أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - موسوعة الشعراء الكاظميّين - وذكرى الأيّام الخوالي















المزيد.....

موسوعة الشعراء الكاظميّين - وذكرى الأيّام الخوالي


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4699 - 2015 / 1 / 24 - 06:29
المحور: الادب والفن
    


وتتجول عيناي في هذا السِّفر الضخم الذي ألّفه وأعدّه المهندس عبد الكريم الدبّاغ فيسرح بي العقل في الماضي السّحيق فتتراءى لي أشباحه والطيوف والأرض التي كنتُ أسيرُ عليها وأنعم بخيرها وإنْ بحدود ، وجدتها قد تغيّرتْ؛ تفجّرت حمماً أحرقت مَنْ عليها وما عليها، فاستباحها لصوص الليل وطاف فيها خفافيش الظلام وضباع المنافي. رجعت بي الذاكرة إلى أيّام الصّبا والشباب، حيث كنّا فتية مرحين رغم الفقر والحرمان، نتغنّى بالشِّعر. والأحلام؟ تحقّق للبعض بعضها وخاب آخرون وتلاشى بائسون. وكان من هؤلاء الأخرين السيد باقر الموسوي الهندي، زميل الدراسة المتوسطة، والذي جاءت سيرته في هذه الموسوعة التي تزيد صفحاتها على 3500 صفحة (من الحجم المتوسّط) وتحتوي على 333 شاعراً، أنّه طورد وسُجن وصدمته سيارة فقد على أثرها الوعي في أعوامه الثمانية الأخيرة فرحل وهو في الخامسة والأربعين من عمره الحافل بالآلام. كان شاعراً جميلاً لبقاً وفتى ودوداً. كان فخوراً بعمّه أو عمّ أبيه السيد رضا الهندي، صاحب قصيدة (الكوثريّة) الشهيرة في مدح الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) التي بدأها بأبيات غزل:
أمُفَلّـجُ ثغـرِكَ أم جـوهـرْ***ورحيقُ رضابكَ أمْ سكّـرْ
قد قال لثـغـرك صانعـه***(إنّا أعطـينــاك الكـوثــــرْ)
والخال بخدّك أم مسكٌ***نقّـطـتَ به الوردَ الأحمــرْ
أم ذاك الخالُ بذاك الخدِّ***فـتـيتُ الندِّ على مجـمــرْ
عجباً من جمرته تذكو***وبها لا يحتـرق العنـبــرْ
يا للعشّاق لمفتون ***يهوى رشأ أحوى أحور
إن يبدُ لذي طرب غنّى***أو لاح لذي نُسكٍ كبّرْ
آمنتُ هوى بنبوّته***وبعينيه سحر يُؤثَرْ

فاجلُ الأقداح بصرف الراح عسى الأفراح بها تُنشَرْ
واشغل يمناك بصبّ الكأس وخلِّ يسارك للمِزهرْ
فدم العنقود ولحن العود يُعيد الخير وينفي الشَّرْ
بكِّرْ للسّكر قبيل الفجر فصفو الدّهر لمن بكّرْ

