أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - النزعة الأيديولوجية في تقييم النصوص الشعرية















المزيد.....

النزعة الأيديولوجية في تقييم النصوص الشعرية


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 3481 - 2011 / 9 / 9 - 16:43
المحور: الادب والفن
    



ثمة آفات كثيرة تنخر في المشهد الثقافي جلها معلل بمستوى الوعي العام والجهل بماهية الأدب، وهي من الماهيات العليا التي لا ينبغي جرها الى الدرك الأسفل. وفي هذا المقام سنقف على تخوم آفة خطيرة، وهي تقييم شكل النص الشعري بفعل المضمون وما ينطوي عليه من انزياح فكري أو عقائدي أو توجه قد لا يستحبه المتلقي سواء كان قارئا عاديا أو ناقدا. أو قد يُستفز به أيديولوجيا فيصب جام غضبه على الشكل الشعري مبخسا اياه ومتجنبا الخوض في المضمون لعلة ما. إنما الأنكى في الموضوع هو إغتيال الشاعر أدبيا بفعل الأيديولوجيا أو الإنتماء بشتى صنوفه، فإذا كان المتلقي أديبا او ناقدا قد يلجأ الى تسفيه نصوص الشاعر أو النيل منها إشباعا لعدائيته أو اهمالها. وثمة تعصب إيديولوجي قد يصيب صاحبه بالعماء فلا يرى إلاّ شعراء محيطه الأيديولوجي وربما ممن لا يتقاطع معهم نفسيا أو مزاجيا فقط او اخلاقيا. والجدير بالذكر أن المعروف عن الشاعر محمود درويش الذي يلقب بشاعر القضية الفلسطينية تشبعه بالأدب العبري، ولم تعفه نفسه عن قراءته لأسباب سياسية أو عقائدية أو عدوانية. وهذا نهج سليم فالأدب لغة عالمية وليس دينا أو حزبا او تيار.
ان النص الشعري بصفته جنسا أدبيا لا يقيم إلآ بمعايير أدبية بحتة. والشكل الشعري يطغي على المضمون وهذا ما عرفه اسلافنا الشعراء القدامى. ويحدثنا تاريخ النقد الأدبي عن شعراء خرجوا عن تقاليد عصورهم أو تمردوا عليها وعلى خطوطها الحمراء في مضامينهم الشعرية إلا أن الشكل الشعري الذي جاءت عليه قصائدهم حقق القيمة الجمالية والفنية المتوخاة، وحفظ التاريح تجاربهم الشعرية التي مازلنا نقرأ عنها ليومنا هذا ونتفاخر بها. وأن للمديح والهجاء باع طويل في تراثنا الأدبي وجله معني بالسلاطين، وأجمل القصائد جاءت مديحا لهم أو هجاء. ولا يمكن اقصاء ثنوية المديح والهجاء من تراثنا بدلالة المضمون أو بموقفنا من الحاكم او السلطان، ولا يبدو ممكنا اقصاءها في كل العصور وعلى امتداد الزمن، أما السخط من دلالات المضامين الشعرية بفعل الأيديولوجيا وإن كان لا مفر منه في بعض الأحيان فنحن بشر ممتلؤن بكل سقيم نكرسه في التلقي الأدبي، فأن إبقاءه في محيطه الخاص سواء كان إيديولوجيا أو سياسيا أو عرقيا وخلافه يبدو مثمرا للغاية. ولا نحيله برفةٍ أيديولوجية الى سخط أدبي يقزمنا أمام أنفسنا في مرآة الوعي المعافى.
أن اقحام النزعات الفردية وما يقف وراءها وفي أي مجال وعلى أي صعيد كانت أو مستوى، سيجعلنا نقف على تخوم ساحة أدبية ملوثة، متخمة بالصراع والمهاترات، وستتلاشى ملامح "الأدب" بصفته فنا جماليا وتعبيرا عن المشاعر والأحاسيس بمصداقية قبل أي شيء، ويسقط في سوح الوغى قتيلا أو معاقا وفي هذا كساد ثقافي كبير وخطير علنا ندركه عاجلا ، فسلة "الآجل" قد امتلأت منذ حين بعيد وفاضت علينا بفيوضها المعطرة .

