|
أعداءُ أمّي .. وأعداءُ الحكومة
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4941 - 2015 / 9 / 30 - 22:14
المحور:
كتابات ساخرة
أعداءُ أمّي .. وأعداءُ الحكومة
أمّي ، مثل حكومتنا الرشيدة ، لديها قدرة استثنائيّة ، وعجيبة ، على تحديد و رصد الأعداء والأصدقاء ، ولديها معاييرها الخاصة في فرزهم على " الخانات " التي يستحقّونها أيضاً . وأعداء أمّي ، كأصدقائها ، كثيرون جداً . ولكنهم يتبادلون الأدوار من شهرٍ لآخر ، ومن إسبوعٍ لأسبوع . وخلال هذه المدة القصيرة قد ينقلبُ الأعداء الألدّاء الى أصدقاء رائعين ومُخلصين ، وبالعكس ، دونَ أن تكلّف أمّي نفسها عناء طرحِ أسبابٍ واضحةٍ ، أو مُبَرّرات معقولة ، لهذا الأنقلاب " الدراماتيكي " في المواقف . واذا اعترضتَ عليها ، و قلتَ لها : ولكن يا أمّي لقد كان هذا الصديق الرائعُ قبل اسبوعٍ واحدٍ فقط مجرد " كلب إبنْ سِطّعَشْ كلب " ، فما الذي حوّلَهُ الى انسان طيّب و ( إبن اوادم ، وإبن حَمولَه ) بهذه السرعة القياسيّة ؟ .. ستُجيب : لا يابه . صحيح فلان مرّات " يِشطَحْ " و يصير " مدري شلونه " ، و " مو خوش آدمي " .. بس فلان طِلَعْ " ماكو أضْرَبْ منّه " . هذا فلان يابه .. طَلَعْ " خنيث خبيث " ، ومُنافق ، و " يُكَرُصْ و يضُم راسه " ، و بخيل ، و " حنقباز " و " مخبّلْ " .. وفوكَاها " أدب سِزْ ". و عندما يحينُ الدور على أحدهم ، أو أحداهُنّ ، و تقرّر أمّي وضعهم ، أو وضعهُنّ ، في خانة الأعداء ، فأوّل شيءٍ تفعلهُ هو تغيير الأسم واللقب إلى نقيضه . فـ " ورود " تصبح قرود " . و " عبير " تصبح " نفير " ( لأنها تتحدثُ معها دائماً بصوتٍ عالٍ ) . و " خالد " الى " خامد " . و " هُشام " إلى " هشيم " . و " حسيبة " الى " مُصيبة " .. وهكذا . وعند ما تتحوّل بعضُ قريباتها إلى " عدوّات شرّيرات " ، تقوم أمّي بتحويل أسماءهنّ إلى مواقع جغرافيّة . و هكذا فعندما تريدُ أمّي أن تشير إلى أحداهنَ فأنّها تقول : فلانة " أمّ السويد " . أو فلانة التي تعيش " يمّ البَحَر " . وفي أحدى المرّات أقسَمَتْ أمّي مراراً أنّها شاهدتْ بالصدفة وحدها ( ومن خلال تقرير لأحدى القنوات الفضائية ) واحدةً من قريباتها ، من جماعة " الشاف ما شاف " ، وهي تمشي على كورنيش بيروت ، مرتديةً تيشيرت احمر وبنطلون جينز ، وذلك على الرغم من أنّ أباها ( الذي لم يُحسِنْ تربيتها أبداً ) ، كان قد مات قبل ثلاثة أشهر فقط من قيام القناة الفضائيّة ببثّ التقرير . و مع أنّ أمّي لا تعترف بمبدأ المصالح الدائمة ، وتؤكّدْ : " آني بعد ما عندي مصلحة يابه بس يم رب العالمين " .. لكنّ ذلك لا يعني ان الصداقات دائمة ، والعداوات دائمة . فقريبات أمي يتحوّلنَ فجأةً من جاحدات ، وناكرات للجميل ، إلى " وفيّات ومُحبّات ، ومينسون العِشْرَة ، والملِح والزاد ، وأيام الضيم اللي عشناها سوه " . و هنا تتبدل الأسماء والألقاب والمواقع الجغرافية ، وتعود القريبات الى أسماءهنّ الأصليّة ، بل وتضافُ اليها أسماء دَلَع مناسبة . وعندما تقولُ لها : والكورنيش يام ؟ . والتيشيرت الأحمر ؟ و بنطلون الجينز ؟ ستجيبك : إنته شجلّبِت بهاي الحجايه ؟ صحيح هيّه عدهه طلعات طايح حظهه .. بس تبقى إحنَيْنَه ، و فُطيره ، و كاسْرَه ظهرهه على جَهّالْهه ، ومتكَطَعْ بيّه ، و شايلتني بالصلوات . أما الجيران ، فالعلاقات معهم مُتقلبّة . والجار الجديد يبقى مشكوكاً في أمره إلى أن تُثبت الأيام عكس ذلك . وعندما شحّ ماء " الأسالة " في الصيف الفائت ، اتهمت أمّي " عناصر مندسّة " في عائلة البيت المجاور ، بأنّها السبب وراء توقف أمدادات المياه إلى بيتها . وعندما أعترضتُ على تشخيصها للعدو ، ومبالغتها في قدرته على فعل ذلك ، أجابَتْ : لا يابه . ذوله مو خوش جيران . دائماً " عدهم هوسه " . و " اشكولاتهُم مو راحة " . " عبالك مو عراقيين " . و " عدهم سيارات هوايّه ماليه الشارع . منين جابوهه و هُمّه كَاعدين ايجار .. ما أدري " . و دائماً يغسلونَ سياراتهم . " بس لا ذوله يفخّخون سيارات يابه ، ويبلونه بلوه كَشره " . " شتكَول لو تبلغون عليهم يابه ، وتكَولون لقوات مكافحة الأرهاب ، ذوله جيران أمّي يمكن دواعش " . قلتُ لها : " يمعودّه يُمّه .. على شنو ؟ تره القضيه بسيطه ، ومتسوّه .. وإنتي عمرج ما أذّيتي نملة يام " . أمّي أجابتْ ببرود ، يشبه برود حكومتنا في قضايا " مصيرية " مماثلة : إي والله يابه . آني هم مرّاتْ أستخطيهُم . بس بلكي يرجع المي مثل كَبُلْ يابه . مو إنشِلَعْ كَلبي يابه .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كوليرا .. كوليرا
-
جورج الوحيد
-
شهيق .. شهيقٌ عميق
-
أنا اتذكّركَ الآن . أنا أراك
-
عندما يبقى مكانكَ فارغاً .. في قلبِ روحي
-
أمّي .. في العيد
-
العيدُ نساءٌ .. و مُدُن
-
إي والله .. وهاي هيّة !!!!
-
في العيد .. في العيد
-
بغداد .. كاتيوشا
-
كاتيوشا
-
بغداد .. كوليرا
-
رائحةُ الياسمين .. التي تملأُ السيّدة
-
عن صراعات الماء والكلأ ، في مراعي الموازنة العامة للدولة
-
عن الشتائمِ التي لا تُشفي الغليل
-
عندما لا تكونُ طائفيّاً .. يا فلان
-
الصبرُ .. ليسَ مفتاحُ الفَرَج
-
عن الأباحيّة .. والأباحيّون .. وحجب المواقع الأباحيّة
-
حدثَ ذلكَ .. في السويد
-
أمّي .. قالَت
المزيد.....
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|