أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - المَرثيَة الثانية – راينر ماريا ريلكه














المزيد.....

المَرثيَة الثانية – راينر ماريا ريلكه


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4968 - 2015 / 10 / 27 - 07:58
المحور: الادب والفن
    





كلّ مَـلـَكٍ رهيبٌ . ولكنّي ، وا ألمي ،
أغنّي لكم يا طيورَ روحي المُحتَضَرةَ ،
عارفاً ما أنتم عليه . أين هي أيّامُ طوبيا (توبياس)،*
حيث الأكثرُ لمعاناً وقف على باب البيت البسيط،
مُتَخفِّـياً بعضَ الشيء لرِحلةٍ وما كان مُخيفاً أبداً؛
( كم حدّق الفتى إلى الخارج في الفتى بفضول ).
الآنَ ، لو تخطّى رئيسُ الملائكة ، الخطِرُ، من خلف النجوم
خطوةً واحدةً إلى تحت ، نحونا : نبضاتُ
قلبنا المتصاعدة ستقضي علينـا . من أنتـم ؟

المسرّاتُ الأولى ، غَنِجـاتُ الخليقـة ،
أشكالٌ ساميةٌ ، قِمَمٌ مُحْمَـرّةٌ من الفجـر
لكلِّ تكـوين – بذور الألـوهيّـة المُزهِـرة ،
مفاصلُ الضِّياء ، مَمَـرّاتٌ، سلالمُ، عروشٌ ،
مسافاتُ أصلِ الحقيقة ، دروعُ نشوةٍ ، إحساسُ عاطفةٍ
جيّاشةٍ عاصفةٍ مُضطربةٍ ، وفـَجأةً ،
مرايا وحيدة ، تلك التي تجمع الجمالَ الخاصَّ المُنسابَ
من وجهها في وجهها ذاته مرةً أخرى.

ولكنّنا، أنّى نُحِسّ ُ، نتبخّـرُ : آه نتنفـَّسُ
أنفسَنا خارجاً وبعيداً ، من جَذوة إلى جَذوة
مُعطينَ رائحةً أضعفَ . حقّـاً أن يقولَ أحدهم لنا :
نعم ، أنتَ تجري في دمي ، هذه الغرفة ، يملأ الربيعُ
ذاتَه منك... ما الفائدة ! إنّه لا يستطيع أنْ يحتويَـنا ،
نحن نختفي فيه وحَوالَـيْه . وتلكنَّ ، الجميلاتِ ،
آهِ من يقدر أنْ يحتـفظَ بهنَّ مرّة أخرى ؟ يتجلّى
المنظر بلا نهايةٍ في وجوههنَّ ويذهب قـُدُماً . مثلَ
ندى على عشب الفجر، يتبخّر ما لنا منّـا مثلَ الحرارة
من الإناء السّاخن . آه البسمةُ ، إلى أين ؟
آه أيتها النظرة ُإلى العلا : جديدة ، دافئة ، موجة ُالقلب
الهاربة ُ-، وا ألمي : ولكنْ هذا هو نحن . هل المجال
الذي نذوب فيه له مَذاق منّـا ؟ هل تأخذ الملائكة ُ
حقّاً ثانيةً ما ينساب منها وحده ، أو أحياناً ، خطأً ، بعضاً
من وجودنا معها ؟ هل نحن ممتـزجون في أشكالها
كثيراً مثـل الغموض على أوجه النساء الحوامل؟ لا تلاحظه
في دوّامة رجوعها إلى أنفسها . ( كيف ينبغي أنْ تلاحظه .)

لو أدرك المحبّون هذا ، لاستطاعوا أن يتحدّثوا
بروعة في هواء الليل. ولكنْ يظهر أنّ كلَّ شيء
يلفـّـنا في ظلام . أنظر، الأشجار هي موجودة ؛ البيوت
التي نسكن فيها ، لا تزال قائمةً. ولكنّنـا نمـرّ بها كلـِّها
وحدهـا مثلَ تبادل هوائيّ . وكلّهم متـّحدٌ ، يكتم سرّاً عنّـا ، نصفٌ
خَشيةَ عارٍ ربّما ، ونصفٌ كأمَـلٍ غيرِ ناطقٍ .

