أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حمدان - أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض














المزيد.....

أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض


مصطفى حمدان
كاتب وشاعر

(Mustafa Hamdan)


الحوار المتمدن-العدد: 4872 - 2015 / 7 / 20 - 01:07
المحور: الادب والفن
    


حين رسَتْ سفن الغرباء القادمين مِن البعيد عن هذه الأرض ، وداست أقدام العسكر تراب الأرض وعشبها
وانهارت أسوارها المنيعة أمام جنون جنرالات الحروب الأممية ، كان نشيدٌ قديم لا زال يترنم ويُسمَعْ صداه في وديان وسهول مدننا المُباحة
كأن الأمس لم يذهب بعْدْ ، وكأن اليوم لم يأتي
ومِن الشرق إلى الغرب وبين حدود هذا الوطن الكبير ، لَمْ يلِد شيء يدعوا للفرح ، فهذه الأرض باتت تنبِتُ الأشواك في صحرائها
والأفاعي مَن استوطن الأرض ورمالها ، ومن السماء لم يعُد ينزل المطر
نعود الى أقدارِنا وما صنعه لنا الغرباء مِن مصير ، اصبحنا نعيش اليوم بدون غدٍ آتي ، والأمس مُحيّ مِن ذاكرتنا لئلا يوقِظ الجمر في رماد
تاريخنا ، أو شيء فينا ربما يكون نوعاً مِن الفرح أو سبباً لغدٍ مُشرِق دون حزنٍ دون بكاء
هل على هذه الأرض يوجد بقعة لم تطئها قدَمٌ للأنبياء ؟
وهل في سمائنا زاوية لم يُرْفَعْ فيها راية للأقوياء ؟
وفي بحارنا ومِن المحيط الى النهر ! هل يوجَدُ مرفأ خالي مِن البشر نحو رحلة عكسية خارج الوطن خارج الميناء ؟
هكذا بدأت الرواية في فصلِها الأول عندما كان الثور الأبيض ما زال حياً يتنفس الحياة مع أخوته باقي الثيران !
وهكذا التصقت وتحققت حكمة الأجداد في وجودنا ، مِن حزمة الحطب للأخوة كي يحطموها معاً بيدٍ واحدة
إلى الالتصاق الجسدي والروحي معاً لئلا يدخُل الغرباء بينهم لينفرِدَ فيهم واحداً تلو الآخر
وبعد ما حدث وأصبح واقعاً ، وحين حوصِرَ الثور الأسوَد بين دائرة الموت وأنياب الوحوش المتعطشة للدم واللحم
وقف وحيداً مُستَسلِم للمعركة الخاسرة
وأخذ يُتمتِم ويبكي ، بينما الوحوش بدأت بانتزاع جلده ليصِلوا للحمه وعظمه
هكذا نطق الثور الأخير قبل الموت !
لقد مُتُ منذ زمنٍ بعيد ! أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض !
***
يُباحُ صدري للوحوش ، ويُنزَعُ مِن فمي آخِرُ نشيد رددته منذ الصِغر
لأجَرَد مِن وجودي وأبقى في المكان غريبٌ عن الدار ، قريب مِن جسد الضحية
هكذا انتهت الحكاية بفصولِها الكاملة ، عندما سقط الثور الأسوَد الأخير بين أنياب مفتَرسيه
حيث بدأت الذاكرة تنبض دماً لترجع الى اليوم الأول ، الى الصفحة الأولى مِن الرواية
الى يوم بدأت الحكاية !
ينتزعوا اللحم مِن جُثتي ، يتنازعون على توزيع أجزائي وعلى حصتي مِن الحياة
يعودوا ويُمزِقون جلدي مِن جديد ويختلِفون على حجم الحصص
يلعق التراب ما تبقى مِن دميّ ، لا شيء مني بقيّ لتتذكره باقي الوحوش المُنتَظِرة لتأخذ شيء مني
لَمْ يبقى إلا صوت ثغاء الطريدة والوجع بين فكيْن مَن افترَسوا البداية
وأخوَتي على بُعد أمتار قليلة ! تنظُرُ وتنتَظِرُ ربما يعفوا عن مصيري القدر
ربما تحدث معجزة في حقل الموت ! بأن أطلِق قامتي للريح وأنفِذُ مِن بين أنياب الوحوش
بروحي بجلدي وحريتي
تنظُرُ أخوَتي الى موتي ونهايتي ، يسمَعون بكائي ويرون الدم والزبد يجرج مِن فمي ومِن جسدي
وينتظرون ربما سيبقى مني شيء لهم للذكرى
والصمت لعبة الضعيف لئلا توقظ شهية الوحوش مِن جديد
وتبتعد أخوتي عن مكان موتي عن ظل الوحوش عندما انتهت الوحوش مِن أكل لحمي ، واستراحت على ما تبقى مِن جلدي
تذهب أخوتي بعيد للبحث عن حقلٍ جديد ، عن عشبٍ جديد ، بعيداً عن آثار موتي ودمي
تذهب بعبداً عن عيون الوحوش ، تقف وتنتظِرُ وتتهيأ لغزو جديد
فالبقاء هنا أصبح مؤقت بين جموع الوحوش الجائعة مِن يبحث عن صيد سهل دون مطاردة
وبين وحوش تجول المكان تبحث عن طريدة للافتراس
لا ذاكرة للموت هنا ولا آثاراً للضحية ، فآخِر طريدٍ مِن القطيع كان يحمِل الوصية
كان آخِرُ مَن رأى النهاية ، هكذا رحل وأخذ معه الذاكرة الموجِعة وتفاصيل فصولِها المؤلمة
ليكون آخِر الشهداء على الوقِعة وعلى ما حدث
***
حين غرسوا الخنجر في قلب دمشق !
صاح أهلُ الشام .. آهٍ يا جرح بغداد ما أوْجَعَك
ويوم كتبوا اسم بغداد على أبواب جهنم وحددوا مصيرها !
صاح أهلُ العراق .. آهٍ يا جُرح القدس ما أصعبك
وبين طرابلس وعدن ، وتونس والقاهرة
وحين ستعبُرُ سفن الفاتحين لبلادنا ، ونصبِح غرباء عن أرضنا !
سيصرخ كل العرب ... آهٍ يا جُرح الأندلس ما أقدمك

مصطفى حمدان



#مصطفى_حمدان (هاشتاغ)       Mustafa_Hamdan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى جندي إسرائيلي ؟!
- قارة أسمها (غزة)
- أين نحنُ منكِ؟!
- خُذني حبيبي هناك !!
- انتِ حُلْمي البعيد .. وأنا العاشق القريب !!
- ماذا بَعْد !!
- الثالوث المُحرّم
- نشيدُ المِعْوّل
- ملحمة السجن والسجان
- موانئ بعيدة عن الوطن
- القصيدة .. الشاعر .. والوحي
- أحزان الأرض الغريبة
- حرية القلم ... وبيع الذمم!!؟
- سأفعلُ أشياءً أخرى لو إستطعت
- طوبى لمن يبني على الأرض طوبة
- إلى إمرأة لا تختصر وجودها


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حمدان - أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض