|
يقول الدواعش... يقول المصريون
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4878 - 2015 / 7 / 26 - 12:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الكيان الشيطاني البشع المعروف بـ"داعشَ، متحيّرٌ ومرتبكٌ في اختلاق اسم له، شأن اللصوص الذين يرتبكون حين يفرّون بمغانمهم: أين يخبئونها عن عيون الناس، ثم كيف يقتسمونها بينهم فيما بعد حين يخلدون إلى كهوفهم المظلمة في بطون الجبال. في البدء أسموا أنفسهم: "الدولة الإسلامية بالعراق والشام"، ونحتوا اختصارًا مخيفًا من الحروف الأربعة فصارت: "داعش". وحين أصبحت هذه الكلمة مسارًا للسخرية والتندر، وغدت مادة يستخدمها رسامو الكاريكاتور في نكاتهم، انقلب الدواعشُ عليها وحاربوها وحاربوا من يقولها. ثم اختاروا لأنفسهم اسما أكثر وقارًا، ودون اختصار، فقالوا نحن: "الدولة الإسلامية"، وفقط. لأن أحلامهم اليوم تخطّت حدود العراق وسورية، لتغطي كافة بلاد الله التي يُمنّون أنفسهم باحتلالها، وذبح شعبها ونزع خيراتها وسبي نسائها وتدمير تراثها ومحو حضارتها. وهي البقعة السوداء الشاسعة التي يرسمونها على خرائطهم الدموية، كحلم أسطوري نحو: أستاذية العالم. وكانت صحفُ الغرب تتابع الميلاد السفاح لهذا التنظيم، وتترجم اسمه الذي يتبدل مع الزمن. فحين كانوا: “الدولة الإسلامية بالعراق والشام”، كانت صحف الغرب تترجم الكلمة: Islamic State in Iraq and Sham، وحين بدأوا في تبني الحروف الأولى من كيانهم الدموي: داعش، تبنّت الصحف الغربية الاختصار نفسه فحولته إلى ISIS. وحين تمرد الدواعش على اسمهم واختاروا اسم: “الدولة الإسلامية"، كانت الصحف الغربية جاهزة للتبني ذاته فصارت تشير إليهم بالحرفين: IS، أي: Islamic State. وهنا عندي اعتراض كمواطنة مصرية غيورة على تاريخ بلادي المتحضر الخالد، جف حلقي في طرحه مرارًا وتكرارًا في مقالات عديدة منذ ميلاد هذا الكائن الأشوه، ومع كل مرحلة من مراحل تلك التسميات العبثية. ولم أتوقف عن المناداة برفض هذه التسمية ISIS حتى استجابت وزارة الأوقاف المصرية مشكورة لمطلبي؛ وأطلقت على هذا الكيان البغيض اسم: خوارج القاعدة. ولكن يبدو أن المشكلة ليست في الدواعش أنفسهم، بل في أقلام بعض الصحفيين المصريين ممن لا يغارون على تاريخ بلادهم، ربما عن جهل به، وربما عن جهل بخطورة التسمية، وربما عن الأمرين معًا. فحين يُطلق إعلاميٌّ أجنبيٌّ على "داعش" اسم: ISIS اختصارًا لـ:"Islamic State in Iraq and Syria، فلا بأس. فهذا الإعلامي الغربي يردد ما يقوله الدواعش عن أنفسهم، دون أن تجرحه كلمة ISIS بما تجرحنا نحن المصريين. فهذه المفردة لا تمسُّ تاريخ بلاده، ولا تتقاطع مع جوهر حضارته القديمة كما تجرح مصر وتاريخها. كذلك، حين يُسمي الدواعشُ أنفسهم بهذا الاسم: ISIS، فلا بأس، فهم يُمنّون النفس بأن يكوّنوا "دولة" على أطلال الدول، ويشيّدون مستعمرات همجية وحشية على ركام الحضارات العريقة الرفيعة، ويُربّون شعبًا من