أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - الإسلام الصحيح مفهوم واقعيّ أم متخيل؟















المزيد.....

الإسلام الصحيح مفهوم واقعيّ أم متخيل؟


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 4900 - 2015 / 8 / 18 - 00:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


..هناك من لا يريد أن يرى الحقيقة عارية؛ أو يدخل عليها سافرة دون حجاب، فالعريّ حرام..
في هذه المرحلة الدموية ترتفع عن نوايا طيبة الأصوات المنادية بالعودة الى الإسلام الصحيح؛ وإلالتزام بصراطه المستقيم من أجل الخلاص.
فما المقصود بـ “الإسلام الصحيح“؟
هل هو مفهوم نظري له متن وسند يرتكز على قاعدة تاريخية متماسكة، تؤهل الخروج به من صفته النظرية الى حيّز الممارسة والتطبيق، أم أنه مفهوم صوريّ متخيل ومضلل؟
ولكن بأي حال، نسأل بجدية ومن باب الكوميديا السوداء: كيف نعود ؟
هل نحزم عقولنا مثلاً ونستعد الآن لشد الرحال، أم نترك العجالة للشيطان وننتظر قليلاً، بضعة قرون آخريات لربما؛ حتى نتفق على ماهية "الإسلام الصحيح" ونعثر على عهد له أو عصر، ثم نثب عائدين بروح رياضية أكثر توهجاً؛ إذا لم نـفاجأ بظهور منقذ مخلّص.
"الإسلام الصحيح" لا يخرج بتصوري عن كونه مفهوم متخيل لا يرتقي حتى الى مفهوم النظرية ..لماذا؟
ليس لأنه عصيّ على التطبيق، ليس لأنه يجهد النفس بالركض وراء اللامستطاع، ليس لهذه الأسباب وما شاكلها رغم أهميتها.
وحتى تتضح الرؤية نطرح بعض الأسئلة: ما هو الدين؟
هل الدين رسول وكتاب فقط، أم الدين ثقافة تراكمية متحركة؛ مصدرها رسول وكتاب ومكتبة ؟
الشق الأول ربما يمثل مفهوم الإسلام الصحيح عند الطائفة الأكبر؛ التي ما انفكت تنادي بالعودة الى القرآن وسنة نبيه العظيم بصفتهما روح الدين الصحيح. لذا سنقف عنده ونسأل:
هل ثمة كتاب يقرأ نفسه أم لابد له من قارئ ؟
آوليس "القراءة" هي مفرق الطرق لما تفرزه من أفكار وفلسفات وما تنتجه من تفاسير وتفقهات ؟
كيف جاءت المذاهب والطوائف والفرق والملل؟ هل نزلت بوحي من السماء أم بوحي قراءات مختلفة من قبل جهابذة القوم؛ وكل قراءة أنتجت مدرسة فقهية أو مذهب له اتباع ومشايخ ومنهج مستقل في الاستنباط والتشريع-;- ويقف على خلافات عقدية وفقهية مع غيره من المناهج.
وإذا كان مفهوم الإسلام الصحيح عالق بالعودة الى القرآن قبل أي شيء بصفته المصدر الجوهر الموحى به؛ والعودة الى القرآن عالقة بقراءته؛ والقراءة ستضعنا بدورها على محك الإختلاف الذي نحن غارقون فيه أساساً؛ فأي معنى أو قيمة لهذا المفهوم الذي يجعلنا ندور في حلقة مفرغة بحثاً عن قراءة توحيدية تمثل الإسلام الصحيح؛ وأي خيال هذا وأهل الدين لم يتفقوا حتى على أول أركان الإسلام؛ ونصه لا يتجاوز السطر؟
ومع أن الاختلاف غير مذموم بحد ذاته لكنه بحدين في هذا الحال؛ الأول فيه إثراء وإنتاج معرفي مثمر. والثاني فيه بلاء وإنتاج مدمر. والفصل بين الحدين وأيهما الصحيح أو الأصح مسألة نسبية تماماً؛ يدعمها القرآن نفسه لما به من سيولة تأويلية خرافية الطابع؛ تسهّل سكبه في الكأس المحببة للقارئ. ولما يمتلكه الإنسان من ناحية آخرى وبصفته كائناً اجتماعياً؛ من فطرة استثمارية. بمعنى استثمار كل ما يحقق له استراتيجية من استراتيجيات بقائه وبقاء جماعته. وكل الأحياء مجبولة على هذه الفطرة بشكل أو آخر. وحتى لو كان القرأن بلغة لا يكتنفها الغموض والعسر؛ وأول سوره فيه فاتحة ردع؛ تلزم المسلمين بالنص الحرفي والظاهر من الكلام؛ وتتوعدهم بجحيم الآخرة إذا مارسوا حرفة التأويل والتفسير؛ حتى لو افترضنا هذا جدلاً، فلن يتفق المسلمون على قراءة واحدة للقرآن أو على إسلام صحيح.. لماذا؟
