أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال الربضي - بوح في جدليات - 9 - ديك أسكليبيوس.














المزيد.....

بوح في جدليات - 9 - ديك أسكليبيوس.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4736 - 2015 / 3 / 2 - 14:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بوح في جدليات - 9 - ديك أسكليـبـيـوس.

---------------------------------------
"كريتو،
نحن مدينون لـ ِ "أسكليـبـيـوس" بديك!
ادفعه له،
لا تنسى!"
---------------------------------------
(الكلمات الأخيرة لسقراط بعد ابتلاعه لشراب نبتة الشكران السام، الترجمة من الإنجليزية لكاتب المقال)

"أسكليـبـيـوس" كان إله الطب عند اليونان، أعطته "أثينا" إلهة ُ الحكمة و رفيقة ُ الأبطال و ملهمة ُ الأعمال البطولية، دم َ الغرغونة "ميدوسا". "ميدوسا" كانت امرأة ً جميلة ً شُغف َ بها إله الماء و البحار "بوسيدون"، بعض الروايات تقول أنها كانت كاهنة ً لأثينا مُعتزَّة ً بجمالها. أوقعها الإله البحري في حبه، و تبادلا الحب في معبد "أثينا" فكان جزاؤها أن حوَّلتها الإلهة ُ الحكيمة إلى امرأة ٍ قبيحة المنظر، شعرُها حَّيَّات ٌ سامَّة. دم "ميدوسا" من جانبها الأيمن كان يُعطي الحياة، أما من جانبها الأيسر فهو الموت ُ الزُّعاف ُ الوَحـِـيُّ.

قــَبـــِل "أسكليـبـيـوس" دم "ميدوسا"، و كان يعيدُ الأموات َ إلى الحياة بقوة ِ طبّـِهِ و أسرار ِ حكمتِه، فاشتكى "هادس" إله العالم السفلي الطبيب َ إلى أخيه "زيوس"، قال لَهُ أن َّ الحياة َ للأبد بلا ضوابط بلا موت بلا نهاية شرٌّ كبير، ستمتلئ الأرض ُ بالأحياء، لن يكفيهم الطعام، سيصنعون َ المشاكل!

"هادس" إله ُ الموت و البؤس ِ و الكآبة ِ يناصر ُ النظام! ضد الفوضى! يتكلمُ عن الأفضل ِ و الأحسن و الأجمل! عن الخير!
عجبا!

انتظروا، عودا ً على ما هو أعجب، أليس دمُ القبيحة ِ "ميدوسا" و التي يتحوَّل ُ من نظر إليها إلى تمثال ٍ من حجر، يعيد الحياة َ بكل جمالها، إذا أخذناهُ من جانب الغرغونةِ الأيمن؟ هل هناك أعجب ُ من أي يكون َ مصدر ُ الموت هو ذاتُهُ مصدر الحياة؟ بل كيف يجتمع ُ الموت ُ مع الحياة؟!

قتلَ "زيوس" الإله َ الطبيبَ "أسكليـبـيـوس"! لم يرضَ كبيرُ الآلهة ِ أن يتحدى الإله الأقل شأنا ً قانون َ الطبيعية. تُرى لماذا كلما انحدرنا في سُلَّم ِ الألوهة ِ كانت الآلهة ُ أطيب و أكثر تعاطفا ً مع الإنسان، ساعية ً لخيره و لإطالة عمره، و رفدِه بأسبابِ الحياة ِ و السعادة ِ و المرح ِ، بينما كلما صعدنا نحو كبير ِ الآلهة ِ الذي هو مصدرُ الحياة اقتربنا أكثر من الموت ِ و الحُزنِ و الألم ِ و التفجُّع ُ و الفاجعات؟

هل نقول ُ مطمئنـّـِين َ أن الآلهة الأقل شأنا ً تفقد ُ من خصائصُ الألوهة حينما تكتسبُ الحُبَّ من قلب الإنسان؟

هل إذا ً إن َّ الخلود َ هو حُلمُ القلب المُحبِّ البسيط ِ الساذج، الذي لم يتمرَّس في خفايا الوجود و لم تنكشف أمامَه أسرارُ الحياة، بينما الموت ُ هو الحكمة ُ النهائية التي نجدها بعد الاختبار و المعاش ِ و التفاعُل ِ و سبر طبيعة ِ تحولاتِ الكائنات ِ و الكينونات؟

