أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نضال الربضي - عن اقتحام ِ المسجد ِ الأقصى المُستمر.














المزيد.....

عن اقتحام ِ المسجد ِ الأقصى المُستمر.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4927 - 2015 / 9 / 16 - 15:08
المحور: القضية الفلسطينية
    


عن اقتحام ِ المسجد ِ الأقصى المُستمر.

أنظر ُ بعين القلق الشديد إلى الاقتحامات الإسرائيلية المُتكرِّرة للمسجد الأقصى، و آخرُها ما زال مُستمرا ً منذ أربعة ِ أيَّام. أضع ُ هذا الاقتحام في دائرة ِ التطرُّف الديني الذي يعصفُ بالشرق ِ الأوسط بشكل ٍ خاص ٍ يتَّخذ ُ منحى ً دمويا ً و تدميريــَّـا ً على مُستوى الصحَّة ِ النفسية ِ للأفراد، و المستوى الإجتماعي الذي تتفكَّـك ُ روابِطه التي تجمع ُالمكونات المذهبية المختلفة، و المُستوى الاقتصادي السياسي الذي ينعكس ُ على كيان ِ الدُّول التي تتعرَّض ُ لهذا العنف بشكل ٍ مُباشر يهدِّد ُ وجودها.

حوادث ُ الاقتحام تنسجم ُ مع عقلية ٍ دينية ٍ مُتطرِّفة ترى لنفسها الحقَّ بالوجود و تحجبُه ُ عن الآخر، تحت ذرائِع: دونيةِ ذلك الطرف بعد تفريغِه ِ من قيمته الإنسانية و شيطنتِه ِ و تعظيم ِ الخطر ِ المُتوقَّع ِ منه و بالتالي التَّمـترُس ِ وراء الحق ِّ بالدفاع عن النفس و الحقِّ في العبادة كتبرير ٍ مُزدوج لإلحاقِ الأذى بالآخر دون الاعتراف ِ له بحق ِّ الدفاع أو في حرِّية ِ العبادة. إنَّنا ننظر ُ في كلِّ تلك َ الحوادِث ِ إلى مِعيار ٍ مُزدوج للأحكام لا يرى الحقَّ كقيمة ٍ موضوعية ٍ بحدِّ ذاتها تنسحب ُ على المُعتدي و الضحية، لكن كقيمة ٍ ذاتيّـِـة ٍ خاضِعة ٍ لمصلحة ِ المُعتدي.

و لعلَّنا لو تأملنا حادثة َ الحرم ِ الإبراهيمي في العام 1994 حينما اقتحم َ باروخ جولدشتاين المُتطرف جمع َ المُصلين و فتح َ عليهم النَّار ليرتكب َ مجزرة ً مروِّعة، ثم َّ قارنَّاها مع اقتحام ٍ إرهابي دولة العراق الإسلامية لكنيسة ِ سيدة ِ النجاة في بغداد في العام 2010 و تفجيرهم لأنفسهم في مجزرة ٍ مُروِّعة ٍ ثانية، سنجدُ أننا أمام َ أفعال ٍ تنبع ُ من مصدر ٍ فكريٍّ واحد، يعترفُ لنفسِه ِ و لنفسِه فقط بحق ِّ الوجود و يريد ُ أن يُلغي الآخر تماماً.

كان باروخ جولدشتاين طبيبا ً أيَّ أنه ممن درسوا و تعلَّموا لسنين طويلة في الجامعات، ناهيك َ عن المشاعر ِ الإنسانية ِ الحسَّاسة التي يجبُ أن يتصف َ بها أي ُّ طبيب، بينما كان إرهابيو دولة العراق الإسلامية من عامَّة ِ المُقاتلين، إلَّا أن المُستوى التعليمي و الوظيفة َ و الوضع الاجتماعي و اختلاف الدين لم يكن لهم أيُّ أثر ٍ في اتخاذ قرار ِ القيام ِ بالمجزرتين، و لا يمكننا أن نفهمها سوى إذا أدركنا أن الفكر المُتطرِّف في حدِّ ذاته يستحوذ ُ على الهوية ِ الشخصية ٍ للمُعتدي ليصير جُزءا ً من هويـَّة ٍ جمعية ٍ للمجموعة ِ التي ينتمي إليها، و يتحوَّل َ إلى صائغ ٍ شمولِي ٍّ لثقافة ِ المُعتدي الجديدة و باعث ٍ على الأفعال و مُقولِب ٍ لأُطر ِ ردود ِ الفعل و الاستجابات.