الجواب بسيط وبديهيّ؛ لأنه من المحال أن تخنق عقول أمة كاملة بحبال كتاب أو كتابين مهما كانت قيمتهما وصفتهما؛ فلابد أن يحدث الانشطار والتفجّر الفكري كحتمية تاريخية وإنسانية لا مفر منها ولا مهرب.
الدين ثقافة لا يختصرها كتاب مهما بُذِلت الجهود. والثقافة كيان حي يتناسل وينمو ويتحرك في البعد الزمني بموازاة تناسل اتباعه؛ ويتراكم عن مصدره بأطنان من الكتب والمجلدات؛ ينال بعضها صفة المصدر أو المرجع الموثوق الذي تعتمده فئة من الاتباع أو اخرى.
الدين؛ ولأنه كيان ثقافي حي، وحياته من حياة إنسانه؛ ولا قيمة له بدونه أو وجود؛ تظل قيمته عالقة بما ينتجه الأتباع على مر الزمن ويصيبه ما يصيبهم من ترف فكري أو كساد.
والجدير بالذكر هنا؛ هو أن السياسة كثقافة هي الأخرى؛ لا تسير بموازاة الثقافة الدينية إلاّ اذا كانت الاخيرة تحقق مصالح السلطة والدولة. فالخلافة الراشدية مثلاً؛ قفزت على القرآن في أكثر من موضع وحالة، وشرعت لقتل من ترك الله عقابهم الى الآخرة. هل حكم الردة إسلام صحيح يسنده النص القرآني أم محض قرار سياسي ؟
هل قتل الممتنع عن دفع ضريبة مالية إسلام صحيح أم سياسة عنف لغرض اقتصادي؟
هل صناعة طبقة من المنافقين بفرض الهوية الإسلامية عليهم وهم ليسوا بمسلمين؛ إسلام صحيح أم طغيان سياسي؟
هل ترهيب المدن وفرض الدين بقوة السلاح ثم التقول لا إكراه في الدين، إسلام صحيح أم غزو سياسي وأطماع توسعية؟
هل الفتن والحروب وقتل المسلم للمسلم والتمثيل بجثته وتركها دون دفن؛ إسلام صحيح ؟
هل سرقة بيت مال المسلمين إسلام صحيح؟
هذه أمثلة وجيزة من عصر الراشدين فقط، المبشرين بجنة الخلد. فهو عصر سياسي-دنيوي بامتياز؛ بجنباته ثقافة دينية وأناس وقادة متدينون قاموا بأعمال طيبة لا تنكر؛ لكنه ليس عصر إسلام صحيح بالمفهوم الذي يطرحه المسلمون وجهابذتهم. وبرزت في غضونه قيادات سياسية محنكة في الحقيقة وعلى درجة رفيعة من الدهاء والحكمة، تجاوزت على الدين وسيرة نبيه اجتهاداً من أجل توطيد أركان الدولة وتعزيز قدراتها الاقتصادية والعسكرية وصقل مهاراتها الثقافية. متى يدرك المسلمون أن الشغل السياسي ليس شغلاً دينياَ؟
المشكلة في أهل الدين هي قراءتهم للتاريخ بعقلية دينية صرفة ومتحيزة؛ فتختلط عليهم الرؤية وتصبح السياسة دين والدين سياسة، وهذا الخلط عادة؛ يسير بأتجاه واحد يصب لصالح دينهم. فالإخفاقات السياسة والفساد السياسي لا تحتسب إخفاقات دينية وفساد ديني؛ ويلقون بها على عاتق الحاكم الفاشل أو المفسد لتنزيه الدين؛ بيما يحسبون الإنجازات السياسية إنجازات دينية يفخرون بها. وهكذا بالنسبة لما تنتجه الثقافة الدينية؛ فالأعمال الصالحة في سلة الدين؛ والطالحة على الفاعل. مع أن دينهم يفرض العدل في المعاينة والحكم على الأمور.
هناك من لا يريد أن يرى الحقيقة عارية؛ أو يدخل عليها سافرة دون حجاب، فالعري حرام. هنالك من لا يريد أن يفهم أن الإنسان هو من يمنح الأشياء قيمتها. فالدين لا يمنح الأنسان قيمته؛ قبل أن يمنحه الإنسان قيمة. فكلما تردت قيمة الإنسان، تردت القيمة التي يمنحها الى الأشياء والأحداث والمفاهيم وخلافه. فقبل أن نطلق مفاهيم مثل الإسلام الصحيح والإسلام الخاطئ، الأجدى أن نجرع مر الحقيقة؛ أن نزن قيمة الدين؛ ليس بميزان الكلام الطنان والحبر الرنان، بل بحجم قيمة أتباعه في العالم.

