أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - أن يكون المرء بشخصيتين من غير ازدواجية














المزيد.....

أن يكون المرء بشخصيتين من غير ازدواجية


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4930 - 2015 / 9 / 19 - 16:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك مرض ينعت بالازدواجية، وهو متفشٍّ للأسف بشكل ملحوظ في مجتمعات الشرق ذي الأكثرية المسلمة، ذلك عندما يكون الإنسان بشخصيتين متضادتين. فإذا مارس هذه الظاهرة صاحبها عن وعي وقصد، فهو مرض أخلاقي، يكون صاحبه محتالا، وكاذبا، ووصوليا، ومنافقا، أو كما يعبر ذا وجهين أو أكثر. أما إذا ابتلي بها صاحبها بغير إرادته، فهو مرض نفسي، يعرف بانفصام الشخصية. وهناك درجات من هذا أو ذاك المرض، سواء الأخلاقي أو النفسي، فهناك الدرجة المقبولة والمعذورة إلى حد ما، إذا مثلت الحالة الطبيعية لثمة مسافة مقبولة بين النظرية والتطبيق، أو لنقل بين المبادئ والمتبنيات الفكرية والأخلاقية من جهة، وبين السلوك والمواقف والخطاب من جهة أخرى، باعتبار إن الإنسان المثالي، الذي يطابق قوله فعله، وسلوكه مبادئه، ومواقفه متبنياته ومنطلقاته، مئة بالمئة، يكاد يكون من غير الممكن أن نجده في الواقع. لكن كلما تباعدت المسافة بين المبادئ والسلوك، أو بين القول والفعل، كلما كان ذلك مرفوضا ومدانا بقدر درجة ذلك التباعد.
لكني لا أتكلم هنا عن أي من تلك الحالات، وإنما عن امتلاك شخص ما لشخصيتين، أو ربما أكثر، دون أن يكون ذلك من قبيل الازدواجية، وإنما يمكن عده من الثنائية، أو تعدد الأدوار، التي يمارسها الإنسان، والتي تتطلبها الحكمة، أو أحيانا تتطلبها مبادئ ميدان من ميادين الحياة، كأن تكون من متطلبات الديمقراطية، أو من متطلبات المنهج العلمي، أو متطلبات الاختصاص. فلو افترضنا أن شخصا ما أستاذ جامعي، وسياسي، ومفكر، ورئيس جمعية خيرية. فبلا شك يكون سلوكه وخطابه في أي من تلك الميادين التي ينشط فيها مختلفا بمقدار ما يتطلبه كل ميدان من اختلاف وافتراق عن ميدان آخر. أو لنتصور رياضيا يكون في نفس الوقت ناشطا في حزب سياسي، فلا يمكن إقحام شخصيته الحزبية في مزاولته للرياضة، فكل من الميدانين أسلوبه وقوانينه ولياقاته. أو عندما نتكلم نحن كديمقراطيين علمانيين عن الفصل بين الدين وعموم الشأن السياسي، وليس حصرا بين الدين والدولة، فمعنى هذا إن الإنسان المؤمن بدين ما، والمتدين بذلك الدين، يكون إيمانه والتزامه الديني شأنا شخصيا، لا يجوز له أن يقحمه في النشاط السياسي، والموقف السياسي. وهذا يشمل كل موقف من القضايا الميتافيزيقية، إيمانا كان أو عدم إيمان، فيكون كل موقف من تلك المواقف شأنا شخصيا، لا يقحم في السياسة. سواء كان ذلك الموقف هو الإيمان بأي دين من الأديان (الإسلام، المسيحية، اليهودية، المندائية، الإيزيدية، الزرادشتية، البوذية، البهائية، وغيرها)، أو الإيمان بالله دون الإيمان بأي دين (الإلهية اللادينية)، أو اللاأدرية الدينية، أو الإلحاد (اللاإلهية)، أو اللاأدرية الإلهية. كل ذلك يبقى شأنا شخصيا لا يقحم في السياسة. كما إنه من غير المقبول تسييس أو تحزيب أو تديين أو طوأفة أي من الرياضة، أو العلم، أو الفن.
لكن وعودا إلى ما هو الفصل بين السياسة والدين خصوصا، وبين السياسة والموقف الميتافيزيقي إيجابا أو سلبا عموما. ولكن هذا الفصل لا يعني عدم مراعاة حقيقة أن السياسي، أو الناشط السياسي، أو المهتم بالشأن السياسي على أي نحو، هو مواطن، كأي مواطن، وإنسان، كأي إنسان، فيحق له خارج إطار النشاط السياسي، أو المسؤولية السياسية، أن يعبر عن عقيدته، ويدافع عنها، وينقد بموضوعية عقائد الآخرين. فهنا لا يمارس ذلك كسياسي، وإنما كمواطن، ككاتب، وربما كمفكر. صحيح أحيانا يتطلب ظرف ما أن يجمد السياسي دوره الفكري، فيما هي عقيدته وفلسفته وقناعاته في الشأن الميتافيزيقي، أو يخفف منه، إلم يجمده كليا، خاصة عندما يكون المحيط الاجتماعي، كما في بلاد الشرق، لا يتمتع بقدر كاف من الوعي، لفهم واستيعاب هذا الفصل بين الدورين. وإلا ففي الحالة الطبيعية، من حق السياسي، مهما كان المنصب الذي يتبوأه أن يفصح عن عقائده.