سنقترب هنا من الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد، شاعر أم المعارك والقادسية كما لـُقب، شاعر اكبر دكتاتور حكم العراق فأذله شعبا وأرضا. شاعر قد نتقاطع أو نختلف حد "التناطح" حول مضامينه الشعرية أو توجهاته الفكرية ومواقفه السياسية زمن الدكتاتور وبعده. ولكن ليس من الإنصاف أن نبخس "شعريته" بأثر مضامينه أو مواقفه أيا كانت. ولا يبدو إنصافا الطعن بالشكل الشعري لقصائده أو قصائد أي شاعر بتداعيات المضمون أو منغصاته الأيديولوجية ليس إلا، أو الموقف المعادي من شخص الشاعر فهذه أمور خارج المعيارية الأدبية والحقل الأخلاقي النظيف، فالشاعر يُقرأ لأنه شاعر، وعلى الصعيد الأدبي يُقيم على أساس " شعرِيَته" لا على أساس الإنتماء والولاء . وتبقى الأبواب مشرعة للطعن بأي شكل شعري بموجب دراسة أدبية رصينة تفكك الشكل وتبحث في مثالب ردائته أو ركاكته داخل سياقه العام،والتعامل مع المضمون بحيادية أيديولوجية فارهة كي لا يلقي بظلاله الوخيمة على نظافة التقييم الأدبي. أما التقول الإنشائي فلا جدوى منه وسيسيء به المتقول الى نفسه قبل إي شيء والى أدبيته إن كان أديبا.
جاء اختيارنا للشاعر عبد الزراق مُسببا، فقد اطلعنا له على قصيدة "من لي ببغداد" كتبها عام 2007، وقد رد عليه الشاعر العراقي سامي العامري بقصيدة تحت عنوان "إليكَ بغداد" وهي الأخرى تعود لعام 2007، إلا انه نشرها حديثا او أعاد نشرها لربما فهذا ما لا ندريه، وأطلعنا على المداخلات التي نزلت تحت القصيدتين على موقع المثقف ومن ضمنها مداخلة الأستاذة إنعام الهاشمي .. ونود ان نتقدم لها بالشكر أولا فمداخلتها تقف وراء موضوعنا هذا، مع تسجيل ملاحظاتنا العامة بنقاط:

1. بشكل عام، الرد بقصيدة على قصيدة ذي طابعين. الأول هو طابع التفاعل الإبداعي مع مضمون القصيدة ومد آفاقها بتجليات الشاعر الآخر. وهذا طابع جمالي ووجداني قد يصل حد المبارزة الودية على اساس البلاغة والجودة، التي تجرهما الى مقولة "أيهم اشعر" فيشمر كل شاعر عن طاقاته لتحقيق الشكل الشعري الأجود وضمن سياق المضمون ما بين الشد والجذب والتجلي. أما الثاني فهو طابع "الرد" بمعناه القاموسي الشائع، أي صرف الشيء ورَجْعُه. ورد القصيدة بقصيده هو مقارعة المضمون بالمضمون أو رد التقول على صاحبه هجاءً ، أو بيانا وديا بعدم صحة ما تناوله، أو إيضاحا لبعض مثالبه او نقضا لأراءه. وهذا الطابع غير معني بالمبارزة الشكلية او الجمالية او الإبداعية فهو طابع يحقق غرض "الرد" بمعناه القاموسي ولكن بسياق شعري بدلا عن الكلام الدارج.

2. جاء رد الشاعر سامي العامري على قصيدة عبد الرزاق عبد الواحد ضمن الطابع الثاني، اي مقارعة المضمون بالمضمون هجاءً للشاعر. وهذا حقه الطبيعي في التعبير عن أراءه مثلما عبر الشاعر عبد الرزاق عن رأيه بالشخوص والمعارك الطاحنة مادحا.. وهو هجاء مبرر له متن وسند وليس هجاءً عشوائيا مستقدما من مخيال الشاعر.