لا يمكن ُ القبول ُ باقتحامات المسجد الأقصى المُتكرِّرة أو تسويغُها أو تبريرها تحت َ أي ِّ مُسمَّى أو حُجَّة، و لا يمكن كذلك تسويغ ُ و تبرير ُ انتهاكات الكنائس ِ في سوريا و العراق و بشكل ٍ أقل َّ في مصر، و لا نستطيع ُ أن نقبل َ أبدا ً تفجير َ الحُسينيات ِ و المساجد ِ الشيعية و دور ِ العزاء، و نرفض ُ بإنسانيتنا أن نعترف َ للمُعتدي أيَّا ً كان بما يسميِه ِ حقَّه ُ في إلغاء الآخر.

نحتاج ُ إلى وقفة ٍ إنسانية ٍ صادقة تمدُّ اليد للآخر، و تعترف ُ له ُ بحقِّ الوجود، و تقبلهُ على اختلافه دون أن ترى في هذا القبول مـِـنَّة ً أو هديَّة ً أو تسامُحا ً، لكن باقتناع ٍ أصيل بالتَّعدُّد ٍ كشكل ٍ وجودي يُعبِّر ُ عن الطبيعة ِ نفسِها ويصف ُ تاريخا ً بشريا ً مُمتدَّا ً وواقعا ً عالميا ً حالَّاً.

علينا أن نفحص َ داخليـَّـتنا لنرى أين َ نقف ُ من الآخر حيث ُ لا يرى أحد، ثم َّ نُقيـّـِم َ هذا الموقف َ بين يدي الفكر الإنساني و في ضوء ِ الحكمة، و بعدها نبحثَ عن حلول ٍ تُرضينا جميعا ً على أُسُس ٍ من العدلِ و الشراكة، و بهذا فقط نستطيع ُ تحيد َ الأقليَّات ِ المُتطرفة الموجودة في كل الأديان، بحيث يصبح ُ من النادر أو القليل وجود ُ أشخاص ٍ مثل باروخ جولدشتاين و مجاميع الإرهابين التكفيرين.

يستطيع ُ كلُّ ذوي الإرادة ِ الحكيمة أن يجدوا تفاهما ً مُشتركا ً يُلبي الحاجات ِ الأساسية لأي إنسان و التي تظهر ُ على المستوى الوجودي الأسبق من المُستوى الديني، أي حاجات ِ الأمان و الحماية، و ذلك بالقبول ِ بمواثيق ِ الأمم ِ المُتَّحدة لحقوق ِ الإنسان، و تبني آليات عمل في المجتمعات لتطبيقها مع مُراعاة بعض الخصوصيات ِ الضروية لأي مُجتمع و فقط بما لا يتعارضُ مع جوهر هذه المواثيق.

كما و يجب ُ على الدُّول ِ العُظمى التي أعطت نفسها الحقَّ في تسيُّدِ العالم ِ و التحكُّم ِ بسياسات ِ البُلدان الصغيرة لتجعلها تخوض ُ حُروبا ً اقتصادية ٍ و سياسة بالوكالة ِ عنها، أن تتحمَّل َ مسؤولياتِها في سوريا و العراق، لتجذب َ الأطراف َ المُتصارعة نحو طاولة ِ المُفاوضات في نفس الوقت ِ الذي تدعم ُ فيه السلطات ِ الشرعية لمحاربة ِ الإرهاب ِ التكفيري الدموي و حماية ِ الأقلِّيات ِ الدينية.

