أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - بوح في جدليات – 10 – ثلاثة ُ أيام ٍ بعد.















المزيد.....

بوح في جدليات – 10 – ثلاثة ُ أيام ٍ بعد.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4770 - 2015 / 4 / 7 - 15:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بوح في جدليات – 10 – ثلاثة ُ أيام ٍ بعد.

خطت مريم ُ الصغيرة داخل الكنيسةِ المُظلمة إلا من أضواء ِ شموع ٍ خافتة، يتراقصُ لهبها بسلام ٍ مع هبَّات ٍ تسللتْ من الشقوقِ التي خانت أُطر َ النوافذ الخشبية حين التصقت بجدران الكنيسة.

ركعت واضعة ً مرفقيها فوق الدرج، و نظرت متجاوزة ً المذبح الخالي إلا من غطائه، إلى بيت القُربان، هناك يسكن ُ قلبُها الصغير و تودعُ روحَها قبل أن تخرج بعد َ كلِّ صلاة.

بدا لها اليومَ الأمرُ مختلفا ً، فهي لا تحسُّ بحضورِه هناك في ذاك البيت الصغير، و بدا أن هذا الحضور بجانبها، ففتحت عينيها المغلقتين و نظرت إلى شمالها فطالعت وجههُ متبسِّما ً:

كيف أنت ِ يا ملكتي الصغيرة َ اليوم؟
يسوع؟ هل هذا أنت؟!

نعم، أنا هو، لا تخافي.
لكن، أنا...، معقول؟

لم لا يكون معقولا ً؟
لأنك بعيد، لا تأتي، أبي يقول ُ أنك مُت منذ ألفي عام.

و أنت ِ ماذا تظنين؟
أنا، أنا، لا أعرف، أنا حزينة جدا ً. و أنت دائما ً صامت لا تتكلم. هل رأيت الأقباط َ الذين ذُبحوا يا يسوع؟ هل رأيت مسيحي العراق الذين تهجروا؟ صديقتي في المدرسة تقول أنهم أخذوا الأساور من يدي والدتها و ضربوا والدها، لماذا لم تدافع عنهم؟ ألست تقول: أنتم تصمتون و الرب يدافع عنكم؟ لم َ لمْ تدافع عن طلاب الجامعة في كينيا حينما قتلهم هؤلاء الشياطين؟ هذول ماتو من كم يوم بس، ليش؟

معك ِ حق يا مريم، أنا لا أفعل ُ الكثير.
طيب ليش يا رب؟ ألست َ تحبنا؟

مريم، هل شاهدتي القبطي الذي قبل أن يذبحوه نطق باسمي؟
سمعته، و غضبت منك، شعرت ُ بالصدمة، أردت ُ أن أركض َ لأبكي في حضنك و أن أضربك َ بيدي لأنك كسول مهُمل و قاسي مُتبلد القلب.

هل سمعتيه حين قال قبل أن يذبحوه : يا يسوع؟ هو لم يُرد أن يضربني، لم يغضب مني.و الرومان ضربوني ضربوني يا مريم قديماً فهل ستضربينني أنت ِ اليوم؟
ضربوك لأنهم اشرار، أما أنا فأريد أن أضربك َ لأني أحبك، و لأن صمتك َ يقتلني.

يا ملكتي الصغيرة، عليكم أن تحاربوا حروبكم بانفسكم، هذا مصدر قوتكم، أنتم جنس ٌ قوي، عظيم، مُفكِّر، قادر ٌ على أن يصنع المعجزات. معجزات ٍ أعظم و أحلى و أروع من التي صنعتها أنا. أنا معجزاتي قديمة، لا تتكرر، أما أنتم فمعجزاتكم جديدة، مُبتكرة، و تكررونها كل يوم!
لكني أحبُّ معجزاتك َ أنت.

أنت ِ تحبين السلام َ الذي تحسينه فيَّ، القوة التي ترينها في شخصي، الطمأنينة َ التي تتخيلينها في يدي، أنت ِ تحبين َ فيَّ ما يمكن أن تحبيه في كل معجزات ِ العلم و الطب و التكنولوجيا لديكم.
لا، أنا أحبك أنت.

إذا ً أحبيني في نفسك ِ و عائلتك ِ و جيرانك ِ و أصدقائكِ، أحبيني في الدنيا و من فيها، و ما فيها، أحبيني في الحقيقة و الجمال و الموسيقى، فأنا في كل هؤلاء و من كل هؤلاء، و كذلك كثيرون غيري و كثيرات.
أتعني أنك َ لست َ فريداً، لست َ مخلِّصي؟

بلى أنا فريد، لكنني لست ُ مخلِّصا ً لك ِ و لا لأحد، لأنه لا يوجدُ ما أخلِّصُك ِ منه، أنت جميلة و رائعة كما أنت ِ، أنت عظيمة بإنسانيتك ِ و مشاعرك ِ الطيبة، و قلبك ِ الكبير، و عقلك ِ الصغير الرائع. يوما ً ما سيكون ُ لك ِ وظيفة، و بيت، و مستقبل جميل كوجهك ِ و هذه الضفائر الحلوة.
أنا لا أفهم، يعني إنتا ما انصلبت؟

أنا انصلبت يا مليكتي الصغيرة، و أهانوني، و ضربوني، و علقوني على خشبة، و دفنوني في القبر، لكنني قمت ُ في قلوبكم أنتم و في قلب كل من يحب، سواء ً كان مسيحيا ً أو غير مسيحي، فالحب لا يعرف الأديان، و لا يعرف اللغات، له دين ٌ واحد هو دين الحب دينُ نفسهِ، و له لغة واحدة هي لغة الوجود، و لغة الحياة.
طيب يعني إنتا مش مهم؟

