أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - على شرف علي الحجار














المزيد.....

على شرف علي الحجار


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4879 - 2015 / 7 / 27 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


هل سبق وسمعت قصيدة "حانةُ الأقدار" على أوتار حنجرة "علي الحجار"؟ إن لم تكن قد فعلت، فقد فاتك الشيءُ الكثير.
يقولون: "النثر" فضّاحُ الشعراء”. فالكتابةُ النثرية لها ميزانُها الأدبي الصعب، وليس بقادر على الإبحار في أمواجه إلا شاعرٌ حقيقيّ موهوب. وأنا أقول: "الفصحى فضّاحةُ المطربين”. فالمطربُ الحقُّ لا يكون إلا حين يتصدّى لقصيدة الفصحى، فيجيدُ نُطق كلماتها، دون عِوَج، ويُحسنُ ضبطَ نحوها وصرفها وإشباع ما يُشبَع من حروفها، وإدغام ما يُدغَم. يعرف متى الحركةُ ومتى السكون، ويحسبُ دقات النغم، ودقات الصمت، كما تحسبُ الباليرينا خطواتِها وهي تمسُّ الأرضَ بقدميها وتحلق في الهواء كفراشةٍ تعرف متى تحطُّ على زهرةٍ ومتى تبرحُها، إن أخطأتِ الحسابَ، فسدت الرقصة، وانتحرتِ الموسيقى عند موطئ قدميها.
كذلك المطربُ، لكي ينجح في غناء قصيدة صعبة، ليس عليه وحسب أن يكون ذا صوت جميل، بل عليه أن يكون مثقفًا، واسع الاطلاع في الآداب والفنون وبحار الفلسفات وعلم الجمال، وهو أمرٌ شديد النُدرة في مجتمعنا العربي، على كثرة ما لدينا من مطربين ذوي أصوات عذبة.
ها هو "علي الحجار"، بكامل سطوته وبساطتِه يدخل بيتي ضيفًا عزيزًا! فمنحني القدرُ فرصةَ أن أسمعه ولا يفصل بيني وبينه إلا سنتيمترات قليلة، بعد مئات المرات سمعته فيها واقفًا على مِنصّة "دولة الأوبرا" وساقية الصاوي وعبر اسطواناته في مكتبي وسيارتي وعلى لوحة رسمي في "سكشن" العمارة حين كنت طالبة بكلية الهندسة جامعة عين شمس، نقضي الساعات الطوال، ونبيت ليالينا منكفئين على شاسيهات التصميم. وكما يخافُ البخيلُ على كنزه من السطو، أخافُ على أُذنّي/ كنزي من التلوّث. فكنتُ، ومازلتُ، "أُدلّل" مسمعي فلا أسمح بأن يدخلُه إلا الراقي من الطرب. فكانت فيروز، وأم كلثوم، وعبد الوهاب، ومحمد منير، والحجار، وأضرابُهم، هم سُمّاري ونُدمائي الذين يساعدونني على الإبداع، وعلى الحياة، وعلى مكافحة القبح من حولي.
ولكنْ، ان يدخل الحجارُ بيتي بشخصه، لا عبر أسطوانة، فكان حُلمًا طيبًا منحنيه ماسبيرو، حين طلب إليّ أن أختار نجمًا أحبّه ليكون ضيفًا على صالوني الخاص، كمحاولة لاستعادة فكرة الصالون الأدبي، كما عرفته مصرُ في الخمسينيات والستينيات، ليجمع الأديبَ والمطربَ والمفكّر والموسيقار في جلسة واحدة. فكانت تلك الصالونات سببًا في رقي ذلك الزمن، قبل أن يجتاحنا زمنُ الابتذال والركاكة الذي نحياه اليوم.
