أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجدة غضبان المشلب - إبحثْ لك عن نهاية اخرى..















المزيد.....

إبحثْ لك عن نهاية اخرى..


ماجدة غضبان المشلب

الحوار المتمدن-العدد: 4638 - 2014 / 11 / 19 - 11:13
المحور: الادب والفن
    





بالامس كان الجدار يستفزك بصمته و ثباته امام ركلاتك المجنونة المثابرة.. فانت لم تصدق انه جدار.. او لعلك لم تعد تفهم الفرق بينه و بين ما حولك من كائنات، فصدودهم لك لا يختلف عن إتكاء هذا الجدار الى فراغ، و امتناعه عن ترديد صداك..

_ها ها ها..

قهقه ما شئت لان الشمس تخترقك كأنك من زجاج.. و لا ظل لك.
الشقراء المارة على عجل تنظر اليك بازدراء..
_سحنتك مريبة، و شرقية بشاربين صداميين؟؟؟؟؟؟؟؟
رجل احمر الوجه يرمقك باشمئزاز.. يذكرك بمعاذ ، و سوطه ، و الكرسي الكهربائى ، و المروحة التي تعلق فيها بحبل مشدود لساقيك.. و مؤخرتك الدامية و هم يحشرون كل ما أعتادوا على حشره في مؤخرات السجناء حتى لحظة اعترافهم بما ارتكبوه من جرائم، و بما لم يتبينوه من تهم منسوبة اليهم ، لا تعني تفاصيلها بالتأكيد من هو على شفير الموت.. بمعنى آخر كل ما جعلك تقطع القفار مشيا على الاقدام حتى موضعك هذا من حديقة خضراء منسقة بطريقة لم تعتدها عيناك.

صمتت طويلا قبل رحيلها و تحولت الى أحجية.. غضبك و صراخك لم يجد نفعا.. إستخدامك للغتك الأم عند احتدام الخلاف هو الاسوأ..
ربما هو ما دفعها لحمل حقيبتها بلا عودة..؟؟؟؟؟؟؟؟؟.

الشمس.. رفيقة ماضيك ، و ساعتك المفضلة لمعرفة الوقت، و بهجة العودة بأكياس طعام.. صارت بخيلة العطاء هنا..
تتصبب عرقا و تستجيب لأوامر "الخَـلْفة"(1)، لا يعنيك الفرق بين الإرغام و الحرية، بين الرضا و الرفض.. ففي نهاية النهار ستشبع بطونا جائعة ، و يتحلق حولك الجميع، ينتظرون ما في جيبك من حلوى..
أهي الشمس ذاتها؟..ألم تتغير؟؟....
تخترقك ألآن بسيوف الضياء.. و على العشب النادي الشديد الخضرة دون ذرة غبار لا يرتسم ظلك..؟؟؟؟.

اطفال يهرولون في الحديقة العامة ، يعرفون البهجة فحسب..
بحجمك الصغير هرولت خلف اللقمة..في سوق مزدحم..
خياران فقط على الأغلب تبينهما والدك يومها.. الموت دون علم عراقي يلف نعشه أو الموت ممزقا.. مجهول الهوية في حرب ناقة البسوس..
لم يشأ الموت لاجل ناقتها.. و لا أظنه شعر بسعادة الخلاص عندما ربطوه على جذع نخلة يتلون عليه بيان إعدامه، مباركا بزغاريد الماجدات من حوله، و متوجا في النهاية برصاصة رحمة يطلقها رفيق شديد الاخلاص لقائده الفذ..

_هل كان لك ظل يومها؟

لم تجد الوقت لتفكر.. فصاحب المطعم المجاوريبحث بإستمرارعن أية خلوة ليحشر قضيبه في مؤخرتك كما فعل الرفيق معاذ لاحقا.. ترتعد و تتحاشى اللقاء به.. و كثيرا ما نسيت أمر بضاعتك الهزيلة تاركا إياها للسراق..

الشمس تخونك اليوم.."الشمس اجمل في بلادي من سواها..والظلام حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن العراق"(2)..
ما انت بكسيح الساقين، بل كسيح الروح.. و الخليج ليس امامك.. ليس هنالك من فرصة لتأمل الخليج.. هو ايضا اصبح يستأصلك جغرافيا.. و الناس على سواحله لا يرون سيّابك ، و لا يريدون تذكره..

جسدك الغريب المثير لإشمئزاز المارة.. تخترقه النظرات المستهجنة..

(غريبة من بعد عينك يا يمه..محتارة بزماني..) (3)

يتهدج صوتك تعجز عن نطقها؟؟..كلمة (يُمّه)؟؟..

المكان لا يليق بقدسية المرأة التي تدثرت بالسواد منذ صوبت البنادق نحو صدر ابيك و هو موثق الى نخلة.. مذ منعتْ من البكاء علنا عليه.. مذ صارت تعمل في خدمة البيوت المترفة للضباط الكبار.. مذ قتلها البكاء على شقيقيك الاكبر سنا..
_انشقت الارض و ابتلعتهما؟؟.
اغلقت عينيها ابدا.. و هي تسأل الكون اللامتناهي عن بقعة قد يتواجدان فيها..
العيون الزرق الخضر الملونة تطعنك؟؟؟؟؟..
لا تدري؟؟..
هو ذاك ، مثلما لا تفهم أهمية الزمن بالنسبة لهم.. و هم يتسابقون معه.. انت الغريب من تعتاش على فتاتهم..
مخلوق بسحنة مختلفة يتحاشاها الجميع.. غيبته السجون ، و اللقمة البائسة ، و البحث عن ملجأ حيث لا يرون لك جذرا و لا جذع نخلة و لا ثمرا..

