أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - التكبير في ساحة الكنيسة














المزيد.....

التكبير في ساحة الكنيسة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4874 - 2015 / 7 / 22 - 22:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جلستُ أتأمل مشايخ الأزهر الشريف ورموز ديننا وعددًا من قامات الفكر والآداب والفنون والإعلام المسلمين في مصر، وهم يصطفّون في ساحة الكنيسة الإنجيلية بمدينة نصر، يولّون شطرهم للقِبلة، ويؤدون صلاة المغرب، قبل أن نشرع في تناول إفطارنا الرمضانيّ على مائدة الكنيسة مع أشقائنا المسيحيين الذين دعونا على مائدة: "معًا في حبّ مصر".
تذكّرت مقالا قديمًا كتبته في جريدة "اليوم السابع" بتاريخ الثلاثاء 21 ديسمبر 2010، عنوانه "كاهنُ إيطاليا ومتأسلمو مصر". أذكر اللحظةَ التي ألهمتني ذاك المقال. تصارع داخلي شعوران نقيضان. فرحٌ وحزن. المقال يتحدث عن كنيسة في إيطاليا تتحوّل إلى مسجد كل يوم جمعة. كاهنٌ إيطاليّ جسور، اسمه "دون ألدو دانيلي"، قرّر فتح أبواب كنيسة "سانتا ماريا أسونتا" التي يرعاها بإحدى مدن شمال إيطاليا، أمام المسلمين المقيمين في الجوار كل نهار جمعة لأداء الصلاة؛ لعدم وجود مسجد قريب. خصص الكاهنُ الطيب جزءًا من مبنى الكنيسة، ليتحوّل إلى مسجد كل أسبوع. يتوافد على المسجد/الكنيسة اكثر من 200 مسلم للصلاة وسماع الخطبة من مناطق عديدة حول المدينة الإيطالية. قال الكاهن إنه يودّ ترسيخ التمازج بين الثقافات والأديان وتعزيز دمج الجالية المسلمة المقيمة في تلك المناطق، مع سكانها الأصليين الإيطاليين.
شعور الفرح غمرني كعادتي حينما أصادف عقلا مستنيرًا ينتصر للإنسان وحقّه الأصيل في الحياة وفي الاختيار وفي عبادة ربّه وفق النهج الذي يناسب معتقده. وأما شعور الحزن، فضربني حين نظرتُ حولي وقتئذ في مصر لأبحث بذاكرتي عن مواقف مشابهة لتلك السماحة الإنسانية، فشقّ عليّ أن أتذكّر الكثير. كانت مصرُ وقتها تتألم من أحداث طائفية غير مبررة كحادثة كنيسة العمرانية وغيرها، وتنتظرُ بعد أيام أن تنفجر خاصرتُها مع تفجيرات كنيسة القديسيْن بالأسكندرية. تساءلتُ يومها بأسى: متى تحمل صدورُ المصريين، مسلمين ومسيحيين، مثل روح ذلك الكاهن الإيطالي الطيب؟
ها هو المشهدُ المتحضر يحدث أمامي من جديد؛ ولكن على أرض مصر الطيبة. فتح المسيحيون كنيستهم لصلاتنا، وأولموا الولائم للمسلمين في رمضان لنتناول إفطارنا. صاموا معنا، وأفطروا معنا، ورفعوا وجوههم للسماء معنا لندعوا اللهَ جميعًا أن يمدّ يده الطيبة لمصر ولشعبها فننجوا من الإرهاب الأسود الذي زرعه المجرمون في دورنا وشوارعنا ومؤسساتنا وقلوبنا.
أنظرُ حولي لمن يشاركني مائدتي فلا أميّز أينا مسلمٌ وأينا مسيحي. نحن مصريون وكفى. نحن "إنسانٌ" وكفى. تلك هي المظلّة الرحيمة التي تجمعنا على المحبة وعلى الطعام وعلى الصلاة وعلى مناجاة الله الواحد الأحد الذي يتوجه إليه ستة مليار إنسان يعمّرون هذه الأرض، كلٌّ حسبما هداه عقله وقلبه وميراثه.
تلك خطّة الله لبني الإنسان. أن نتعدّد ونتحابَّ، ونختلف ولا نتخالف. “ولو شاءَ اللهُ لجعلكم أمّةً واحدة". فكيف نشاءُ، نحن البشر الضعفاء، غير ما يشاء الله، فيصرُّ كلٌّ منّا أن يفكر الآخرُ كما يفكّر هو، ويعتنق سواه ما يعتنق هو من نظريات ومذاهب، وإلا السيف والقتل أو المغايظة والمكايدة والمشاحنة؟!
