أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - قبل فوات الأوان..علم الإدارة هو الحل














المزيد.....

قبل فوات الأوان..علم الإدارة هو الحل


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1298 - 2005 / 8 / 26 - 13:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عرف المصريون لعصور طويلة بتعلقهم الشديد بالوطن، وخوفهم المفرط من الغربة.. وربما كان من أسباب ذلك ترسب فكرة الخوف من الموت خارج مصر التي ورثوها من أجداد كانوا يعتبرون أن من يتوفى خارج البلاد لا تجرى له مراسم التحنيط السليمة، فتضيع عليه فرصة البعث والخلود.. ويحفل التاريخ المصري القديم بقصص توضح هذا الإصرار على الدفن في الوطن؛ لعل أشهرها قصة"سنوحي" الذي اضطر للهرب من مصر خلال حكم "أمنمحات الأول". ورغم أنه عاش في رغد من العيش "رترو"(فلسطين) تحت رعاية ملكها الذي قربه منه وزوجه ابنته، إلا أنه بمرور السنوات أمضه الخوف من أن يموت خارج مصر فلا يحظى بدفن سليم، فظل يتوسل إلى "سنوسرت" غبن "أمنمحات" حتى حصل منه على عفو ووعد بأن تجرى له مراسم الدفن السليمة.
ولأسباب نعلمها جميعا، بدأ المصريون يتخلون تدريجيا عن هذا الخوف ـ أو لعلهم يتحايلون عليه ـ بعد تفشي حمى السفر للعمل في الخارج، وكان عقد العمل في بلدان الخليج العربي أملا يراود الكثيرين منذ السبعينيات. وشهدت قرى مصر قصصا تسيل اللعاب عن أشخاص حققوا نقلات كيفية في أوضاعهم الاجتماعية بمجرد السفر سنة أو عدة سنوات قلائل حققوا فيها ما يؤمن لهم ولأبنائهم حياة كريمة بعد العودة للوطن. لكن دوام الحال من المحال، فبعد الطفرة البترولية التي شهدتها بلدان الخليج منذ أواخر السبعينيات وبلغت ذروتها في الثمانينات، وخلقت أعدادا مهولة من فرص العمل التي لا تستطيع العمالة المحلية توفيرها ؛ بدأت عائدات النفط تتراجع. وانتشرت الدعوة إلى توطين الوظائف، وشكوى أهل البلاد أنفسهم من البطالة ومن مزاحمة "المقيمين" لهم في أرزاقهم. وهكذا أصبحت فرص السفر للخليج محدودة، وقاصرة على مؤهلات معينة، وكفاءات خاصة في أغلب الأحوال.
ولأنني جربت بنفسي ـ ولم يقل لي أحد ـ لمست كيف يعيش المصريون العاملون في الخارج (على الأقل من فئة معارفي من الصحفيين).. فبعد شهور من الإقامة في الدوحة اكتشفت مستوى الأجور الهزيل الذي يضطر لقبوله بعض الزملاء، لانعدام وجود فرص عمل تقريبا لهم هنا..حتى أنك لا تكاد تجد في الصحافة القطرية صحفيين لبنانيين مثلا، فهؤلاء غالبا لن يقبلوا بمستوى الأجور التي يقبل بها شباب مصريون وسودانيون مثلا.. وبصرف النظر عن رواتب العاملين في قناة الجزيرة وقطاع البترول والبنوك.. تتراوح أغلب رواتب الجامعيين (مدرسين، محاسبين، مهندسين، أطباء) بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف ريال قطري.. فإذا أخذنا في الاعتبار أن الإيجار الشهري لشقة متواضعة من غرفتين يبلغ أربعة آلاف ريال، مما دفع الكثير من العاملين إلى إعادة أسرهم للوطن، والسكنى في سكن مشترك مع زملاء، بما يترتب على ذلك من تشتيت للأسر، واضطرار بعض الزملاء الصحفيين للعمل كمدرس خصوصي بعد ساعات الدوام؛ لأدركنا أن حلم العمل بالخليج لم يعد كما يقولون "يجيب همه". وربما لا يعلم البعض أن قنوات فضائية ناجحة ومتفوقة مثل "الجزيرة" و "العربية" و"أبوظبي" أسسها مصريون وكانوا من أسباب تميزها وتفوقها مقارنة بالتليفزيون المصري.. الذي كان اسمه يوما ما التليفزيون العربي.. فضلا عما هو معروف من أن معظم صحف الخليج