أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - هل دينكم بلا منطق أم منطقكم بلا دين؟















المزيد.....

هل دينكم بلا منطق أم منطقكم بلا دين؟


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 3352 - 2011 / 5 / 1 - 09:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإحتلال طامة كبرى أينما وجد وكيفما يُسوّق أو يُبرر، أما إذا كان "المحتل" نظام ديكتاتوري كما في المنطقة العربية، فهذه طامة أبشع وأكثر وجعا ولأسباب كثيرة، إلاّ أن السبب الأهم بتصوري هو السلطة الدينية ومؤسساتها بما لها من وزن ثقيل لا يمكن تجاوزه أو التغاضي عنه، فالمواطن العربي غالبا ما يتبع رجل الدين ويستفهم منه ويعتمد على ما يوصي به أو يفتي، أضافة لتشبعه بالثقافة الدينية منذ نعومة أظفاره، وهي ثقافة ليست بالضرورة مستقاة من روح الدين فجلها هجين يجمع بين الشريعة الآلهية والفقه البشري، ومضببة بتفاسير وتآويل مضطربة ومتناقضة للنصوص الإلهية.
ومن المفاهيم التي لجأت السلطة الدينية الى تفريغها من محتواها القيميّ ولصالح الحاكم وحاشيته فباتت لا تدفع ظلما عن المواطن أو تعيد له حقا أو قيمة وكرامة..سأذكر مفهومين على سبيل المثال:

- مفهوم الجهاد في الخطاب الديني :

قد انحرف هذا المفهوم بتواطؤ السلطة الدينية مع السلطة السياسية فبات "فقهيا" موجها نحو العدو الخارجي وفاقداً لقيمته وجدواه في الداخل، إذ استبدل الخطاب الديني الموجه في الداخل الجهاد بفقه المهادنة، ولهذا لم يشهد تاريخ المنطقة أو تاريخ المسلمين عموما الملبد بسلاطين الجور والملذات وسحق العباد وبعون هذا الفقه وانصياع العامة له، لم يشهد ثورات شعبية تـُذكر ضد فساد السلطة الحاكمة واستهتارها في تاريخنا المعاصر مثلما لم يشهد وعظا دينيا أو تذكيرا للحاكم بجوره وفسقه أو تقاعسه، فالحاكم عادة أما يخلع عسكريا أو بالتدخل الخارجي أو بتدخل عزرائيل، وهذا الأخير لا يخدمنا لوجود وريث عادة مهيأ لتقلد زمام السلطة والمباشرة بالتقليد.
وما شهده العالم العربي مؤخراً من ثورات وانتفاضات شعبية نفخر بها لم يكن بمعول السلطة الدينية ومناداتها للخروج على الطواغيت، بل جاء في سياق الحتميات التاريخية وبعد طول معاناة اختمرت مع الزمن لتتفجر بأي شرارة عابرة.
ومن الغريب أن يبرر رجال الدين فقه المهادنة هذا بهوية الحاكم الدينية، وكأن الهوية الإسلامية فضاء رحب لترك الحبل على الغارب للحاكم وحاشيته، وعدم مضايقتهم إثناء تأدية الطقوس اليومية في النهب والإستلاب والغش والتزوير وما إليه من رذائل وخطايا،ومرتع خصب للتقاعس عن أداء الواجب واستنزاف المال العام بما لا يخدم الوطن والمواطن.
وكثرما يقلب فقهاء السلطة الدينية المنطق ويمدونه الى الجهة التي يبتغون، والجهة في هذا المقام هي تسخير أقصى ما يمكن تسخيره لخدمة الحاكم وترسيخ وصايته المطلقة المتآزرة مع وصايتها ومد عمر الوصايتين. و فقه المهادنة هذا لا يمتد ليشمل المواطن البسيط فيما لو أفسد أو تقاعس فلا مهادنة معه بل محاسبة قضائية، رغم أن حجم الضرر هنا أقل من حجم ضرر الحاكم الفاسد وربما من تداعياته.
بينما في الشريعة لا ينفصم مفهوم الجهاد الى مفهومين متضادين الأول يوصي بالكر والإنقضاض والثاني يوصي بالفر والإنقباض، فالجهاد ضد الظلم والقهر والفساد لا تحده هوية الفاعل أو جهته، وإذا كان مصدر الظلم والفساد مصدرا فوقيا قادما من رأس السلطة أو الهرم السلطوي فهذا بحد ذاته يعد خروجا عن شريعة الرب في حكم العباد ويحق الخروج عليه، ومقاصد الشرع بينة لكل مسلم وهي تلخيصا الحفاظ على الدين والمال والعرض والنفس، ولنا في التاريخ الأسلامي القديم أسوة حسنة فقد خُرِج على الحاكم الجائر ولم يكن كافراَ ولم يكفره علماء الأمة. علما أن الطاغوت الخارجي أو المستعمِر غالبا ما يكون سببه الطاغوت الداخلي أو الطغيان المتوارث بتداعياته وفوضاه داخل البلد، فالبلدان الهزيلة بأنظمتها الإستبدادية وشعوبها المسحوقة هي التي تُسـتعمَر، وللجهاد ضد الأنظمة الفاسدة فائدة أخرى فهو جهاد وقائي ضمنيا لصد التدخل الخارجي أو الإحتلال المتوقع.
الخطاب الديني الذي يعتمد فقه المهادنة الطويل الأمد مع المعتدي الداخلي، بينما يعتمد فقه الجهاد الفوري ضد المعتدي الخارجي هو خطاب غير سوي ومشكوك في نزاهته أو مصداقتيه الدينية والإنسانية، فقد يكون الجهاد ضد المعتدي الخارجي في هذه الحالة صورة أخرى من صور الدفاع عن الحاكم الجائر ونظامه الفاسد وليس دفاعا وطنيا نظيفا عن أرض الوطن وشعبه وخيراته فكل هذا مُنتهك سلفا من قبل النظام إذا كان فاسدا.


