أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - دمعة تزن أطنانا














المزيد.....

دمعة تزن أطنانا


مفيد بدر عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4587 - 2014 / 9 / 28 - 12:57
المحور: المجتمع المدني
    


البعض من إخوتنا لا يستبقوا العيد بزيارة للأسواق التجارية التي تعج هذه الايام بالمتبضعين ليفرحوا ومعهم أطفالهم بالملبس الجديد، ولا تكون وجهتهم (المولات)المكيفة مثل الميسورين، بل لهم أسواقهم الهادئة والتي تفرح أطفالهم وتكفكف دموعهم فيشتروا جديدهم مما كان في مزابل البلدان الأخرى، تصلنا وتنثر على الأرض، بعضه لا يصلح حتى لتنظيف زجاج السيارات أو مسح البلاط (ملابس البالات) والتي تحمل الكثير من البقع وبقايا قطرات الدم الجافة، فيرقع الممزق منه ليستر الأجساد المنهكة .
وانا أمر قرب سوق البالات نظرت المتبضعين وبصحبتهم اطفالهم وهم منهمكين في اختيار الأجود، أعادني منظرهم بذاكرتي لسنين الحصار اللعين في تسعينيات القرن الماضي، فتذكرت أيام كانت أسواق (البالات) ملاذا للكثيرين وأهمهم الموظفين، الذين كان لهم السبق في تطبيق إحدى الظواهر الشائعة آن ذاك، ظاهرة( قلب الملابس على الوجه الآخر) بعدما يكلح الوجه الاول ومنهم انا، كنا نتزاحم حول الخياط ليقلب لنا البنطلون على الوجه الآخر، فيفرحنا كالجديد، كم تمنيت أيامها ان يكون للبنطلون وجه ثالث، ولت تلك الأيام السود بنشوء العراق الجديد والذي دخله البعض والآخر لازال خارج الأسوار، يطرق الأبواب بأيد متعبة خشنة الملمس من الأعمال المجهدة ونظرات خجلة ملؤها الحيف، يتوسل بصوت مبحوح يحمل نبرة مواويل الحزن العراقية، الغريب أن من خارج الأسوار هم من كانوا بالأمس وقودا للحروب (ولد الملحة) ولم يكن بينهم آن ذاك لا ابن وزير ولا سفير أو حتى مدير عام، واليوم يتدافع أبناءهم على مراكز التطوع ونال كثير منهم الشهادة وهم من يسكنون البناء العشوائي (الحواسم) بعد أن تقطعت بهم السبل فتقض مضاجعهم كوابيس الجرافات خوفا من أن تقتلع حلمهم البسيط ووجودهم فتجهز على لبنات أعشاشهم المتهالكة المغطاة بالصفيح، ولازالت أداة البعض منهم الى اليوم الدابة لنقل المياه التي استخدمت في عصور ما قبل التاريخ متناسين أنهم مثل الآخرين لكل منهم صحيفة في سجلات النفوس ويسيرون على ذات الأرض التي حوت كل خيرات الدنيا، لكن ما يهون عليهم عالمهم الجميل، رغم صعوبته لكنه وبسيط، بعيد عن السياسة وتعقيداتها وما تجلبه من خلافات وعقد وأمراض فقلما تجد بينهم من يعاني من الامراض المزمنة كالضغط والسكري فانعم الله عليهم بالكثير ووهبهم مناعة عجيبة ليواجهوا رطوبة بيوتهم المتهالكة ويواجه بها أطفالهم خطورة لعبهم بملاعبهم "المياه الآسنة"، ولولا تلك المناعة لانقرضوا فهم لا يجرون الفحوصات الدورية ولا تنقلهم طائرات خاصة للعلاج والاستجمام بخيرات نفطنا، فالوسادة وحدها من تعرف حزنهم وتتلقى دمعتهم التي تزن عند الله أطنانا فهم كانوا ولازالوا يحلموا بالعراق الجديد، عراق يغادرون فيه أعشاشهم الى دور تليق بهم كعراقيين، عراق يغادر فيه أبنائهم تسول التقاطعات متجهين إلى المدارس، ليرددوا ما يردده في اماكن تسولهم أناشيد ترتل الحب أنغاما للعراق، فهم أكثر من هزجوا ورقصوا حبا للعراق في أفراحه وابكتهم أحزانه وويلاته، هم من تعلمنا منهم ان حب الأوطان لا تصنعه المنافع والمكاسب .



#مفيد_بدر_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالات بالصاص والعنبة
- حكمة بَدال التي غابت عنا
- الى قادتنا الامنين مع التحية
- صبري الاعمى تاريخ وحكايات
- مراهقة السياسيين وسياسة المراهقين
- عباس شعيّع يمتلك مفاتيح الحل
- كصة بكصة
- اقرب نقطة دالة
- الاعيب السياسيين في سوق الخضار
- لناخبينا ذاكرة
- الصحة ومحرقتها العجوز
- مخ ولسان
- الرقم الابيض وايامه السود
- ماؤنا مالح كدمعنا
- بصرتنا لا تزرع الشوك
- فؤاد المهندس
- من البصرة الى اسطنبول
- السراق وبائع الملح
- لم يقطفوا سوى الثمار الجوفاء
- الواحد أكبر من الاربعة


المزيد.....




- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...
- منتقدة تقريرها... إسرائيل: الأونروا جزء من المشكلة لا الحل
- زاخاروفا: هناك نقطة مهمة غائبة عن الانتقادات الأمريكية لحالة ...
- البرلمان البريطاني يقر قانون ترحيل المهاجرين غير النظاميين إ ...
- لجنة مستقلة: الأونروا تعاني من -مشاكل تتصل بالحيادية- وإسرائ ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...
- شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد ...
- إسرائيل: -الأونروا- شجرة مسمومة وفاسدة جذورها -حماس-
- لجنة مراجعة أداء الأونروا ترصد -مشكلات-.. وإسرائيل تصدر بيان ...
- مراجعة: لا أدلة بعد على صلة موظفين في أونروا بالإرهاب


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - دمعة تزن أطنانا