كل هذه المقدمة من أجل الدخول في حديث الذات، كما قد يراه البعض، لكن بعيدا عن النرجسية، لأتحدث عن حالتي، مجرد كمثال للمفهوم الذي أنا بصدد تناوله هنا، لأتحدث عن ضياءين شكرجيين، فضياء الشكرجي المهتم بالشأن السياسي، يفصل كليا بين عقيدته الميتافيزيقية، مهما كانت، وبين تناوله للقضايا السياسية. أما ضياء الشكرجي المزاول للفكر، كي لا أنعت نفسي بالمفكر، فهو إلهي لاديني، يعتمد فهما خاصا به، يسميه «لاهوت التنزيه»، مع احترامه للديني العقلاني، وللملحد، واللاأدري، في قناعات كل منهم، وإيمانه، أو لاإيمانه. ولذا فأنا أطل أحيانا في مقالاتي، وكتبي، ومن موقع التواصل الاجتماعي، وعبر كتاباتي، كسياسي ديمقراطي علماني، لا يسمح لنفسه بجعل لاهوته اللاديني عنصرا من عناصر طرحه السياسي، إلا بما هو مسموح به، بتقديره، وتقديره غير معصوم بطبيعة الحال، وتارة أطل بكل كفرياتي وإيمانياتي، لأفصح عن عقيدتي، مؤكدا على نسبية الفكر البشري في هذا المجال، أي عدم امتلاك أحد، وعدم امتلاك ضياء الشكرجي، للحقيقة المطلقة والنهائية واللامسموح مناقشتها والشك بها ودحضها.
فالمنطلقات الفكرية عندي سياسيا، هي الديمقراطية، العلمانية، الليبرالية، العدالة الاجتماعية، الإنسانية المواطنة.
والمنطلقات الفكرية العامة، هي النسبية، تأصيل مرجعية العقل، التمييز بين الواجب والممكن والممتنع العقلي، العقلانية، الإنسانية.
ولا أبرئ نفسي مئة بالمئة من الازدواجية المدانة، التي أشرت إليها في مقدمة الموضوع، سواء كمفارقة أخلاقية، أو كحالة سايكولوجية، فلست نبيا، وأعني النبوة بالمعنى المجازي، كوني لا أؤمن بها بالمعنى الحقيقي، ولست ملاكا، أيضا بالمعنى المجازي، ولا إنسانا مثاليا، بل لي ولغيري نقاط قوة ونقاط ضعف، إن في البعد النفسي، أو الخلقي، أو الذهني. لكني أمقت الازدواجية المستحكمة كمرض أخلاقي، وأجاهد نفسي كي أنأى عنها ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
من هنا يجب أن نميز لدى كل شخص بين دوره كسياسي، ودوره كإنسان، كمواطن، ككاتب، كصاحب رأي أو رؤية، كمفكر.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 6/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 5/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 4/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 3/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 2/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 1/6
- ألمانيا تتحول إلى مثل أعلى للإنسانية
- لماذا «العلمانية» وليس «المدنية»؟
- الدستور العلماني ضرورة لا يكتمل الإصلاح بدونها
- العبادي والحكومة المطالب بتشكيلها
- مثلث (الشعب-العبادي-المرجعية)
- مرة أخرى يوجه خامنئي إهانته للشعب العراقي
- إرادة الشعب تنتصر: هل نشهد بداية البداية؟
- مناقشة متأخرة لمقالة للسيد مالوم أبو رغيف عني 2/2
- مناقشة متأخرة لمقالة للسيد مالوم أبو رغيف عني 1/2
- كتابي „الله من أسر الدين إلى فضاءات العقل“ في الأسواق
- مطلبا تحويل الإقليم إلى برلماني والعراق إلى رئاسي
- نصان من 2009: الغوص وذاك الغريب
- دعوة لثورة النساء
- أريد أن أطير


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - أن يكون المرء بشخصيتين من غير ازدواجية