لا أشعر بالدفء في إفطار رمضانيّ، مثلما أشعر به وأنا أتناول إفطاري بين أصدقائي المسيحيين. لأن رمضان لحظتها يأخذ بُعدًا إنسانيًّا أشمل وأوسع من بُعده الديني والعَقَديّ. تظلّلنا الآن مظلة "الإنسانية" الأرحب، ويكون جمعُنا على محبة الخالق العظيم الذي شاء أن نتحاب ونُعمّر ونشيّد، لا أن نتباغضَ ونهدم ونقتتل.
أحد كبار الصهاينة في العالم اسمه "ديڤ-;---;--يد بن جوريون"، وهو أحد مؤسسي ما يطلق عليها دولة إسرائيل التي نشأت عام 1948. وهو كذلك أول رئيس لوزرائها (1948- 1954). قدح ذهنه في كيفية كسر شوكة العرب المحيطين بدولته الوليدة، حتى يعيش هذا الكيان المحتلُّ في أمان وسط الدول الرافضة وجوده. فقدّم له "موشيه شاريت"، وزير خارجية إسرائيل دراسة تقول إن السبيل الأوحد للحفاظ على إسرائيل، وسيادتها ليكون لها اليد العيا في المنطقة، هو تدمير ثلاث دول محددة: العراق، سوريا، مصر. قال في دراسته: “قوّتنا كإسرائيل لا تكمن في القنبلة النووية، لأنها تحمل في طيّاتها أسبابَ فنائها. بل يكمن نصرُنا في تفتيت ثلاث دول عربية كبرى لتتشرذم إلى دويلات صغيرة متناحرة على أسس طائفية وعرقية: شيعة وسنّة في العراق، علويون وسنّة وأكراد في سورية، مسلمون ومسيحيون في مصر. ونجاحنا في هذا لن يعتمد على ذكائنا، إنما يعتمد على غباء الطرف الآخر.”
الطرف الآخر هو "نحن"، بكل أسف. فهل صدق شاريت حين وسمنا ووصمنا بالغباء؟!
تأتي الإجابة على لسان بن جوريون نفسه حين رد على صديقه الصهيوني. قال: "بوسعنا أن ننجح فى العراق وسوريا. ولكن فى مصر لن ننجح! ذلك لأن الكتلة الشعبية الصلبة فى مصر من المسلمين والمسيحيين من العسير جدًّا تفتيتها.”
ويأتي هذا الإفطار المصري للمسلمين والمسيحيين في أحد ليالي رمضان، وصلاة المسلمين وتكبيرهم في ساحة الكنيسة، ليؤكد صحة كلام بن جوريون.
شكرًا على المحبة التي لو غمرت جموعَ المصريين ما قدرت علينا شياطين العالم أجمع. وشكرًا للرئيس العظيم "عبد الفتاح السيسي" الذي نجح في هدم الفجوة التي صنعها من سبقوه من رؤساء بين المسلمين والمسيحيين. وأنتظر منه أن يُتوّج تلك الروح المصرية المستنيرة ببناء كنيسة جميلة في منطقة قناة السويس الجديدة، جوار المسجد الجميل الذي شُيّد هناك، حتى تكتمل وحدتُنا كمصريين، تجمعنا مصرُ، ولا يفرقنا مُغرض عميل يحقق مآرب صهيون في تفتيتنا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تقتلوا الخيرَ... والتمرُ خيرٌ
- 30 يونيو رغم أنفكم يا هالوك الأرض
- الله يسامحك!
- فارسٌ وجميلة وبعض خيال
- ليه كده يا أم أيمن؟!
- لماذا أكتب في -نصف الدنيا-؟
- القرضاوي يفخّخ المصريين بالريموت كونترول
- أصعبُ وظيفة في العالم
- شركات الاتصالات: اخبطْ راسك في الحيط
- السراب
- وسيم السيسي... سُرَّ من رآك
- في مهزلة التعليم.... المسيحيون يمتنعون
- فانوس رمضان
- درجة الإملاء: صفر
- -الحرف-... في المصري اليوم
- هدايا لم تُفتح منذ مولدك
- مصرُ ... وشخصية مصر
- شيخ الكافرين
- رحلتي للسماء
- رسالة من ذوي الإعاقة إلى الرئيس السيسي


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - التكبير في ساحة الكنيسة