة هذه المقالة، وبدأت بتدوين أفكارها الأولية، دون إكمالها ابتداءً، لم يكن في ذهني تناول القانون 26 والمادة 2، ولكن عندما عدت لأكملها جاء ذلك في سياق فكرة المقالة.
وفي الختام أسأل، أنُلام إذا قلنا «الدولة العلمانية (أو المدنية) هي الأصلح للمواطن»، مؤمنا كان بما يعتبره إيمانا، أو كافرا بما يعتبره غيره كفرا، أو كان ممن لا شغل له بقضيتي الإيمان والكفر، مكتفيا بكونه إنسانا، مكتفيا بكونه مواطنا في دولة المواطنة، مكتفيا بكونه عراقيا، بلا هوية إضافية، أو بهويات لا تتقدم على عراقيته، وعلى مواطنيته، وعلى إنسانيته؟ مجرد سؤال.
28/11/2015



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 22
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 21
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 20
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 19
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 18
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 17
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 16
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 15
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 14
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 13
- داعش وما قبله وما بعده: الإسلام هو المشكلة
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 12
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 11
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 10
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 9
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 8
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 7
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 6
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 5
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 4


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - مع مقولة: «الدولة المدنية دولة كافرة»