أسسها مصريون. وإذا كنت أتحدث هنا عن الصحفيين، فقد عرفت أيضا من صديق مصري مهندس حاصل على الجنسية الكندية، كيف عرض عليه العمل في قطاع البترول في إحدى دول الخليج بمرتب ضخم، ثم انخفض المرتب عندما عرفوا أنه من أصل مصري.. و أصبح معروفا أن الأشقاء الخليجيين يضعون أولوليات التوظيف في بلادهم على النحو التالي: أولا المواطنون (وهذا بالطبع حقهم بعد انتشار التعليم في هذه البلدان وتخرج أعداد كبيرة بالذات من أصحاب المؤهلات المتوسطة الباحثين عن فرصة عمل هم أولى بها في بلادهم، مما جعل فرص استقدام حاصلين على مؤهلات متوسطة منعدمة تقريبا).. وثانيا: العمالة الآسيوية رخيصة الثمن (في الأعمال الحرفية والشاقة التي لا يقبل عليها المواطنين).. وثالثا: الأمريكيون والأوروبيون (في التخصصات المتقدمة وخصوصا في قطاع البترول والطاقة والتكنولوجيا).. رابعا: العرب (في التخصصات التي لا يوجد لشغلها مواطنون، ولا تحتاج لاستقدام عمالة أمريكية أو أوروبية)..
ومن هذا يتضح أن سوق العمل في الخليج آخذة في الانحسار أمام المصريين منذ التسعينيات. فهل وضعنا في حسباننا ما الذي سيكون عليه الحال بعد سنوات قليلة؟. لقد أصبح الأشقاء يتخيرون أفضل الكفاءات من عندنا لتؤسس لهم صروحا في مجالات عدة، ثم يتم الاستغناء عن هذه الكفاءات، بعد أن تقوم بدورها في تدريب كوادر من المواطنين. وهذا بالطبع حقهم.. فقد منحهم الله الأموال التي يستفيدون منها في تطوير مجتمعاتهم، كما منحنا الله هذه العقول وهذه الكفاءات التي نفرط فيها بثمن بخس. فهل أصبح حالنا بالنسبة لما حبانا به الله من ثروة بشرية مبدعة ومتميزة، كمثل الأثرياء الذين يغترون بثرواتهم فيبددونها ذات اليمين وذات الشمال بغير حساب حتى يستيقظون على كارثة نفاد هذه الثروات؟ أما آن الأوان للتفكير جديا في الاستفادة من هذه الثروة؟.. ألا نستطيع إنشاء هيئة ما لإدارة الثروة البشرية تدرس وتبحث وتقيم ما لدينا من كفاءات وتخصصات وتوظفها في أماكن تناسب احتياجاتنا المجتمعية؟ ولتكن مؤسسة أو هيئة أو حتى وزارة لإدارة الثروة البشرية، على أن تتلافى أخطاء وخطايا، وزارة القوى العاملة (هل تذكرونها؟) التي كان كل هدفها تسكين أعداد الخرجين في أية أماكن كيفما اتفق دون دراسة ودون بحث، وإنما مجرد "سد خانة".. لقد آن الأوان بالفعل للاستفادة من علوم العصر، وإقامة جهة ما يشرف عليها خبراء في علوم الإدارة، يكون هدفها "ترشيد" بعثرة أجود ما لدينا من ثروة بشرية، وبحث احتياجات المجتمع من التخصصات المختلفة، وتوظيفها في أماكنها الصحيحة، فنضمن بذلك سد احتياجات قطاعات المجتمع بالتخصصات اللازمة .. ويضمن أبناء هذا الوطن فرص حياة كريمة ولائقة.. وحتى لا نستيقظ ذات يوم لنجد بلدنا فرغت من ثروتها الحقيقية، وانتشر أبناؤها الأكفاء يبنون صروحا في بلاد أخرى، ولم يتبق داخل الحدود إلا من لفظتهم أسواق العمل الخارجية.




#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستثمار في البشر..حل يحمي جميع الأطراف
- ديمقراطية مدفوعة الثمن مقدما
- الفيشاوي والحناوي.. أزمة مجتمع يفقأ عينيه بأصابعه
- نعم..هي مؤامرة
- لا للتمديد.. لا للتوريث .. و-لا- غائبة...
- -مصر واجعاني- ..حكومة سلطها الله على نفسها
- انتهى الدرس ياغبي
- فجر طفولته في وجوهنا أشلاء!!
- -عندما -نستوردنا
- ديمقراطية -هوم دليفري-
- العصيان المدني سلاح لايجب ابتذاله


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - قبل فوات الأوان..علم الإدارة هو الحل