أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي شايع - الشاعر حيث أتى














المزيد.....

الشاعر حيث أتى


علي شايع

الحوار المتمدن-العدد: 1350 - 2005 / 10 / 17 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العراق دولة دستورية..
يا لها من جملة رائعة انتظرناها بالسنوات،والدم،والحزن الجماعيةِ مقابره..
هذه الكلمات مكتوبة قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع لإدلاء الناخبين بأصواتهم حول مسودة الدستور العراقي الجديد..
وبتفاؤل الموقن بالمعجزة الديموقراطية سأقول: انتصرت وثيقة ميلاد العراق لتشرق به صوب لغة الديموقراطية للمرة الثانية..
لقد قرّرنا لوطن دستوري لا يأتيه باطل الإرتجالات السياسية من بين يد ديكتاتورية،ولا من وراء مزاج سلطوي طارئ..
إنتصر العراق لا بتصويت الغالب منه بالإيجاب والتوافق والثقة بالدستور فحسب،بل انتصر العراق على ذل الشهر العاشر من كلّ سنة منذ 1983 وحتى انهياره الديكتاتورية المهين،في مشهد تخلٍ شعبي غير مسبوق في التاريخ،فالنسبة التي كانت تعلن في استفتاء تلك السنوات كانت في الغالب 99% باستثناء آخر استفتاء خرج فيه عزة الدوري على الملأ ليعلن نتيجة البيعة الخرافية 100%..
في تلك السنة كنّا نتحرّق ألما لمشهد الرعب اليومي العراقي،وكنّا نتابع صحافة النظام وأبواقه،وأذكر أني رصدت مشهداً داخلياً مريراً كانت صحيفة الديكتاتور الرسمية ترسم خرابه الصباحي كلّ يوم بعد الاستفتاء..ففي صباح اليوم الثاني نزلت افتتاحية جريدة الثورة بقلم رئيس تحريرها سامي مهدي وبعنوان كبير "الاستفتاء بطريقة عراقية"..وكان مقالاً هزيلاً لشاعر ينظّـّر بين حين وآخر عن الشعر،وأضحكني وقتها وصفه في كتابه (أفق الحداثة وحداثة النمط ) لقصيدة النثر؛"إنها بلا شكل، وبلا إطار، وبلا وحدة عضوية، وبلا إيقاع حقيقي، وبلا مضمون صلد".. ولم يخبر القراء في افتتاحياته اليومية ولو مرة واحدة عن شكل النظام العراقي، أو إطاره، ووحدته العضوية وانقراض الرفاق فيه!، وحقيقة إيقاعه الدموي، ومضمونه الصدّامي الصلد قبحاً.
كان سامي مهدي الشاعر البعثي،يطنب مديحاً لبطولة شعب "لم يتخلف منهم المريض ولا العاجز..ويبايع فيهم الحاضر نيابة عن الغائب لقائد ضرورة،يستحق اليوم أكثر من الأمس أن يقود هذا الشعب"..
هذا الشاعر وغيره من أبواق النظام القمعي كانوا يطلّون على الصباحات العراقية بكلّ غريب ومستهجن فأيام بدأت أمريكا حملتها في أفغانستان اطلّ في مقاله الصباحي ليعلن اعتراف النظام العراقي بحكومة طالبان، ويدبّج الأسطر عن اكتشافه لشكل حركة طالبان وإطارها ووحدتها العضوية وإيقاعها الحقيقي ومضمونها الصلد،متهماً قصيدة النشر بالإرهاب والعمالة لأمريكا،ومستكثراً عليها الصفات التي غنى بها عن طالبان المجد الإسلامي الجديد‍!.
في ذلك الصباح التشريني لآخر استفتاء بعثي،صدرت جريدة الثورة لتنطق رأي النظام الرسمي،وكتب الشاعر تعاليم حزبه عن المعجزة المئوية، وفق وجهة نظر رسمية جوفاء بلا أفق أو شكل أو إطار، والى آخر ما يتشدق به تنظيراً عن الشعر..
في الصباح الثالث بعد الاستفتاء،وفي حمّى اللغو البعثي كتب الشاعر مقال مديح عن كتابٍ في "مآثر القائد" صدر في رومانيا بهذه المناسبة"التي تطلّعت إليها قلوب الشرفاء في العالم قبل عيونهم"،وقال فيه ما لم يقله مالك في الخمر،واصفاً عبقرية كويتب -مرتزق كان آخر أذناب تشاوشيسكو- فهي"فتح صحفي وأفق كتابي غير مسبوق"..
وفي اليوم الرابع..كتب الشاعر عن المكرمة الرئاسية في إطلاق سراح السجناء بمناسبة الاستفتاء المئوي،وتحدّث عن "التسامح والعفو في فكر القائد وأفعاله"،تلك المكرمة التي دفعت بعتاة المجرمين مجدداً إلى الشارع العراقي..

