أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - شهداءُ من أبناءِ زايد














المزيد.....

شهداءُ من أبناءِ زايد


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 00:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدايةً، أقدّم خالص تعازيي وتعازي الشعب المصري للشعب الإماراتي الشقيق في استشهاد خمسة وأربعين جنديًّا نبيلا من أبناء الجيش الإماراتي، سقطوا قبل أيام على أرض اليمن، باذلين دماءهم لإنقاذ المستضعفين في الأرض من تغوّل السفاحين مصاصي الدماء. تغمّد اللهُ جميعَهم بواسع رضوانه ومغفرته، وأحسنَ عزاء ذوييهم وقادتهم وعوّضنا عنهم خيرًا. ونردد مع الشيخ محمد بن زايد قولته الحقّة: “لا نخافُ على بلادنا طالما فيها أبناءٌ ملثهم.”
جيشُ الإمارات النبيل، حينما أرسل جنودَه البواسل إلى دولة اليمن العريق ضمن جنود قوات التحالف العربي، طامحين أن يحرروها من غشوم اللصوص وسيوف الظلاميين أعداء الحياة وخصوم الحضارة، قدّم للعالم بأسره نموذجًا عمليًّا لرفع مشعل التنوير ولو بطريق الجود بالنفس ومنح الروح وبذل الدم فداء للوطن وعزّة المواطن، وكذلك لغوث الملهوف من أبناء الأوطان الشقيقة. جنود الجيش الإماراتي أردفوا الفكرَ بالعمل، وألحقوا التطبيقَ بالنظرية، حتى تقارَب القوسان: قوس القول، وقوس الفعل، فاكتملتْ منظومةُ التنوير تامّةً غير منقوصة.
فأما "النظرية" فقد أطلقها الشيخ المثقف زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، قبل أربعين عامًا ونيّف وهو يُنشئ أول فيدرالية عربية عصرية حديثة من جُماع الإمارات العربية السبع، لتكوين دولة متماسكة راسخة، لها صوتٌ واحد قوي النبرة مسموع الصدى بين دول العالم الكبرى. تحمل فوق هامتها لواءً واحدًا، وفوق كفيّها ترفع دستورًا أوحدَ يدين له المواطنون كافة بفروض الولاء مؤدين واجباتهم متمتعين بحقوقهم عوضًا عن إمارات منفصلات تنتهج القبلية والشطط.
وبعدما رسّخ الشيخ زايد قواعد البيت الداخلي وكرّس لأبناء شعبه مفهوم "الحق، والواجب"، راح ينظرُ خارج البيت نحو المُعسرين من دول الجوار. ولإيمانه الحقيقي بالعدالة وحق الإنسان في الحياة، بدأ في إفاضة الخير على أبناء الشعوب الأخرى ذات العوز. فأنفق مليارات الدولارات في مساعدة أربعين دولة فقيرة، وأسهم في حل مشاكل سياسة هائلة بين الدول العربيةـ فكان سفير سلام بين سلطنة عُمان وجنوب اليمن في أزمة النزاعات الحدودية في مطلع الثمانينيات، وفي خلاف مشابه بين مصر وليبيا. وطبّق منهج الحوار السلمي ذاته في خلافات الإمارات الحدودية مع السعودية، حين تواصل مع الملك فيصل بن عبد العزيز بشكل شخصي ورسما معًا الحدود الفاصلة بين البلدين في معاهدة 1974، على نحو حضاري هادئء، لا يعرف الخصومة ولا التشاحن ولا الاقتتال الهمجي، لإيمانه العميق بأن لغة الحوار وثقافة السلام هي حاجة مُلحّة للبشرية جمعاء، وكذلك موقفه المشهود أثناء حربنا عام 1973 حين أوقف النفط قائلا: "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي". وفي كل ما سبق من مواقف عملية، تجلّى "التطبيق" الذي أردف "النظرية"، لتكتمل بين يديه منظومة إرساء قيم الإنسانية والتفرّغ لثقافة بناء المجتمعات.
الشيخ زايد، رحمه الله، هو الحاكم العربي الذي لم يكتفِ بإطلاق الشعارات الرنانة التي لا تتجاوز كتب التربية القومية يرددها الأطفال في المدارس دون أن يروها مطبقةً في أوطانهم، بل كان دائمًا يُردف النظريةَ بالتطبيق، ويُلحق القول بالفعل، لهذا صدّقه أبناءُ وطنه، وعاشت أفكارُه بينهم حتى بعد رحيله بسنوات، وسوف تعيش أبدًا، مثلما صدقه أبناء العروبة كافّة، فما توقفنا لحظة عن الترحّم عليه كلمّا ضربنا الحنينُ، في أوطانننا، لزعيم حكيم ومثقف مثله.
ولأن للأفكار أجنحةً تطير بها فلا تسقط أبدًا وإن رحل أصحابُها، عاشت أفكارُ ذلك الرجل النبيل، وتبلورت في سياسات أبنائه من بعده، داخليًّا وخارجيًّا. حملُ مشاعل التنوير، ومحاربةُ الظلامية، والانتصارُ لقيم الحق والعدل، وإفشاءُ روح السلام بين الفرقاء، وغوثُ المهوف من المستضعفين في الأرض.
لهذا فنحن نحتسبُ أولئك الشهداء الإماراتيين الذين سقطوا على أرض اليمن الطيبة، أبناءً بالفكر والروح والدم للشيخ زايد رحمه الله، لأنهم حملوا لواء فكره النظريّ وهم ذاهبون إلى اليمن دفاعًا عنها وغوثًا لشعبها المستضعف، ثم طبقوا تلك الأفكار عمليًّا وهم يجودون بدمائهم على ثرى العروبة متأهبين لرحلة السماء التي لا نحسبهم فيها أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون، كما وعدِ الله الحقِّ للذين قُتلوا في سبيله.
رحم اللهُ أحد صُنّاع السلام في العالم، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كرّس معاني التحضر والسمو داخل بلاده، ونثر فيوض الخير والتضام والسلام والتكاتف خارج بلاده. وطوبى لأبنائه الذين يسيرون على دربه من بعده ويحملون مشعله التنويري الأبهر، وطوبى ورحمة من الله لأبنائه الشهداء الذين صعدوا إلى ربهم في الرابع من سبتمبر 2015، وهم يجودون بدمائهم فداء اليمن المحتلّ، ولسان حالهم يقول كما قال زايد: الدمُ العربيّ، ليس فقط أغلى من النفط العربي، بل هو أغلى النفائس.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت أمي
- طفلُ البحر... لا أحدَ يريده!
- دموع مريم، قضية أمن قومي
- لماذا يكرهون هذا الرجل؟
- هل تعرف طاعن نجيب محفوظ؟
- صفر مريم النبيل
- حزب النور، حاوي الحواة
- طاووس حزين
- هندوسٌ في الإمارات وأقباطٌ في مصر
- مَن يذكر -فرج فودة-؟
- قلب ابتهال سالم... عصفورة الجنة
- رسالة إلى نقابة المحامين.. نقابة العظماء
- الفارس -بدر عبد العاطي-
- جمال الغيطاني، ستعيشُ ألفَ عام
- سجّلْ يا زمان
- رئيس الغلابة
- قالت المحروسة
- قبطانةٌ على صفحة مياه القناة
- ماذا قال لي يختُ المحروسة؟
- هل تغفرين لنا يا مصرُ؟


المزيد.....




- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان
- الشريعة والحياة في رمضان- مفهوم الأمة.. عناصر القوة وأدوات ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - شهداءُ من أبناءِ زايد