|
نعم..هي مؤامرة
إكرام يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1203 - 2005 / 5 / 20 - 10:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اخترع أصدقاؤنا من دعاة الليبرالية، الذين يزعمون انها جديدة بعدما كشفت الليبرالية القديمة عن وجهها البشع وسيلة سهلة لإرهاب من يخالفونهم الرأي.. فكلما تحدثت عن أطماع الآخرين في منطقتنا، أو حذرت مما يجروننا اليه من خراب.. تجد من ينظر في عينيك باستعلاء ويشير اليك بسبابته مهدداً: ها.. أنت اذا من المؤمنين بنظرية المؤامرة!! وما عليك حينها سوي أن تترك ما كنت تتحدث فيه لتحاول بكل طاقتك ان تدفع عن نفسك تهمة الإيمان بنظرية المؤامرة كما لو كانت سبة نافية للإيمان بالله لا سمح الله.. وحتي أوفر علي قارئي العناء.. سأقولها وأجري علي الله كما قلتها في كتابات سابقة إنني من عتاة المؤمنين بأن أمتنا تتعرض لمؤامرة، ولا يحمر وجهي خجلاً وأنا أعلنها بالفم الملآن.. فلننته إذا من هذه المشكلة لننظر في الموضوع.. والآن، فليقل لي أحد النافين لوجود المؤامرة، ماذا كانت وكالة الصهيونية العالمية تفعل في أواخر القرن التاسع عشر عندما كانت تقوم بكل جهود جمع يهود العالم وتهجيرهم الي فلسطين؟؟ ألم تكن مؤامرة لانتزاع أرض من شعبها؟؟ وماذا كان الكيان الإسرائيلي يفعل منذ إنشائه وحتي الآن؟؟ غير مؤامرة تلو أخري لتكريس الوجود الأجنبي في المنطقة وحماية مصالح الطامعين في ثرواتنا وموقعنا، والحيلولة دون انشغال أي من دولنا بتحقيق تنمية حقيقية تمكنها من الوقوف في وجه هذه الأطماع.. وماذا كانت السفيرة الأمريكية في العراق تفعل عندما أقنعت صداق حسين بأن بلادها لن تتدخل إذا غزا الكويت؟؟ ومن الذي أبلغ صداما أصلاً ان الكويتيين يسحبون النفط العراقي من تحت الحدود؟؟ وهل كان غزو العراق واحتلاله باختلاق ذرائع من قبيل أسلحة الدمار الشامل وتخليص العراق من حاكم ظالم سوي مؤامرة؟؟ وهل كان تخليص العراق من حاكم مستبد يستحق دفع كل هذا الثمن من قتل لعشرات الآلاف من المدنيين وانتهاك كرامة أبناء العراق في سجون المحتل، ونهب ثرواته الطبيعية وتوزيعها علي المحاسيب من أصحاب الشركات الغربية، بل ونهب تاريخ العراق والسعي لتزييفه عبر نهب متحف بغداد وسرقة وثائقه لتزويرها؟ وبماذا نسمي سياسة فرق تسد التي تفعل فعلها بين أبناء البلد الواحد وبين الشعوب العربية بعضها وبعض إن لم تكن مؤامرة؟ وبماذا نسمي دعم الحكومات المستبدة ومساعدتها علي قمع حريات شعوبها طالما كانت تقدم فروض الولاء والطاعة لأطراف بعينهم خارج الحدود؟؟ ولا تنتبه هذه الأطراف الي ملفات حقوق الإنسان لدي هذه الحكومات إلا عندما تبدأ إحدي هذه الحكومات في التراخي في تقديم فروض الطاعة أو إظهار قدر ولو ضئيل من التململ؟؟
يتفق أصدقاؤنا الكارهون لمن يحذر من المؤامرة، والنافون لوجودها أصلاً، علي مقولة واحدة يرددونها جميعاً: لكل دولة الحق في ان تحدد مصالحها وتعمل علي تحقيقها، وأمريكا لديها مصالح في المنطقة ومن حقها أن تدافع عنها، ولكن ماذا فعلتم أنتم للدفاع عن مصالكم؟ .. يقولونها لك بثبات ولسان حالهم يقول: ها قد أفحمناكم.. فما أنتم قائلون .. ولهؤلاء أقول من الذي قال أصلاً إن من حقي أن اعتبر ان مصلحتي في أن أنهب بيتك وأسرق مالك؟ ويكون من حقي وقتها ان استدرجك خارج البيت ثم أعقد صداقة مزعومة مع أحد أبنائك الفاسدين حتي يدخلني الي البيت ويمكنني من مفاتيحه.. وأقول لك لقد سعيت لتحقيق مصلحتي فلماذا لم تأخذ حذرك وتربي أبناءك علي الحذر من رفاق السوء؟؟.. يقولون لنا ان علي شعوبنا ان تترك جانباً القضايا الخارجية (مشكلة فلسطين والعراق..مثلاً!!!) وتلتفت للأخذ بأسباب الديمقراطية واللحاق بركب التطور والتكنولوجيا وبناء المواطن..هه. ومن الذي سيسمح لك يا هذا بشيء كهذا؟؟ هل تعتقدون فعلاً ان الطامعين في منطقتنا وموقعها وثرواتها من الفرات الي النيل سيتيحون لأي من شعوبنا أن تقف علي قدمها فعلاً وتحقق تنمية ذاتية قائمة علي العمل والتكنولوجيا وتحقيق الديمقراطية الفعلية كما يقولون؟؟.. إن تحقيق الديمقراطية الحقيقية التي تعني حكم الشعب تعني أمراً أساسياً: أن يتولي حكم الشعب أبناؤه الذين لن يقبلوا بنهب ثرواتهم، فهل سيسمح لنا سادة النظام العالمي الجديد بهذه الديمقراطية التي تحرمهم من هذه الثروات وتوجهها لتحقيق تنمية بلداننا فنستطيع الوقوف بوجه أطماعهم؟؟ ولعلي لست مضطرة لأن أذكركم بمحاولات فردية للالتحاق بركب العلم والتكنولوجيا وكيف كانت نتائجها؟؟ أين ذهبت عالمة الذرة المصرية سميرة موسي؟ وأين ذهب يحيي المشد؟؟ وأين ذهب المفاعل النووي العراقي؟؟ وأين ذهبت محاولات تحقيق قاعدة صناعية وليدة في مصر في الستينات؟؟ وأين ذهبت محاولات تحقيق التكامل العربي الاقتصادي؟؟ إن لم تكن تلك المؤامرة فكيف تكون المؤامرات إذاً؟؟؟ دعوني أتمادي فيما تعتبرونه من غي لأقول لكم ان حتي ظاهرة الإرهاب التي نالت بلداننا منها الكثير إنما هي في الأصل نتاج نظرية المؤامرة، وإلا فمن الذي صنع بن لادن والقاعدة وسلحهم ودربهم، بل ودفع مواطنينا البسطاء للبذل من قوتهم تمويلاً لهم دفاعاً عن الإسلام ضد الخطر الشيوعي .. وحتي أحداث 11 سبتمبر اذا كان منفذوها من الشباب العربي الذي كانت دوافعه للتضحية بالنفس لا شك أكثر من مجرد القيام بعمل إرهابي لن يجنون منه مالا ولا منصبا ولا وجاهة اجتماعية فمن الذي سهل لهم دخول المطارات؟ ومن الذي أغمض عيونه عن تيسيرات أمنية بذلت لهم؟؟.. وماذا غير المؤامرة يقف وراء نشر ثقافة التفاهة والإسفاف وتغييب وسلب النخوة بين شبابنا الذي كان من المفترض ان يكون عدتنا في الوقوف بوجه أطماع الطامعين؟؟.
#إكرام_يوسف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا للتمديد.. لا للتوريث .. و-لا- غائبة...
-
-مصر واجعاني- ..حكومة سلطها الله على نفسها
-
انتهى الدرس ياغبي
-
فجر طفولته في وجوهنا أشلاء!!
-
-عندما -نستوردنا
-
ديمقراطية -هوم دليفري-
-
العصيان المدني سلاح لايجب ابتذاله
المزيد.....
-
صاحب متجر المثلجات الوحيد الحائز على نجمة -ميشلان- يريد صنع
...
-
تداول فيديو لـ-طابور سير الصاعقة المصرية في شوارع رفح-.. هذا
...
-
-قولوا لنا كيف مات-.. صلاح يُحرج -يويفا- ومنشوره عن -بيليه ف
...
-
الشرق الأوسط قد يكون ساحة لحرب نووية - الغارديان
-
100 يوم من حكومة ميرتس.. هل -عادت ألمانيا-؟
-
لبنان امام اختبار حصر السلاح بيد الدولة
-
العراق: تسرب غاز كلور في كربلاء يصيب أكثر من 600 زائر شيعي
...
-
اجتماع عربي لبحث التصدي لقرار إسرائيل احتلال غزة
-
مظاهرة في ماليزيا تطالب بوقف الجرائم الإسرائيلية في غزة
-
الحياة تعود تدريجيا في بعض أحياء الخرطوم بعد سيطرة الجيش علي
...
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|