هل إذا ً نستطيع ُ أن نقول َ أن السعادة َ و الحياة َ و الحبَّ و المرح َ و الجمال َ و الاستمراريَّة َ الدافِئة َ المُطمئنَّة َ خيالات ٌ مشروطّة ٌ بسيادة ِ السذاجة ِ و الوهم ِ و البساطة ِ و انعدامِ أو قلَّة ِ الاختبار و انعدام ِ أو قلَّة ِ تفاعُل البشر و الكائنات ِ و الكينونات ِ مع بعضهِا البعض؟

"سقراط" المُعلِّم ُ و الحكيم، بعد ابتلاعِه شراب السُّمِّ و حينما بدأ يشعرُ بتصلُّب أطرافِهِ السُّفلى و اقتراب الموت ِ من قلبه، قال ما قال، هو المقالُ الذي حارَ فيه من احتارَ و هم كُثُر، حتى اتفقوا أنه يُعطي وصيَّة ً أخيرة ً بتقديم ديك ٍ ذبيحة ً لإله الطب، لأنه شفاه.

شفاه ُ من ماذا؟!

شفاه ُ من "الحياة"، بالموت!

إذا ً يرى "سقراط" كمحصِّلة ٍ نهائيـَّة ٍ أن الحياة َ مرض ٌ لا شفاء منهُ إلا بالموت، و هو الذي كان يُعلِّم ُ عن السعادة و الخير و الحقيقة. و ربَّما انَّهُ قدَّم َ في موته حكمة ً أخيرة تُضافُ إلى فلسفتِه ِ لا تُلغيها و لا تُقدَّمُ عليها، فهي جزءٌ منها رافدٌ لها، فلا يجب ُ أن يُفهم أبدا ً أن سقراط ينقلبُ على نفسه و إرثه، لكن يُفهمُ أنه يستغلُّ لحظته الأخيرة في تزويد ِ بنائه الفكري بدعامة ٍ جديدة تشكِّل ُ مع دعاماته السابقةِ صرحَها كاملا ً.

أمَّا أنا فأرى أن الحياة َ بكل ِّ ما فيها ثمينة ٌ و خلَّابة ٌ في جوهرها الوجودي، تستحقُّ أن تُعاش
بجمالها و قبحها
بقوتها و ضعفها
بتألُّقها و خُبوِّها
بارتفاعها و وضاعتها
حتى تمامِها!


أطمح ُ حينما تأتي ساعتي أن أقول َ "واوووووو كانت رحِلة رهييييييييييـــبة بتجنننن! أودعناكُم!"

ثم َّ أُغمضُ عيني للأبد!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشتار - 4 – انبثاقُ الحياة.
- عمَّا بين النقد المُنفلت و نجاعة التأثير - 2
- الفيلا في وسط الغابة –الياكيم، باراك، أوباما و التاريخ.
- في نجوى معاذ
- عمَّا بين النقد المُنفلت و نجاعة التأثير.
- قراءة في القداسة - 3 - عن المقدس و الطاهر و العلاقة بينهما.
- ذات َ كأس ِ قهوة - 2
- قراءة في القداسة - 2 - عن المقدس و الطاهر و العلاقة بينهما.
- قراءة مغايرة في إرهاب شارلي إبدو.
- قراءة في القداسة – عن المقدس و الطاهر و العلاقة بينهما.
- ذات َ كأس ِ قهوة
- قراءة في الوجود – 3 – عن الموت.
- قراءة في الوجود – 2 – عن الحياة.
- عشية الميلاد – نحتفل ُ في أرضنا.
- قراءة في الوجود – عن الوعي.
- قراءة في الشر -8 - كمصدر للمعنى ضد استحقاقات الوجود العبثي
- بوح في جدليات – 8 – نباتيون، متعصبونَ، وحشيونَ و متحضرون.
- سقوط كوباني الوشيك.
- بيريفان ساسون
- قراءة في اللادينية – 4 – الإحيائية، الطوطم و التابو كمدخلٍ ج ...


المزيد.....




- ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي ...
- -كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم ...
- وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55 ...
- السعودية.. حرب بين قرود أبها والطائف!
- ناطق باسم الجيش الإسرائيلي يرد على أنباء مقتله بفيديو: -لست ...
- بسبب ترامب.. -الغارديان-: زيلينسكي قد يغيب عن قمة -الناتو- ا ...
- دول الترويكا الأوروبية تعرب عن استعدادها لمواصلة المفاوضات م ...
- غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة -نطنز- النووية
- كنايسل: التصعيد بين واشنطن وطهران لم يصل إلى مواجهة شاملة وا ...
- ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال الربضي - بوح في جدليات - 9 - ديك أسكليبيوس.