أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - - امة مابين النهرين- امة حصتها الغياب /12/















المزيد.....

- امة مابين النهرين- امة حصتها الغياب /12/


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 4925 - 2015 / 9 / 14 - 17:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"أمة مابين النهرين": أمة حصتها الغياب:/1ـ 2/

لاتوجد امة في التاريخ توافرت لها كل اسباب الحضور والفعل في التاريخ والحضارة الانسانية، وظلت غائبة مقصية عن ذاتها مثلما هو حال "امة مابين النهرين"، ويشمل هذا الغياب الماضي البعيد، والحاضر،مايعني مئات القرون، شملت تاريخا هو الاقدم من بين تواريخ الامم والشعوب الحية.
الاكثر من هذا لفتا للانتباه هو تعاظم مسببات التغييب، برغم تقدم الزمن والعلوم والمعارف، مايبرر بقوة القاء اللوم على علوم التاريخ والاجتماع، ويضعها ضمن خانة العجز امام ظاهرة تاريخية يبدو انها مازالت تتحدى العقل البشري، وتكشف عن محدوديته خلال عصر العمل اليدوي والالي الراهن، هذا اذا لم ناخذ بالإعتبار احتمالات اخرى من قبيل انطواء التاريخ ومسار الحياة الانسانية على مايعتبر احيانا بمثابة "السر" الكامن في الوجود والحضارة وسيرورتهما ومايتحكم بتعاقباتهما، وهذا مايجوز ارجاعه لنفس السبب الاول، فالعقل ومنجزاته او مقاربته للظواهر، ليس محتما انها تحتوي فعلا على الحقيقة كاملة، او انها قابلة للكشف عنها كلها حتى وان اعتقد الكثيرون العكس، ولقد ظهر في مناسبات مشهودة ان حقائق التاريخ قد تظل خفية لقرون عديدة، كما اظهرت لنا الماركسية، على الاقل بمايخص التاريخ الاوربي المؤسس على الملكية الخاصة والصراع الافقي"الطبقي"، فالمادية التاريخية بينت ان ماسبق من تحريات في التاريخ، كانت مغرقة في الاساطير والخرافة وقصص الابطال والملوك، بينما الحقيقة في مكان اخر تتحكم بها قوانين ومحركات وتعاقبات مرحلية.
مع هذا فقد ظهرت الماركسية عاجزة عن القاء الضوء الذي تحتاجه حالة العراق، فاخفقت في اجلاء طبيعتها ومحركاتها، هذا اذا لم تكن قد زادت في التشويش على الحقيقة التاريخية في ارض النهرين. ويعود ذلك الى تباين البنية المعرفية التي تنتمي اليها نظرية ماركس عن تلك التي يمكن ان تنطبق على، او تساعد في تفسير الحالة العراقية، هذا بالاضافة الى ان نظرية ماركس تنتسب الى عصر حضارة العمل اليدوي والالي، في حين يتطابق حضور الحالة العراقية، مع مابعد عصر الانتاج اليدوي، مع مايرافق ذلك من تباينات جوهرية في البنى والتراكيب واشكال الصراع ومحركات التاريخ الخاص بهذا الجزء من العالم.
على منقلب ثان وبمايتعلق بنموذج ربما اكثر اهمية من مشروع الماركسية لتحققه وشموله تلقي الفكرة القومية الاوربية المستعارة عربيا،بحزمة من الاوهام، وتستدعي اغاليط وتوليفات غريبة ومتناقضة كليا مع خاصيات العراق، ولان فرضية "الامة العربية" خاطئة جملة وتفصيلا، ومشروع"القومية العربية" مؤسس على افتعال، فان تجليات هذه الفكرة تصبح تدميرية كليا حين يتم اسقاطها على الوضع العراقي، خاصة حين تجري محاولات اخضاعه لاعتقادات مفبركة عن لحظة عروبة غير مدقق فيها، فالعروبة المتحققة