أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - طفلُ البحر... لا أحدَ يريده!














المزيد.....

طفلُ البحر... لا أحدَ يريده!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4917 - 2015 / 9 / 6 - 10:53
المحور: حقوق الانسان
    


لا تصدقوا عنوانَ المقال. فهو عنوانٌ مراوغٌ لا يقول الحقيقة، بل عكسها. فهذا الطفلُ الجميل هو الذي لا يريد أحدًا، ولا يحتاج إلى أحد في هذا العالم، لهذا تركه ورحل. وجّه شطرَه صوب البحر الغضوب، واستلقى على الأرض مُشيحًا عنّا جميعًا نحن سكّان الأرض المرزوئين بالخطايا، وعن المعمورة بأسرها بما تحمل من فضائل قليلة وشرور كثيرة. استلقى على وجهه موجهًا حذاءَه الصغير صوب كل الأشرار في العالم، وكأنما يقول حذاؤه: “هذا الزحامُ.... لا أحد.”
لم يرحّب به بلدٌ عربيّ، ولا احتضن طفولتَه شعبٌ مسلم ممن يزعمون أنهم أفضل أمّة أُخرجت للناس، بينما أعمالهم تقول إنهم عالةٌ على البشرية وزائدون عن حاجة هذا الكوكب التعس الُمثقَل بالآثام والأنانية والركض وراء الصغارات والمطامع. الكوكب الذي ضجّ بضجيجنا وأضجرته فوضانا وأوجعته سيوفُنا التي تنحرُ الرقاب بدم بارد حتى نقدمها قرابينَ وذبائحَ لا يقبلها اللهُ، ثم نخُرّ لله سُجّدًا سجودًا مجرمًا كذوبًا، فيُشيحُ اللهُ عنّا ويُغرِبُ وجهَه قائلا: لم أخلقكم لتناحروا وتقتتلوا بل لتعارفوا وتحابّوا، فانظروا ماذا أنتم فاعلون!
قال رئيس الوزراء المجرى ڤ-;-يكتور أوربان، إن بلاده لا ترغب فى استضافة جماعات مسلمة، مرجعًا السبب وراء ذلك إلى حقبة الحكم العثمانى السوداء للبلاد على مدار 150 عامًا خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. ثم هتف للصحفيين فى بروكسل: "أعتقد أن لدينا الحق في أن نقرر عدم استضافة عدد كبير من المسلمين في بلادنا لأننا لا نحب النتائج المترتبة على ذلك، والتاريخ يشهد بما فعلوا بنا".
السوريون يذوقون الويل كلَّ نهارٍ وكل مساء، وليس من يدٍ عربية تمتد لغوث ملهوف أو لتضميد جرح نازف. يُلقون بأنفسهم في لجاج البحار ليهربوا من ويل الذبح والشيّ بالنار. ونحن، نقفُ عاجزين نتذكّر قصيدة نزار قبّاني تقول: “
"سامحونا/
إن تجمعنا كأغنام على ظهر السفينة/
وتشردنا على كل المحيطات سنينًا ...سنينَ/
لم نجد ما بين تجار العرب/

-;-تاجراً يقبل أن يعلفنا/
أو يشترينا/
لم نجد بين جميلات العرب/
إمرأة تقبل أن تعشقنا/
أو تفتدينا/
لم نجد من بين ثوار العرب ثائرًا/
لم يغمد السكيَن فينا/
سامحونا/

-;-هربنا من بني صخرٍ .. وأوسٍ ..
-;-ومنافٍ .. وكُليبٍ/

-;-سامحونا إن هربنا/
ما شربنا مرةً قهوتَهم
-;- إلاّ اختنقنا/
ما طلبنا مرةً نجدتَهم 
-;-إلاّ خُذلنا/
إن تأريخ إبن خلدون إختلاقٌ/
فاعذرونا.”

**

نعم. أشاح الطفلُ السوريُّ عنّا، ورفضَنا، وألقى بنفسه إلى حضن البحر الغضوب ليبتلعَ طفولتَه فلا يكبر ولا يشبُّ ولا يشيب في أوطان تكره أبناءها وتقتل أطفالَها. أدار لنا ظهره الرافض فصرخ يغنّي الشاعر اللبناني: "شربل بعيني":

"درلُن ضهرك.. لا تحاكيهم/
يا طفل البحر القدّيس/
ع إجرامن رح هنّيهم/
إجرامن أقوى من إبليس.

درلن ضهرك.. لا تتأخّر/
إنت ملاك.. وهني وحوش/
صبّاطك من روسن أكبر/
دعوس بالصباط جيوش.

ما منستاهل ضحكة سنّك/
ما منستاهل نفرح فيك/
افتكروا انو ارتاحوا منك/
نحنا بالشعر منحييك.

قللو لألله شو ما بدك/
سمّي بالأسم الأشباح/
قللو الدنيي كلاّ ضدك/
لازم يمحيها ويرتاح.”

هنا رابط القصيدة الجميلة:

https://www.youtube.com/watch?v=NCyTV0bJoO8&feature=youtu.be

***

لكن البحرَ بدوره رفض جسد الطفل النقي من الإثم، فلفظه إلى شواطئنا. حذاؤه في عيوننا، حتى يكون هذا الجسد الضئيلُ شاهدًا أبديًّا على جهالتنا التي لم تمحُها الحضاراتُ والصواريخ وناطحاتُ السحاب والحواسيب. مازلنا نرعى في عصر الإنسان الهمجيّ الأول الذي يقتل أخاه من أجل عظام طريدة شاردة.

يا تُرى، فيمَ كان يفكّر هذا الطفل الجميل وهو يغرق وتتهيأ روحُه الطفلة للطيران إلى العل؟ نسأله مع الشاعر المصري "مايكل سامي”:

“كنت حاسس وأنت وسط موج وبحر كبير بإيه؟
كنت غاطس جوه عمقه ولا عايم واللا ايه؟
أمك، كان إحساسها إيه؟
واللا أبوك؟
واللا أختك واللا أخوك؟
كانوا صامدين واللا خافوا
لما شافوا البحر فوقك؟
واللا ماتوا لما شافوا دمعك المخلوط بصوتك؟
قولي إحساسك يا قلبي وأنت بتحاول تعافر؟
كنت محتاج حضن وطنك!
واللا كان حلمك تسافر؟
طب إلهك لما شافك قولي كان إحساسه إيه؟
سكّت الموجة بـ إشارة
واللا شالك بين إيديه؟
الوطن بقا فجأة غابة
واحنا فيه الحيوانات
احنا اللي بجد موتنا
يوم ما صاب صوتنا السكات
نام يا قلبي ويا ربك اللي نشلك م الممات
آه يا سعدك يا هناك
وسط حضن الله تبات
مش بعيد يكون جايبلك
قطر ويّا مكعبات.”


فاطمة ناعوت



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دموع مريم، قضية أمن قومي
- لماذا يكرهون هذا الرجل؟
- هل تعرف طاعن نجيب محفوظ؟
- صفر مريم النبيل
- حزب النور، حاوي الحواة
- طاووس حزين
- هندوسٌ في الإمارات وأقباطٌ في مصر
- مَن يذكر -فرج فودة-؟
- قلب ابتهال سالم... عصفورة الجنة
- رسالة إلى نقابة المحامين.. نقابة العظماء
- الفارس -بدر عبد العاطي-
- جمال الغيطاني، ستعيشُ ألفَ عام
- سجّلْ يا زمان
- رئيس الغلابة
- قالت المحروسة
- قبطانةٌ على صفحة مياه القناة
- ماذا قال لي يختُ المحروسة؟
- هل تغفرين لنا يا مصرُ؟
- على متن يخت المحروسة
- هالةُ الأموات … تُجرّم نقدَ ما فات


المزيد.....




- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين
- قيادي بحماس: لا هدنة أو صفقة مع إسرائيل دون انسحاب الاحتلال ...
- أستراليا - طَعنُ أسقف كنيسة آشورية أثناء قداس واعتقال المشتب ...
- العراق ـ البرلمان يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام ا ...
- 5 ملايين شخص على شفا المجاعة بعد عام من الحرب بالسودان
- أستراليا - طَعنُ أسقف آشوري أثناء قداس واعتقال المشتبه به
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - طفلُ البحر... لا أحدَ يريده!