و على المجتمع ِ الدولي أن يضغط َ بشكل ٍ و اضح ٍ و صريح ٍ على إسرائيل لتتوقَّف َ عن توظيف ِ: مظلومية َ الهولوكوست و استدعاء ِ الحقِّ التاريخي بأرض ٍ كانوا جُزءا ً من نسيجها في أحقاب ٍ سحيقة مع أقوام ٍ أخرى منهم الفلسطينيون، و لكي تتحمَّل َ مسؤوليتها القانونية كدولة ٍ مُحتلَّة ٍ حسب قرارات ٍ الأمم ِ المُتَّحدة، و منها مسؤولية ُ حماية المدنين و صيانة ِ حقِّ العبادة و دورها، و تتوقَّف َ عن مجاملة ِ المستوطنين المُتطرفين، و تواصِل َ عمليَّة السلام مع الشريك الفلسطيني لكن هذه المرة بتبـنِّي بنود واضحة للحل النهائي و جدول زمني مُحدَّد.

نُريدُ لأهلنا في فلسطين دولة ً حقيقيَّة ً على تُرابِهم الوطني، و سيادة ً فعليَّة ً على مُقدَّساتهم، و أعتقد ُ جازما ً أن تحقيقَ العدل ِ لهم من شأنِه ِ أن يُخفِّف َ بشكل ٍ كبير من الاحتقان ِ الشعبي في منطقة ٍ لم تعد تتحمَّل ُ عبثيات ٍ سياسية أو استقواء ً بقوَّة ِ السلاح أو تطرُّفا ً تكفيرياً.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 4 – الماهيَّة و الجذر – ج3.
- مع صديقي المسلم على نفس أرجيلة.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 3 – الماهيَّة و الجذر – ج 2.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 2 – الماهيَّة و الجذر – ج 1.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – مُقدِّمة للسلسلة.
- بوح في جدليات – 13 – لوسيفر.
- قراءة من سفر التطور – 6 – من ال 1 إلى ال 3.
- بوح في جدليات – 12 – عصفور ماريَّا.
- قراءة في الوجود – 5 - الوعي كوعاء للعقل و الإحساس و ما دونه.
- قراءة في الوجود – 4 – بين وعي المادة و هدفها.
- بوح في جدليات – 11 – في مديح ِ عشتار - نحن ُ الإنسان!ّ
- قراءة في اللادينية – 6 – مقدِّمة في مظاهر ما قبل الدين عند ا ...
- بوح في جدليات – 10 – ثلاثة ُ أيام ٍ بعد.
- قراءة في اللادينية – 5 – جذورُ: الإحيائية، الطوطم و التابو ف ...
- قراءة من سفر التطور – 5 – من ال 24 إلى ال 23
- قراءة من سفر التطور – 4 – من ال SIV إلى ال HIV
- المرأة الفلسطينية – بين الأمومة و السياسة.
- بوح في جدليات - 9 - ديك أسكليبيوس.
- عشتار - 4 – انبثاقُ الحياة.
- عمَّا بين النقد المُنفلت و نجاعة التأثير - 2


المزيد.....




- تونس ـ السجن لرئيس الحكومة الأسبق ومسؤولين سابقين في قضية -ا ...
- مصر.. البلشي يحسم مسألة سباق نقيب الصحفيين
- لبنان يعرب عن تضامنه مع سوريا في وجه -الاعتداءات الإسرائيلية ...
- الولايات المتحدة تلغي نظام الإعفاء من التأشيرة مع رومانيا
- توصيات الجامعة الربيعية لأطاك المغرب المنظمة بالرباط أيام 25 ...
- ناشطة بأسطول كسر الحصار: قلقون من احتمال حدوث هجوم إسرائيلي ...
- كيف استخدمت الدعم السريع المسيّرات لتغيير مسار الحرب؟
- غارات إسرائيلية جديدة على سوريا ودوي انفجارات في دمشق
- محللون: إسرائيل تستثمر هشاشة الوضع بسوريا لفرض وقائع ميدانية ...
- غارات إسرائيلية تستهدف مناطق متفرقة في سوريا


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نضال الربضي - عن اقتحام ِ المسجد ِ الأقصى المُستمر.