أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إكرام يوسف - غول التمييز العنصري في زمن العولمة 1-2















المزيد.....

غول التمييز العنصري في زمن العولمة 1-2


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1338 - 2005 / 10 / 5 - 12:29
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في أعقاب إعصار كاترينا الذي ضرب ولايتي لويزيانا ومسيسيبي في الولايات المتحدة انطلقت الأصوات من داخل الولايات المتحدة وخارجها منددة بسوء إدارة الحكومة الأمريكية للأزمة التي لم تكن مفاجئة بعد أن تنبأت بها سلطات الأرصاد الجوية. ورغم أن كثيرا من الأصوات أرجعت العجز الأمريكي في مواجهة واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ الولايات المتحدة، إلى انشغال حكومة البلاد بالخارج أكثر من الداخل وبالذات بعد تورطها في احتلال العراق ـ مثلما قال المخرج الأمريكي الشهير ما يكل مور "نحن نحتاج القوات الموجودة في العراق لإنقاذ مواطنينا في نيو أورليانز". إلا أن نسبة لا يستهان بها من المعلقين في وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية تحدثت عما أسمته "فرار الأغنياء البيض من الإعصار"، و"تلكؤ" الحكومة في إنقاذ الفقراء السود الذين شكلوا أغلبية الضحايا الذين لم يستطيعوا مغادرة المنطقة مع اقتراب الإعصار.. وهكذا صعدت إلى السطح مرة أخرى قضية التمييز العنصري في الولايات المتحدة التي كنا نظن إلى وقت قريب أنها لم تعد مثارة، خاصة مع تولي عدد من ذوي البشرة السمراء ـ على سبيل المثال، كولين باول وكوندوليزا رايس ـ مناصب حساسة في بلاد العم سام. وربما يكون هذا الحدث دافعنا إلى بحث المظاهر المختلفة للعنصرية في عالمنا المعاصر، والكشف عن مدى تراجع هذه المظاهر ـ أو استفحالها ـ في ظل النظام العالمي الجديد والعولمة التي باتت تنشب أظفارها في جسد الشعوب:
والمعروف أن تعبير «التمييز العنصري» ظل مقترنا لعدة عقود من القرن الماضي بنظام الفصل العنصري (الابارتهايد) في جنوب أفريقيا. وظهر التعبير على السطح مع اشتداد نضال الزنوج في الولايات المتحدة الأمريكية لنيل حقوقهم في المساواة كمواطنين داخل المجتمع الأمريكي،
وبعد أن نال جانب من الأمريكيين السود بعض حقوقهم السياسية والاجتماعية (وإن لم يكن ما نالوه مساويا لحجم التضحيات التي بذلها أسلافهم لتحقيق حلم المساواة الحقيقية)، وما أن انهار نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في عام 1994 حتى ظن الكثيرون أن تعبير التمييز العنصري بات من مخلفات الماضي، متجاهلين أن العنصرية لا تعني قهر الآخر بسبب اللون فحسب، وإنما تمتد لتشمل كافة صنوف قهر الآخر لأسباب لا دخل لإرادته فيها كالعرق أو الجنس أو الدين أو اللغة أو الطبقة الاجتماعية. ومع اندلاع الحروب في البلقان تكرر استخدام تعبير التطهير العرقي لوصف ممارسات الصرب ضد الأقلية ألبانية الأصل في يوغوسلافيا.
ولا شك أن الكثيرين يذكرون الاستماتة الأمريكية قبل انعقاد المؤتمر الدولي لمناهضة العنصرية في دوربان بجنوب أفريقيا عام 2001، للحيلولة دون إدراج قضيتي مساواة الصهيونية بالعنصرية والمطالبة الأفريقية بتعويضات عن العبودية على جدول أعمال المؤتمر.
وتكفي نظرة سريعة على خارطة العالم لتوضيح أن داء العنصرية لم يفرق بين المجتمعات الفقيرة والمتقدمة ، بل ربما كان أكثر ضراوة في الثانية عنه في الأولى.
