أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 4














المزيد.....

ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 4


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4963 - 2015 / 10 / 22 - 17:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أواصل سرد خلفيتي السياسية في أول شبابي.
اللاانتماء السياسي في ألمانيا
المفارقة الغريبة التي حصلت لي، هو أن أحد أسباب ابتعادي عن الاتجاه اليساري هو شبهة الإلحاد التي كانت تحوم حول الشيوعيين، وربما كان يهمهم فعلا آنذاك تثقيف أوساطهم على ذلك [ربما بسبب اصطفاف الوسط الديني مع القوى المعادية للاتجاه التقدمي]، ولكون الشيوعيين كانوا يمثلون طليعة القوى اليسارية-القاسمية-الوطنية. لكني بعد مدة ولأسباب لا علاقة لها بالسياسة تحولت نفسي إلى الإلحاد، كخيار تمخض عن سنة من عذاب الشك. وأعترف إن تحولي للإلحاد لم يأتِ نتيجة قراءة واطلاع، بل عبر تأثر بالأجواء العامة التي كانت تتحدث عن الوجودية السارترية والماركسية، دون أن أقرأ شيئا عنهما، علاوة على ما انتابني من شك، ربما نتيجة مظاهر الخرافة في أوساط التدين الشعبي. وفي الوقت الذي لم أكن في لحظة انتمائي لحزب البعث أعدّه حزبا ملحدا، أو لادينيا، وجدتني وبعد تحولي أنا إلى الإلحاد، فهمت مع الوقت، أنه لا يمكن الجمع بين أن يكون الإنسان مسلما وبعثيا في آن واحد، إذ أن الإسلام - حسبما كان يُنظّر ميشيل عفلق - كان يمثل مرحلة - صحيح مهمة - لكنها سابقة، من مراحل ما أسماه بالثورة العربية، أكثر من كونه يمثل دينا، أي وحيا إلهيا، ومحمد كان بحسب عفلق ثائرا عربيا كبيرا، أكثر من كونه نبيا مرسلا. هذا الفهم لفكر البعث - الملمح له غير المصرح به - تولد عندي بعدما تحولت إلى الإلحاد. وكنت حينها أتفاعل مع نشيد بعثي كنا ننشده في سفراتنا «إن تَسَل عنّي فهذا مذهبي ... اشتراكيٌّ بعثيٌّ عربي»، وكنت أحاول أن أقنع بعض الأصدقاء (أو الرفاق) البعثيين بهذه الفكرة، أي عدم إمكان الجمع بين البعث والإسلام.

ومن المفارقات التي لا بأس من ذكرها، وحيث إن الكاظمية كانت معقلا للشيوعيين واليساريين والقاسميين، إنني عندما صرت بعثيا، تحول أصدقاء الطفولة وأبناء المحلة، إلى خصوم سياسيين، لكن الخصومة لم تحدث بيني وبينهم عداوة وكراهة، ومن هنا كانوا يقولون عني «ضياء خوش ولد بس حيف بعثي»، أي «ضياء إنسان طيب ولكن للأسف بعثي»، فعلا للأسف والحيف، ولو لثلاث سنوات من أول شبابي، ولكن أكثر من ذلك للأسف والحيف أني صرت في وقت لاحق، وبعد ما يقارب العقدين من الزمن، لربع قرن إسلاميا.

والدي الذي كان يحب المرحوم عبد الكريم قاسم، كان يخفي معاناته من كون ابنه الحبيب كان منتميا إلى حزب قتلة زعيمه المحبوب. لكنه كعادته في كثير من الأمور كان متسامحا معنا كثيرا. وكان قد سمع تحذيرا من أصدقاء له، بأنه تتناهى إلى أسماعهم أنباء بقرب حدوث انقلاب ضد البعثيين، وسيجري انتقام دموي منهم، لذا كانوا ينصحونه بإبعاد ابنه إلى خارج العراق. وهكذا كان، إذ خطط لسفرة ثانية إلى ألمانيا، يصطحب معه فيها والدتي وشقيقتَيّ، كما كان في السنة الماضية، ولكن هذه المرة أن أذهب أنا أيضا معهم. رفضت في البداية، بسبب اضطراري لأول مرة إلى تأجيل الامتحان النهائي للصف الخامس الإعدادي (النهائي آنذاك)، بسبب عدم تهيئي للامتحانات، من جراء انشغالي بالنشاط الحزبي للسنتين الأخيرتين. وبعد إلحاح متكرر استجبت لرغبة أبي. وفي ألمانيا وأثناء تلك السفرة في صيف 1963، بدأ والدي المرحلة الثانية من خطته، من أجل إقناعي بالبقاء والدراسة في ألمانيا. كذلك هذا الطلب واجه في البداية عدم قبول مني، ثم وبعد الإلحاح ومحاولات الإقناع التي ساهم فيها عراقيون مقيمون في ألمانيا، كان الظاهر قد نسق معهم، لتكتمل خيوط المؤامرة، التي لم تكن عليّ، بل لي.

