أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - كمال التاغوتي - ظاهرة الهجرة السرية بين الواقع والتبرير الإيديولوجي















المزيد.....

ظاهرة الهجرة السرية بين الواقع والتبرير الإيديولوجي


كمال التاغوتي

الحوار المتمدن-العدد: 4862 - 2015 / 7 / 10 - 21:07
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


( لا بد لنا من أ نعترف للعمال الألمان بأنهم استفادوا بمهارة فائقة من مزايا وضعهم. فلأول مرة منذ وجدت حركة العمال يجري النضال بصورة منتظمة في جميع اتجاهاته الثلاثة المنسجمة والمترابطة: الاتجاه النظري والاتجاه السياسي والاتجاه الاقتصادي العملي (مقاومة الرأسماليين)
انغلز، ذكره لينين في ما العمل؟ ص. 17 )

خبر تداولته الألسن والصحف وأمسى شغل المنابر الإعلامية؛ فبناء سور يكون حاجزا يحتمي به وطن ومتراسا يقيه "الشرور" القادمة من الجوار مغالطة انخرط فيها القاصي والداني – عن قصد في أغلب الأحيان – حتى يصرف الأنظار عن الدواعي الأساسية لمثل هذا الإجراء. ليس من مشمولات هذه المساهمة البحث في الدوافع، فذاك شأن آخر، إنما مدار الأمر سبيل المغالطة والتلبيس على المتلقي، وهي سبيل تعبدها ترسانة الدعاية الموجهة توجيها نحو التسويغ لتجريم التحركات الاجتماعية وأشكال النضال السلمية مهما كانت درجتها وأثرها، فإن تعتبر القوى الوطنية التقدمية هذا النضال مجرد حلقة في مسار ثوري لا بد وأن يكتمل لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحرير الطبقة العاملة من نير الاستعباد، تُكنّ له القوى الرجعية المهيمنة على مساحات التأثير في المتلقي عداوة، إما من منطلق عقائدي تسوّقه المائة السود وحلفاءَها وإما من منطلق نفعي مباشر تعمل على تكريسه الطبقات المسيطرة بمعية حلفائها التقليديين من الإطارات الإدارية. وقد تكون الهجرة "السرية" أهم قضية تلقفها الإعلام ليجعل منها حصان طروادة ينفذ بها وعبرها إلى بؤر التوتر الاجتماعي ويقدم خدماته لرأس المال. إذ إلى جانب هذه العبارة يروّج من يطلق عليهم اسم الخبراء صيغة أخرى تتمثل في "تسفير الشباب" (كما يستعملون التعبير الدارج في تونس "الحرقة") والمقصود بذلك شبكات إجرامية نشاطها الأساسي فتح السبل أمام الراغبين في الهجرة مقابل قدر من المال. والمفارقة في ما تعرضه هذه "النخبة" يجلوها التناقض بين التسمية والمسمى، أو بين التعبير وفحواه، فهم لا ينكرون طبيعة هذا النشاط الإجرامية لأسباب مبدؤها خرق القوانين الناظمة (وهي وضع الطبقة التي يدافعون عن مصالحها) ومنتهاها مصير المئات من المهاجرين عبر هذه القنوات. لكنهم حين يستعملون عبارة "تسفير" فإنهم يسفّرون الجريمة أي أنهم يعمدون إلى تغطيتها بل وتجميلها. دليلنا على ذلك أن هؤلاء الخبراء إنما يختزلون القضية في وحدة من وحدات الشبكة العنقودية للجريمة المنظمة، وقد أتى حين من الدهر كان فيه الاسم المتداول "الاتجار بالبشر" وهو في اعتقادي التوصيف النزيه لمثل هذا النشاط؛ وقد استعمل رئيس وزراء ايطاليا ماتيو رينتسي عبارة "تجارة البشر الجديدة" عند حديثه عن "الحرب على مسيري قوارب "الهجرة السرية" وعبر البحر المتوسط داعيا أوروبا والمجتمع الدولي الى التعاون لمنع كوارث الغرق التي لا يستبعد تكرارها.(المصدر: جريدة القبس الكويتية الصادرة يوم الجمعة 10 يوليه 2015 , العدد 15126 ) والتهرب من التسمية ضرب من ضروب التعمية، لأن في قصر ممارسات عبودية على عملية "تيسير الهجرة" تحييدا لها وتسترا على أرباب شبكات التهريب ومافيا الرقيق. إن أخطبوط الاتجار بالبشر لا يعنيه الزبون إلا بوصفه بضاعة للتهريب، فهو أبعد ما يكون عن الانتماءات مهما كان لونها: عرقية أو عقائدية أو مذهبية أو طائفية؛ لكنه من جهة أخرى معني ببؤر الاحتقان لاسيما منها الدموي فذلك مجاله الحيوي. وحين يعلن أقطاب الامبريالية العالمية حربا على "المسيرين" (كما ورد على لسان رئيس الوزراء الإيطالي) فإنهم يزيفون واقعا يشهد بتحالف أضحى استراتيجيا بين الرأسمالية المتهالكة والمافيا المعولمة في حربها الضروس ضد الطبقات الكادحة. وإذا انساق المرء وراء هذا الاختزال لن يرى حتما