أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - ما بين البصرة والقصرين














المزيد.....

ما بين البصرة والقصرين


مفيد بدر عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4893 - 2015 / 8 / 11 - 09:37
المحور: المجتمع المدني
    


يقول المثل الشعبي العراقي " الي يشوف مصايب غيره تهون عليه مصيبته "، وهذا المثل اليوم تعدى خارطة العراق وصار يقوله ابناء البلدان التي طالتها رياح التغيير، فنجدهم اليوم يتبادلون صور الفظائع والفضائح على شبكات التواصل الاجتماعي، ويجمع أكثرهم على أن ثمار التغيير لا تتناسب والتضحيات التي كلفتهم الكثير. وعلى الرغم ان ما حصل في العراق عام 2003 حدث بالقوة العسكرية للتحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية لكن قاسما مشتركا مهما بينا وبين بلدان ما يسمى بالربيع العربي أن التغيير كان جذريا وانتقالا من نظام شمولي الى نظام يعتمد التعددية الحزبية.
ساعات طويلة أمضيها على تطبيقات التواصل الاجتماعي مع افراد من تلك البلدان نتبادل عبارات و صور المآسي والفظائع التي تحصل في بلداننا، وعلى الرغم من عددهم الكبير الا ان أهمهم معلمة تسكن منطقة "ماجل بلعباس" التابعة لولاية القصرين في تونس، فللحديث معها نكهة خاصة وقيمة كبيرة لأسباب عديدة: أهمها انها مثقفة فهي شاعرة وفنانة تشكيلية أضافة لكونها معلمة مخلصة لعملها، وتحمل حسا وطنيا كبيرا، أما السبب الاخر: مرتبط بجغرافية المكان فالشرارة الاولى للتغيير انطلقت من بلدها تونس تضامنًا مع الشاب محمد البوعزيزي الذي قام بإضرام النار في جسده تعبيرًا عن غضبه على بطالته ومصادرة العربة التي يبيع عليها من قبل شرطية (وقد توفي البوعزيزي يوم الثلاثاء الموافق 4 يناير 2011) . أدى ذلك إلى اندلاع شرارة المظاهرات في يوم 18 ديسمبر 2010 وخروج آلاف التونسيين الرافضين لما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم. ونتج عن هذه المظاهرات التي شملت مدن عديدة في تونس سقوط العديد من القتلى والجرحى من المتظاهرين نتيجة تصادمهم مع قوات الأمن، وفي نهاية المطاف أجبرت الرئيس زين العابدين بن علي على مغادرة تونس. وشكلت الثورة التونسية المفجر الرئيسي لسلسلة من الاحتجاجات والثورات في عدد من الدول العربية.
أن أحاديثي مع الأنسة لا تقتصر على ما تحقق خلال اعوام التغيير في بلدينا فحسب بل تتسع لتقييم التغييرات التي حصلت في بلدان ما سمي بالربيع العربي، فما بين مدينتي -البصرة جنوب العراق- ومدينتها- ولاية القصرين الواقعة غرب تونس- دماء تسفك ودموع تنهمر، آمال تتسمى، وشعوب تنقسم طوليا وعرضيا، وثروات تتبدد، ومشكلات تتكاثر بدلا من ان تأخذ طريقها للحل. والبصرة التي قدمت ما قدمت من تضحيات تعجز الحكومة اليوم عن توفير ابسط متطلبات الحياة فيها- مياه صالحة للشرب وكهرباء مستقرة- في حراره صيفها لاهب تتجاوز حرارته 50 مئوية ورطوبتة الخانقة، وفي الطرف الاخر ولاية القصرين هي الاخرى قدمت ما قدمت من تضحيات، ولعل صورة الشهيد التي نشرتها على صفحتها واحدة من شواهد كثيرة على