|
الكُندرجي* ألبريميتيفي *..!!
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4947 - 2015 / 10 / 6 - 12:15
المحور:
الادب والفن
الكُندرجي* ألبريميتيفي *..!! لقد وقع الإختيار على الرفيق محمد ، ليُشارك في وفد رسمي للحزب ، يقوم بزيارة دولةٍ إشتراكية ، وهو الذي لم يُغادر البلاد قبلها أبداً...كان قد دنا من عُمر ألسبعين ، قضى ثلثي عمره عضوا في الحزب ، ساهم وأقام فروعا لمنظمته الحزبية ، أينما حل ، شارك في كل النضالات ، المُظاهرات والإضرابات وذاق طعم الملاحقات والمعتقلات .. لقد تعلّم مهنة صناعة الأحذية في مدينة حيفا وهو في مرحلة الشباب الأولى ، لقد غادرَ قريته التي لا تضمنُ لسكانها لا الغذاء ولا الكساء ، فهجرها متوجها الى المدينة التي تملكُ ميناءً كبيرا ونشطا، عمل حمّالاً هناك.. إلى أن ملّ وعملَ في ورشة لصناعة الأحذية ، فحذقها وافتتح له دكاناً خاصة به . لكن الميناء كان مدرسته الأولى، فهناك زاملَ عمالاً من كافة الإتجاهات ، تجمعهم كلهم، مشاعر الغضب والرفض للإحتلال البريطاني ، وهناك تعرف على الشيوعيين والاخوان المسلمين ، تعرف على بعض الشباب الثائر ضد الاحتلال ، وشارك في نشاطاتهم جميعاً. في تلك الفترة ، بدأت إرهاصات الثورة المسلحة ضد الاستعمار ، وكان الشيخ القسّام حينها ومن جامع الإستقلال يدعو الشباب للثورة ، بل التحق بنفسه للثورة المسلحة في الريف الفلسطيني ضد الاستعمار ، وقدّم بنفسه نموذجا حيا .. !! وكان محمد من ضمن من شارك واتبع الشيخ في حله وترحاله ، ولم يضع سلاحه إلا بعد "خمود" ثورة الريف الفلسطيني .. لقد كان ذا صوت شجي ، فأصبح مؤذناً وقارئ قرآن مع الشيخ عز الدين ، وصلّى خلفه الصلوات جميعها ، ولم يتخلَ عن الصلاة وقراءة القرآن حتى أواخر حياته... لم يستطع العودة الى قريته ، فهي بالنسبة لحيفا ، قرية تغفو على أكتاف الجبال المحيطة ، وأكثر ما يُشغلُ بال أهلها ، صراعاتهم الحمائلية ، ومواسم الزرع والحصاد .. لكن حيفا ... كانت القلب النابض وكانت مركزا ثقافيا وسياسيا ، ولياليها حُبلى بكل جديد ... ندوات ، حفلات ،مسرح وإصدارات سياسية وثقافية ، لا تتوقف أبداً. لكنه ومع مرور الأيام ، اقتربَ أكثر وأكثر نحو الشيوعيين ... وهكذا اصبح عضواً في العصبة، يُشاركُ في نشاطاتها .. حتى حصل على لقب الرفيق الشيخ ..!! وكان تدينه يصب في "مصلحة" الحزب ، الذي أُتهم دائما بأنه حزبٌ ملحد .. وحينما سقطت حيفا.. وقامت دولة اسرائيل عاد الى قريته ، ليُبادر بتأسيس فرع للحزب الشيوعي مع مجموعة من اصدقائه ورفاقه .. يتعرض للاضطهاد والملاحقة ، لكنه صلبٌ ، يُسجن ويُبعد عن زوجته وأولاده ..لكنه بقي كندرجياً في اوقات الهدوء .. يحظى بمحبة الجميع واحترامهم ، تزوج وانجب دستة من البنين والبنات .. وفي زيارته للدولة الإشتراكية ، التي قضى عمره حالما بزيارة إحدى دول هذا المعسكر ،يتحقق الحُلم ، وينضم لوفد حزبي في زيارة رسمية .. يستقبلونهم هناك استقبال القادة والزعماء ، يزورون الاوبرا والمسارح ، يحضرون كونسيرتات وندوات ، تُرافقهم "رفيقة" شابة ، قامت بدور المترجمة والمرشدة .. ينزلون في أفخم الفنادق ، ويتناولون أفضل الوجبات في مطاعم "النُخبة " .. تربطه بالرفيقة المترجمة علاقات وُدٍ واستلطاف ، فهو محبٌ للاستطلاع كطفل صغير ، يسألُ عن كل شيء، ويُنصتُ باهتمام لشروحاتها وأقوالها .. بادرته بالسؤال ، بالعبرية : كم عدد ابنائك وبناتك ؟! أجابها: ستة من الذكور وست من الإناث ..!! -ماذا ؟ هل انتَ بريميتيفي ؟!! وحينما عادَ ، حدّث الرفاق عن انطباعاته الكثيرة ، وقال لهم بأن الرفيقة المترجمة قد أبدتْ إعجابها به ، وقالت عنه بأنه بطل !! -لقد قالت لي بأنني بريميتيفي ..!! قهقه الرفاق والذين يُجيدون العبرية ، على "المديح" الذي حصل عليه الرفيق محمد .. *الكندرجي هو صانع الأحذية أو من يقوم باصلاحها * بريميتيفي : بالعبرية من اصول انكليزية وتعني "مُتخلف" ..!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا كُنتم تتوقعون ؟!
-
سُبحان مُقلّب القلوب ..!!
-
لوْ لَم يَقُم في قلبه ..
-
ألملابس والإعتداء الجنسي ..
-
شيطان وشياطين..!!
-
رحيلُ الأستاذ موطي كيرشنباوم ..
-
مرثيةٌ لطروادة
-
السفير والبرازيل ..
-
أردوغان ألمُخلّص ..!!
-
بوتين والمدارس الأهلية المسيحية ..!!
-
ألديغلوسيا..في العربية
-
طبقية السجائر ..!!
-
عُنفٌ وناراتيف ..
-
عَرَب وَكُتُب..؟؟!!
-
إيّاكَ ثم إيّاك يا نضال ..!!
-
ألقانون والجُناة ..
-
الحَكي فِشْ عَليهْ جُمرُك..يا أُستاذة فاطمة.!
-
دُرزي..!!
-
نعمةٌ أم نقمة ..؟!
-
الإمام الأكبر وضمير الغائب؟؟!!
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|