تسع سنوات قضيتها في ألمانيا، وبالذات في مدينة لُونَبُرڠ-;- Lüneburg التي أحببتها كثيرا، وما زلت، ولذا، وبسبب زواجي بزوجتي الإيرانية، التي كان أهلها يقيمون في لُونَبُرڠ-;-، ولشراء والدي دارا هناك، بقيت ساكنا فيها، حتى أثناء دراستي في مدينة هامبُرڠ-;- Hamburg الواقعة ستين كيلومترا شمال لُونَبُرڠ-;-. بقيت على تأييدي لحزب البعث، لأني لم أكن قد اطلعت على جرائم البعثيين، إذ كنا نحن الشباب المثاليين في مبدئيتهم نُبعَد عن أجواء التعذيب، وعندما نسمع عنها، ونطرحها في الحلقة الحزبية، كان يأتي الجواب التقليدي، بأن ذلك ليس إلا إشاعات يبثها أعداء الثورة. وحزنت حزنا شديدا يوم قام عبد السلام عارف بانقلاب ضد البعثيين. لكني بعد وقت قصير بدأت أتعرف على مدى إجرامهم في العراق، لاسيما ضد الشيوعيين والشيوعيات، وهذا ما دعاني ألا أستجيب لمحاولات مسؤولي الحزبي الأخير عدنان الأدلبي، الذي كان قد هرب إلى سوريا، وبدأ يراسلني من هناك، ويحاول إعادة ربطي بالحزب، فأهملت رسائله.

بعدها بقيت بلا انتماء سياسي، بل وربما بلا اهتمام سياسي، سوى مقتي لحزب البعث الذي عاد إلى السلطة بانقلاب ثان عام 1968، وانحصرت اهتماماتي السياسية البسيطة بالتعاطف مع حركة اليسار الطلابية الألمانية في ستينيات القرن الماضي.

وبعد عودتي إلى العراق عام 1972 مع زوجتي ازداد مقتي لحزب البعث، لكني لم أمارس نشاطا سياسيا، ربما لانشغالي في مشاركة شقيقي في إدارة الشركة (شركة أبو منير للحلويات ذ.م.م)، التي ورثناها عن أبينا الذي توفي مبكرا، وقبل بلوغه الستين، نهاية عام 1970، علاوة على عمل إضافي عصرا في مكتب هندسي خاص بي في المنصور. لحسن حظي، ولكوني لم أكن موظفا حكوميا، ولا طالبا، لم تشملني محاولات البعثيين آنذاك في إعادة المنقطعين عن التنظيم للحزب. لكني بكل تأكيد كنت سأرفض، لكوني من النوع الذي لا يستطيع القيام بشيء يتعارض مع قناعاته.

وفي الحلقة القادمة أتناول بداياتي مع الإسلام السياسي، لأبدأ رحلة خسارة العمر طيلة ربع قرن.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 3
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 2
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 1
- ما قلته في لقاء السفارة ب «أسبوع النزاهة؟»
- إماطة الوشاح عن أسمائي المستعارة
- الصدق والكذب في حياتنا
- الاتجاهات السياسية الناقضة للديمقراطية والمواطنة
- أن يكون المرء بشخصيتين من غير ازدواجية
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 6/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 5/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 4/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 3/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 2/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 1/6
- ألمانيا تتحول إلى مثل أعلى للإنسانية
- لماذا «العلمانية» وليس «المدنية»؟
- الدستور العلماني ضرورة لا يكتمل الإصلاح بدونها
- العبادي والحكومة المطالب بتشكيلها
- مثلث (الشعب-العبادي-المرجعية)
- مرة أخرى يوجه خامنئي إهانته للشعب العراقي


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 4