أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إكرام يوسف - غول التمييز العنصري في زمن العولمة 2-2















المزيد.....

غول التمييز العنصري في زمن العولمة 2-2


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1339 - 2005 / 10 / 6 - 12:14
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ملف لم يغلق
ولما كانت الولايات المتحدة، وما لف لفها، من الدول الكبرى لم تمارس حتى الآن فضيلة الاعتراف بحقوق الآخرين، خاصة أولئك الذين يفتقرون إلى قوة حقيقية تحمي حقوقهم، فلم يكن من المستغرب أن تعارض هذه القوى طرح قضية أحقية الدول الأفريقية في الحصول على التعويضات مقابل ما تعرض له مواطنو هذه الدول من استرقاق لمدة قرنين من الزمان ، استغلت فيه الدول الغربية سواعد هؤلاء الأفارقة في بناء نهضتها وتراكم ثرواتها دون أدنى اعتبار لآدمية هؤلاء الأرقاء، وحقوق ذويهم في أوطانهم؛ تلك الأوطان التي حرمت في نفس الوقت من ثمار عمل هذه السواعد.
فرغم أن الرئيس الأسبق رونالد ريجان أصدر في 1988 اعتذارا رسميا للأمريكيين من أصل ياباني بسبب اعتقالهم في معسكرات القوات الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية. ودفعت الحكومة تعويضا قدره 20 الف دولار للفرد من هؤلاء الأمريكيين اليابانيين. وبعد الحرب العالمية الثانية لم تكتف ألمانيا بالاعتذار فحسب عن الهولوكست لكنها دفعت اكثر من 60 مليار دولار تعويضات. إلا أن الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي وكندا يرفضون تعويض دول أفريقيا عما لاقاه أبناؤها من ذل واستعباد ووحشية جنت المجتمعات الغربية ثمنا لها ثروة وتقدما هائلين.
غير أن ملف الرق لم يغلق بعد في العالم، ولم يعد ـ مثلما يظن البعض ـ من مخلفات زمن ماض: فملايين الأشخاص في مختلف أنحاء العالم يعيشون حاليا في حالة استرقاق لضمان سداد ديونهم؛ وتشير تقارير ترد بين وقت وآخر إلى أن العديد منهم يعمل بلا أجر لسداد ديون لمالكي عقار أو أصحاب عمل. وتقع عائلات بأكملها في أغلال الاسترقاق نتيجة حاجتها للحصول على قرض بسبب المرض أو ضعف المحصول، أو لتغطية التزامات عائلية مكلفة. وتجبر العائلات المسترقة على العيش في مكان العمل بينما لايحصل على أجر لقاء عمله سوى رب العائلة وحده وهو أجر لايغطي النفقات المعيشية للعائلة الأمر الذي يراكم فوقها المزيد من الديون، وهكذا تستمر الحلقة المفرغة.
وبالطبع فلا يعرف معظم هؤلاء المسترقين القراءة والكتابة أو الحساب؛ ومن ثم،فلا يمكنهم إثبات أنهم قد سددوا ديونهم أضعافا مضاعفة في بعض الأحيان بعملهم وعمل زوجاتهم وأطفالهم. وفي بعض المجتمعات يباع العمال المسترقون ويشترون؛ وربما يباع قسم من العائلة إلى مشتر آخر غير صاحب الدين دونما اعتبار لأثر ذلك على الروابط العائلية.
غير أن الممارسات العنصرية لاتقتصر كما قلنا على المجتمعات الفقيرة، والمتخلفة أو فلنسمها النامية تأدبا. فالمجتمعات المتقدمة تشهد يوميا أنواعا من هذه الممارسات الموجهة ضد مختلفين في الجنس أو العرق أو الدين، إلا أن القاسم المشترك بين هذه الممارسات في المجتمعات الغربية، هو أن هذه الممارسات توجه بالطبع إلى الفقراء من المهاجرين أو الملونين أو المهمشين طبقيا بوجه عام.