إعادة الإنتاج المتسترة بالعجز تارة والتحامق طورا. وبناء على ذلك تغدو عملية التزييف المتعمدة مشاركة في الجريمة وترويجا لها، والمتلقي حين يستقبل تسمية هذا شأنها، أقصد كونها تقدم معزولة، قد يستمرئ الأمر ويعمل على اللحاق بالركب غير مبال بالعواقب؛ فالمسألة لا تعدو في نظره، والآفاق مسدودة أمامه، مجرد مغامرة نسبة نجاحه فيها مساوية لنسبة فشله. والمسفّر أو المسيّر – لا فرق – تنتهي مَهمّتُه عند الشاطئ، لا صلة لديه بمن يموّل ومن يبلغ السلطات ومن يعاقب... إنه مجرد مسيّر يلبي حاجة ليس له فيها يد. والواقع أن مثل هذا المسيّر أو المسفّر قد ساهم في تضييق الخناق على حرفائه حتى يكون أملهم الوحيد والفذ. ذلك ما أشارت إليه مجلة la Croix الصادرة في فرنسا بتاريخ الثاني من جانفي سنة 2015 ، فتحت عنوان الهجرة: تجارة العبور غير الشرعي يؤكد المتحدث أنّ" التخلي عن سفن في حالة رثة في أعالي المحيط يبدو مقبولا ماليا لدى الشبكات الإجرامية [ المنخرطة] في تجارة مربحة جدا يتراوح فيها ثمن قطع البحر الابيض المتوسط بين 2000 و5000 دولار ليكون [ الزبون] على سطح السفينة، بينما يجب على الأقل حظا أن يقنعوا بعقد السفينة" كما تشير المجلة المذكورة إلى استعمال سفن مهيأة لنقل البضائع، وهو ما يقوم برهانا على ما سطرته سلفا أن المسفّرين ليسوا سوى سلعة ما في بوارها ضرر يذكر. هكذا يدرك المتأمل أن الرأسمالية قد جعلت كل "شيء" سلعة كما توقع ماركس، فالدين الذي يعتبره البعض – وهم كثرة للأسف – رافعة أساسية لنمو ظاهرة "الإرهاب" المنظم هو بضاعة أيضا في يد البورجوازية وحلفائها؛ ولعل تسليط الأضواء على خريطة تحركات سفن السلع البشرية يمكن من تعميق النظر في تشابك مصالح تلك الطغمة المالية وظهيرها من الشبكات الإجرامية، إذ أن أطلس سيرها لم يكن يوما خطا مستقيما كما يزعم "خبراء" تزييف الوعي، إذ شهد تعقيدا على مستوى المسالك المتوخاة، فإذا كانت الانطلاق شواطئ ليبيا مثلا تمر سفن الموت تلك بالعديد من البلدان (تركيا، سوريا، كرواتيا ثم إيطاليا) وهي المسالك نفسها المستعملة لتأمين نقل المخدرات بشتى أنواعها. فمن يزعم أن القوارب والزوارق والسفن تتخذ من الخط المستقيم طريقا أي أنها رأسا تتجه صوب إيطاليا يغفل عن عمد تدخل أطراف مختلفة ألوانهم في الاتجار بالبشر ذات المنسوب العالي من الأرباح الصافية. ذاك ما أعلنته منظمة الأمم المتحدة عبر مكتب مكافحة المخدرات والجريمة فهو يقدر أرباح التجارة غير الشرعية في كل من شمال إفريقيا وشرق أروبا (بعد تفكك الاتحاد السوفياتي) وغربها والأمريكيتين الجنوبية والشمالية بـسبعة مليار من الدولارات سنويا، ويتبوّأ الاتجار بالبشر المرتبة الثالثة بعد تجارتي المخدرات والسلاح. (La Croix العدد نفسه). وإن التغاضي عن هذه المعطيات لدليل على تورط الطبقات المسيطرة وسدنة محراب رأس المال في عملية التسويق، فالمنابر الإعلامية المحكومة أساسا بقوانين السوق تــزيّن للشباب المحبط خوض التجربة من خلال حجبها قوانين الصراع الطبقي؛ إذ أن الوعي بأن "المسفّر" أو "المسيّر" إنما يظل في نهاية المطاف عدوا طبقيا يستثمر (وهذه من العبارات الأثيرة عندهم) أملا سلبيا في تغيير الواقع ومعادلاته أنجع من تكريس الانطوائية والسوداوية؛ بل إن إقامة سور عازل يزيد المغامرين رغبة في "التحدي"؛ وذاك لا ريب ما يتربص به الرأسمالي ومؤسساته العابرة للقارات. مربع استغلالي – وأعتذر لأرسطو عن استعارة مربعه المنطقي ولغريماس عن استعارة مربعه السيميائي – أضلاعه المخدر والسلاح والإنسان والمعتقد، لا وجود لضلع إلا بوجود الآخر إما بالتناقض أو التوافق؛ وتجاوز "أرغنون" الرأسمالية الاحتكارية لن يتحقق إلا بكسر هذه المعادلة، وذاك لن يكون إلا باستعادة الوعي بالتناقض الرئيسي وتصفية ركام التبرير للإيديولوجية الرجعية المعادية للبشر. إن تعرية الأيقونات الامبريالية الموغلة في الوهم – الدنيوي والمقدس – وجه من وجوه النضال النظري، ولكنه رغم أهميته، إذ يمكن من القبض المعرفي على بنية الواقع وتناقضاته، يظل منقوصا ما لم يمكّن له في الأرض صراعا ملموسا يسرّع بتدشين المجتمع الاشتراكي.