- مفهوم النهي عن المنكر والأمر بالمعروف في الخطاب الديني:

هذا المفهوم يعني مكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين أينما وجدوا على أرض الوطن فلا عصمة لمواطن مهما كانت وظيفته أو منصبه القيادي، وسلطة النهي عن المنكر والأمر بالمعروف هي جزء من سلطة الحاكم أو الهرم الرئاسي ومؤسساته في الدولة وهذا يعني خصخصة الفساد، فسوط هذه السلطة (سلطة الأمرين) لا يُرفع بوجه الهرم السلطوي بل يُرفع لردع المُفسِد الآخر (أو محاولة ردعه) ممن لا يقع ضمن الهرم أو العلاقات الهرمية، والآخر قد يكون مُفسِدا بسبب الفساد السلطوي وتداخلاته الإجتماعية، فهي محاولة فاشلة إذ أن الهرم الرئاسي الفاسد هو رأس الأفعى أما ذنبها فلا يلفظ إلا ما يلتهمه الرأس. في الوقت الذي يجب أن تكون سلطة الأمرين بيد الشعب وعبر مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الآخر التي لا ترتبط بسلطة الحاكم أو تمّول من خزانة الدولة، ولغرض مراقبة أداء الهرم الرئاسي الذي بعهدته الموارد والخيرات الطبيعية ومصير البلد عموما، وهي أمانة لا بد أن تحفظ وتصان وتُستثمر بما يخدم الصالح العام ويؤسس للنهضة والتقدم. هذا الهرم هو من يُؤمَر بالمعروف ويُنهى عن المنكر أولا حيث أن حجم المعروف المُنتج هو ما يعول عليه المواطن وهو السبب أساسا في وجوده كهرم قياديّ لإنتاج هذا المعروف بشتى صنوفه وفي كل الميادين، أما حجم المنكر فله أضرار جسيمة وتداعيات وخيمة قد تقود الى مصير أسود، والمنكر هنا جدير بمحاسبة شعبية وقضائية جادة لتصحيح البناء الهرمي وإزاحة عناصره الهادمة والمتقاعسة والمُفسدة، أو إعادة هيكلته إذا تفاقم المنكر وبلغت سيوله الزبى..
وسؤالي لفقهاء الموازين المقلوبة ومن يتبعهم: هل دينكم بلا منطق أم منطقكم بلا دين؟