كنّا في متوسّطة الكاظميّة، التي صارت ثانوية بعدئذ في عهدنا، خمسة طلاّب مولَعين بالأدب والشّعر؛ عبد الأمير الورد(ي)، موسى النقدي، باقر الموسوي الهندي، علاء الشيخ كاظم (خطيب الكاظمية) وأنا. كان الثلاثة الأوَل منسجمين فيما بينهم، حيث كانوا يقرأون ما ينظمون ويناقشون ما نظموا. ومرّة قرّروا أن ينظم كل واحد منهم بيتاً من الشعر تنتهي قافيته بلقبه، كما ذكرت الموسوعة بحقّ حيث كنت حاضراً ذلك المشهد، فقال عبد الأمير الورد:
لا تجعلي الحبّ شوكاً***فإنني نجل (وردِ)
وقال موسى النقدي:
لا تجعلي الحبّ دَيْـناً***فإنني نجل (نقدي)
أمّا باقر الهندي، فقال:
جوري عليّ فإنّي***يا ربّة الحسن (هندي)
وهي التفاتة بارعة ذات معنى عميق لما يكنّه الناس آنذاك من تمييز عنصريّ ضدّ الهنود.
أمّا علاء الخطيب فلم ينظم الشعر. وأنا كنت وزميل معي نُصدر نشرة (الجداول/المناهل) وهي نشرة جداريّة نصف شهرية (تتكوّن من قطعة كارتون كبيرة الحجم كنّا نشتريها بعشرة فلوس) ننشر فيها الأدب والنقد والشعر والنكات والقصص، ونشرتُ فيها ثلاث مقامات على غرار مقامات بديع الزمان الهمذاني والحريري. ولما أجرِيَتْ مسابقة أدبية سنويّة في المدرسة عام 1952 تحت رعاية السيد خليل كنّة، وزير المعارف حينذاك، تنافسنا نحن الخمسة وكان المحكّمون ثلاثة أساتذة من دار المعلمين العالية بينهم الدكتور عبد الزاق محي الدين، فازت إحدى المقامات (المقامة العلمية) بالجائزة الأولى، وهي ساعة ذهبية من نوع (أولما) عليها صورة نخلة، ففرحت بها كثيراً حيث لم يكن بإمكاني أنْ أشتريَ ساعة يدوية ولو بمئة فلس! وتتراءى أسماء الشعراء الآخرين كشريط سينمائي لا يُعاد إلاّ في الذهن ولكنه في خيال الأيّام الخوالي، حيث كنتُ مصاحباً بعضاً من شخوصها الذين ترجّلوا عن ظهور جيادهم واختفوا في غياهب الملكوت، فتتراءى لي أشباحهم، فهذا نوري الصولي العاملي وحسن عبد الباقي النجّار ومحمد سلمان العطّار وإخوته مهدي وداود وهادي (زميل الدراسة ورفيق الصِّبا) وطارق مرتضى الخالصي وحميد حسن الخالصي وغيرهم كثيرون. هذه الموسوعة الثمينة التي بذل المهندس الأديب عبد الكريم الدبّاغ جهداً غبر قليل وأخذت من وقته بضع سنوات بالرغم من عمله كمهندس في دائرة حكومية، فجاءت تاريخاً وسيرة شعراء من مختلف العصور ونماذج من أشعارهم تبعاً لما أنتجوه وقرأوه ونشروه، فبينما أحتلّ بعضهم عشرات الصفحات من الموسوعة وعشرات من القصائد نجد آخرين ببضعة أبيات من الشعر وأحياناً شعراء بلا شعر!
ثمّ نجد اختلافاً في الجودة والهدف، فهذا الشاعر ينظم قصائد في الرثاء والمناسبات الدينية فيبدع، وآخر يتكلّف ويتعثّر. وللسياسة دورها القويّ العتيد وخصوصاً في العهد الملكي والجمهورية الأولى بزعامة عبد الكريم قاسم الذي فتح أبواب الحريّة في أولها وضيّقها في الآخر، فبدأ الصّراع والخصام والاغتيالات ولم تنته السلسلة حتّى هذه السّاعة. فما أزال أذكر بيتاً من الشعر ربّما كان للشاعر نوري الّصّولي العاملي أو للشاعر راضي مهدي السّعيد عندما رشّح رشدي عبد الهادي الجلبي (الأخ الأكبر للدكتور أحمد الجلبي) نائباً عن الكاظمية عام 1950:
الكاظمية لا ترشّح نائباً***ماضيه مكشوف الحقائق أسودُ
وبيت الشاعر علي جليل الوردي مخاطباً الزعيم عبد الكريم قاسم الذي افتخر بثورة تمّوز وقلّل من شأن الانتفاضات التي سبقتها في الاحتفال الذي أقيم في تشرين الأول أو الثاني عام 1961:
والله ما تشرين إلاّ معبرٌ***يزهو به تمّوزُ وهو مُظفَّـرُ
وقد ردّ عليه عبد الكريم قاسم (وريش الخوافي قوّة للقوادمِ)
إنّ بيئة الكاظميّة بيئة شعر، حيث تُلقى القصائد الحسينية والتي قد تكون سياسية أحياناً فيترنّم بها الناس.
تقصّ علينا هذه الموسوعة سيرة حياة هؤلاء الشعراء ونماذج من أشعارهم تتجاوز بضعة آلاف بيت وهذا لا يُمكن أن يُذكر بمقالة واحدة ، فهي مرجع لمن أراد أن يبحث عن شاعر معيّن في عهد معيّن أو يدرس البيئة والظروف التي عاشها وخبَرها. ومن عاش ذلك العهد وصاحب هؤلاء الشعراء يجد الأمر غير ما يجده من أتى بعدهم.
لم أكنْ أعرف قبل قراءة الموسوعة أنّ كثيراً من رجال الدين كانوا شعراء أيضاً، مثل الشيخ راضي آل ياسين وأخيه مرتضى آل ياسين (جيراننا) وإن كان شعرهم ذا اتّجاه محدود، ولكنّ أغلب أفراد عائلتهم، وخصوصاً الدكتور عزّ الدين آل ياسين ومحمد حسن آل ياسين وإسماعيل آل ياسين، لهم أشعار جميلة، فمحيط العائلة يقدح القريحة.
تحتوي الموسوعة على 333 شاعراً وشاعرة مع نبذة من حياتهم ومختارات من أشعارهم بأزمان متفاوتة يرجع بعضها إلى 400 عام. ولكن أكثرهم في القرن العشرين وتقع في ثمانية أجزاء تجاوز صفحاتها 3500 صفحة من القطع المتوسّط، وتحتوي على فهرس ضخم بقصائد الشعراء المذكورين فيها. لذا تكون الكتابة عمّا تحتويه عملاً غير يسير ويستغرق صفحات وصفحات، وما كتبتُ ليس إلاّ تعريفاً موجزاً لموسوعة جبّارة أبدع الأستاذ عبد الكريم الدبّاغ في إعدادها فقلّ نظيرها، فهو شاعر أيضاً ومذكور في هذه الموسوعة.
فشكراً للأستاذ الدبّاغ على هديّته الكريمة التي أعتزّ بها كمرجع ثمين.
--------------------------------------------------------------
موسوعة الشعراء الكاظميّين – تأليف المهندس عبد الكريم الدبّاغ
الناشر: الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدّسة – الشؤون الفكرية والثقافية.
المطبعة: دار المرتضى – بيروت 2014.