يا عشّاقُ ، يا من هم مُكْـتـَـفون ، أحدُهم بالآخر ،
أسألكم عنّا . تلمِسون بعضُكم بعضاً . هل لديكمْ براهين ؟
انظروا ، يحدث لي ، يداي تـُدرك إحداهما الأخرى
أو أنَّ وجهيَ التّـعِـبَ يأخذ راحتـَه بينهما. يُعطيني هذا
إحساساً طفيفاً . ولكن مَنْ يجرؤُ أن يكون كهذا وحده ؟
ولكنْ أنتم ، الذين يزيدون نشوةَ أحدِهم الآخرَ إلى
أنْ يُقهَـرَ فيستجديَـكُـمْ : لا مزيدَ -، أنتم الذين ينمـو أحدهم
تحت يَـدَيِ الآخر كالعنب في سنين عـظامٍ ، أنتمُ الذين
تتلاشَوْنَ أحياناً ، لأنَّ الآخَـرَ سيطر تماماً : أسألكم عنّا .
أنا أعرف أنّكم تلمِسون بعضَكم بعضاً بجـذل ، لأنَّ المُداعبةَ تدوم ،
لأنَّ الموضع اللطيفَ الذي تلمِسون سوف لا يختـفي ،
لأنَّكم تشعرون تحت أيديكم بالديمومة النّقـيّة . لذا يَعِدُ
أحدُكم الآخرَ بالأبديّـة تقريباً عند العناق . ولكنْ ، عندما
تجتازون رُعْـبَ اللحَظاتِ الأولى والاشتياقَ عند النافذة ،
والمَشْيَ معاً مرةً في الحديقة :

أيّها العشّاق ، ألا تزالون أنتم كما أنتم ؟ عندما ترفعـون
شفاهَكم ، بعضُكم نحو بعض ، وتبدؤون -: شراباً فوق شراب:
آهِ كمْ غريبٍ أنْ ينسحب الشّاربُ من العمل .

ألا تستغربون من إشارة الحذر البشرية عند بلاطة العِلـَـيّة**؟
ألم يكنْ حبّ وفراقٌ مُلقـَـيـانِ بلطفٍ على الأذرع ، كما
لو كان صـُنِـعَ من مادة أخرى ليستْ منّا ؟ تذكّـروا الأيدي
كيف تستريح بدون ضغط رغم القوّة الموجودة في الأجساد .
المُسيطرون ذاتـيّاً عرفوا معه : كم نذهب بعيداً ،
لَمْسُ أحدِنا الآخرَ لهذا يعـود لنا . تَضغط الآلهة أقـوى .
ولكنَّ هذا هو شأن الآلـهة .

لو استطعنا أن نجدَ أيضاً قطعة بشريّةً نقـيّةً، مُحتَشَمةً ،
ضيِّـقةً ، شريطاً من أرضٍ خصبةٍ بين نهر وصخر لأنفسنا .
إذ أنَّ قلبَـنا يرفعنا دوماً أيضاً مثلَ الآخرين . ونستطيع
ألاّ نـَراهُ مُجَسّداً ثانية بعد هذا في صُوَرٍ تُروِّضه ، ولا في
أجسام ربّانيّـة ، يكبح نفسَه فيها بقدرةٍ أكبرَ .

= = = = = = = = = = = = =
* توبيت Tobit رجل يهودي متديّن كان يسكن في
نينوى بعد موت سنحاريب ( ملك الآشوريين)، أرسل
ابنه طوبياTobiah´-or-Tobiyah ( في اللاتينية توبياسTobias )
ليجلب نقوداً كان خزنها من ميديا، مدينة بعيدة. جاءه المَلَكُ رفائيل متخفياً في
صورة رجل وعرض عليه مصاحبته في رحلته ليساعده في مهمته.
** غرفة واقعة تحت سطح البيت مباشرة (بيتونة).



#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السّجين- راينر ماريا ريلكه
- جولة قصيرة في ربوع دنا DNA الخليّة البشريّة
- رَجْعُ السِّنين (شعر)
- الفساد ليس جديداً في العراق - نبذة من الحياة قبل خمسين عاماً
- Seraphine- للشاعر الألماني فريدريش هاينه (1797-1856)
- إلى الفرحة - للشاعر الألماني فريدريش شيلر (1759-1805)
- موسوعة الشعراء الكاظميّين - وذكرى الأيّام الخوالي
- اكتشاف فيروس للغباء
- المعجم الكيميائي الجامعي – تأليف الدكتور مجيد محمد علي القيس ...
- ترجمة ألمانية لنصّ الشاعر عمّار يوسف المطّلبي (لا تفقد الأمل ...
- ترجمة ألمانية لنصّ االشاعر سعد جاسم (جثّة تمشي)
- أيّهما أهمُّ: الجين (المُنتِج) أم البروتين (المنتوج) وكيف تؤ ...
- خماسيّتان بثلاث لغات
- علاج الجين، أهو طبّ المستقبل؟
- أغنية حبّ - راينر ماريا ريلكه (1875-1926)
- Der gegenueberliegende Buergersteig
- لورَلايْ – Lorelei
- الصمت - Das Schweigen
- الجينات تسيطر على الإنسان، فهل يستطيع الإنسان أن يسيطر على ج ...
- أنشودة سياسيِّ العهد الجديد


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - المَرثيَة الثانية – راينر ماريا ريلكه