وما أكثر المفاهيم التي تم تحريفها أو خلخلتها فقهيا، أو قلبها رأسا على عقب لمد جسور الرحمة والمودة بين فساد الحاكم وطغيانه وبين تقاعس الشعب وخذلانه، وتعبيدها بفقه الذرائع والضرورات الذي يسوق الى العوام وكأنه دين وأخلاق لابد من الإلتزام به لحقن الدماء، تلك التي يسفكها الحاكم الجائر متى ما شاء ليؤمن لنفسه الإطمئنان والسكينة والثبات على العرش. بمثل هذه المفاهيم الفقهية إنقلبت المعادلة فأمسى الإعتداء الخارجي أقل خطورة من الإعتداء الداخلي، فالأول يحارب وينادى جهاراً لمقاومته من فوق المنابر والمآذن فتشحذ العزائم وتشد الهمم بثقل السلطة الدينية وما توصي به من جهاد فرض عين أو جهاد فرض كفاية!، أما الثاني فيُهادن بنفس السلطة المُسيَسة لمحاباة الحاكم وحمايته من القصاص، وبتصوير الذات الإلهية المسؤول الأول والأخير عن محاسبة الحاكم لارتباط حكمه المباشر بالسماء. ولم تدلنا السلطة الدينية على المعدل الزمني لمهادنة الحاكم ووعظه، فهل يُهادَن لمدة سنة أم سنتين أم عقد من الزمان أم أنها مهادنة مفتوحة وحتى شروق الشمس من بئر مغيبها.
بالجهل والتجهيل وضروب التسويق من بوابة الدين صنع إنسان هذه المنطقة أعتى الديكتاتوريات في العالم، صانعا معها معاناته الطويلة وانكسارته الحضارية، بل وصنع أصناما من رخام يتوسلها الحق والواجب والرفق بالأرض والإنسان.

ومازلنا نقول ونردد بأن فلسطين بلد عربي مُغتصَب، وكأن الأنظمة الديكتاتورية لا تغتصِب شيئا أو تفعل منكرا يستدعي المقاومة أو الجهاد أو الأمر بالمعروف من أجل وضع خارطة لطريق ومخرج. وإذا كان الإنسان العربي ما أنفك يحلم بتحرير فلسطين وهي رقعة جغرافية صغيرة جداً مقارنة بالرقعة العربية الشاسعة فأن الطريق الأصلح بتصوري وبدايته الجادة هو تحرير الرقعة الشاسعة وتطهيرها من الأنظمة المُغتصِبة وفقه وعاظ السلاطين وفساد أهل الدين، وقد لا نحتاج بعد هذه البداية فيما لو امتدت على الطريق السويّ من أجل حضورٍ عربيّ واع ٍ ومميز يحترمه العالم ويخشاه، الى فوهة بندقية لتحريرها .
و "أصبح عندي الآن بندقية"..أغنية من كلمات الشاعر نزار قباني وتلحين الموسيقار محمد عبد الوهاب، غنتها السيدة أم كلثوم بعد عام من نكسة حزيران 1967، وقد طاب لي في هذا الفيديو المرفق أدناه فتح الأفق الثوري لهذه الأغنية ليشمل كل الأوطان التي أغتصبها طغاة الداخل وسماسرتهم فعاثوا بها فساداً..
http://youtu.be/mx2zrKXRdsc
April, 30, 2011



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هنا
- ما الذي كسبه الشعب العراقي بعد السقوط ؟
- أنا إنسان بحريني- فيديو وتمهيد
- محنة الثورة في البحرين..
- ليعلن المسلم نفسه شيوعيا ماركسيا إذن!..
- الإنتفاضة الليبية بعد إنقلابٍ أبيض وتاريخٍ أسود..
- حد النخاع..مع إنتفاضة العراق وثورته
- زفيرُ التبغ الرديء..
- ذاكرةُ قطرة مُتعَبة..
- زرادشت ما بعد الصفر..
- قطوع مكافِئة..
- جدال المستويات.. والمجتمع بين الإقليدية واللاإقليدية
- لا غبارَ ..
- أرقٌ.. واصطياف
- إغتراب جسد.. وثمة نيّف..
- فضيحة على مقياس ريختر للبصيرة...
- تفجيرات بغداد وأحجية المربع الأول...
- للمطر ايضا..ثمة اساطير..
- اذهب اليّ...
- تسبيحات حمالة الحطب..


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - هل دينكم بلا منطق أم منطقكم بلا دين؟