كونيا بالاسلام هي عروبة ابراهيمية، مادتها جزيرية مستعربة، تعيش على مسرح عالم الصحراء المنفتحه بواباته على العراق، ووفقا للسردية الاسلامية التوراتية، فان "العروبة العارفة" عراقية المنشأ والاصل، وانها غير قابلة للتحقق من دون الفعل الابراهيمي والفعالية النبوية الكونية المنكبة على بناء "مملكة الله" وكل هذا ليس بجزيري لان العرب كانوا " امة بلا كتاب" حتى نبوة محمد، وكل هذا يجعل من قضية العروبة منوطة يفعالية الموضع العراقي في الاصل والمصدر.
وليست هذه سوى ملامح من جملة الاغاليط الفادحة التي تنجم عن عجز علم التاريخ والاجتماع عن مقاربة حقائق الذاتية العراقية، وبالذات عن نمط او نموذج" الامة" الخاص بهذا الموضع من العالم، ومن ثم هل يوجد مفهم للامة غير المتعارف عليه والمتداول حسب النموذج الغربي الحديث للامم،ذلك بينما ماتزال منظومة صناعة الافكار الغربية تجتذب الى صفها متملقين لايكفون عن محاولات غمط الحقيقة العراقية، فقد وضع عراقي يعيش في باريس مؤخرا كتابا يكاد يكون "بلاهة بحثية صرفة"، الكتاب صدر مؤخرا من القاهرة عن "دار الياسمين"للكاتب العراقي" فالح مهدي" بعنوان " الخضوع السني والاحباط الشيعي"، وهو يبدأ بمحاولة بائسه للاقتراب من خاصيات الحضارة العراقية القديمة، مركزا على "نموذج المدينة البابلية" لينتهي بنا لفرضية مفبركة تقول بان سكان بابل كانوا مقسمين الى طبقات واضحة، وهو يسخر بهذه المناسبة من "الخصوصية الشرقية" التي درج كتاب ماركسيون خلال فترة ماضية على تكرارها، باعتمادهم مفهوم "النمط الاسيوي للانتاج"، وهو يقصد طبعا محو اي مقابل محتمل للنموذج الاوربي محاولا اعادة تعميمه باعتباره الممكن الوحيد كونيا لانموذج سواه، وسواء كان"نمط الانتاج الاسيوي"، صحيحا او خاطئا، وهو خاطيء قطعا حين يتعلق الامر بالنموذج العراقي، فان تعرض الكاتب لهذه الظاهرة، يرد افتعالا وفي غير محله،وللتعمية على غرضيته ومحاولته الافتئات على الحقيقة الحضارية التكوينية للعراق.
فهو مثلا لم يتطرق لطابع المدن العراقية القديمة ومحركات وعوامل نشوئها في العراق الاسفل، ولا لاسباب وحتميات تحولها الى "دول مدن" امبراطوريه تحركها نزعة محمومة للتوسع شمالا تحت دافع الاكتفاء لتخفيف عوامل التصادم مع بحر المشاعات المنتجة والمسلحة، كما انه لايلاحظ خط سير قيام المدن من الجنوب صعودا الى الشمال، اكد شمال سومر وبابل شمال اوروك و بغداد شمال بابل على حواف ارض السواد، باعتبارها مراكز لسلالات محاربة مسلحة متضامنه، مركبة فوق بحر مشاعات محاربة لاتنتج دولة، ويتساوى في حياتها حريتها واستقلالها عن السلطات المنفصلة الكابحة، كشرط لسلامة عملية الانتاج واتساقها الضروري، وبدل ان نتعرف على اهم ميزات المدينة البابلية البغدادية " تكاد بغداد تشبه من حيث تخطيط اسوارها الخارجية اسوار بابل" كونها مدينة محصنة باسوار ودفاعات ضخمة ومحكمة، وانها تعمد لسرقة مفاهيم بحر المشاعات الموجود خارجها، والذي تظل تتعامل معه بالغزو والحملات الحربية لحلب الريع بالقوة وتظل معزولة عنه، لاجذور لها داخله / ليست شريعة حامورابي سوى التوليف الاخير لثلاث شرائع سابقة عليها، اولاها شريعة الثائر