فاتن نور
August 17, 2015



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوتوشوب..
- وقفة مع التحليل السياسي.. 
- لماذا التباكي على الآثار؟
- أكثر من رواية
- زفرات الشوط الأول
- عن تطور مفهوم الصراع من أجل البقاء..2
- عن تطور مفهوم الصراع من أجل البقاء..
- تقريع جسد المحنة..
- حورية الغريقين..
- احتكارالحقيقة وتجريم نسبيتها..
- الصيام بين التقليد والتحديث..
- حول الفن وعصبيات قراءته..3
- حول الفن وعصبيات قراءته..2
- حول الفن وعصبيات قراءته..1
- تَرْسِيل خارج الإطار..
- خدوش طفيفة المآل..
- قبل الأوان بقليل..
- التعددية الديكتاتورية في العراق..
- حول مادية الجنة والنار..
- سأشتهيكَ.. بالقليل من دغدغة الضجر


المزيد.....




- أحدث تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات “نزلها ...
- -الشرق الأوسط الجديد ليس حلماً، اليهود والعرب في خندق واحد-– ...
- بعد دعوة رجل دين درزي.. تحذير مصري من -مؤامرة- لتقسيم سوريا ...
- الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في سوريا حكمت الهجري يطالب بحم ...
- الدروز في دائرة الخطر: نتنياهو يستغل الطائفة لأغراض سياسية
- جماعات الهيكل منظمات إسرائيلية تسعى لهدم المسجد الأقصى
- الاشتباكات الطائفية في سوريا: أبرز القادة الروحيين الدروز يط ...
- تردد قناة طيور الجنة.. نزلها على جهازك الرسيفر وتابع كل جديد ...
- -كمين- لقوات تابعة للحكومة السورية يتسبب في مقتل 23 مسلحاً د ...
- الفاتيكان يتخلى عن تقليد رداء البابا الذي يعود إلى قرون مضت ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - الإسلام الصحيح مفهوم واقعيّ أم متخيل؟