فإذا وجهنا النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها «راعية الحريات في العالم» مثلما يحلو لها ولدراويشها في العالم تسميتها، لوجدنا أنه يتعين النظر إلى الممارسات العنصرية في المجتمع الأمريكي من منظور العلاقة بين البيض والسود في المجتمع الأمريكي ومن حيث تداعيات امتيازات البيض والامتيازات الطبقية في الإطار الرأسمالي. كما يتعين النظر إليها من منظور ثقافة العنف التي استفحلت مع الممارسات العنصرية وغيرها من أساليب القهر داخل المجتمع الأمريكي ضد غير البيض من المواطنين الأصليين وذوي الأصول المكسيكية أو الأفريقية، ومؤخرا ضد ذوي الأصول العربية. ففي مقال بعنوان «الامتيازات العالمية لبياض البشرة» يؤكد كندال كلارك وهو من أبرز النشطاء الأمريكيين المناهضين للعنصرية أن العنصرية البيضاء لم تختف تماما من أمريكا وإنما اتخذت أشكالا مختلفة عنها في الماضي.
ففي دراسة أصدرها مركز أبحاث التغير في النظام الصحي الامريكي مؤخرا ونشرت على الانترنت تبين أن الأطباء الأمريكيين من السود أو ذوي الأصول اللاتينية يلاقون صعوبات شديدة في عملهم بعكس ما يلقاه الأطباء البيض من تيسيرات: حيث يعاني واحد من كل ثلاثة من الأطباء الملونين من صعوبات في إدخال مرضاهم المستشفيات بينما تقل نسبة الصعوبات المماثلة التي يعانيها البيض إلى واحد من كل أربعة أطباء. كما ذكر 12 في المئة من الأطباء السود و15 في المئة من الأطباء ذوي الأصول اللاتينية أنهم يواجهون صعوبات عند إحالة مرضاهم إلى متخصصين. وتشير الدراسة إلى أن هذه الصعوبات التي يواجهها الأطباء من غير البيض دليل على ضعف مستوى الرعاية الصحية التي تلقاها الأقلية الملونة في الولايات المتحدة، حيث من الأرجح أن تكون النسبة الغالبة من مرضى هؤلاء الأطباء من نفس أصولهم العرقية.
وقبل سنوات قليلة، طيرت وكالات الأنباء خبرا عن قيام الحراس الشخصيين السود للرئيس الأمريكي برفع دعوى أمام القضاء الفيدرالي لوضع حد للمارسات العنصرية التي يتعرضون لها خلال عملهم؛ مثل عرقلة ترقياتهم ، وعدم مساواتهم في الرواتب بزملائهم من البيض. ويشير الخبر إلى أن «الجهاز السري» المكلف بحماية الرئيس ونائبه هو ثالث قوة شرطة فيدرالية ترفع عليها دعاوى التمييز العنصري، بعد مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي أي) ومكتب المشروبات الروحية والتبغ والأسلحة النارية.
ويشير تقرير عرضته هيلاري كلنتون قرينة الرئيس الأمريكي السابق في إطار الدعوة لوقف العنف ضد المرأة إلى عدة أرقام إحصائية ذات دلالة في المجتمع الأمريكي:حيث أوضح التقرير ان مليون امرأة يتعرضن للملاحقة خلسة سنويا، وتتعرض امرأة لضرب كل 15 ثانية في الولايات المتحدة بينما يقتل ثلث ضحايا عمليات القتل من النساء على يد الشريك المنزلي.
وما أوردناه بالطبع ليس إلا أمثلة مصغرة ومختصرة للتدليل عما يرتكب في المجتمع الأمريكي ـ المتشدق بالحريات وحقوق الإنسان ـ من سلوكيات عنصرية، ناهيك بالطبع عن عصابات تجارة البغاء والمخدرات وعمالة الأطفال بين مجتمعات السود والملونين الأكثر فقرا بين ظهراني مجتمع العم سام.