أنا لإلك مهم، من أجلك ِ أنتِ مهم، بالنسبة ِ لكل من يؤمن بي، و بعد ثلاثة ِ أيام ٍ من الآن أرتفع ُ على الصليب من جديد، من أجل ِ أن تشهدوا أنتم للحب.
يعني أنت َ لم تشهد للحب؟ لم تكن تريد أن تموت َ من أجلنا؟

أنا أردت ُ أن أشهد َ لإلهي و لمملكته القادمة، من أجل العدل، من أجل أن يرتفع الصغار و الأذلاء و المهمشون في المجتمع ليجلسوا في دنيا جديدة يأتي بها أبي الذي هو أبو كل واحد ٍ فيكم أنتم، من أجل أن يذهب َ الظلم عن الوضعاء، لكن العالم َ لم يُرد، فصلبني و بقي كما هو.
طيب ليش ما غيرتو إنتا، إنتا بنفسك، مش إنتا الله؟

لا يا مليكتي الصغيرة، أنا لست ُ الله، و لم أرَ الله قبلاً، و لن تريهِ أنت ِ و لن يراهُ أي إنسان، أنتم صنعتموه ُ بأنفسكم! لكنني، أنا يسوع، و تستطيعون َ بمثالي الصالح أن تصنعوا ما لم يصنعهُ لكم الله، حين تضعون أيديكم في أيدي بعضكم، و تحبون بعضكم، و تلتقون َ مع بعضكم، و تتوقفون عن الكلام ِ عن الأديان و المذاهب و الطوائف و العرقيات و المناصب و الطبقات، عندما تدركون أنكم متشابهون، و تقصدون أن تحبوا، و تحبوا فعلاً.
أنا مش فاهمة!

ستفهمين مع الوقت، كلما تقدمت فيك ِ الحياة، ستفهمين أكثر َ قليلا ً، ثم قليلا ً، حتى يُصبح القليل ُ كثيرا ً، و عندها ستشاهدينني كما أنا، شاهدا ً للحياة، و للحب، لكن كما أنا، لا كما تريدون، و ستشاهدين كثيرين مثلي، و كثيرين َ مثلكِ، و ستعلمين أنني أشهد ُ للحياة، و أنك ِ أنت ِ أيضا ً تشهدين لها، و أنك كلكم تشهدون لها بنفس القدر، و أن أفضلكم هم من يُحبُّون!

بدا لمريم الصغيرة أن الحضور َ العذب الجميل انتقل َ من جانبها إلى قلبها، و بدا لها أن روحها خرجت من بيت القربان و عادت إليها لتسكنها للأبد، و أن بيت القربان ِ أصبح أجمل، و ذا معنى ً أعظم، حين عاد َ منه الإنسان ُ للإنسان. و بدا لها أن يسوع لم يعد محبوسا ً فيه، و لا مُسمرا ً على الصليب، لكنه يمشي كل الشوارع و يطوفُ كل المدن، و له كل الوجوه، و أنَّهُ يشبهُ كل الوجوه، و أن َّ كلَّ الوجوه ِ تُشبِهُه، و أنها و هو و هم يُشبهون َ الحياة!

--------------------------------------------------------------------------------------
ثلاثة ُ أيام ٍ قبل الجمعة ِ العظيمة، كلَّ عام ٍ و أنتم بخير، كل َّ عام ٍ و انتم بكل الحب، و ليقم المسيح ُ في قلوبكم!
"أكادُ" أقول ُ: آمين.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في اللادينية – 5 – جذورُ: الإحيائية، الطوطم و التابو ف ...
- قراءة من سفر التطور – 5 – من ال 24 إلى ال 23
- قراءة من سفر التطور – 4 – من ال SIV إلى ال HIV
- المرأة الفلسطينية – بين الأمومة و السياسة.
- بوح في جدليات - 9 - ديك أسكليبيوس.
- عشتار - 4 – انبثاقُ الحياة.
- عمَّا بين النقد المُنفلت و نجاعة التأثير - 2
- الفيلا في وسط الغابة –الياكيم، باراك، أوباما و التاريخ.
- في نجوى معاذ
- عمَّا بين النقد المُنفلت و نجاعة التأثير.
- قراءة في القداسة - 3 - عن المقدس و الطاهر و العلاقة بينهما.
- ذات َ كأس ِ قهوة - 2
- قراءة في القداسة - 2 - عن المقدس و الطاهر و العلاقة بينهما.
- قراءة مغايرة في إرهاب شارلي إبدو.
- قراءة في القداسة – عن المقدس و الطاهر و العلاقة بينهما.
- ذات َ كأس ِ قهوة
- قراءة في الوجود – 3 – عن الموت.
- قراءة في الوجود – 2 – عن الحياة.
- عشية الميلاد – نحتفل ُ في أرضنا.
- قراءة في الوجود – عن الوعي.


المزيد.....




- صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
- toyour el-janah kides tv .. تردد قناة طيور الجنة على القمر ا ...
- سوريا: تنظيم -داعش- الإرهابي يقف وراء تفجير الكنيسة بدمشق
- البابا ليو: يجب عدم التساهل مع أي انتهاك في الكنيسة
- حماس: إغلاق المسجد الأقصى تصعيد خطير وانتهاك صارخ للوضع التا ...
- سلي أطفالك في الحر.. طريقة تحديث تردد قناة طيور الجنة 2025 T ...
- صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
- نبوءة حزقيال وحرب إيران وتمهيد الخلاص المسيحاني لإسرائيل
- الجهاد الاسلامي: الإدارة الأميركية الراعي الرسمي لـ-إرهاب ال ...
- المرشد الأعلى علي خامنئي اختار 3 شخصيات لخلافته في حال اغتيا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - بوح في جدليات – 10 – ثلاثة ُ أيام ٍ بعد.