3. لا مجال لطرح مقولة "أيهم أشعر" في معرض مقارعة المضمون بالمضمون ضمن الطابع الثاني الذي أسلفناه وبشكل عام، فمحاولة المفاضلة بين الأثنين شعريا حتى وإن كانت محاولة بريئة فقد لا تُستوعَب هكذا فتُعد محاولة للتهكم على موقف والتنفيس عنه تحت غطاء المفاضلة أو المقولة. من جهة آخرى، قصيدة العامري لم تنل من قصيدة الشاعر عبد الرزاق أو تقزمها على المستوى الأدبي، أو تُقزم الشاعر شعريا كي نلجأ للمفاضلة أو المقارنة والإستشهاد بآراء الأخرين.. فهذا مالم تخبرنا به قصيدته ولم يخبرنا الشاعر نفسه.

4. أن يغضب المتلقي من مضمون قصيدة فهذا حقه فليغضب كما يريد..او ليفرح كما يريد بالمقابل.. فللغضب علة مثلما للفرح، و"العلة" حسب موقعها هي علة سببية لا علة مرضية، إلآّ انها قد تكون. أما أن يجره الغضب للنيل من الشكل الشعري أو محاولة تقزيم الشاعر شعريا بتقولات إنشائية تشفيا ليس إلا، فهذا لا يجوز أخلاقيا وأدبيا. وهذه ما ذهبت إليه السيدة إنعام في مداخلتها فقد أبخست الشكل الشعري لقصيدة الشاعر العامري بالتقول خارج المعيارية الأدبية وبفعل المضمون وأثره إذ لم ترد في مداخلتها مسوغات فنية أو عروضية أو أي رؤية أدبية حول القصيدة تبرر نيلها من الشكل الشعري أو سببية المقارنة بينه وبين الشاعر عبد الرزاق في معرض رده الذي يقع ضمن الفقرة الثانية أنفة الذكر.

5. وبعد، مات الجواهري يناير عام 1997، ولا ندري ما كان سيقوله عن الشاعر العامري، إلآ أننا واثقون من إلتزامه بالمعايير الأدبية بعيدا عن النعرات الأيديولوجية والولاءات السياسية أو الشخصية وما إليه من غثاء، فالشاعر الكبير أو الأديب الأديب ينأى بنفسه عن إلقاء الرأي جزافا حول أي منجز شعري أو شاعر.
نختم حديثنا ببيتن للجواهري من قصيدة "سل مضجعيك" التي قالها في هجاء الدكتاتور صدام حسين وعلى إثر سحب الجنسية العراقية منه وحسب علمنا، علها تزحزح مرارة الإفراط المخيض بمديحه من قبل الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد.

أنا العروض أنا القوافـــي
والقريض وما عــــــــــــلا
سل مضجعيك يا ابن الزنا
أأنت العراقـــي أم أنــــــــا


رابط القصيدتين:
http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=54273&catid=35&Itemid=55


فاتن نور
Sept, 09, 2011



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التأويل المُضاعَف والعكسيّ للنص الأدبي ..3/3- القسم الثاني
- دهاليز وجهيّ المُبتذل..
- التأويل المُضاعَف والعكسيّ للنص الأدبي ..3/3
- التأويل المُضاعَف والعكسيّ للنص الأدبي ..2/3
- التأويل المُضاعَف والعكسيّ للنص الأدبي ..1/3
- هل دينكم بلا منطق أم منطقكم بلا دين؟
- من هنا
- ما الذي كسبه الشعب العراقي بعد السقوط ؟
- أنا إنسان بحريني- فيديو وتمهيد
- محنة الثورة في البحرين..
- ليعلن المسلم نفسه شيوعيا ماركسيا إذن!..
- الإنتفاضة الليبية بعد إنقلابٍ أبيض وتاريخٍ أسود..
- حد النخاع..مع إنتفاضة العراق وثورته
- زفيرُ التبغ الرديء..
- ذاكرةُ قطرة مُتعَبة..
- زرادشت ما بعد الصفر..
- قطوع مكافِئة..
- جدال المستويات.. والمجتمع بين الإقليدية واللاإقليدية
- لا غبارَ ..
- أرقٌ.. واصطياف


المزيد.....




- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - النزعة الأيديولوجية في تقييم النصوص الشعرية