أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجدة غضبان المشلب - ثقافة الجسد شرقا محاولة بصير لادراك النور














المزيد.....

ثقافة الجسد شرقا محاولة بصير لادراك النور


ماجدة غضبان المشلب

الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 07:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    





بمجرد مغادرة الرحم، يوضع الجسد البشري تحت عناية القيم الاجتماعية و الاقتصادية التي تحاكمه، و تحكمه، و تتحكم فيه، فهو المجسم الوحيد الماثل بصريا امام العين، و المعبر عن الوجود المادي للانسان..
و بسبب هذه الابعاد المرئية التي تسبق الادراك الذهني لمعنى الوجود نفسه بالنسبة للفرد، يتم التعامل معه كأول اناء للتفاعل بين حضوره الواضح و بين ما سبق من معطيات تأريخية، و ثقافة موروثة، و قيم اقتصادية تحدد ماهية وجوده على أرض الواقع.
قيم استقبال الجسد الأولى هي قيم اقتصادية صرف، فالقاء الجسد بظلاله على ما حوله استجابة للنور الاول، هي اللحظة التي تشرع فيها القيم الاقتصادية بالقاء أكبالها عليه.
فهو اما مغضوب عليه حيث لا مبررات اقتصادية لوجوده اصلا، و اما محاط بعناية التكنولوجيا مع الاذعان لشروطها كاملة...
و مع الاختلاف الحضاري هنا و هناك، فان الجسد لا يكاد يغادر موضعه كميدان للصراع الأزلي بين السليقة، و الرضوخ للقيم التي ستطلق مجموعة منظمة من الرسائل و الاشارات لتطويع الجسد وفق الإرث الثقافي المتراكم و المتغير باستمرار كممثل للنموذج المقبول اجتماعيا و زمكانيا.
و لا يمكن للقبول الاجتماعي الا ان يكون مرتبطا بضرورات اقتصادية تحدد اخلاقية التفاعل حتى يصبح الاذعان لها او الخروج عنها هو الحد الفاصل بين بقاء الجسد و فنائه.
لذلك أصبح تشتت الجسد كقيم فيزيائية و كيميائية و بايولوجية و فسيولوجية محض تحت ثقل قوانين اقتصادية متباينة حتمية يستحيل على الفرد أن يفر منها، فهي تبدأ قبل تشكل الوعي الذاتي بتعامل المجتمع مع الجسد دون استيفاء إرادة العقل لحضورها، لتختصر عصارة وجودها في حجر اساس لا مهرب منه قبل بلوغ الذهن مرفأ خيار آخر.
هذا يعني اننا لا نعرف عن اجسادنا شيئا كطين نقي لم يحفر عليه اي مسمار كتابته، لأن الطين ذاته قد نقش عليه أثر ما حوله و هو لم يزل بضعة خلايا في رحم ما.
فالجسد يحمل موروثاته الجينية دون رغبة منه، و يولد عليها، سوى ما سيحفر على مستقبلاته الحسية أوان ولادته لتصبح البصمات التي تحتضنه الختم الممثل لطغيان ثقافة ستصهره و تعيد تكوينه بما يناسب ديمومتها.
اننا نجهل اجسادنا بقدر ما تملي علينا المنظومة الاقتصادية اخلاقها، و نحن اذ نتبعها نهدم سليقته المتفردة وفق منحنى بياني متصاعد لتحل محلها ارادة الوجود الجمعي، ما يرتضيه لها و ما يرفضه.
تتراجع السليقة حتى تركن و تهمل في العقل الباطن، و قد تستفيق احيانا في احلامنا او ممارساتنا المموهة و السرية لتعود على هيئة تأنيب ضمير يجلد الجسد و يؤنبه على ما ارتكب من جرم في حق المنظومة الاقتصادية_الاخلاقية.
كل ما حولنا وجد قبل ان نعي ماهية الجسد، و نكتشف رغباته، و قد نصل حد العجز في الفصل بين ما تريده السليقة و ما يريده من دحرها ، و لا فرصة هنا للاحتفاظ ببعض ما كانت عليه.
هكذا فقدنا صلتنا بالجسد البشري منذ أمد بعيد، و غيبناه تحت اطنان من الموروثات الثقافية و الجينية لالاف من السنين، و اذ نتحدث اليوم عنه انما نستنطق الغياب الذي نجهله حتما.
ثقافة الجسد هي محاولة عمياء للوصول للمنابع النقية، و مع الضخ الالكتروني المرئي و السمعي حول ما يشكله الجسد من تواجد استهلاكي عبر تقنيات معقدة أصبحنا في أبعد نقطة عن استكشاف حقيقته.
في الغرب لم تعد هنالك الكثير من الفواصل بين الممنوع و المرغوب، غير ان مجسات الجسد ذاته قد ذابت مع ما ينبغي لها ان تكون حتى تلاشت ابعادها، و أصبحت في سباق مع مقتضيات السوق لنيل غفرانه ان خالف عصرنتها.
شرقا، المشاكل أكثر تعقيدا، مع تغييب الوعي الجمعي أصبح الجسد خاضعا بشكل تام لأيقونات غربية تتناقض كل معطياتها مع الإرث الديني و الاجتماعي مستمدة سطوتها من سطوة الدائرة الاقتصادية المحكومة بالتبعية لسياسة البترودولار.
واقعا نحن نعيش حالة عدمية جسدية و ذهنية تحت ضغط آلية التمزق اليومي بين تواصلنا تقنيا مع نظام اخلاقي يناسب مباديء الاتجار بكل ما هو محرم لدينا، و بين خضوعنا ظاهريا لثقافة تكاد تنقرض في ضمائر الاجيال الناشئة.
قد يعتمد المبصر على حواس أخرى تمكنه من ادراك ما حوله، لكننا فقدنا حرية الاحتفاظ بحواسنا البدائية ، فقدنا حرية رفض ما لا يتفق و موروثاتنا الثقافية مع اصرارنا على عدم انشاء ثقافة جسد خاصة بنا تحمي خصال هويتنا من تبديد معولم، و من ثم خياراتنا العصرية فيما يعني معضلات الجسد و تواصلنا مع الحضارات الأخرى من خلالها.



#ماجدة_غضبان_المشلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما سر صمود الهمجية بوجه التحضر؟؟
- الولايات الانثوية المتحدة
- أنونيماس*
- نصوص خاصة بمناسبة يوم المرأة العالمي
- إبحثْ لك عن نهاية اخرى..
- بئر أبي ذر الغفاري
- أول المرتقى
- ما بعد انقراض الرجل الاخير
- ليلة انقراض الرجل الأخير
- قصتان قصيرتان
- جمهورية نسوان ستان إزاء سنيستان و شيعيستان
- قصص قصيرة
- لازلت في المانيا/قصة قصيرة
- نقوش أثرية على وجه البحر
- الى جفاف الرافدين الوشيك نعيمها ان يجف
- البحث عن سماء زرقاء
- الى جفاف الرافدين الوشيك
- الان ارتشفت زبد الحب
- لو كان للحشرجة ريشة ودواة
- وثائق انثوية في محفظة رجل


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجدة غضبان المشلب - ثقافة الجسد شرقا محاولة بصير لادراك النور