#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اكتشاف فيروس للغباء
- المعجم الكيميائي الجامعي – تأليف الدكتور مجيد محمد علي القيس ...
- ترجمة ألمانية لنصّ الشاعر عمّار يوسف المطّلبي (لا تفقد الأمل ...
- ترجمة ألمانية لنصّ االشاعر سعد جاسم (جثّة تمشي)
- أيّهما أهمُّ: الجين (المُنتِج) أم البروتين (المنتوج) وكيف تؤ ...
- خماسيّتان بثلاث لغات
- علاج الجين، أهو طبّ المستقبل؟
- أغنية حبّ - راينر ماريا ريلكه (1875-1926)
- Der gegenueberliegende Buergersteig
- لورَلايْ – Lorelei
- الصمت - Das Schweigen
- الجينات تسيطر على الإنسان، فهل يستطيع الإنسان أن يسيطر على ج ...
- أنشودة سياسيِّ العهد الجديد
- نهاران - رواية سرد ونقد - تأليف الدكتورة لطيفة حليم
- أنا عكا - ترجمة ألمانية
- قصّتان قصيرتان
- التقنية الجينيّة -أطفال يحملون جينات من أب واحد وأمّيْن اثنت ...
- الشيخ والقطّ مرجان
- ألوها هونولولو!
- صناعة الموت - فايروس إنفلونزا الطيور H5N1 المحوّر جينيّاً


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - موسوعة الشعراء الكاظميّين - وذكرى الأيّام الخوالي