#كمال_التاغوتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدال
- أيْنَ طَمَرُوا الشّراع؟
- رُبَّ طوْقٍ للنَّجَاةِ يَخْذِلُ
- جَبَلُ الزُّجَاجِ
- من مخطوطات جابر بن حيّان: رسالة في التريّث
- وَقُبَّتُهَا، حَمَّالةَ النَّهْدَيْنِ (هَوَسٌ دِمَشْقِيٌّ)
- قَرَاصِنَةُ النَّار
- فُوَّهَةُ القِمَار (على هامش رواية المقامر لديستوفسكي)
- الرّوحُ، يا حبيبتي، سِجْنُنَا المفتوح!
- رسالَةٌ فِي بَوْصَلَةِ الآلامِ (من مخطوطات جابر بن حيان)
- الذِكْرَى خطِيئَتُنَا الأُولَى
- اللَّيْلُ
- حَبِيبَتِي، هَوْدَجُ العُطُور !
- عَنِ الشَّوْقِ (من مخطوطات جابر بن حيّان)
- يَا رَفِيقِي! أرْثِيكَ أمْ أُثْرِيكَ؟
- ...والثَّائِرُونَ للثَّائِرَاتِ كالبُنْيَانِ المرْصُوصِ
- نَجَاة
- السلطة امرأة متعددة الأزواج
- شكري حيّ
- لا تَكنْ سَاحَةَ ثَأْرٍ مهزوم


المزيد.....




- الدفاع الروسية تعلن حصيلة خسائر القوات الأوكرانية خلال 24 سا ...
- طبيبة تبدد الأوهام الأساسية الشائعة عن التطعيم
- نتنياهو يعيد نشر كلمة له ردا على بايدن (فيديو)
- ترامب: انحياز بايدن إلى حماس يقود العالم مباشرة إلى حرب عالم ...
- إكسير الحياة وطارد الأمراض.. هذا ما تفعله ملعقة واحدة من زيت ...
- المبادرة المصرية تدين الحكم بحبس المحامي محمد أبو الديار مدي ...
- مقابل إلغاء سياسات بيئية.. ترامب يطلب تمويلا من الشركات النف ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف آثار تعليق شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إ ...
- -حماس- تعلن مغادرة وفدها القاهرة إلى الدوحة
- الملوثات الكيميائية.. القاتل الصامت في سوريا والعراق


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - كمال التاغوتي - ظاهرة الهجرة السرية بين الواقع والتبرير الإيديولوجي