أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - صفر مريم النبيل














المزيد.....

صفر مريم النبيل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4911 - 2015 / 8 / 31 - 06:08
المحور: المجتمع المدني
    



اندهش الناسُ من "الصفر" الصادم الذي هزّ أركان المجتمع المصري وجعل الجميع يتساءلون: "صفر؟!مجرد صفر؟! كيف؟! ألم يكتب التلميذُ أو التلميذة، صاحبُ أو صاحبةُ ورقة الإجابة التي نُسبت زورًا للطالبة "مريم ملاك"، شيئًا على الإطلاق؟! ألم يُجِبْ عن أي سؤال في أية مادة من مواد الثانوية العامة؟!”
ذكّرنا هذا الصفرُ بالعمّ السمّاك/ جمال إسماعيل، في مسرحية "السكرتير الفنّي"، الذي استشاطَ غضبًا حين حصل ابنُه "البليد" على صفر في اللغة العربية. فراح يوبّخ المدرسَ "ياقوت أفندي"/ فؤاد المهندس، صارخًا في وجهه: “سفر واحد؟ (يقصد صفر) طب خليهم سفرين! خليهم تلاتة! أنا بادفع تلاتين صاغ في المخروبة دي (يقصد المدرسة )؛ وبابيع وقّة السمك باحط عليهم أربع بيسريات! تحطوش انتو على التلاتين صاغ أربع أصفار؟!”
لكنني كنتُ أسعدَ الناس بهذا الصفر الصفيق/ النبيل. نعم، هو صفيقٌ في ترويعه لنا، لكنه نبيلٌ أيضًا لأنه أشهر أمام وجوهنا قبحَ واقعنا الإدراي البشع، وكذلك هو الصفرُ النبيل الذي سيعيد للطالبة المسكينة حقَّها بإذن الله. لأن مريم المغدورة لو كان قُدّر لورقتها المزورة أن تحصل، مثلا، على عشرين بالمائة، أو حتى سبعين بالمائة، لضاع حقُّها للأبد. كان الرأي العام وقتها سينظر إليها باعتبارها طالبة "بليدة"، أو عادية، لم يعجبها مجموعُها، فادّعت إن ورقتها سُرقت. لكن السماء الحانية، التي تعرف أسرارنا، أرادت بهذا الصفر "النبيل" أن تكشف عوار منظومة فاشلة من الصعب أن نثق فيها نزاهتها بعد الآن. لا شكَّ أننا جميعًا بِتنا الآن نشكُّ في كل الدرجات التي حصلنا عليها طوال سنوات دراستنا. فالخللُ هو الخللُ، منذ عقود طوال، لأننا بعدُ لم نقم بثورة أخلاقية أو إدارية، لشدّ ما نحتاجُ إليهما أكثر كثيرًا من الثورتين السياسيتين اللتين أطاحتا برئيسين أحدهما أخفق في مادة "حب الشعب"، ونال صفرًا في الإدارة، والآخر عميلٌ جاسوسٌ أخفق في كل المواد، ونال صفرًا كبيرًا في الوطنية والشرف.
جرحتني دموعُ تلك الصَّبيّة الجميلة وهي تبكي جهدَها المُهدَر وتنعي تفوقها. وخزت قلبي إبرةُ الكانيولا المربوطة بضمادة لاصقة على ظهر كفّها بعد تعرضها للهبوط الحادة إثر سماعها عن الصفر الذي كلّل سنواتِ دراستها ويكاد يحطّم مستقبلها ويحولُ بينها وبين كلية الطب التي حلمت بها منذ طفولتها. ذبحتني عياناها اللتان يشعُّ منهما بريقُ الذكاء الذي تحوّل في لحظةٍ إلى نظرات ذهول وفزع وهي لا تدري مَن سرق جهدها، ومَن بوسعه أن يُعيد لها حقَّها! صدّع قلبي شعورُها بالخزي بعدما خذلت أمَّها الصابرة التي انتظرت لحظة نجاح صغيرتها، وكسرت حُلمَ شقيقها الطبيب مينا الذي انتظر أن تشاركه شقيقته الصغرى دراسة الطبّ، ليُفرحا معًا قلبَ أبيهما في السماء، بعدما رحل وهو مطمئنٌ على نبوغ أطفاله.
كلي ثقة في أن تحريات النيابة المحترمة سوف تُسفِر عن إثبات تزوير أوراق الإجابة الخاصة بالطالبة مريم ملاك. ثقتي في مقدرتي على تحديد مستوى ذكاء المرء وتفوقه من درجة لمعان عينيه. بريق العيون خصيمُ البلداء وصنوُ النجباء. هذه البنتُ تستحق أن يُبذَل الجهدُ حتى يُنقَذ مستقبلُها المهدَد، وأن يُعاد اعتبارُها بعد أيام الويل التي عاشتها، هي ومن عاش محنتها. مثلما نستحقُ جميعًا أن نعرف المجرمين الذين شاركوا في هذه الجريمة المخجلة، وكذلك تحديد شخصية الطالب أو الطالبة الذي بدأ حياة اللصوصية مبكرًا. ابحثوا عن أوراق إجابات مريم بين الأوراق المتفوقة في محافظتها. من اليسير أن تتعرف البنتُ على خط يدها بنظرة سريعة، وبعد ذلك يتدخل خبراءُ الخطوط لإثبات الأمر. وبعدما تستقرُّ مريم على مقعد الدراسة في كلية الطب، من فضلكم يا صانع القرار المصري، أصلحْ منظومةَ التعليم الخربة، أصلحَ اللهُ أمرَك.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب النور، حاوي الحواة
- طاووس حزين
- هندوسٌ في الإمارات وأقباطٌ في مصر
- مَن يذكر -فرج فودة-؟
- قلب ابتهال سالم... عصفورة الجنة
- رسالة إلى نقابة المحامين.. نقابة العظماء
- الفارس -بدر عبد العاطي-
- جمال الغيطاني، ستعيشُ ألفَ عام
- سجّلْ يا زمان
- رئيس الغلابة
- قالت المحروسة
- قبطانةٌ على صفحة مياه القناة
- ماذا قال لي يختُ المحروسة؟
- هل تغفرين لنا يا مصرُ؟
- على متن يخت المحروسة
- هالةُ الأموات … تُجرّم نقدَ ما فات
- صخرتان من أرض القناة
- بلحةُ المحب... قضية
- نفرتيتي.... جميلةٌ أتلفها الهوى
- على شرف علي الحجار


المزيد.....




- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - صفر مريم النبيل