|
عزيزة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4907 - 2015 / 8 / 25 - 00:02
المحور:
الادب والفن
" إدريس " من عائلة البيطار ، المعروفةِ في مدينة العمادية ... وهو بسنواتهِ الخَمس والعشرين ، لابُدَ أن يكون قَد إكتسَبَ بعض الصفات التي إشتهرَ بها قسمٌ من أفراد عائلتهِ ... وفي الواقع أن الصفات التي أعنيها ، سيئة في الغالب ، وعلى رأسها : مُراقبة الناس / تزويد الجهات الأمنية ، بالإخباريات / ترويج الشائعات بمُختلَف أنواعها السياسية منها والإجتماعية . ومن نافلة القَول ، ان إطلاق الصِفات على الناس ، في مدينةٍ صغيرة مثل العمادية ، من السهل بِمكان ، وسُرعان ما تلتصق بهم ، سواءً كانتْ صحيحة أو مُبالغاً بها .. وعلى أية حال ، فأن " مِيزة " نَقل الأخبار وخَلق البلبلة والمشاكَل ، أصبحتْ من الصِفات المُرافِقة ل " إدريس " وعائلته .. بِغض النَظر ، عن مدى صِحَة هذه التُهمة من عدمها !. وبالطَبُع ان القيام بأفعال المُراقَبة والإخباريات وبث الشائعات ، يحتاج الى مواصفات ، ينبغي توَفُرها في الشخص الذي يُمارِسها ، من بينها .. شئٌ من التربية المُشّوَهة المُكتسَبَة أو بعض الجينات الوراثية ، وكذلك الذكاء وسرعة البديهة وإمكانية التغلغُل بين الناس وأُذنَين كبيرتَين وعينَينِ مفتوحتَين ، كي يستطيع ، إلتقاط الأخبار والحوادث وتوصيلها الى الجهات المعنية . وكما يبدو ، فأن إدريس كانَ يمتلك العديد من هذه المواصفات !. وكانَ من ضمن " واجباتهِ " المُكَلَف بها ، أو رُبما تطّوعه القيام بها ، من دون أن يُكّلفه أحد .. هو مُراقبة عوائل الأشخاص الذين إلتحقوا بالثورة الكردية ، ومعرفة تحركاتهم وإكتشاف آليات الإتصال ، بين البيشمركة في الجبال وعوائلهم في العمادية . ومن ضمن هؤلاء ، كانتْ عائلة ( مريولا ) ، حيث ان الأب إلتحق منذ سنتَين بالثورة وتبعهُ إبنهُ الكبير .. وتركوا وراءهم عائلة متكونة من الزوجة وبنتاً في الثامنة عشرة وإبناً في الثامنة . الإبنة الشابة ، إسمها " عزيزة " ، كانتْ جميلة ومَرِحة ، تُساعِد أمها في جميع أعمال المنزل ، بل وتذهب معها بين الحين والحين ، الى بيوت الميسورين ، للقيام بالتنظيف او الغسيل وما ألى ذلك ، والحصول على بعض المال ، لتلبية إحتياجاتهم الضرورية . إدريس ، ومن خلال مراقبته ومتابعته ، لتحركات عزيزة ، أعجِبَ بها ، وحاول في مراتٍ عديدة ، التقرُبَ منها ومغازلتِها ، لكنها كانتْ تصدهُ بِحَزم . إدريس إستغلَ غياب الأب والأخ ، وتصورَ أن نَيل الفتاة ، سيكون سهلاً ومُتاحاً ، لاسيما وهُي تعيش في ضائقةٍ مالية .. ولكن لأن عزيزة كانتْ قوية الشكيمة ، ومُعتَزة بأنها بنت وأخت بيشمركة ، فأنها في قرارة نفسها ، كانتْ تحتقرُ إدريس وتعتبرهُ مُخّنثاً ، بإسلوبهِ المُداهِن وحديثهِ المُراوغ .. وأُمها كانتْ تُحّذرها دوماً ، من إدريس وأمثالهِ ، ولكن في نفس الوقتْ ، تُذّكِرها ، بأنه من المُمكن أن يُسّبِب الأذى لهم ، لأن له علاقات مع الحكومة ! . بعدَ أن يأسَ إدريس ، من تكوين علاقة مع عزيزة ، بل وفشله حتى في تقبيلها أو إقناعها في قبول ، بعض الهدايا البسيطة ، كَفَ أخيراً عن ملاحقتِها . وبدلاً من ذلك ، وإنسياقاً وراءَ خباثتهِ الموروثة ، فأنهُ لجأ الى تشويه سُمعتِها ، وترويج الإشاعات ، حول علاقة عزيزة ببعض الشباب في المحلة ولا سيما من الجيران .. وإدعى أنه طالما ، نصحها بالإبتعاد عن هذه الأفعال ، لكنها لم تستمع إلى نصائحهِ ! . ولأن عم عزيزة وأخوالها ، كانوا منشغلين كُلٌ بمشاكله الخاصة ، ولأن أبوها وأخوها الكبير ، كانا غائبَين ، فأن إدريسَ نجحَ ، بجعل بعض الألسُن ، تلوك سُمعة عزيزة . في صيف 1964 ، عُقدت هُدنة ، بين الحركة الكردية ، والحكومة العراقية في عهد عبد السلام عارف ، وجرتْ بينهما مفاوضات ، إستمرتْ عدة أشهُر . خلال هذه الفترة ، عاد قاهر مريولا ، والد عزيزة ، الى العُمادية .. وكانتْ بعض الأخبار قد وصلتْ الى مسامعهِ قبلَ أيام ، عما يتحدث بهِ الناس عن إبنتهِ .. فما أن وصلَ الى منزلهِ .. وكانتْ عزيزة في تلك اللحظة ، تجني التُكي من على الشجرة الكبيرة وسط الحوش .. فوّجهَ اليها بندقيتهُ البرنو ، وأرداها قتيلةً في الحال ! . نُقِلَتْ جثة عزيزة بسيارة إسعاف ، الى الطُب العدلي في الموصل ، وتَبّين أنها عذراء ! . كانت تلك من الأحداث النادرة في العُمادية .. وذهبتْ عزيزة الجميلة ، ضحية بريئة ، لإنسياق الأب وراء حمية التقاليد وغسل الشرف المزعوم ، من دون رَوِية وبلا أي تحقيقٍ . في ذلك الوقت ، لو علم قاهر مريولا ، بأن إدريس البيطار ، هو مَنْ لَفقَ التُهَم ضد إبنتهِ عزيزة ، لكانَ قتلهُ رُبَما ، أو على الأقل ، سّببَ له عاهةً مُستديمة !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضِد الجميع
-
لِتصْمُت طُبول الحرب الداخلية في الأقليم
-
بينَ الهمسةِ والصَرخةِ
-
الأرنبُ الهِندي
-
هل حضْرتكَ تكريتي ؟
-
ما أجمل عبارة ( وبأثَرٍ رجعي )
-
في بغداد .. ثّمة أمَل
-
صديقي الذي ( طابَتْ لهُ الكَعْدة )
-
التيار الديمقراطي العراقي في نينوى ، يستذكر فاجعة سنجار
-
على هامش الإعتداءات التركية على الأقليم
-
ساعات وساعات
-
مَرّةً اُخرى .. الطائرات التركية تقصف الأقليم
-
الغسّالة اللعينة
-
ملك طاووس ، يرعاك يا ( آشتي بدل جندي )
-
حَقاً ... مَنْ يدري ؟
-
الإتفاق النووي الإيراني .. عراقياً وكردستانياً
-
( يعجبني الزمانُ حينَ يدور )
-
مُؤتمرٌ ناجحٌ بإمتياز
-
هِجرة الشباب من أقليم كردستان
-
مَنْ سيكون الرئيس ؟
المزيد.....
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|