كراهية العرب لا أموالهم
وبالإضافة لما أصبح معلوما من مضايقات تلاحق العرب في بلدان الغرب منذ أحداث 11 سبتمبر، فولا يمكن أن نغفل أيضا مظاهر التمييز العنصري التي توجه في عدد من البلدان الأوروبية إلى الأجانب ، وبوجه خاص المهاجرين من بلدان العالم الثالث؛ ولعل أبرز الأمثلة في هذا السياق ممارسات قوى اليمين المتطرف في عدد من البلدان الأوروبية مثل جماعات النازيين الجدد في ألمانيا واضطهادها للأجانب والملونين بصفة خاصة. وفي فرنسا تعلو أصوات اليمينيين المنادين بطرد الأجانب واغلاق الأبواب في وجه المهاجرين وأبرزهم جون ماري لوبان زعيم «الجبهة الوطنية من أجل الوحدة الفرنسية» وفبرينو ميجري الذي انفصل عن لوبان ليؤسس حزب «الجبهة الوطنية ـ الحركة الوطنية» وهما يتباريان في مساعيهما لتهييج الرأي العام الفرنسي ضد ما يسميانه ظاهرة الحضور الإسلامي العربي في فرنسا، ويحذر ميجري من ازدياد عدد المهاجرين من أصل غير أوروبي باعتباره يهدد ببلقنة «الجنوب الفرنسي» زاعما أن «المهاجرين من ذوي الأصول غير الأوروبية، بمجرد أن يصبحوا أغلبية، سيطالبون بداية بالحكم الذاتي، ثم يسعون بعد ذلك إلى انفصال الجنوب الفرنسي والمطالبة باستقلاله». بيد أن كراهية الاجانب في أوروبا تنصب بالتأكيد على أولئك المهاجرين القادمين بحثا عن عمل يوفر فرصة عيش كريمة، ولا تنسحب هذه الكراهية بالطبع على الاستثمارات العربية والأموال العربية التي تضخ الدم في اقتصاداتهم وتدر عليهم المزيد من الثروة.
وإذا كنا قد خلصنا إلى أن التمييز العنصري بمختلف أشكاله لا يعاني من وطأته سوى الفقراء والمهمشين من مختلف الملل والنحل، نستطيع إذن أن نتفهم هذا الفزع الذي ينتاب أولئك المهمشون من غول العولمة القادم باعتباره مفترسهم لامحالة، ولم لا وعلماء الاقتصاد في دول الشمال التي تدفع حثيثا عجلة العولمة وتتطلع لجني ثمارها ، هم أول من بشروا بأن ثمار النظام الاقتصادي العالمي الجديد لن يجنيها سوى 20 في المئة من سكان العالم (وهم بالطبع سكان الشمال الذين يحتكرون التقدم) بينما سيقبع 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر.
الحلقة المفرغة
ولعل المظاهرات العارمة التي ينظمها منظمو العولمة منذ سياتل ثم جنوة ا ليست سوى محاولات مستميتة للعرقلة يبذلها أولئك الذين يدركون خطورة ماتمثله تلك العولمة التي يروجون لها. فهي تهدد بتسليم ثروات العالم إلى طغمة من الماليين الكبار الممثلين للشركات العابرة للجنسيات مع صعود الرأسمالية إلى أعلى مراحلها على نحو يهدد بأن تصبح العولمة بحق أحدث تجليات التمييز العنصري.
والملاحظ أنه بداية من السنوات الأخيرة من القرن المنصرم شهدت تناقصا تدريجيا في اعتماد الشركات على الدول الوطنية، وتزايد سطوة الاحتكارات العالمية والشركات متعددة الجنسيات، وبات مفهوم سيادة الدول على شئونها الداخلية في خبر كان، بعدما صار من السهل على القوة العسكرية الأمريكية التدخل وقتما شاءت ـ متخذة ماشاء لها من حجج وذرائع ـ لتهيئة الأوضاع على نحو يناسب استثمارات شركات النفط الكبرى في القرن الأفريقي والبلقان، وفي منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي اشتدت حدته بالطبع منذ 11 سبتمبر وانتهى حتى الآن باحتلال العراق وتمترس الترسانة العسكرية الأمريكية حول منابع النفط في الخليج. واستفحلت قوة المؤسسات الاقتصادية العالمية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية على نحو بات يتحكم في تسيير السياسات الداخلية للدول. وتحت مسميات تصحيح المسار الاقتصادي تفرض هذه المؤسسات الدولية ما شاء لها من توجهات تناسب أصحاب المال المانحين للقروض، دون مراعاة لأي اعتبارات اجتماعية أو لمصالح شعوب هذه الدول التي باتت مستهدفة من غول التمييز العنصري المسمى بالعولمة؛ ذلك التمييز العنصري الذي يرمي إلى الإبقاء على دول العالم الثالث ضمن موقعها المرسوم لها بعناية : مجرد مصدر للموارد الطبيعية والعمالة الرخيصة وسوق لتصريف منتجات الأغنياء؛ لتظل دائما تدور في حلقة مفرغة المتمثلة في تخلف يؤدي إلى تبعيتها لقوى العالم المتقدم، تلك التبعية التي تكرس بدورها من واقع التخلف، وهكذا. وهي حلقة لن يكسرها إلا وثبة جادة من بلدان الجنوب تدفعها للمسارعة في ضم صفوفها ضمن تكتلات اقتصادية كبيرة تحقق لها السيادة على مواردها وتضمن لها موقعا تفاوضيا أفضل ضمن غابة العولمة لتحميها من براثن غول التمييز العنصري القادم.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غول التمييز العنصري في زمن العولمة 1-2
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي3-3
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي 2-3
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي.. الفاعل والمستفيد 1-3
- إحياء روح مصر القديمة
- المرأة التي حيرتهم وحيروها معهم
- قبل فوات الأوان..علم الإدارة هو الحل
- الاستثمار في البشر..حل يحمي جميع الأطراف
- ديمقراطية مدفوعة الثمن مقدما
- الفيشاوي والحناوي.. أزمة مجتمع يفقأ عينيه بأصابعه
- نعم..هي مؤامرة
- لا للتمديد.. لا للتوريث .. و-لا- غائبة...
- -مصر واجعاني- ..حكومة سلطها الله على نفسها
- انتهى الدرس ياغبي
- فجر طفولته في وجوهنا أشلاء!!
- -عندما -نستوردنا
- ديمقراطية -هوم دليفري-
- العصيان المدني سلاح لايجب ابتذاله


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إكرام يوسف - غول التمييز العنصري في زمن العولمة 2-2