صورتها محطمة الزجاج.. هذا لا يعني ابدا ان البلاد ليست بلادها.. لن يدمي قلبها حطام زجاج في غرفة الغريب..
الذهول يحيط بك و انت الى جوارها.. لديها قدرة هائلة على طرح اسئلة يتعذر ان تجيب عليها دون استخدام الفعل المساعد تشا (جا)(4)..

كيف لك ان تشتل النخيل على السرير.. و تبسط وادي الرافدين؟؟؟؟؟؟؟؟.

شقراء لا تشبه امك و لا اختك.. دمية جميلة.. تمنيت لو حظيت بها و انت صبي.. الدموع لا تترقرق في عينيها.. و ليس بينها و بين حزنك السومري عشرة...
_الجثث جعلت من الكلاب ذئابا..
صوته يتدحرج ككل حصى الذكريات البعيدة المغبرة..
_التحق بالقوات الامريكية!!.

فكرة يائسة القت بك في معسكر الصحراء (رفحاء)(5) حيث تمنيت لو انك جزء من الرمال المترامية الاطراف لا شهيق يعلو و لا زفير يهبط..

_انت عراقي؟؟؟؟

سؤال اشبه بتهمة..

تركل الجدار.. تركل مؤخرة صاحب المطعم.. تركل الرفيق بملابسه الزيتونية و هو يطلق رصاصة الرحمة على رأس ابيك الخائن المجوسي.. تركل البضاعة التي لا تعرف بيعها و انت مجرد طفل باك لاجل لعبة في العربة المجاورة.. تركل سر الارض التي ابتلعت شقيقيك.. تركل الحدود بينك و بين دول العرب.. تركل مطاراتهم التي لا تستقبلك.. تركل الماضي كله دون حاضر بين يديك دون مستقبل لا تغترب فيه..

هل تركل النخيل؟؟؟؟؟؟.

انه ينمو داخلك.. كما ينمو حزنك على وجه امك و هي تحتضر، و تستحضر ارواح المغيبين، و تحصيهم و تنادي عليهم واحدا إثر الآخر..
مجيد..سالم..حسن..هادي..

_انا هنا يمه...

انها لا تسمع كما هو دجلة حين تسأله عنه.. تبحث عن جثته الطافية و قد تورمت و ضاعت ملامح وجهها..
و من جديد تتجه نحو مشرحة الطب العدلي..
رأس كلب خيط الى جثة شوهها التعذيب..
تتقيأ.. تتقيأ.. المرأة تبكي و هي ترش الماء على وجهك.. تناديك من خلال غيبوبتك:

_هل وجدته؟،هل تعرفت عليه؟؟؟؟

الشقيق الاخير.. من يشبه اباك تماما..

كيف ستقول لها انك لم تعثر على الجثة؟؟؟؟؟؟؟؟؟....

زوجته مدثرة بالسواد ايضا، و لا عزاء ينصب.. دون جثة.. و لا حتى رأس..

تحتضن.. الزخارف، و المقابض الفضية، و النقوش الرائعة، تلح بسؤالك عند الضريح...

لا جواب في الكاظمية، لا جواب في كربلاء، لا جواب حتى في مقابر النجف..

حزنك اصبح لغزا محيرا.. تربتْ برفق بيدها المشذبة الاظافر..

_انا اسفة!!!!!..

تركل الجدار الاصم من جديد..
هذه البلاد تتبرأ من فعل سفاحيها على اراضينا.......
تلتفت اليك..؟؟؟؟؟؟؟؟؟
_ليس ذنبي كيف تعيشون هناك..
تهز كتفيها.. تحمل الحقيبة و تمضي..

شقراء اخرى تبعد ابنها عنك محذرة اياه من التحدث الى الغرباء...
تجهش بالبكاء..

الشمس تخترقك حتى العظم ، و لا ظل لك على اخضرار العشب النظيف جدا دون ذرة غبار........

____________________________________
(1)الخَلْفة هو الاسطة او رئيس عمال البناء
(2)مقطع من قصيدة "غريب على الخليج" للسياب
(3)اغنية حزينة عن الام للمطربة العراقية زهور حسين.
.(4)تشا او جا كلمة تميز لهجة اهل الجنوب في العراق
(5) معسكر حدودي بين العراق والسعودية اقامته القوات الامريكية عام 1991 لاستقبال العراقيين الهاربين من حكم صدام وتم من خلاله ترحيلهم الى بلدان اخرى بديلة في اوربا و امريكا.



#ماجدة_غضبان_المشلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بئر أبي ذر الغفاري
- أول المرتقى
- ما بعد انقراض الرجل الاخير
- ليلة انقراض الرجل الأخير
- قصتان قصيرتان
- جمهورية نسوان ستان إزاء سنيستان و شيعيستان
- قصص قصيرة
- لازلت في المانيا/قصة قصيرة
- نقوش أثرية على وجه البحر
- الى جفاف الرافدين الوشيك نعيمها ان يجف
- البحث عن سماء زرقاء
- الى جفاف الرافدين الوشيك
- الان ارتشفت زبد الحب
- لو كان للحشرجة ريشة ودواة
- وثائق انثوية في محفظة رجل


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجدة غضبان المشلب - إبحثْ لك عن نهاية اخرى..