باسم السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 4996 - 2015 / 11 / 25 - 18:29
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لايمكن إنكار الإساءة التي أحدثها التطرف في المجتمعات الإسلامية مؤخراً، والأذى البالغ الذي يحدثه يومياً على الإنسان والمجتمع والدولة، وهذه الفوضى (الحرب العقائدية) التي تجري فصولها يومياً تمر على جثث الضحايا والمدن المدمَّرة، على معسكرات النازحين، وزوارق الهرب الجماعي، وأفواج وطوابير الواقفين على أبواب السفارات وحدود البلدان التي تمنع دخولهم، أو تسمح بشروطها هي، نحن نقف بين يدي أمم وشعوب تخسر هويتها لحساب التطرف.
يُخطئ من يظن أن الشعوب الخاسرة (أمام التطرف) لاتستفيد من هذا الدرس مع ما فيه من قساوة، صحيح أن البندقية بيد التطرف اليوم، وهو ينسج شبكة من الموت والمعاناة والتطرف المضاد حيثما مر إسقواءاً بالبندقية، لكن قوة السلاح قوة آنية، لحظية في أعمار الأمم، وفي المقابل هنالك عقول تستقرئ الأحداث، وتعيد صياغة المشهد مراراً وتكراراً من خلال التحليل والدراسة الموضوعية وصولاً الى الأسباب التي أدت الى إنكفاء الشعوب والأمم لمصلحة العقائدية.
ومن يعيد تسليط الضوء على عصر التنوير أو عصر النهضة التي أعقبت القرون الوسطى يجد أن أوروبا التي عصفت بها العقائدية لم تكن الصمت آنذاك سلبياً، بل كانت النخبة المثقفة والنخب العلمية تعيد إنتاج شكل المجتمع وشكل الدولة مستفيدة من فوضى العقائدية وجرائمها وضحاياها وأولها الهوية والمجتمع.
لو جاز لنا التعبير عن صيرورة المجتمعات وتطورها بـ (الحتمية التأريخية) كما يصطلحون، فنحن نقف على أعتاب مرحلة الفوضى الضرورة وهي ما سمَّته كونداليزا رايس (مستشارة الأمن القومي للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش) بالفوضى الخلاقة، والتي سترغم المجتمعات على تقصِّي مسببات هذا الإنفجار العقائدي، وكل هذا الخزين من القدرة على إرتكاب الجريمة بغطاء العقائدية، والوصول الى شكل الدولة التي ستحفظ هوية الأمة.
صمت اليوم ليس إذعاناً بقدر ما هو إنحناء الأشجار للعاصفة كي تمر، فعمر الأمم أطول من عمر العاصفة.
#باسم_السعيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