اكتشفتُ في ذلك اللقاء الذي أداره الإعلامي أحمد مختار، الكثير عن "علي الحجار" المثقف. أوغلَ أسلافُه في دروب الفن وصولا إلى أجداده من المقرئين الذين جوّدوا القرآن الكريمَ بأحكامه، فعرفتُ سرَّ إتقان الحجار للفصحى وأحكامِها. وعرفتُ سرَّ منزعه الصوفيّ الذي يتجلّى في كلمات أغانيه، ولماذا لن يشيخ الحجار. كان يعود من المدرسة فيشكو لأبيه من زميل الفصل الذي آذاه، فيقول له أبوه: “أحبّه أكثر. قابلِ الكراهيةَ بالحبّ.” وعرفتُ أنه قارئٌ نهمٌ واسع الاطلاع على الآداب والفنون فتشكّلت ثقافتُه الموسوعية التي انعكست على عُسر اختياره كلمات أغانيه، فيراه الناسُ كسولا، وأراه أنا بخيلاً، ونبيلاً. إذ أدرك فرادة موهبته واستثنائية حنجرته فبخل بها إلا على الرفيع من الكلمات، ولم يبتذلها في أغان رخيصة كما يفعل غيره من ذوي الإنتاج الغزير. وعرفتُ أن أعسرُ، مثلي. وأولئك ممن يستخدمون يدهم اليسرى عادة يمتلكون نواصي التمرد والسير عكس التيار، فلا "يعجبهم العجب" ويبحثون عن الكيف، لا الكم.
شكرًا للتليفزيون المصري الذي شرّفني بتلك الزيارة الجميلة، وشكرًا على درع ماسبيرو الذي منحه لي هذا الصرح العظيم. وشكرًا للأستاذ مجدي لاشين الذي أذاع الحلقة في سهرة ثاني أيام العيد. وشكرًا لكل الذين أخرجوا هذه السهرة المميزة. وشكرًا للموسيقار عمر خيرت، وفارسة الأوبرا إيناس عبد الدايم، والسيناريست الجميل محفوظ عبد الرحمن، لمداخلاتهم التليفونية الثرية. وشكرًا للحجار الذي شرّف بيتي وأهداني مجموعة جميلة من أسطواناته، وشكرًا للفن الجميل الذي لن يموت في أرض مصر. وشكرًا لمصر التي لا تتوقف عن إنجاب العظماء.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يقول الدواعش... يقول المصريون
- هديتي للرئيس
- التكبير في ساحة الكنيسة
- لا تقتلوا الخيرَ... والتمرُ خيرٌ
- 30 يونيو رغم أنفكم يا هالوك الأرض
- الله يسامحك!
- فارسٌ وجميلة وبعض خيال
- ليه كده يا أم أيمن؟!
- لماذا أكتب في -نصف الدنيا-؟
- القرضاوي يفخّخ المصريين بالريموت كونترول
- أصعبُ وظيفة في العالم
- شركات الاتصالات: اخبطْ راسك في الحيط
- السراب
- وسيم السيسي... سُرَّ من رآك
- في مهزلة التعليم.... المسيحيون يمتنعون
- فانوس رمضان
- درجة الإملاء: صفر
- -الحرف-... في المصري اليوم
- هدايا لم تُفتح منذ مولدك
- مصرُ ... وشخصية مصر


المزيد.....




- مسرحية -لا سمح الله- بين قيد التعليمية وشرط الفنية
- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...
- الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام ا ...
- نقل الفنان المصري محمد صبحي إلى المستشفى بعد وعكة صحية طارئة ...
- تضارب الروايات حول استهداف معسكر للحشد في التاجي.. هجوم مُسي ...
- ديالا الوادي.. مقتل الفنانة العراقية السورية في جريمة بشعة ه ...
- مقتل الفنانة ديالا صلحي خنقا داخل منزلها بدمشق والتحقيقات تك ...
- القنبلة الذرية طبعت الثقافة اليابانية بإبداع مستوحى من الإشع ...
- بوليود بين السينما والدعاية.. انتقادات لـ-سباق- إنتاج أفلام ...
- الغيتار تحوّل إلى حقيبة: ليندسي لوهان تعيد إحياء إطلالتها ال ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - على شرف علي الحجار