أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - تَرْسِيل خارج الإطار..














المزيد.....

تَرْسِيل خارج الإطار..


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 3766 - 2012 / 6 / 22 - 10:08
المحور: الادب والفن
    




(1)

بعد عشية صائتة، جاءت امرأة الزقاق المارثوني بمطرقة ذات مقبض فخم، ومسمار متين ذي عوج مقبول، و لوحة مكسيّة بإطار ثقيل من العاج المرصع و كيس سميك من الكتان، للرسام الرومانسي أوجين ديلاكروا.
وهي تذرع مساحة اللوحة، استغرقت في عنوانها "الحرية تقود الشعوب"، المحفور في ذاكرتها بإزميل قديم مستحب. تناولت كأسا من الواين الأحمر، ومارست عادتها السرية أمام ما تبقى من " السَّوابح" في حوض الماء المركون على طاولة قصيرة الأرجل في الزاوية. تاركة الجدار يستغرق في عافيته.
هذا يكفي.. قالت بعد صعداء النفس، و في طريقها لنزح رغوة الحوض، وفحص الفلتر والترمومتر وأشياء آخر.
هذا يكفي.. لبيت آمن تماما بالكثير من الشكوك والإثارة
..هكذا همهمت، وعينها تخامر أحوال الجدار..
بعد وقوفها على أهوال وسخ الفلتر، و عطب مضخة القاع.

(2)

وهي تنثر الحبوب بتغنج معتدل، سألت نفسها لمرة واحدة:
"لماذا يرفع الديك عقيرته بالصياح، بينما تضع الدجاجة بيضتها بصمت"*
هذا يكفي.. قالت في سرها.. لفهم "الكامل في تاريخ التعويل".
ما وقع عليه رشدها من إجابة ظنتها شافية، راحت ترددها بصوت ناشز الترَنّم:
..الدجاجات يعولن غالبا على الصياح المخبوء في بيوضهن..
والمتوقع سماعه بعد هشاشة القشور، وتسمين حناجر الناقرين؛
بنسبة الـ "خمسين بالمئة".

(3)

تعلقت في طفولتها بأحد رواد القرن التاسع عشر في فن البورتريه. آبان ربيعها، تمكنت من شراء لوحته الشهيرة "المربع الأسود" المحببة إليها، من أجل تجريد الفواصل المرئية بين الفصول على شرفات جسدها.
بعد احتفائها بتعليق "المربع الأسود" قبالة لوحة أخرى لنفس الفنان بعنوان" أبيض على أبيض"، كانت قد ورثتها عن جدها المناضل، كناس الحي الشعبي أبان حياته النشطة، قالت بصوت عال وهي تقضم تفاحة سانحة على أريكة أثرية في رواق ضيق..
..هذا يكفي.. لتدشين خطيئة جيدة لا تبلى نشوتها.
حين اشتد لهاث الأفق لحمرة الغياب، حزمت أنفاسها لمغادرة السرداب المكتظ بنفائس نادرة ومهملة منذ اقتنائها، واللحاق بالسلم المتحرك قبل كبوته المعتادة في آخر النهار، الصاعد الى طابق علوي حيث الفرن الساخن بضراوة، وآنية مبعثرة من اللازب الأخضر.. تنتظر زجّها الى الجحيم.
و فيما باشر البارح من هواء السرداب بتدشين أطوار الأكسدة في موضع القضمة، تناسل مذاقها بخدر بين جدارين لا يهتكان سر الألوان.


* عن مثل روسي

فاتن نور
June, 22, 2012



#فاتن_نور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خدوش طفيفة المآل..
- قبل الأوان بقليل..
- التعددية الديكتاتورية في العراق..
- حول مادية الجنة والنار..
- سأشتهيكَ.. بالقليل من دغدغة الضجر
- نحن أمة كرامتها الشهادة!
- هل يمكن عصرنة الأنظمة الديكتاتورية؟
- شجن المشهد المقلوب..
- نهايات آيلة لسجال..
- التأويل المُضاعَف والعكسيّ للنص الأدبي..3/3- القسم الثالث
- حوار مع الشاعرة العراقية فاتن نور.. حاورتها الصحافية المغربي ...
- النزعة الأيديولوجية في تقييم النصوص الشعرية
- التأويل المُضاعَف والعكسيّ للنص الأدبي ..3/3- القسم الثاني
- دهاليز وجهيّ المُبتذل..
- التأويل المُضاعَف والعكسيّ للنص الأدبي ..3/3
- التأويل المُضاعَف والعكسيّ للنص الأدبي ..2/3
- التأويل المُضاعَف والعكسيّ للنص الأدبي ..1/3
- هل دينكم بلا منطق أم منطقكم بلا دين؟
- من هنا
- ما الذي كسبه الشعب العراقي بعد السقوط ؟


المزيد.....




- -شاعر البيت الأبيض-.. عندما يفتخر جو بايدن بأصوله الأيرلندية ...
- مطابخ فرنسا تحت المجهر.. عنصرية واعتداءات جنسية في قلب -عالم ...
- الحرب في السودان تدمر البنية الثقافية والعلمية وتلتهم عشرات ...
- إفران -جوهرة- الأطلس وبوابة السياحة الجبلية بالمغرب
- يمكنك التحدّث لا الغناء.. المشي السريع مفتاح لطول العمر
- هل يسهل الذكاء الاصطناعي دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيوني ...
- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - تَرْسِيل خارج الإطار..