ومن الطبيعي أن ترتبط الممارسات العنصرية في المجتمعات الفقيرة بالطابع الطبقي، حيث تبرز التمايزات ضد النساء الفقيرات وتشغيلهن بالسخرة أو لقاء أجور زهيدة وإجبارهن على ممارسة الدعارة، فضلا عن تعرضهن للعنف المنزلي. كما يكثر في هذه المجتمعات أيضا إجبار الأطفال على النزول إلى سوق العمل للمساعدة في إعالة الأسرة وحرمانهم من حقهم الطبيعي في التعليم وممارسة طفولتهم، بينما لايكون الأمر بنفس الصورة بالنسبة لنساء وأطفال القلة الغنية من الأسر داخل هذه المجتمعات.
والمعروف، أن النساء الفقيرات والمهمشات اجتماعيا يتعرضن أكثر من غيرهن للتعذيب وسوء المعاملة. وتشير تقارير منظمة العفو الدولية إلى أن السياسات والممارسات الاجتماعية العنصرية في البلدان المتخلفة تضاعف من وطأة التمييز الذي تتعرض له المرأة. كما تفاقم الأعراف الاجتماعية والثقافية التي تحرم المرأة من المساواة في الحقوق مع الرجل من فرص تعرض المرأة للإساءة الجسدية والجنسية والنفسية.
ووفقا لتقرير أصدرته وزارة الخارجية في الولايات المتحدة مؤخرا؛ يجري تهريب مابين 45 الفا و50 الف امرأة وطفل إلى الولايات المتحدة سنويا. وتشير منظمة العفو الدولية إلى ان هؤلاء النسوة يجري توريطهن وإكراههن وإخضاعهن لأشكال مختلفة من الاستغلال تتضمن العمل القسري في المنازل أو الاستغلال الجنسي.
ولا شك أن الظروف الاقتصادية الصعبة أو الاضطرابات السياسية والقلاقل الناجمة عن الحروب بما لها من آثار مدمرة على حياة المجتمعات ، إلا أن المرأة عادة ما ينالها أكبر قدر من الأذى الناجم عن هذه الاضطرابات. ولعل الكثيرون يعرفون ما لحق بالعديد من نساء الاتحاد السوفييتي السابق بعد انهياره وهروب الكثيرات منهن طلبا للأمان في مختلف دول العالم، فإذا بالعديد منهن يقعن في براثن عصابات الرقيق الأبيض. ورغم أن تقارير منظمات حقوق الإنسان تحفل بالكثير من قصص الفتيات والسيدات، اللاتي دفعتهن الظروف السياسية في بلدانهن وهروبهن بحثا عن الأمان إلى السقوط في أيدي شبكات الاتجار بالبشر؛ ولنورد هنا مثالا واحدا من تقرير لمنظمة العفو عن «فالنتينا» وهي طبيبة نفسية وأخصائية اجتماعية أوكرانية في السابعة والعشرين من عمرها وصلت إلى إسرائيل بعد أن تعاقدت مع إحدى الشركات الوهمية على الذهاب إلى هناك ممثلة للشركة، وبعد وصولها أخذت منها نقودها وجواز سفرها وتذكرة العودة، ثم نقلت إلى إحدى الشقق، حيث احتجزت لمدة شهرين وأجبرت على العمل كعاهرة. وما أن تمكنت من الفرار حتى ألقي القبض عليها لأنها لم تكن تملك أوراقا رسمية تدل على هويتها أو تأشيرة دخول.