المشاعي كوراجينا 2355 قبل الميلاد، اول من دون خلال ثورته في " لكش" في وثيقة مكتوبة في التاريخ الانساني، كلمة "حرية/ امارجي" وثبت كل مايعرف من حقوق الانسان الحالية ) لايهتم الغرب الاوربي بهذه الحقيقة، ويستحيل ان يخطر للامم المتحدة الاحتفال ب"يوم الحرية العراقي الكوني" يوم كوراجينا، بينما يستسهل التركيزعلى مسلة حامورابي، لانه نموذج مطابق لمفهوم الغرب في الدولة الملكية، والعراقيون انفسهم حين يهتمون بحامورابي ويعتزون به وكانه مبدع قانوني لامثيل له ولا سابق، لايفعلون ذلك بناء على مقاييس عراقية نابعة من ذاتهم ومتسقة مع حقيقتها، وهم على العكس يفصحون بهذه المناسبة،عن انشطارها واختلال العلاقة بها، فالعراقي كثيرا ماينظر لذاته الغائبة بعين الغرب مستقيا علاقته برموزه وحقيقة الغائبة عبر مناهج التعليم والمؤلفات الغربية.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحق: عراق مابعد - الدولة المدنية-؟؟
- خيار -المؤتمر التاسيسي-وانهيار تجربة الحداثة القسرية/22/
- خيار -المؤتمر التاسيسي-و -الدولةالمدنية- المستيلة في العراق
- يارئيس الوزراء: مقترح- المؤتمر التاسيسي- على مكتبك وفيه الحل ...
- ماركس ومحمد يغادران ساحة التحرير
- استدراكات على المنظور الجزئي للتاريخ لدى ماركس
- - الاشتراكية النظرية- و - الاشتراكية التكوينية- والانقلاب ال ...
- - الاشتراكية النظرية- و - الاشتراكية التكوينية- والانقلاب ال ...
- البواعث - المصلاوية- لصراع - فهد- مع - ذو النون ايوب- و- داو ...
- عراق الحقبة الرابعه
- 28 ايار: ذكرى انتفاضة الاهوار المسلحة 1967/1968 .. وحزب صدام ...
- 28 ايار: ذكرى انتفاضة الاهوار المسلحة1967/1968 وحزب صدام بري ...
- مفهومان ماديان للتاريخ؟
- من الشيرازي الى السيستاني : الامركيون و- داعش- وحقبة التشييع ...
- بدء الطور الثاني من عملية تشييع القبائل السنية في العراق(1/2 ...
- الحركة الشيوعية العراقية وثقافة الموت
- الاحتلال الامريكي الثاني للعراق: خاصيات احتلال كيان امبراطور ...
- الاحتلال الامريكي الثاني للعراق: خاصيات احتلال كيان امبراطور ...
- بيان تاريخي صادر عن - مؤتمر شيوعي عراقي - لم ينعقد بعد( 2/2)
- بيان تاريخي صادرعن -مؤتمر شيوعي عراقي- لم ينعقد بعد(1/2)


المزيد.....




- تحطيم الرقم القياسي العالمي لأكبر تجمع عدد من راقصي الباليه ...
- قطر: نعمل حاليا على إعادة تقييم دورنا في وقف النار بغزة وأطر ...
- -تصعيد نوعي في جنوب لبنان-.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إ ...
- البحرية الأمريكية تكشف لـCNN ملابسات اندلاع حريق في سفينة كا ...
- اليأس يطغى على مخيم غوما للنازحين في جمهورية الكونغو الديمقر ...
- -النواب الأمريكي- يصوّت السبت على مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- شاهد بالفيديو.. العاهل الأردني يستقبل ملك البحرين في العقبة ...
- بايدن يتهم الصين بـ-الغش- بشأن أسعار الصلب
- الاتحاد الأوروبي يتفق على ضرورة توريد أنظمة دفاع جوي لأوكران ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - - امة مابين النهرين- امة حصتها الغياب /12/