مدى حب أهالي تلك الولاية لتونس ومدى استعدادهم للتضحية من اجلها. أمر موسف ما تتحدث به الانسة من معاناة ومشكلات أدت الى اضراب معلمي مدرستها عن الدوام بسبب تجاهل مطالبهم المتكرر بتحسين مستواهم المعاشي المتردي ما حمل تلاميذ تلك المدينة خسارة علمية ونفسية كبيرة . أن ساسة أكثر بلدان التغيير عاجزون عن وضع الحلول الناجعة للمشكلات التي تعصف ببلدانهم، يتذرع أغلبهم بالمؤامرات الخارجية التي تحاك ضدهم، مما لا شك فيه أن المؤامرات موجودة وان الشعوب تدفع ثمنا لمصالح دولية واقليمية في بلدانها لكن السؤال الكبير والمهم : ماذا اعد ساسة تلك البلدان لمواجهة المؤامرات؟ وما الذي يجعل بلدنا يسهل اختراقها واخرى رصينة صلبة قادرة على مواجهة اي مد تحريضي خارجي . وهل ان ساسة البلدان كثير من البلدان قادرون على اشعار مواطنيهم بأهميتهم، امر مؤسف أن تكون فكرة اللجوء والعيش في البلدان الاخرى تصير امنية الكثيرين، ويجازف اعداد غير قليلة منهم بحياتهم فيمخرون البحار بزوارق صيد صغيرة توفر لهم ابسط حماية وسط امواج بحار متلاطمة قاصدين بلدان بعيدة، لا اظن بان اي من هؤلاء يجازف بحياته تاركا من خلفه الجنة.
في كل حديث مع الانسة اترحم على الشهيد محمد البوعزيزي الذي احرق نفسه وعلى من يحترقون يوميا في البلدان التي طالها التغيير، بنار الارهاب ونار ظلم وفساد الحاكمين بعدما اصيبوا بصدمة اليأس والخذلان. فالفساد لا يقل خطره عن الارهاب .أن قراءة دقيقة للظروف الموضوعية تحتم على الشعوب تغيّر اطراف وزعامات فاسدة واستبدالهم بالخيرين المخلصين من قادة الرأي و ذوي النوايا الطيبة لتحقيق انعطافه جذرية في الوضع القائم وإشاعة ثقافة التسامح وقبول الاخر والعمل وفق قاعدة " الوطن ليس أنا ولا أنت انما الوطن انا وانت" بدلا من ضلالات الانحياز للهويات الفرعية التي جرتنا لويلات كبيرة ومزقت بلداننا.فالشعوب باتت ضحية تشدده الفكري .لذا يتوجب علينا جميعاً ان نغذي نوايا القيادات الوطنية الصادقة ونضعهم أمام مسؤوليتهم التاريخية، فهم وحدهم من يشعرون بقيمة ما قدمه محمد البوعزيزي ومن لحقه، فالبلدان التي ارتوت اراضيها بدماء الشهداء الزكية يستحق ابناؤها حياة حرة كريمة .






#مفيد_بدر_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لنا وما علينا
- لأسباب مهمة رفضت ان اكون وزيرا
- موظفون تجوز عليهم الصدقة
- (الدرزن) الاخير والوانه القاتمة
- أحمد عبدالحسين مكي أنموذجا في العطاء
- عين الحسود فيها عود
- الحاج متولي والتدهور الاقتصادي
- مسؤولونا ونظرية حجي شامل
- زنود الست
- لماذا الزمان؟
- شعيط ومعيط فرسان الفضائيات
- احتضار روافد وحيرة مازن معتوق
- جذب المصفط وصدك المخربط
- حقائق مهمة يكشفها الصندوق الاسود
- نوم العوافي
- متحف مرتضى كامل يرحب بكم
- ياسين صالح عبود معلم الاجيال
- اعترافات مؤلمة ليلة العيد
- دمعة تزن أطنانا
- مقالات بالصاص والعنبة


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...
- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - ما بين البصرة والقصرين