وفي حالات الحروب والنزاعات المسلحة، يمثل العنف ـ الجنسي بالذات ـ ضد المرأة سلاحا من أسلحة الحرب يرمي إلى نشر الرعب وزعزعة المجتمع وكسر مقاومته، وانتزاع المعلومات بتهديد الشخص المطلوب الحصول منه على المعلومات بالاعتداء على قريباته، فضلا بالطبع عن كونه وسيلة من وسائل مكافأة الجنود المعتدين، والأمثلة مازالت في الأذهان من تقارير وصور ما يحدث في سجون الاحتلال الإسرائيلي وفي أبو غريب ومعتقل جواتيمالا ، على سبيل المثال . ولا يمكن أن ننسى في هذا السياق القصص المؤلمة التي حفلت بها حملات التطهير العرقي في البوسنة والهرسك مثلا. وتشير كافة المؤشرات إلى أن ما نشر في وسائل الإعلام أو تضمنته تقارير منظمات حقوق الإنسان أو الصليب الأحمر، لا يعدو كونه قطرة في بحر بالنسبة للتجارب المؤلمة التي تشهدها النساء في الواقع، نظرا لأن كثيرا من الضحايا ـ خاصة في البلدان النامية ـ يمتنعن عن التفوه لحد بما تعرضن له خشية أن يلاحقهن العار بعد ذلك أو يواجهن بالرفض من أزواجهن وأسرهن.
والمعروف أن الاتجار بالبشر يمثل ثالث أكبر مصدر للربح في عالم الجريمة المنظمة على الصعيد الدولي بعد تجارتي المخدرات والسلاح. وتشير تقارير الامم المتحدة إلى أن عدد من يتم تهريبهم كل عام للاتجار بهم يبلغ أربعة ملايين شخص. ولم تلتفت معظم الحكومات في العالم إلى هذا الأمر إلا مؤخرا ولدواع تتعلق بالقانون والنظام وليس بحقوق الإنسان.
غير أن منظمات حقوق الإنسان، خاصة ذات الانتماءات الغربية غالبا ما تركز عند معالجتها لقضايا التمييز ضد المرأة على قضايا تتعلق بالتقاليد الكابحة لحريات المرأة وأنماط العنف المنزلي خاصة تلك التي تتسم بها بعض المجتمعات الشرقية. ورغم أهمية معالجة مثل هذه الأمراض الاجتماعية وصولا إلى تحقيق مستوى الحياة الكريمة اللائق بالمرأة والذي تتمتع فيه بكامل الحقوق والواجبات التي يتمتع بها الرجل في المجتمع المعاصر، إلا أن صور التمييز الأخرى ضد المرأة لا تلقى نفس القدر من الاهتمام خاصة إذا كانت هذه الصور تتعلق بضحايا الحروب التي شنها الغرب أو التمييز ضد النساء الذي تمارسه شركات غربية ضد العاملات لدى فروع هذه الشركات في المجتمعات النامية اللاتي يحرمن من حقوقهن في الحصول على أجر عادل أوساعات عمل مناسبة أو بدلات عن ساعات العمل الإضافية ـ الأمر الذي يعاني منه أيضا الأطفال الفقراء الذين يضطرون للعمل لدى هذه الشركات ـ من شركات الموز العاملة في أمريكا اللاتينية إلى شركات الشاي العاملة في مختلف مناطق آسيا، مرورا بشركات الكمبيوتر التي باتت تقبل على استخدام الأيدي العاملة الرخيصة من نساء وأطفال آسيا للقيام بعمليات الإنتاج اليدوية دون أن تكلف نفسها عناء توفير ظروف عمل مناسبة لهم معتمدة على عدم وجود منظمات نقابية قوية أو قوانين عمل تحمي ظهورهم.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي3-3
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي 2-3
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي.. الفاعل والمستفيد 1-3
- إحياء روح مصر القديمة
- المرأة التي حيرتهم وحيروها معهم
- قبل فوات الأوان..علم الإدارة هو الحل
- الاستثمار في البشر..حل يحمي جميع الأطراف
- ديمقراطية مدفوعة الثمن مقدما
- الفيشاوي والحناوي.. أزمة مجتمع يفقأ عينيه بأصابعه
- نعم..هي مؤامرة
- لا للتمديد.. لا للتوريث .. و-لا- غائبة...
- -مصر واجعاني- ..حكومة سلطها الله على نفسها
- انتهى الدرس ياغبي
- فجر طفولته في وجوهنا أشلاء!!
- -عندما -نستوردنا
- ديمقراطية -هوم دليفري-
- العصيان المدني سلاح لايجب ابتذاله


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إكرام يوسف - غول التمييز العنصري في زمن العولمة 1-2