الضواري الكاسرة على أشلاء شعوب حضارية مسالمة. كل ما سبق مفهوم، ولا أتوقف عنده. لكن حين يقول صحفي مصري، أو أي مواطن مصري ISIS، فهو في تقديري يرتكب جريمة وطنية وتاريخية وأخلاقية. لأن هذه الكلمة تشير إلى: "إيزيس"، في معجم المصريات Egyptology، وهي ربة الجمال والفضيلة في الميثولوجيا المصرية القديمة، وزوجة أوزوريس، رب الأرباب كما تصوره أجدادنا القدامى. وحين يطلق الدواعش على شبه جزيرة سيناء المصرية، تعبير: “ولاية سيناء"، فلا جناح عليهم. فما هم إلا لصوص يسرقون الأرض ثم يرفعون عليها أعلامهم السود، وسمونها بأسمائهم، كما سرق صهيون أرضنا ورفع عليها علمه، وأقام عليها دولته. ولكن ما مبرر صحفي مصري حين يكتب في خبر أو مقال هذا التعبير: “ولاية سيناء"، وهو يشيرُ إلى أرضنا التي أُهرقت فوق ثراها دماء المصريين حتى استعدناها وحررناها من احتلال صهيون؟! هل حررناها من لص إسرائيل لنسلمّها إلى لص أسوأ وأبشع هو تنظيم داعش الإرهابي؟ هل نُقرّ لهم بأنها إحدى ولاياتهم الدموية، ونُجيز لهم سرقتها كما سرقوا "الموصل" العراقية، و"الرقّة" السورية؟! هل نعترف لهم بأحقيتهم في سيناء المصرية، فنسميها معهم: ولاية سيناء؟!! إن قال هذا التعبير الدواعش الدمويون ليرسموا أحلامهم على حساب تاريخنا، فكيف يقولها المصريون؟! هل هو انعدام مهنية؟ أم غباء سياسي وتاريخي؟ أم فقرٌ في الوطنية؟! أطالب صنّاع القرار وأرباب الصحافة في مصر التوقف بحسم أمام تلك الظاهرة المشينة.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هديتي للرئيس
-
التكبير في ساحة الكنيسة
-
لا تقتلوا الخيرَ... والتمرُ خيرٌ
-
30 يونيو رغم أنفكم يا هالوك الأرض
-
الله يسامحك!
-
فارسٌ وجميلة وبعض خيال
-
ليه كده يا أم أيمن؟!
-
لماذا أكتب في -نصف الدنيا-؟
-
القرضاوي يفخّخ المصريين بالريموت كونترول
-
أصعبُ وظيفة في العالم
-
شركات الاتصالات: اخبطْ راسك في الحيط
-
السراب
-
وسيم السيسي... سُرَّ من رآك
-
في مهزلة التعليم.... المسيحيون يمتنعون
-
فانوس رمضان
-
درجة الإملاء: صفر
-
-الحرف-... في المصري اليوم
-
هدايا لم تُفتح منذ مولدك
-
مصرُ ... وشخصية مصر
-
شيخ الكافرين
المزيد.....
-
حرس الثورة الاسلامي يحذر علييف وباشينيان: ترامب المُقامر خدع
...
-
254 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
تجوال سيارة بالجامع الأموي يثير موجة انتقادات وتحقيقات رسمية
...
-
نائب عن حزب الصهيونية الدينية يهدد بالدعوة إلى انتخابات مبكر
...
-
منظمتان يهوديتان: احتلال غزة سيؤدي إلى خسائر كبيرة
-
منظمتان يهوديتان: احتلال غزة سيؤدي إلى خسائر كبيرة
-
وسط ذهول مصليين.. رد رسمي بعد ضجة فيديو سيارة مرسيدس تتجول ب
...
-
يهود ضد الصهيونية
-
الرهبان الكمبوديون يكرمون قتلى الاشتباكات الحدودية مع تايلان
...
-
-الأوقاف السورية- تعلّق على فيديو السيارة في الجامع الأموي
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|