اليوم تحطمت أسطورة الاستفتاء بالطريقة الصدامية،وسيوافق التأريخ الذي أطلق فيه الديكتاتور سراح المجرمين(19 تشرين الأول) يوماً لمحاكمته ووقوفه أمام عدالة دولة دستورية جديدة..
هذا يوم سيفصل بين زمنين بحق،ويبعد عنا برازخ وهم مرعب أرادت لنا ليله الطويل؛أقلام البعثي الكابوسية..فكان لذلك الشاعر ما أراد من سحرٍ لاعبٍ بالكلمات،ومفتضح زيفه فيها..فكان حيث أتى،وكانوا حيث وليَّ عليهم..
ومأساة مثل هؤلاء ليست في أكاذيبهم التي لا يصدّقها أحد،بل في أنهم لا يصدقون إرادة الشعوب التي تريد الحياة..وتصنعها.



#علي_شايع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- !أنصالح من يطالح؟
- أفلام قمعٍ تعرض لأول مرّة
- وكم ذا بمصر من المضحكات
- مصرع القاسم..المشترك
- منامات عربية
- قد أُوتِيتَ سُؤْلَكَ ياموسى
- ! أحسنتَ إلى العصفور سيدي الرئيس
- كراج النهضة
- !ما لهذا الدستور ينسى تلكم الكبيرة
- هام..تحذير من اغتيال سفير
- خيانة المثقفين
- السيد الجعفري.. قل الثقافة، وانسَ الرمح
- !سجين أخطر من الديكتاتور نفسه؟
- تأخير العدالة؛ظلم آخر..لو تعلمون
- وصل السيل الزبى
- دموع ماري
- مقال منعه موقع إيلاف من النشر
- الحصان الملكي وحيداً
- عندما يصمت المغني
- وماذا عن الجنجاويد البعثي،والآخر الإعلامي؟


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون القبض على -شبكة تجسس أميركية إسرائيلية-
- البيان الختامي للاجتماع العام الحادي عشر لتيار الديمقراطيين ...
- موجة حر تضرب اليونان وتركيا ومخاوف من حرائق الغابات
- بلينكن يؤكد لنتنياهو أهمية -خطة ما بعد الحرب- ودعم واشنطن ال ...
- إيلون ماسك يدعو للتحقق من مشاركة نجل بايدن في إفساد دول أجنب ...
- الرئيسان الروسي والبرازيلي يؤكدان اهتمامهما بتعميق الشراكة ا ...
- الخارجية الروسية تسحب اعتماد صحفي نمساوي في موسكو ردا على إج ...
- طهران تؤكد أن المحادثات بين إيران ومصر تستمر على أعلى مستوى ...
- وزير الخارجية الصيني يدعو إلى الدفاع عن السلام والأمن بقوة
- خسارة ماكرون وشولتس أوروبيا.. حصاد التبعية الأمريكية


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي شايع - الشاعر حيث أتى