سقوط كوباني الوشيك.

نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4600 - 2014 / 10 / 11 - 19:59
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

سقوط كوباني الوشيك

تسطر كوباني في أسبوعها الرابع ملحمة أسطورية نادرة يبرز فيها أثر العقيدة القتالية لقوات الحماية الشعبية الكردية في الصمود في وجه الغازي البربري الذي يفوقها في العدد و العتاد، خصوصا ً و أنه استقدم قوات جديدة مع أسلحة ثقيلة لرفد مقاتليه الذين يتكبدون خسائر هائلة في الأرواح و المعدات، و لا يسعنا هنا إلا أن نبدي الاحترام الشديد و الإعجاب و التضامن الإنساني معهم و مع أهالي هذه المدينة الرمز.

لكننا و من ناحية عسكرية فإننا نعرف أن سقوط المدينة هو حتمي ووشيك، لأن كثرة العدة و العتاد، بالإضافة إلى الانعزال اللوجستي و الجغرافي و انعدام الإمداد، مع غياب أي جهة قتالية مساندة لقوات الحماية الكردية، يصب جميعه في هذا الاتجاه. فكوباني سوف يتم احتلالها و سنرى صوراً و مقاطع لمجرمي داعش و هم يحملون رؤوسا ً مقطوعة و يمثلون بجثث المقاتلين و المقاتلات الكرد الأبطال، و ينسفون رموز المدينة الوطنية، كما فعلوا و يفعلون أينما توجهت قطعانهم البربرية.

إن سقوط كوباني سيكون حافزا ً أكبر للتحالف الدولي و خصوصا ً الدول العربية المشاركة فيه للاستمرار في حربها ضد الدواعش. إن التصميم الداعشي على إقامة دولة خلافة، هو في حقيقته استدرار لمشاعر ملاين المسلمين في العالم و تأيدهم عبر تنصيب أنفسهم إحياء ً للخلافة العثمانية بهدف إخفاء حقيقة الأساسات البعثية الصدامية التي تخطط لمقاتليه و التي يبرز فكرها العسكري و خبرتها الميدانية بوضوح و جلاء، و هذا الأسلوب البعثي هو نهج قديم فجميعنا ما زلنا نذكر استخدام صدام حسين للقضية الفلسطينية لاستدرار ذات المشاعر قبل حرب الخليج الثانية.

إن المجاميع الداعشية و مقاتليها القادمين من جميع أنحاء العالم هو مقاتلون تحت الأمرة البعثية الصدامية اليوم، لكنها الإمرة التي لم تعد تريد بعثا ً و لا قومية ً بعد أن خانها أشقاؤها الخليجيون بالخصوص و أتوا بالغازي الأمريكي لإسقاط العراق العظيم، فخرجت علينا اليوم بثوب إسلامي يستمد شرعيته من نصوص ابن تيمية و ابن القيم الجوزية و ابن حنبل و ابن عبد الوهاب، لتصبح وجهتها التالية بعد سقوط كوباني و تأمين المنطقة الغربية السنية من العراق و الشمالية الشرقية من سوريا، المنطقة الشيعية ثم دول الأردن و السعودية، كحلم يغذي النقوس الإسلامية لا الداعشية فقط.

ها إن البعث الآن يرد الصاع صاعين للسعودية و الكويت و قطر، و لسنا بصدد تقيم إخلاصه العقائدي بقدر ما نريد أن نقيم سلوكه على الأرض و استراتيجيته القادمة التي تحتاج لسنين طويلة. و ينبغي هنا أن لا نهمل عامل الفعل الدولي الذي من شأنه قلب المعادلات أو دعم أركانها أو إضعافها، و هذا في علم الغيب أو لنقل في علم السياسة و هي "فن الممكن".

سقوط كوباني الوشيك هو جزء ٌ من ملحمة لا بد أن نخوضها، يتمازج فيها الدين و السياسة و الأحلام القادمة من التاريخ و صراع النفط و الاقتصاد و القوة. و نحن لا نملك كشعوب إلا أن ننظر و نرى و نساند هذا و نرفض ذاك، لكننا غير ذوي تأثير إلا و أقول إلا إذا نجح أحد أطراف الصراع لتحشيدنا جماهيرياً بما يجعلنا طرفا ً في المعادلة و نحن لسنا هكذا لغاية هذه اللحظة.

قلوبنا مع كوباني و سيكون سقوطها القادم ألما ً يلد أملا ً و عزما ً و تصميما ً لدحر هؤلاء المجرمين، و هذا الدحر حتمي حتمية سقوطها!

إلى المقاتلين و المقاتلات الأكراد، اثبتوا! سلام ٌ عليكم!

#نضال_الربضي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل